" يا أيُّها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغد"
لطالمــآ اعتراني الرعب من الحياة البرزخية
من ظلمة القبر وسواده
لم أكن أعلم أن هناك ماهو أشد من ظلمة القبر
ووحدته
بل عند القبر نبدأ رحلتنا نحو الخلود
وليس الوصول إلى هناك سهلاً!
فهناك أربعة عشر محطة
تبدأ بالقبر
وتختتم بالخلود إما في
نارٍ تلظى
أو
جنة عرضها السماوات والأرض
الآن
سنخوض رحلتنا قراءةً بالأعين
غداً
سنخوضها بكل حواسنا يقيناً
.
.
القبر
أول منازل الآخرة ، حفرة نار للكافر والمنافق، وروضة للمؤمن، ورد العذاب فيه على معاص منها : عدم التنزه من البول والنميمة و الغلول من المغنم والكذب والنوم عن الصلاة وهجر القرآن و الزنا واللواط والربا و عدم ردّ الدين ، وغيرها ، ويُنجي منها : العمل الصالح الخالص لله ، والتعوذ من عذابه ، وقراءة سورة الملك وغير ذلك، ويُعصم من عذابه: الشهيد والمرابط والميت يوم الجمعة و المبطون وغيرها.
النفخ في الصور
هو قرنٌ عظيم التقمه إسرافيل ينتظر متى يؤمر بنفخه : نفخة الفزع : قال تعالى "ويوم يُنفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله" ، فيخرب الكون كله ، وبعد أربعين ينفخ نفخة البعث: قال تعالى " ثم نُفخ فيه أخرى فإذا هم قِيامٌ ينظرون".
البعث
ثم يرسل الله مطراً فتنبت الأجساد (من عظمة عجب الذنب) وتكون خلقاً جديداً لا يموت ، حفاةً عراة ، يرون الملائكة والجن ، يبعثون على أعمالهم.
الحشر
يجمع الله الخلائق للحساب ، فزعين كالسُكارى في يوم عظيم قدره 50 ألف سنة ، كأن دنياهم ساعة، فتدنو الشمس قدر ميل ويغرق الناس بعرقهم قدر أعمالهم، فيه يتخاصم الضعفاء والمتكبرون، ويخاصم الكافر قرينه وشيطانه وأعضائه، ويلعن بعضهم بعضاً ، ويعض الظالم على يديه ، وتجرُّ جهنم بـ 70 ألف زمام، يجر كل زمام 70 ألف ملك ، فإذا رآها الكافر ودًّ افتداء نفسه أو أن يكون تراباً، أما العصاة: فمانع الزكاة تُصفَّح أمواله ناراً يكوى بها، والمتكبرون يحشرون كالنمل، ويُفضح الغادر والغال والغاصب ، ويأتي السارق بما سرق ، وتظهر الخفايا ، أما الأتقياء فلا يفزعهم بل يمرُّ كصلاة ظهر.
الشفاعة
عظمى: خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم للخلق يوم المحشر لرفع بلائهم ولمحاسبتهم، وعامة للنبي وغيره: كإخراج المؤمنين من النار ورفعة درجاتهم.
الحساب
يُعرض الناس صفوفاً على ربهم، فيُريهم أعمالهم ويسألهم عنها ، وعن العمر والشباب والمال والعلم والعهد ، وعن النعيم والسمع والبصر والفؤاد ،فالكافر والمنافق يحاسبون أمام الخلائق لتوبيخهم وإقامة الحجة عليهم ويُشهد عليهم الناس والأرض والأيام والليالي والمال والملائكة والأعضاء ، حتى تثبت ويقرُّوا بها ، والمؤمن يخلو به الله فيقرره بذنوبه حتى إذا رآه أنّه هلك قال له : ( سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) ، وأول من يحاسب أمة محمد ، وأول الأعمال حساباً الصلاة، وقضاءاً الدماء.
تطاير الصحف
ثم تتطاير الصحف فيأخذون كتاباً "لا يُغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا حصاها" ، المؤمن بيمينه والكافر والمنافق بشماله وراء ظهره.
الميزان
ثم تُوزن أعمال الخلق ليُجازيهم عليها ، بميزان حقيقي دقيق له كفتان، تُثقله الأعمال الموافقة للشرع الخالصة لله، ومما يثقله: (لا إله إلا الله ..) ، وحسن الخلق، والذكر: كالحمدلله ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ويتقاضى الناس بحسناتهم وسيئاتهم.
الحوض
ثم يرد المؤمنون الحوض، من شرب منه لا يظمأ بعده أبداً ، ولكل نبيٍّ حوض أعظمها لمحمد صلى الله عليه وسلم: ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، وآنيته ذهب وفضة كعدد النجوم، طوله أبعد من أيلةَ بالأردن إلى عدن، يأتي ماؤه من نهر الكوثر.
امتحان المؤمنين
في آخر يوم من الحشر يتبع الكفار آلهتهم التي عبدوها، فتوصلهم إلى النار جماعات كقطعان الماشية على أرجلهم أو على وجوههم، ولا يبقى إلا المؤمنون والمنافقون، فيأتيهم الله فيقول: (ما تنتظرون؟)، فيقولون: (ننتظر ربنا)، فيعرفونه بساقه إذا كشفها ، فيخرُّون سجداً إلا المنافقين، قال تعالى " يوم يُكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود فلا يستطيعون"، ثم يتبعونه فينصِب الصراط ويعطيهم النور ويُطفأ نور المنافقين.
الصراط
جسرٌ ممدود على جهنم ليعبر المؤمنون عليه إلى الجنة، وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه (مدحضةٌ مزلَّة، عليه خطاطيفُ وكلاليب كشوك السعدان ، .. أدق من الشعرة وأحدُّ من السيف ) مسلم ، وعنده يُعطى المؤمنون النور على قدر الأعمال أعلاهم كالجبال وأدناهم في طرف إبهام رجله، فيُضيء لهم فيعبرونه بقدر أعمالهم، فيمر المؤمن كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاود الخيل والرِّكاب ، (فناجٍ مسلم ومخدوش مرسل ومكدُوس في جهنم) متفق عليه ، أما المنافقون فلا نور لهم ن يرجعون ثم يُضرب بينهم وبين المؤمنين بسور ، ثم يبغون جواز الصراط فيتساقطون في النار.
النار
يدخلها الكفار ثم بعض العصاة من المؤمنين ثم المنافقون ، من كل 1000 يدخلها 999، لها 7 أبواب ، أشدُّ من نار الدنيا 70 مرة ، يعظُم فيها خَلْق الكافر ليذوق العذاب فيكون ما بين منكبيه مسيرة ثلاثة أيام ، وضرسه كجبل أحد، ويغلظُ جلده ويُبدل ليذوق العذاب ، شرابهم الماء الحار يقّطع أمعاءهم، وأكلهم الزقوم والغسلين والصديد، أهونهم من توضع أسفل قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه، فيها إنضاج الجلود والصهر واللفح والسحب والسلاسل والأغلال، قعرها بعيد لو أُلقي فيه مولودٌ لبلغَ 70 عاماً عند وصوله، وقودها الكفار والحجارة ، هواؤها سموم ، وظلها يحموم، ولباسها نار ن تأكل كل شيء فلا تُبقي ولا تذر، تغيظ وتزفر وتحرق الجلود وتصِل العظام والأفئدة.
القنطرة
قال صلى الله عليه وسلم: ( يخلص ُ المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذِّبوا ونُقُّوا أذِنَ لهم دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا) البخاري.
الجنة
مأوى المؤمنين، بناؤها فضة وذهب وملاطها مسك، حصباؤها لؤلؤ وياقوت وترابها زعفران، لها 8 أبواب ، عرض أحدها مسيرة ثلاثة أيام، لكنه يغصّ بالزحام، فيها 100 درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، الفردوس أعلاها ومنه تتفجَّر أنهارها، وسقفه عرش الرحمن، أنهارها عسل ولبن وخمر وماء، تجري دون أخدود ، يُجريها المؤمن كما يشاء، أكلها دائم دانٍ مذلل ، بها خيمة لؤلؤ مجوفة عرضها ستون ميلاً ، له في كل زاوية أهل ، جُردٌ مُردٌ كُحل ، لا يفنى شبابهم ولا ثيابهم ، لا بولٌ ولا غائطٌ ولا قذارة ، أمشاطهم ذهب ، ورشحهم مسك ، نساؤها حسان أبكار عرب أتراب ، أول من يدخلها محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء، أقلّهم من يتمنى فيعطى عشرة أضعافه ، خدمها ولدان مخلدون كلؤلؤ منثور ، ومن أعظم نعيهما رؤية الله ، ورضوانه ، والخلود .
سنخوضها كلنا معاً
كل من على وجه الأرض
دمتم بحفظ الله ورعايته
الموضوع من جهدي الشخصي
ومصدر المعلومات هو : كتاب تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم ويليه أحكام تهم المسلم
المفضلات