تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (قصة: سَأعودُ يا أمي.)



حواليكم
20-07-2014, 01:30 AM
في ليلة حالكة الظلام جلست وحيدة على مشارف نافذة منزلها الصغير، جلست تتأمل الحياة، تراقب ما حولها، ، جلست تعد تلك النجوم، تراقب القمر عله يهمس إليها ببضع كلمات تُحيي لديها الأمل من جديد، جلست وفي عينيها التمعت تلك الدموع التي تأبى الخروج، تنتظر ابنها وفلذة كبدها، كان قد رحل منذ أشهر ولم يعد، لا تعلم ما إذا كان على قيد الحياة، أم أن الموت أخذه بعيدًا عنها.

تذكرت ذلك اليوم الذي رحل فيه، يومها حاولت أن تثبط من عزيمته، وتمنعه من الذهاب، لكن إصراره وعزيمته كانت أقوى من كل شيء، تذكرت عندما جاءها وقال لها:
-سأذهب يا أمي إلى الحرب، لن أقف مكتوف الأيدي، يجب أن نناضل يا أمي.

أجابته وقلبها مكسور الخاطر:
-لا تذهب يا ولدي، يكفي أن والدك ذهب ولم يعد، لا تذهب وتجعلني وحيدة في هذا العالم، تمهل قليلا.

أجابها بإصرار:
-أمي: يجب أن نحارب لأجل أرواحنا، لن يردعني شيء، لا تقلقي عليّ، سأعود قريبًا، انتظريني.

بعدها ذهب، واختفى خلف تلك الجبال، رحل من ذاك المنزل مثلما رحل والده منذ سنين مضت.

بعد أن استعادت هذه الذكرى المؤلمة، همست بألم:
-متى ستعود يا ولدي؟!، تعال يا ولدي وانظر كيف أصبحت أمك، تعال وانظر كيف امتلأ رأسها شيبًا، آه يا ولدي، هل سأنتظرك طويلا؟!

وهنا أُجهشت بالبكاء، وعلا صوت أنفاسها، لا تدري كم من الوقت بقيت هكذا، كل ما تعلمه أن بصيص الأمل على وشك الرحيل، كانت لا تزال تتذكر ابنها، تقاسيم وجهه منذ صغره وحتى شبابه، تتذكر تصرفاته ومواقفه، وكأن تلك الذكرى ما جاءت إلا لتزيد من أوجاع أمٍ حمّلها الدهر أكثر من طاقتها.

فجأة سمعت صوتًا ينادي:
-ها قد عدت يا أمي، عدت كما وعدتكِ.

لم تكد تستوعب ذاك الصوت إلا وقد رأت ابنها منتصب القامة أمامها، ظنت لوهلة أنها تخيلت كل شيء، أن خيال ابنها بدأ يزورها من الآن، ولكن لم يدم ذلك طويلا، فقد احتضنها ابنها بشوق ولهفة، وقال لها:
-أنا ابنك يا أماه، عدت إليكِ، عدت لأجلكِ ولأجل منزلنا.

ردت عليه الأم والدموع تسيل على خديها:
-آه يا ولدي، كم اشتقت إليك، لو تُدرك مدى سعادتي برؤيتك، كنت قد يئست، لقد انتظرتك أيامًا وليالي، انتظرتك طويلا جدًا، وها أنت أمامي الآن، شكرًا يا الله، الحمد والشكر لك يا مالك الملك.

بعد هذا اللقاء، عاد النور من جديد إلى ذاك المنزل الريفي الصغير الذي يقبع خلف التلال الممتدة، عاد بعد تلك المعاناة التي لا زالت تتكرر كل يوم، عاد حاملا معه الأمل الذي تنتظره كل أمٍ تتلهف للقاء ابنها في حياة قاسية كتلك.






*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=580663&goto=newpost)