حواليكم
04-08-2014, 02:51 PM
تعد المراحل الأولى من حياة الطفل المراحل الأكثر أهمية، حيثُ يمتد تأثيرها إلى باقي حياة الإنسان، وإن للتربية الوالديه الدور الأكبر في هذه المرحلة، كون أن الوالدين هم الحضن الأول الذي يتلقف الطفل، فعليهما تلبية حاجاته سواء كانت حاجات مادية متمثلة بالحاجة إلى الغذاء والسكن والعلاج أو حاجات نفسية متمثلة بالحاجة إلى الطمأنينة والأمن والحب والتقدير والحرية والاعتراف من الآخرين والنجاح والحاجة إلى سلطة ضابطة تحدد مجال الانطلاق. فمن خلال العلاقة الوثيقة التي يستمدها الطفل من أمه لحظة ولادته، يحصل الطفل على حاجاته من الحب والأمن،التي إذا ما فقدها تعطل النمو الجسمي والذهني، والاجتماعي، والنفسي، فالحب الذي يمنحه الوالدين لطفلهما يعد غذاء ضروريا لنموه بشكل عام. ويؤكد التحليل النفسي أن العوامل البيئية بشكل عام، وعلاقة الوالدين بأبنائهم بشكل خاص لها أثرها في التكوين النفسي للطفل، فإذا ما فشل الوالدين في توفير المناخ الملائم للنمو النفسي للطفل وذلك بتلبية حاجاته، أدى ذلك إلى ظهور الاضطرابات النفسية.
ويعد الحب الغذاء النفسي للطفل، ولا يقتصر كونه غذاء نفسيا فحسب فقد أورد بوزان أن الحب هو أحد أغذية المخ؛ حيثُ أثبتت الدراسات بدون الحب قد نموت، وفي قصة القردين الذين ولدا في حديقة الحيوانات، حيثُ تلقى القرد (جيبرز) رعاية طبيعية من أمه، فكانت تأخذه معاها في كل مكان وتنظفه وتداعبه وترضعه، وكانا يعيشان في قفص جماعي مع قردة أخرى،أما القرد الآخر ( كريبرز) فقد ماتت أمه بعد ولادته مباشرة، وعاش في قفص مع قرد من الذكور كبير في السن، وكان يطعمه الحراس في الحديقة، ولم يكن لديه قرد يداعبه ويتحدث معه، وكان يجلس وحيدا وصامتا طوال الوقت. وبعد عام أصابت القرود عدوى في الحديقة ومات كل من (جيبرز) و(كريبرز) وقام عالم نفس مهتم بسلوك القرود بتشريح مخ القردين، فوجد بأن الجهاز العصبي لمخ (جيبرز) كان مكتمل النمو يشبه شجرة متفرعة بملايين من الأفرع المتشابكة والمترابطة. أما (كيبرز) فجهازه العصبي لم يكتمل نموه وكان أشبه بشجرة ذابلة.
وبالطبع فإن الأطفال الذين يتلقون الدفء والحب والتقبل من قبل والديهم تختلف شخصياتهم عن أولئك الذين تلقوا الكره وعدم والتقبل، وهذا ما أكده الباحثون، حيثُ كان الأطفال الذين تربوا في أسر دافئة ومحبة أكثر شعورا بالأمن فكان تعلقهم بوالديهم تعلقاً آمنا خلال العامين الأولين من حياتهم وهذا ما أكدته نظرية التعلق لجون بولبي، كما أنهم كانوا أكثر تقديرا لذواتهم وأكثر تعاطفا مع الآخرين، وحصلوا على معاملات ذكاء عالية في مرحلة التعليم قبل المدرسي، والمرحلة الابتدائية، بالمقارنة مع الأطفال الذين تربوا في أسر غير محبة.
هنا تتضح أهمية التعلق الآمن الذي يحصل عليه الطفل في السنتين الأوليتين من عمره، وهذا ما توضحه نظرية التعلق كما أسلفنا، ويُعرف التعلق attachment بأنه "رابطة انفعالية تبقى طويلا بين الفرد وبين عدد قليل من مقدمي الرعاية المنتظمين تنتج رغبة في أن يكون الطفل قريبا من هذا الشخص (ويتكدر عندما ينفصل عنه) والميل للتحول لهذا الشخص عندما يشعر بالتهديد، والاحساس بأنه يجد لديه الدعم عندما يحاول اكتشاف أشياء جديدة، كما عرفه بولبي (1973) بأنه " أي شكل من أشكال السلوك ينتج عنه حصول إنسان ما أو محافظته على القرب من شخص آخر مميز ومفضل يتم النظر إليه عادة على أنه أكثر قوة أو أكثر حكمة". لذلك نجد الأطفال الذين عانوا من الحرمان العاطفي نتيجة فقدان العلاقة مع الوالدين أو أحدهما، يعانون من آثار بالغة، ولعل الأطفال مجهولو الوالدين هم مثال على هذا الحرمان، خصوصا إذا ما ألحقوا بمؤسسات تقسمهم في مجموعات بأعداد كبيرة، فالطفل من الميلاد مزود بآليات عصبية دماغية للتفاعل والعلاقة مع الأم، وغياب العلاقة الوثيقة الدائمة الحامية لدى هؤلاء الأطفال يسبب لديهم تأخر عام في النمو في جميع الجوانب الجسمية والحسية والحركية واللغوية والذهنية والانفعالية، ويحدث لهم تدني لدرجة المناعة ضد الأمراض، ولا يتفاعلون مع الآخرين فلا يبالون إذا اهتم بهم الراشد أو تركهم، فقد حرموا فرصة اقامة رابط انساني مع شخص مرجعي بالنسبة لهم، وحين يتقدمون في السن يكون تحصيلهم متدني ونموهم الانفعالي والاجتماعي كذلك، وكحلول لهؤلاء الأطفال، فقد طورت أساليب رعاية الأطفال مجهولي الأبوين ولعل أهمها التبني أو التكفل في سن مبكرة، وتطوير أساليب الرعاية بتقسيمهم في مجموعات صغيرة توضع في شقق خاصة تتولى تربيتهم الأم البديلة، حيث يتم انتقاء هذه الأمهات، وبالرغم من ذلك تظهر لدى الأطفال مشكلات أيضا في نموهم العاطفي والتحصيلي، وتبرز أيضا أزمة الهوية والانتماء في سن المراهقة.
فالدفء والحب الوالدي يمكن الطفل من تنمية تعلق آمن بوالديه وهو عامل مهم في النمو الاجتماعي والانفعالي السوي، وتتضح أهمية الدفء من خلال الدراسة التي قام بها هري هارلو على تطور صغار القرود عام 1958 حيثُ قام هارلو بفصل القرود عن أمهاتهم بعد ولادتهم، وقام بتقسيمهم إلى مجموعتين، ووضع كل مجموعة مع أم بديلة، إحدى هاتين الأمين مصنوعة من القماش والأخرى من الأسلاك، ولاحظ هارلو أن القرود كانوا ينجذبون إلى الأم المصنوعة من القماش أكثر من انجذابهم إلى الأم المصنوعة من الأسلاك، حتى وإن كانت الأم المصنوعة من الأسلاك هي التي تزودهم بالطعام، وكان القرود يميلون لمعانقة الأم المصنوعة من القماش والالتصاق بها عندما تظهر لهم أشياء غير مألوفة في البيئة.
والحب لابد أن يكون غير مشروط، فالطفل يفضل هذا النوع من الحب كما يفضله الكبار، وهو الحب الذي يدعو إلى أني أحبك مهما فعلت، وليس أحبك فقط إذا قمت بعمل جيد، فالحب المشروط الذي كثيرا ما يستخدمه الوالدين له تأثير سلبي على نمو شخصية الطفل، فلابد أن يعي الوالدين أهمية توفير الحب غير المشروط بسخاء خلال سنواته الأولى.
مشرفة التعليم قبل المدرسي
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=581273&goto=newpost)
ويعد الحب الغذاء النفسي للطفل، ولا يقتصر كونه غذاء نفسيا فحسب فقد أورد بوزان أن الحب هو أحد أغذية المخ؛ حيثُ أثبتت الدراسات بدون الحب قد نموت، وفي قصة القردين الذين ولدا في حديقة الحيوانات، حيثُ تلقى القرد (جيبرز) رعاية طبيعية من أمه، فكانت تأخذه معاها في كل مكان وتنظفه وتداعبه وترضعه، وكانا يعيشان في قفص جماعي مع قردة أخرى،أما القرد الآخر ( كريبرز) فقد ماتت أمه بعد ولادته مباشرة، وعاش في قفص مع قرد من الذكور كبير في السن، وكان يطعمه الحراس في الحديقة، ولم يكن لديه قرد يداعبه ويتحدث معه، وكان يجلس وحيدا وصامتا طوال الوقت. وبعد عام أصابت القرود عدوى في الحديقة ومات كل من (جيبرز) و(كريبرز) وقام عالم نفس مهتم بسلوك القرود بتشريح مخ القردين، فوجد بأن الجهاز العصبي لمخ (جيبرز) كان مكتمل النمو يشبه شجرة متفرعة بملايين من الأفرع المتشابكة والمترابطة. أما (كيبرز) فجهازه العصبي لم يكتمل نموه وكان أشبه بشجرة ذابلة.
وبالطبع فإن الأطفال الذين يتلقون الدفء والحب والتقبل من قبل والديهم تختلف شخصياتهم عن أولئك الذين تلقوا الكره وعدم والتقبل، وهذا ما أكده الباحثون، حيثُ كان الأطفال الذين تربوا في أسر دافئة ومحبة أكثر شعورا بالأمن فكان تعلقهم بوالديهم تعلقاً آمنا خلال العامين الأولين من حياتهم وهذا ما أكدته نظرية التعلق لجون بولبي، كما أنهم كانوا أكثر تقديرا لذواتهم وأكثر تعاطفا مع الآخرين، وحصلوا على معاملات ذكاء عالية في مرحلة التعليم قبل المدرسي، والمرحلة الابتدائية، بالمقارنة مع الأطفال الذين تربوا في أسر غير محبة.
هنا تتضح أهمية التعلق الآمن الذي يحصل عليه الطفل في السنتين الأوليتين من عمره، وهذا ما توضحه نظرية التعلق كما أسلفنا، ويُعرف التعلق attachment بأنه "رابطة انفعالية تبقى طويلا بين الفرد وبين عدد قليل من مقدمي الرعاية المنتظمين تنتج رغبة في أن يكون الطفل قريبا من هذا الشخص (ويتكدر عندما ينفصل عنه) والميل للتحول لهذا الشخص عندما يشعر بالتهديد، والاحساس بأنه يجد لديه الدعم عندما يحاول اكتشاف أشياء جديدة، كما عرفه بولبي (1973) بأنه " أي شكل من أشكال السلوك ينتج عنه حصول إنسان ما أو محافظته على القرب من شخص آخر مميز ومفضل يتم النظر إليه عادة على أنه أكثر قوة أو أكثر حكمة". لذلك نجد الأطفال الذين عانوا من الحرمان العاطفي نتيجة فقدان العلاقة مع الوالدين أو أحدهما، يعانون من آثار بالغة، ولعل الأطفال مجهولو الوالدين هم مثال على هذا الحرمان، خصوصا إذا ما ألحقوا بمؤسسات تقسمهم في مجموعات بأعداد كبيرة، فالطفل من الميلاد مزود بآليات عصبية دماغية للتفاعل والعلاقة مع الأم، وغياب العلاقة الوثيقة الدائمة الحامية لدى هؤلاء الأطفال يسبب لديهم تأخر عام في النمو في جميع الجوانب الجسمية والحسية والحركية واللغوية والذهنية والانفعالية، ويحدث لهم تدني لدرجة المناعة ضد الأمراض، ولا يتفاعلون مع الآخرين فلا يبالون إذا اهتم بهم الراشد أو تركهم، فقد حرموا فرصة اقامة رابط انساني مع شخص مرجعي بالنسبة لهم، وحين يتقدمون في السن يكون تحصيلهم متدني ونموهم الانفعالي والاجتماعي كذلك، وكحلول لهؤلاء الأطفال، فقد طورت أساليب رعاية الأطفال مجهولي الأبوين ولعل أهمها التبني أو التكفل في سن مبكرة، وتطوير أساليب الرعاية بتقسيمهم في مجموعات صغيرة توضع في شقق خاصة تتولى تربيتهم الأم البديلة، حيث يتم انتقاء هذه الأمهات، وبالرغم من ذلك تظهر لدى الأطفال مشكلات أيضا في نموهم العاطفي والتحصيلي، وتبرز أيضا أزمة الهوية والانتماء في سن المراهقة.
فالدفء والحب الوالدي يمكن الطفل من تنمية تعلق آمن بوالديه وهو عامل مهم في النمو الاجتماعي والانفعالي السوي، وتتضح أهمية الدفء من خلال الدراسة التي قام بها هري هارلو على تطور صغار القرود عام 1958 حيثُ قام هارلو بفصل القرود عن أمهاتهم بعد ولادتهم، وقام بتقسيمهم إلى مجموعتين، ووضع كل مجموعة مع أم بديلة، إحدى هاتين الأمين مصنوعة من القماش والأخرى من الأسلاك، ولاحظ هارلو أن القرود كانوا ينجذبون إلى الأم المصنوعة من القماش أكثر من انجذابهم إلى الأم المصنوعة من الأسلاك، حتى وإن كانت الأم المصنوعة من الأسلاك هي التي تزودهم بالطعام، وكان القرود يميلون لمعانقة الأم المصنوعة من القماش والالتصاق بها عندما تظهر لهم أشياء غير مألوفة في البيئة.
والحب لابد أن يكون غير مشروط، فالطفل يفضل هذا النوع من الحب كما يفضله الكبار، وهو الحب الذي يدعو إلى أني أحبك مهما فعلت، وليس أحبك فقط إذا قمت بعمل جيد، فالحب المشروط الذي كثيرا ما يستخدمه الوالدين له تأثير سلبي على نمو شخصية الطفل، فلابد أن يعي الوالدين أهمية توفير الحب غير المشروط بسخاء خلال سنواته الأولى.
مشرفة التعليم قبل المدرسي
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=581273&goto=newpost)