حواليكم
26-08-2014, 08:10 AM
http://im45.gulfup.com/klZ39C.jpg (http://www.gulfup.com/?3CkWrq)
مما لا مِراءَ فيه أنَّ شَحنَ قلبَ الطِّفلِ بكتابِ اللهِ يُعتبرُ من الأمورِ المهمة التي لا تقبل المساومة، ولا تحتملُ التقصير فيها،
كيف لا ، ونبي الهدى صلوات ربي وسلامه عليه يقول: " علِّموا أولادكمُ القرآن، فإنَّه أوَّلَ ما ينبغي أن يُتعلم من علم الله هو"،
إن تعلُّم العلوم الأخرى على اختلافها يجب أن يكونَ مُنطلقُها من كتابِ اللهِ ، ذلك لأن كتابَ الله مدخلٌ إلى كل علمٍ وفنٍّ، إن كتابَ الله يحتاجُ أن يُعتنى به عناية تفوق التوقعات،
أنْ يُجعلَ هو الأساس، أن تُخصص له الحصة الأكبر من بين العلومِ كلِّها؛ وذلك لحاجتِنا إليه تماماً كاحتياجنا لِطَلْقِ الهواء!
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
وإني قد قلبتُ ناظريْ قلبيَ على تلك الأعداد الغفيرة من المدارس الخاصة التي يمكن أن تحتضنُ شِبلنا لتحفيظه كتاب الله، لم أجد من بين تلك المدارس من تملك مشروعاً متميزاً لتحفيظ كتاب الله، ذلكَ التحفيظ الذي يخرج به الطالبُ بقدر يسعدُ بهِ ويعتدُّ به لمواصلةِ المسير، يتخذه عدةً له تعينه على تلقِّي العلومِ الأخرى،
إلا مدرستين تابعتين لوزارة الأوقاف، جاء ردُّ الأولى: تعذر قبول ابنكم/ ابنتكم وذلك لاكتمال العدد من المناطق القريبة،والأخرى: تعذر قبول شبلكم لاكتمال العدد حاليا ، وننتظر من وزارة الأوقاف تزويدنا بمعلمات، كما أن الفصول لا زالت قيد الإنشاء!
نزلت هذه الردود على قلبي وكأنها الأثقال بلا انتهاء، بقيتُ حائرةً إلى أيَّ مدرسةٍ يمكننا التوجه بفلذة كبدنا!
قلت في نفسي بل وإلى من حولي : أين نحن من تلك المدارس في تلك البلاد غيرالعربية التي تتعهد صغار الناشئة وتخرجهم حُفاظاً لكتاب الله وبإتقانٍ وفي سنٍّ مبكّرةٍ ؟!
إنِّي لأغبط هؤلاء حينما أراهم وتلك الجهود الجبارة التي يبذلونها كأشخاصٍ ومؤسسات،وأقول : ألسنا بذلك الأولى منهم؟!
تشرفوا بخدمة كتابِ الله تلك الخدمة الجليلة التي تليق بمستوى كتابٍ جعله الله تبارك وتعالى دستوراً لهذه الأمة، جعله ربُّ العباد سبحانه أول ما ينبغي أن يُتعلم من علم الله هو،
تلك الخدمة السامقةُ التي تُخرج لنا ناشئةً قلوبُهم معلقةٌ بكتاب الله، ناشئة يمتلكون من القوّة القرآنيةِ ما يُعينهم على التفريق بين الهدى والضلال بين الصواب والخطأ،
ناشئةٌ لديهم من الزادِ الإيمانيِّما يجعل قلوبهم راسية أمام بهارج الدنيا المخيفة، مهما بدى حجمها صغيرا، فمصيبتنا أنَّا نستصغرُ الصغائر ونزرعُ ذلك بطريقٍ غيرِ مباشر بل ومباشرٍ أحيانا في نفوس الناشئة،
بحجة أن " يتمتعوا في حياتهم "!!نعم يتمتعوا في حياتهم الدنيا على غير منهج الله على حساب متعتهم في الحياةالأخرى!
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
كُنَّا نتحدث عن دليل مسابقة حفظ القرآن الكريم المعدل بوزارة التربية والتعليم ، ولقد كان تعديلا مباركاً نشكر وزارتنا الموقرة على خطوتها الجميلة فيه،بادرت إحدى المعلمات قائلة: ولكن .. أين نُحفِّظ أبناءنا؟ أبحث عن المدارس لتُحفظ أولادي ولا أجد !
ما قالته هذه المعلمة هو حالُ لسانِ الغالبيةِ من الآباءِ والأمهاتِ، نعم.. الكثرة الكاثرة منهم هذه هي معاناتهم،
لو نظرنا بعينٍ فاحصةٍ إلى الأعداد الهائلة المنضمة إلى مشروع الأستاذ البيماني لحفظ القرآن الكريم لأدركنا يقيناً أن النّاس متعطشةٌ وتبحث عمّا يُعينهاعلى حفظ كتاب الله،
ذلك لأنَّ صوت الفطرةِ يُنادي في صمتٍ ناطقٍ أن أدركوني فقد أوشكتُ على الغرقِ، خُذوا بيدي نحو كتابِ ربِّ الفلقِّ!
لماذا نرى الأجهزة والتقنيات الحديثة استحوذت على عقول أبناءنا ، فغدا فكرُهم بها مشغولُ؟! لدرجة أن أكثرهم لا يحبون الكتاب ولا يطيقون الجلوس معه،
بسبب العلاقة الوثيقة بينهم وبينهذه الأجهزة التي تحوي بين ثناياها الغثَّ والسمين، ذلك الغثُّ الذي خرج لهم بصورته البهيجة ومنظرهِ الأخاذ، حتى يكادُ يسلب الألبابَ،
قد يكون أحد الأسباب أن والديهم قدوةً لهم في ذلك، ذلك لأن آباءهم افتقرواإلى التربية القرآنية، فكما يُقال آخذ الشيء لا يعطيه، وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح،
هؤلاءِ الآباء أليسوا مخرجاتِ التقصير في التربيةِ القرآنية؟! إنهم وربي مخرجاتُها!
لننظر إلى خريجي الثانوية العامة .. كم عدد الطلاب الذين يحفظون ثلاثة أوخمسة أو عشرة أجزاء من القرآن حفظا متقنا؟
كم عدد الطلاب الذين يعرفون كيفيقرؤون القرآن الكريم قراءة صحيحة؟
كم عدد الطلاب الذين يحافظون على وِرْدٍ معينٍ يومياً؟
إنّ الجواب على هذا السؤال يعرفه معلمو التربية الإسلامية جيداً، إن قلنا بأنهم قد يكونوا سُدُسَ الطلاب الخريجين فإنَّ هذا الرقم قد يكون كبيراً،
ذلك لأن الاهتمام بالقرآن الكريم فقط محصورٌ على المقرر الدراسيِّ والاختبار، وما إن ينتهي الاختبار فلا علاقة للطالبِ بكالقرآن يومها إلالمصلحةٍ آنية! فما ذنب أمتنا أن تكون هذه لَبِناتُها في بناءها الذي أوشك أن يتهالك ؟!
إذن .. وبكلِّ وضوحٍ هؤلاءِ هم آباءُ وأمهاتِ المُستقبلِ، بالله عليكم يابني قومي كيف سيعطي الآباء أبناءهم ما يفتقرون إليه؟!
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
بينما كنت أشاهد ذلك المقطع الجميل للدكتور زاكر نايك – حفظه الله وكثّر منأمثاله – والذي حوى حواراً بينه وبين أحد الحاضرين حينما كان يسأله عن السبب فيعدم تمكن غير المسلم من زيارة البيت الحرام؟
ومن جواب الدكتور زاكر للسائل بأسلوبه المقنع المبسط ما كان من السائل إلا أن نطق بالشهادتين ودخل الإسلام شاكرا الدكتور زاكر مُثْنِياً على أسلوبه وطريقته النّميرة في الدعوة والمحاورة،
داعياً إيّاه إلى مواصلة مسيرته في الدعوة فَالعالم بحاجة إلى أمثاله،
في تلك اللحظات .. عادت بي الذكريات إلى تلك الأيام الأُوَل التي بدأت فيها متابعة هذا الداعية العظيم، وكيف أنَّ والدته كانت وراءَ نهضته هذه ، حيث أنه اأرسلته إلى الشيخ ديدات – رحمه الله – وأوصته أن يُلازم الشيخ وأن يتعلم منه،
رغم أنّ ابنها كان يعاني من صعوبة شديدة في النّطق، إلا أن همّة تلك الأم ورؤيتها الثاقبة جعلتها لا تأبه إلى ذلك، فتتلمذ على يديّ عظيمٍ فتخرجَ عظيماً،ينال أجره أمه وشيخه، وإنه لصدقةٌ جاريةٌ لهما ولكل من سعى نحو ارتقاءه سُلَّم الدعوة الشامخ !
إنّ الأمثلة على هؤلاء العِظام الشامخون كثيرة، إنما أوردت د. زاكر نايك لأنه غير عربي، ولسانه غير عربي، ومن دولةٍ غيرِ مسلمة، وكان يعاني من مشكلة فيالنطق،
مع هذا خرج للعالم داعيةً قُرآنياً مُتمكّناً يسيرُ وتوفيقُ الله حليفُه، فدخل على يديه في دينِ الله أفواجٌ كثيرة.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
تذكر المصادرُ أن وادي ميزاب لا يوجد فيه بيتٌ يخلو من حافظٍ لكتاب الله،وأيُّ بيتٍ يخلو من حافظٍ فإنَّ ذلك يُعتبر أمراً غيرَ مقبولٍ عندهم أبدا، وكأنّ عاراً قد تلبس ذلك البيت،
إن قمنا بعمل إحصائية لعدد سكان محافظة من المحافظات، في هذا العصر الذي يشهد التقدم العلميِّ الضخم، والوسائل والسُّبلَ المُيسرَة لطلبِ العلمِ فإنّاسنجد الحفظة ( المتقنون ) أعدادُهم ضئيلة جدا جدا،
وعندما تجد الأسر القرآنية ( التي يُشار إليها بذلك) قلّما يخرج أبناؤها من المدرسة وهم يحفظون كتاب الله كاملا،
لو افترضنا أنَّ عدداً كبيراً من هؤلاء الطلاب تخرجوا وهم حفظةٌ لكتاب الله.. هذا سيوفر لهم من الوقت والجهد ما يجعلهم متفرغين وقادرين على تدبر كتاب الله والاستعداد ليكونوا قادة في تعليم وتحفيظ كتاب الله للناشئة،
من أبناءهم وأبناء مجتمعهم وأمتهم،بهذا يتشكَّلُ لدينا جيلٌ قرآنيٌّ يرعى حرمات الله، ويستحضر وجوده في حركاته وسكناته وخَطرَاتِه،
قادرٌ على قيادة العالم بما يملكه من المؤهلاتِ الإيمانيةِ التي أفاضَاللهُ بها عليه، بهذا تسعد بيوتُ المسلمين بتطبيق منهج الله.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
خلاصة القول:
بأنَّ الجهود المبذولة لخدمة كتاب الله لا يزال يعتريها القصور، فإنّا دولةعربيةٌ مسلمة عريقة في عروبتها وفي إسلامها، وحقٌّ عليها أن يحظى كتابُ الله فيها بالعناية التي تناسب قدره ومقامه العظيم، عنايةٌ تفوق أيَّ عنايةٍ لمنهجٍ آخر..فإنَّه أساسُها ،
وحقٌّ على الأساسِ أن يُعتنى بهفعليه يكونُ البناءُ، ومتى ما كان الأساسُ متيناً قوياً كان البناءُ قوياً متينا،يصمدُ أمام رياحِ الفتنِ العواتي، إنّابحاجةٍ إلى مراكز متخصصةٍ لتحفيظ كتاب الله تنتشر في كل المحافظات، تكونُ الدراسةُ فيها مجانية، أو أن تكون رسومُها رمزية تحددها الوزارة، فإنَّ قيام المؤسسات الربحيةِ تشتدُّ رؤيتُها الربحية مع الأيام وللأسف الشديد، مع هبوطٍ حادٍ في كفاءةبعضها ، فكثيراً ما نجد من المؤسسات مركزها يتمتع بكفاءة عاليةٍ في خدماته بينما الفروع فخدماتها متدنيةٌ إلى حدٍّ يبعث على الأسى والحسرة، هذا ما لا نتحدث فيه منفراغ، إنما واقع نعايشه، -
ويكون المعلمون فيه من ذوي (الاختصاص والإتقان)، وأن تكونَ هذهِ المراكزُقادرةً على استيعابِ أكبرِ عددٍ ممكنٍ من الناشئة، لا أنْ يأتيكَ الردُّ: تعذّرقَبُولُ ابنكم / ابنتكم؛ لاكتمالِ العدد من المناطقِ القريبةِ! وما ذنبُ ذلكَ الشِّبلِ إنْ كانَ واقعا خارجَ نطاقِ المناطقِ القريبة؟!
كما أننا بحاجة إلى أن تكون دراسة القرآن الكريم متواصلة طوال العام، ولاتقتصر على أيام الدراسة فحسب، ومتواصلة حتى يُنهي الطالب حفظ كتاب الله ويتقنه، لا أن يقتصر التحفيظ على من هم دون سنِّ المدرسة!
إِنَّ التَّعلُّم الجماعيَّ يبعث في النَّفسِ الهمّة والنشاطَ والتنافسَ على الخيرِ بدرجةٍ أكبرَ بكثيرٍ من التعلُّمَ الفرديَّ، كما أنَّ الطفلَ يملُّ من التلقي من أبويه ويكونُ القَبُول عنده من خارجِ البيتِ أكبرَ،
وفيما أحسبُ أنَّ لكثيرٍ من البُيوتِ حكايا في هذا الشأن؛ فكم من الآباء يحاول أن يضيف على ابنه واجباً غيرالذي قرره المعلم، فترى الطفل يرفضُ قائلا: لم يَطلبِ الأستاذ ذلك،
وآخر: يحاول أن يصحح فكرة معينةًعند ولده، إِلا أن ولده لا يقتنع، مصراً على أن ما قاله أستاذه هو الصواب، حيث تختلف وجهاتِ النَّظر.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
وطننا الثمين: إنّنا بحاجة إلى تخريجِ جيلٍ قرآنيٍّ يحمل على كتفيه همّ وطنٍّ .. بل همَّ أمّة، نراه يُجسِّد كتاب الله في حركاته وسكناته وخطراته،
ألم ترَ يا وطني كيف أنّ مادة العلوم بكافة فروعها ومادة الدراسات الإجتماعية تكاد تخلو من ربطِ مِنْهاجها بكتاب الله سبحانه؟!
ألم ترَ يا وطني أن تدبر كتاب الله يكاد ينعدم وجوده في تدريس هذه المواد؟! كيف يحدث ذلك يا وطني وفيزياؤك وكيمياؤك وأحياؤك وجغرافيتك وتاريخك يحكيها كتاب ربِّك ، ومنهاج مدارسك تكاد تخلو من هذا التدبر العظيم؟!
ألم ترَ يا وطني أن "جونو " عندما زارك تلك الزيارة البائسة .. لحكمةٍ الله سبحانهُ قد شاءها، وليست أنواء جوية بحتة كما ظنَّ الكثيرون،
وطنَنا السامق: إنَّ تحكيم كتاب الله في كلِّ دقيقٍ وجليلٍ من أموركَ سبيلٌ يسيرٌ إلى شموخك ورفعتك، فعضَّ على كتابِ ربِّكَ يا وطني بالنّواجذ فإنّك بدونه لنتكون شيئا، بل ستكونُ نسْياً منسِيّا.
خالصَ تحيّاتي:
نَبْضُ قلمٍ استقَى منكَ حبرَهُ ومدادَه يا وطني .
بدرية الغافرية
.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=582765&goto=newpost)
مما لا مِراءَ فيه أنَّ شَحنَ قلبَ الطِّفلِ بكتابِ اللهِ يُعتبرُ من الأمورِ المهمة التي لا تقبل المساومة، ولا تحتملُ التقصير فيها،
كيف لا ، ونبي الهدى صلوات ربي وسلامه عليه يقول: " علِّموا أولادكمُ القرآن، فإنَّه أوَّلَ ما ينبغي أن يُتعلم من علم الله هو"،
إن تعلُّم العلوم الأخرى على اختلافها يجب أن يكونَ مُنطلقُها من كتابِ اللهِ ، ذلك لأن كتابَ الله مدخلٌ إلى كل علمٍ وفنٍّ، إن كتابَ الله يحتاجُ أن يُعتنى به عناية تفوق التوقعات،
أنْ يُجعلَ هو الأساس، أن تُخصص له الحصة الأكبر من بين العلومِ كلِّها؛ وذلك لحاجتِنا إليه تماماً كاحتياجنا لِطَلْقِ الهواء!
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
وإني قد قلبتُ ناظريْ قلبيَ على تلك الأعداد الغفيرة من المدارس الخاصة التي يمكن أن تحتضنُ شِبلنا لتحفيظه كتاب الله، لم أجد من بين تلك المدارس من تملك مشروعاً متميزاً لتحفيظ كتاب الله، ذلكَ التحفيظ الذي يخرج به الطالبُ بقدر يسعدُ بهِ ويعتدُّ به لمواصلةِ المسير، يتخذه عدةً له تعينه على تلقِّي العلومِ الأخرى،
إلا مدرستين تابعتين لوزارة الأوقاف، جاء ردُّ الأولى: تعذر قبول ابنكم/ ابنتكم وذلك لاكتمال العدد من المناطق القريبة،والأخرى: تعذر قبول شبلكم لاكتمال العدد حاليا ، وننتظر من وزارة الأوقاف تزويدنا بمعلمات، كما أن الفصول لا زالت قيد الإنشاء!
نزلت هذه الردود على قلبي وكأنها الأثقال بلا انتهاء، بقيتُ حائرةً إلى أيَّ مدرسةٍ يمكننا التوجه بفلذة كبدنا!
قلت في نفسي بل وإلى من حولي : أين نحن من تلك المدارس في تلك البلاد غيرالعربية التي تتعهد صغار الناشئة وتخرجهم حُفاظاً لكتاب الله وبإتقانٍ وفي سنٍّ مبكّرةٍ ؟!
إنِّي لأغبط هؤلاء حينما أراهم وتلك الجهود الجبارة التي يبذلونها كأشخاصٍ ومؤسسات،وأقول : ألسنا بذلك الأولى منهم؟!
تشرفوا بخدمة كتابِ الله تلك الخدمة الجليلة التي تليق بمستوى كتابٍ جعله الله تبارك وتعالى دستوراً لهذه الأمة، جعله ربُّ العباد سبحانه أول ما ينبغي أن يُتعلم من علم الله هو،
تلك الخدمة السامقةُ التي تُخرج لنا ناشئةً قلوبُهم معلقةٌ بكتاب الله، ناشئة يمتلكون من القوّة القرآنيةِ ما يُعينهم على التفريق بين الهدى والضلال بين الصواب والخطأ،
ناشئةٌ لديهم من الزادِ الإيمانيِّما يجعل قلوبهم راسية أمام بهارج الدنيا المخيفة، مهما بدى حجمها صغيرا، فمصيبتنا أنَّا نستصغرُ الصغائر ونزرعُ ذلك بطريقٍ غيرِ مباشر بل ومباشرٍ أحيانا في نفوس الناشئة،
بحجة أن " يتمتعوا في حياتهم "!!نعم يتمتعوا في حياتهم الدنيا على غير منهج الله على حساب متعتهم في الحياةالأخرى!
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
كُنَّا نتحدث عن دليل مسابقة حفظ القرآن الكريم المعدل بوزارة التربية والتعليم ، ولقد كان تعديلا مباركاً نشكر وزارتنا الموقرة على خطوتها الجميلة فيه،بادرت إحدى المعلمات قائلة: ولكن .. أين نُحفِّظ أبناءنا؟ أبحث عن المدارس لتُحفظ أولادي ولا أجد !
ما قالته هذه المعلمة هو حالُ لسانِ الغالبيةِ من الآباءِ والأمهاتِ، نعم.. الكثرة الكاثرة منهم هذه هي معاناتهم،
لو نظرنا بعينٍ فاحصةٍ إلى الأعداد الهائلة المنضمة إلى مشروع الأستاذ البيماني لحفظ القرآن الكريم لأدركنا يقيناً أن النّاس متعطشةٌ وتبحث عمّا يُعينهاعلى حفظ كتاب الله،
ذلك لأنَّ صوت الفطرةِ يُنادي في صمتٍ ناطقٍ أن أدركوني فقد أوشكتُ على الغرقِ، خُذوا بيدي نحو كتابِ ربِّ الفلقِّ!
لماذا نرى الأجهزة والتقنيات الحديثة استحوذت على عقول أبناءنا ، فغدا فكرُهم بها مشغولُ؟! لدرجة أن أكثرهم لا يحبون الكتاب ولا يطيقون الجلوس معه،
بسبب العلاقة الوثيقة بينهم وبينهذه الأجهزة التي تحوي بين ثناياها الغثَّ والسمين، ذلك الغثُّ الذي خرج لهم بصورته البهيجة ومنظرهِ الأخاذ، حتى يكادُ يسلب الألبابَ،
قد يكون أحد الأسباب أن والديهم قدوةً لهم في ذلك، ذلك لأن آباءهم افتقرواإلى التربية القرآنية، فكما يُقال آخذ الشيء لا يعطيه، وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح،
هؤلاءِ الآباء أليسوا مخرجاتِ التقصير في التربيةِ القرآنية؟! إنهم وربي مخرجاتُها!
لننظر إلى خريجي الثانوية العامة .. كم عدد الطلاب الذين يحفظون ثلاثة أوخمسة أو عشرة أجزاء من القرآن حفظا متقنا؟
كم عدد الطلاب الذين يعرفون كيفيقرؤون القرآن الكريم قراءة صحيحة؟
كم عدد الطلاب الذين يحافظون على وِرْدٍ معينٍ يومياً؟
إنّ الجواب على هذا السؤال يعرفه معلمو التربية الإسلامية جيداً، إن قلنا بأنهم قد يكونوا سُدُسَ الطلاب الخريجين فإنَّ هذا الرقم قد يكون كبيراً،
ذلك لأن الاهتمام بالقرآن الكريم فقط محصورٌ على المقرر الدراسيِّ والاختبار، وما إن ينتهي الاختبار فلا علاقة للطالبِ بكالقرآن يومها إلالمصلحةٍ آنية! فما ذنب أمتنا أن تكون هذه لَبِناتُها في بناءها الذي أوشك أن يتهالك ؟!
إذن .. وبكلِّ وضوحٍ هؤلاءِ هم آباءُ وأمهاتِ المُستقبلِ، بالله عليكم يابني قومي كيف سيعطي الآباء أبناءهم ما يفتقرون إليه؟!
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
بينما كنت أشاهد ذلك المقطع الجميل للدكتور زاكر نايك – حفظه الله وكثّر منأمثاله – والذي حوى حواراً بينه وبين أحد الحاضرين حينما كان يسأله عن السبب فيعدم تمكن غير المسلم من زيارة البيت الحرام؟
ومن جواب الدكتور زاكر للسائل بأسلوبه المقنع المبسط ما كان من السائل إلا أن نطق بالشهادتين ودخل الإسلام شاكرا الدكتور زاكر مُثْنِياً على أسلوبه وطريقته النّميرة في الدعوة والمحاورة،
داعياً إيّاه إلى مواصلة مسيرته في الدعوة فَالعالم بحاجة إلى أمثاله،
في تلك اللحظات .. عادت بي الذكريات إلى تلك الأيام الأُوَل التي بدأت فيها متابعة هذا الداعية العظيم، وكيف أنَّ والدته كانت وراءَ نهضته هذه ، حيث أنه اأرسلته إلى الشيخ ديدات – رحمه الله – وأوصته أن يُلازم الشيخ وأن يتعلم منه،
رغم أنّ ابنها كان يعاني من صعوبة شديدة في النّطق، إلا أن همّة تلك الأم ورؤيتها الثاقبة جعلتها لا تأبه إلى ذلك، فتتلمذ على يديّ عظيمٍ فتخرجَ عظيماً،ينال أجره أمه وشيخه، وإنه لصدقةٌ جاريةٌ لهما ولكل من سعى نحو ارتقاءه سُلَّم الدعوة الشامخ !
إنّ الأمثلة على هؤلاء العِظام الشامخون كثيرة، إنما أوردت د. زاكر نايك لأنه غير عربي، ولسانه غير عربي، ومن دولةٍ غيرِ مسلمة، وكان يعاني من مشكلة فيالنطق،
مع هذا خرج للعالم داعيةً قُرآنياً مُتمكّناً يسيرُ وتوفيقُ الله حليفُه، فدخل على يديه في دينِ الله أفواجٌ كثيرة.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
تذكر المصادرُ أن وادي ميزاب لا يوجد فيه بيتٌ يخلو من حافظٍ لكتاب الله،وأيُّ بيتٍ يخلو من حافظٍ فإنَّ ذلك يُعتبر أمراً غيرَ مقبولٍ عندهم أبدا، وكأنّ عاراً قد تلبس ذلك البيت،
إن قمنا بعمل إحصائية لعدد سكان محافظة من المحافظات، في هذا العصر الذي يشهد التقدم العلميِّ الضخم، والوسائل والسُّبلَ المُيسرَة لطلبِ العلمِ فإنّاسنجد الحفظة ( المتقنون ) أعدادُهم ضئيلة جدا جدا،
وعندما تجد الأسر القرآنية ( التي يُشار إليها بذلك) قلّما يخرج أبناؤها من المدرسة وهم يحفظون كتاب الله كاملا،
لو افترضنا أنَّ عدداً كبيراً من هؤلاء الطلاب تخرجوا وهم حفظةٌ لكتاب الله.. هذا سيوفر لهم من الوقت والجهد ما يجعلهم متفرغين وقادرين على تدبر كتاب الله والاستعداد ليكونوا قادة في تعليم وتحفيظ كتاب الله للناشئة،
من أبناءهم وأبناء مجتمعهم وأمتهم،بهذا يتشكَّلُ لدينا جيلٌ قرآنيٌّ يرعى حرمات الله، ويستحضر وجوده في حركاته وسكناته وخَطرَاتِه،
قادرٌ على قيادة العالم بما يملكه من المؤهلاتِ الإيمانيةِ التي أفاضَاللهُ بها عليه، بهذا تسعد بيوتُ المسلمين بتطبيق منهج الله.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
خلاصة القول:
بأنَّ الجهود المبذولة لخدمة كتاب الله لا يزال يعتريها القصور، فإنّا دولةعربيةٌ مسلمة عريقة في عروبتها وفي إسلامها، وحقٌّ عليها أن يحظى كتابُ الله فيها بالعناية التي تناسب قدره ومقامه العظيم، عنايةٌ تفوق أيَّ عنايةٍ لمنهجٍ آخر..فإنَّه أساسُها ،
وحقٌّ على الأساسِ أن يُعتنى بهفعليه يكونُ البناءُ، ومتى ما كان الأساسُ متيناً قوياً كان البناءُ قوياً متينا،يصمدُ أمام رياحِ الفتنِ العواتي، إنّابحاجةٍ إلى مراكز متخصصةٍ لتحفيظ كتاب الله تنتشر في كل المحافظات، تكونُ الدراسةُ فيها مجانية، أو أن تكون رسومُها رمزية تحددها الوزارة، فإنَّ قيام المؤسسات الربحيةِ تشتدُّ رؤيتُها الربحية مع الأيام وللأسف الشديد، مع هبوطٍ حادٍ في كفاءةبعضها ، فكثيراً ما نجد من المؤسسات مركزها يتمتع بكفاءة عاليةٍ في خدماته بينما الفروع فخدماتها متدنيةٌ إلى حدٍّ يبعث على الأسى والحسرة، هذا ما لا نتحدث فيه منفراغ، إنما واقع نعايشه، -
ويكون المعلمون فيه من ذوي (الاختصاص والإتقان)، وأن تكونَ هذهِ المراكزُقادرةً على استيعابِ أكبرِ عددٍ ممكنٍ من الناشئة، لا أنْ يأتيكَ الردُّ: تعذّرقَبُولُ ابنكم / ابنتكم؛ لاكتمالِ العدد من المناطقِ القريبةِ! وما ذنبُ ذلكَ الشِّبلِ إنْ كانَ واقعا خارجَ نطاقِ المناطقِ القريبة؟!
كما أننا بحاجة إلى أن تكون دراسة القرآن الكريم متواصلة طوال العام، ولاتقتصر على أيام الدراسة فحسب، ومتواصلة حتى يُنهي الطالب حفظ كتاب الله ويتقنه، لا أن يقتصر التحفيظ على من هم دون سنِّ المدرسة!
إِنَّ التَّعلُّم الجماعيَّ يبعث في النَّفسِ الهمّة والنشاطَ والتنافسَ على الخيرِ بدرجةٍ أكبرَ بكثيرٍ من التعلُّمَ الفرديَّ، كما أنَّ الطفلَ يملُّ من التلقي من أبويه ويكونُ القَبُول عنده من خارجِ البيتِ أكبرَ،
وفيما أحسبُ أنَّ لكثيرٍ من البُيوتِ حكايا في هذا الشأن؛ فكم من الآباء يحاول أن يضيف على ابنه واجباً غيرالذي قرره المعلم، فترى الطفل يرفضُ قائلا: لم يَطلبِ الأستاذ ذلك،
وآخر: يحاول أن يصحح فكرة معينةًعند ولده، إِلا أن ولده لا يقتنع، مصراً على أن ما قاله أستاذه هو الصواب، حيث تختلف وجهاتِ النَّظر.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
وطننا الثمين: إنّنا بحاجة إلى تخريجِ جيلٍ قرآنيٍّ يحمل على كتفيه همّ وطنٍّ .. بل همَّ أمّة، نراه يُجسِّد كتاب الله في حركاته وسكناته وخطراته،
ألم ترَ يا وطني كيف أنّ مادة العلوم بكافة فروعها ومادة الدراسات الإجتماعية تكاد تخلو من ربطِ مِنْهاجها بكتاب الله سبحانه؟!
ألم ترَ يا وطني أن تدبر كتاب الله يكاد ينعدم وجوده في تدريس هذه المواد؟! كيف يحدث ذلك يا وطني وفيزياؤك وكيمياؤك وأحياؤك وجغرافيتك وتاريخك يحكيها كتاب ربِّك ، ومنهاج مدارسك تكاد تخلو من هذا التدبر العظيم؟!
ألم ترَ يا وطني أن "جونو " عندما زارك تلك الزيارة البائسة .. لحكمةٍ الله سبحانهُ قد شاءها، وليست أنواء جوية بحتة كما ظنَّ الكثيرون،
وطنَنا السامق: إنَّ تحكيم كتاب الله في كلِّ دقيقٍ وجليلٍ من أموركَ سبيلٌ يسيرٌ إلى شموخك ورفعتك، فعضَّ على كتابِ ربِّكَ يا وطني بالنّواجذ فإنّك بدونه لنتكون شيئا، بل ستكونُ نسْياً منسِيّا.
خالصَ تحيّاتي:
نَبْضُ قلمٍ استقَى منكَ حبرَهُ ومدادَه يا وطني .
بدرية الغافرية
.
http://im45.gulfup.com/zguBt7.gif (http://www.gulfup.com/?6vrnL4)
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=582765&goto=newpost)