تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عقلية القطيع !!!



حواليكم
23-10-2014, 09:00 PM
عقليــــة الـقـطيع..




عنوان غريب،، لمصطلح لم نشهده جميعا .. ولكننا نعيشه كل يوم...
وردت لي عدة خواطر اهتزت بها أعماقي عند قراءتي لإحدى المقالات عن أثر الاعلام في الانسان الحديث .. ولنزعتي الفضولية والتأملية -التي غالبا ما توقعني في المشاكل، ولكن تلك قصة أخرى- ارتأيت كتابة تلك الخواطر لأرى مدى صحتها في ميدان المعرفة التربوية بهذا المنتدى وأعضائه الكرام،،

أول ما قد يتبادر الى ذهن القارئ العزيز عجيبة وضعي كلمة "القطيع" في هذا المصطلح .. فهي تعطي انطباعا عاما بمحدودية الفكر (فلا يقال "قطيع" الا في دواب) ولكن -للأسف- أصبحت هذه العقلية معيارا للنجاح في هذا العصر، فكلما تملكتك تلك العقلية الضعيفة كلما زاد تقديرك على مجالات العمل المختلفة.

ومن الجدير بالذكر أن تنمية تلك العقلية تبدأ في الانسان المعاصر منذ دخوله المدارس النظامية، فالمدرسة التقليدية تصنف الطلاب حسب اختبارات تقيس قدرتهم كأنهم آلات بدون اعطاء أي اعتبار لفروقاتهم الفردية و تميزهم، وبالرغم من أن الجامعات تنمي -ولو قليلا- الفروقات الفردية وبجهود الأفراد ذاتهم وبقدر رغبتهم في التعلم، إلا أن أساس تصنيف طلبة الجامعة و تخصصاتهم يبنى على أساس نتائجهم في المدرسة، ويؤخذ أيضا على المرحلة الجامعية تمسكها بالتصنيف بالاختبارات التقليدية، تماما كالمدرسة..

المشكلة ليست في لاختبار كاختبار، المشكلة العويصة هي في هدف الاختبار .. من المفترض للاختبار أن يصنف الناس حسب ميولهم الفردية .. وليس أن يصنفهم حسب محصلة أجادتهم لشتى العلوم ككل. ولتقريب المثال نفرض أن زيدا لا يفقه شيئا من العلوم الا الفيزياء و الرياضيات والقليل جدا من الكيمياء، بل وإن زيدا إن أتيحت له الفرصة فسيطيح بأكبر علماء الفيزياء ونظرياتهم، وذلك لأن الله أنعم عليه بملكة الفيزياء، ولكن المشكلة أن معايير المدرسة واختياره في الجامعة والمجتمع ما بعد الجامعة تعتمد ولو جزئيا على مجموعه العام (أي مستوى اجادته في اللغة العربية و الانجليزية و الأحياء ..الخ)، فهو وإن أحرز النهائيات في الرياضيات و الفيزياء ستظل البقية أصفارا عوائق في دربه نحو أن يوضع في مكانه المستحق كعالم ضليع في الفيزياء، وسينتهي به الأمر في غير مكانه.


ومن أشد أخطار المناهج الدراسية تأصيل "عقلية القطيع" في المتلقي الذي يصبح جل همه أن يحفظ ما في كتبه المدرسية، وأقرانه يفعلون المثل بكتبهم .. فيلغى من ذهنهم مفهوم تبادل الأفكار و مشاركة المعارف بين أبناء الجيل الواحد لأنهم سيسرون على نفس المنوال العلمي وسيتأسسون بنفس الأسس فتظهر النمطية السلوكية ومادية التفكير ومحدوديته.. فإن لم يتوفر للقارئ الصغير مصادر خارجية يثري بها ثقافته فإنه سيقع دون شك في فخ القطيع.

ومن مظاهر عقلية القطيع في المدارس أيضا مخالطة المتميزين والمبدعين وذوي العقول المتميزة مع أقرانهم العاديين بهدف مخادع وهمي هو رفع مستوى أقرانهم الأضعف منهم، والحقيقة أنه يؤدي الى نماء النمطية في الطفل المتميز و ضمور تميزه فيتحول من طفل متميز الى طفل عادي أو فوق العادي بقليل.
في حين أنه اذا تم انتقائهم والعناية بهم وبحثهم واكتشافهم وتنميتهم سينتج جيل من المتميزين الذين يقودون الانسانية بتميزهم وليس فقط أقرانهم في الصف المدرسي. والدليل أن السواد الأعظم من العلماء المخلدين في التاريخ لم يتلقوا تعليما مدرسيا كاملا وإنما اكتسبوا المعارف الأساسية كالقراءة والحساب (المرحلة الابتدائية) ثم انطلقوا في بحور الكتب التي كان يصبها عليهم آباؤهم و أهلهم لينهلوا من العلم من مصادره المباشرة.

الاعلام المتلفز و الاذاعي ووسائل الترفيه هي أكبر قاتل للتميز فهي "تجبرك على أخذ المعرفة التي يريدونك أن تأخذها" في حين أن الانترنت و الصحافة المكتوبة و المجلات أقل ضررا في اليد التي تستخدمها استخداما صحيحا. ولذلك معظم الأدباء لا يعتبرون السينما من الأدب بل ويحاربونها ويرفضونها رفضا تاما (كما ذكر في كتاب المؤنس للصف الثاني عشر الجزء الثاني).

تابع الموضوع الثاني "الاسلام وتوحيد اتجاه العقلية والفرق بين ذلك وعقلية القطيع" في الاسبوع القادم ان توفر لي الوقت،،

أرجو أن أكون قد أوضحت الفكرة بأقل عدد من الكلمات (وإن حاولت ذلك قدر المستطاع)
وأرجو أن أكون قد أثرت اهتمامكم لذلك الموضوع المسكوت عنه رغم تفشيه..
وستقر عيني إن وجدت أن أنهار الأفكار و الآراء قد فاضت واستنفرت بسبب هذه المقالة ..

وفي الختام .. يقول أحد المفكرين الروس أن "المدارس هدفها جيل ذكي بما فيه الكفاية لتدوير الآلات ولكن ليس ذكيا لحد أن ينمي تفكيرا ناقدا تحليليا متسعا وخارج الاطار"

بقلم/ حازم المصري
طالب بالصف الثاني عشر




*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=593488&goto=newpost)