أمة الله
20-02-2012, 09:13 PM
http://www.noor-alyaqeen.com/mlafat/7.gif
رسالة موجزة حول: استعمال مكبرات الصوت في المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/)
حكم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالمساجد
مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد.
فحباً في نشر العلم، ورجوعاً للحق، ونصحاً لإخواني المسلمين، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام - كما عند مسلم – "الدين النصيحة" جاءت هذه الرسالة الموجزة حول موضوع (استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) في المساجد) والتي أسأل الله أن ينفع بها، وأن يجعلها في ميزان أعمال كاتبها وقارئها وناشرها، إنه سميع قريب.
كما أرجو من الله القدير أن يعين كل صاحب همة ومروءة ونخوة نحو ربه ودينه إلى تطبيق ما جاء فيها. وما قصدت بذلك إلاّ الخير، فإن كان مقبولاً فدعاء من الأعماق بالرشد والصواب، وإن كان غير ذلك فدعاء بالرشد والهداية، وفي كل خير.
مدخل إلى الموضوع:
إن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المباركة بناء (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) وعمارتها حساً ومعنىً، عمارة حسية من خلال بناء وتشييد هذه (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) في المدن والقرى والهجر والأحياء، وعمارة معنوية بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم. كما أن من نعم الله علينا وجود أجهزة المكبرات الصوتية والتي تسمى "بالميكروفونات" وذلك عند استخدامها في محلها الصحيح بالإعلان عن شعيرة من أهم الشعائر وهي الصلاة، وإعلام الناس بدخول وقتها، وهذا الأمر مطلوب شرعاً، وهو من الوسائل المشروعة التي نُص عليها، وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب.
والناس – وبالأخص الأئمة والمؤذنون – حول هذه المسألة طرفان ووسط، فقسم يرى وجوب إسماع الناس قراءة القرآن والوعظ والخطب والدروس والمحاضرات بحجة تعليم من بالبيوت وخاصة النساء وأصحاب الأعذار حتى لو تعدى الأمر إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى مئات الأمتار في كثير من الأحيان ( [1] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn1)) .
وطرف آخر يرى أن تمنع هذه المكبرات حتى ولو في الأذان بحجة الضرر المترتب نتيجة الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة، أو كونهم يرون بدعيتها، وهذا ما كان عليه بعض المشايخ في أول الأمر بحجة أنه لم يفعلها أحد من سلف الأمة ثم اتضح أنها لا تدخل في باب البدعة؛ بل في باب المصالح المرسلة.
والحق في هذه المسألة هو القول الوسط، حيث ينبغي اقتصار هذه المكبرات الخارجية على الأذان فقط ( [2] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn2)) ، أما الصلاة ونحوها كالخطب والمواعظ فيقتصر الأمر على الإذاعة الداخلية فقط – وخصوصاً في (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المجهزة بهذه التقنية – وذلك لإسماع من بالمسجد لمن يحتاج إليها، والحاجة تقدر بقدرها.
ما المحاذير والأضرار الناتجة عن سوء استخدام (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) ؟
أما استخدام هذه الأجهزة (الميكروفونات) في غير الأذان، من إذاعة الصلاة وقراءة الإمام بها، والخطب والمواعظ ففي ذلك عدة محاذير وأضرار، منها:
1- التشويش الحاصل من بعض (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) على بعضها الآخر، حتى تلتبس قراءة الإمام وصلاته على المأمومين خلفه، فيركعون مثلاً قبل إمامهم، أو يسجدون مع ذلك الإمام في المسجد القريب، أو لا يحسن لهم الاستماع لقراءة إمامهم، أو لا يحصل لهم الخشوع الواجب في صلاتهم، أو قد يلتبس على البعض دعاؤه حال الصلاة!!
ولا يشك عاقل أن هذه مفسدة وضرر توجب منع موجبها، ثم إن الناس خارج المسجد لا يحتاجون إلى سماع صلاة الإمام ولا تكبيراته، وإنما المصلون الذين بداخل المسجد هم الذين بحاجة إلى ذلك.
2- ومن هذه المحاذير والأضرار، الإزعاج الحاصل من هذه المكبرات لجيران المسجد من الأطفال ( [3] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn3)) والمرضى والنساء ( [4] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn4)) والنيام المعذورين، ومن لديهم أعمال أو استذكار، ومن لا تلزمهم الصلاة مع الجماعة، وبخاصة صلاة النافلة، كالتراويح والقيام في شهر رمضان، أو أنهم قد صلوها من أول الليل، أو أنهم يؤخرونها إلى آخره، أو قد تكون لا تلزمهم تلك الصلاة النافلة، أو قد يكون هناك من لديهم أعمال فيحتاجون إلى النوم مبكراً، أو قد يكون هناك الشيوخ المسنين المضطربين في نومهم، ونحو ذلك.
وعلى هذا فيكون رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالقراءة من خلال الإذاعة الخارجية سبباً في إزعاجهم وإيذائهم بغير حق، واعتداء على حقوقهم، والشريعة سمحة – ولله الحمد والمنة – أتت لإسعاد الناس وليس لشقائهم.
3- ومن المحاذير والأضرار المترتبة على هذه المكبرات الخارجية، أن كثيراً من المصلين عندما يسمعون أن المسجد القريب منهم قد أقام الصلاة، أو أنهم انصرفوا من صلاتهم، وإمامهم لم يشرع بعد في صلاته، فإنهم حينئذ يأخذون بلومه والتذمر منه، فيحاول بالتالي أن يعجل بهم في الصلاة مخافة لومهم، وقد يقصر في خشوع الصلاة وطمأنينتها، وهذا أمر مشاهد معلوم.
4- ومن المحاذير كذلك أن في رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالقراءة في الصلاة من بعض الأئمة وعبر هذه المكبرات قد يجلب عليه الرياء والسمعة، فكم سمعنا عن إمام يتفنن في تبليغ قراءته عبر المكبرات، ويحرص على ذلك ما لا يحرص على إقامة الصلاة وخشوعها، فهذا المُخرج لصوته عبر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) لا ينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة، وهو يعلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه، فترى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى يدعونه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت!!! فليعلم هذا وغيره أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: منهم القارئ يقال له قرأت ليقال قارئ فقد قيل، فيكون من أول من تسعر به النار يوم القيامة.
5- أن رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالمكبرات الخارجية ليس من توقير كتاب الله وتعظيمه، فيخرج هذا الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لا ينصتون بل هم مشغولون عنه، بل المشاهد أن الإمام يقرأ القرآن بواسطة هذه المكبرات، وبعض الناس في بيوتهم يسمعون القرآن ولا ينصتون، بل إنك لربما تجد بعضهم يستمع إلى الموسيقى والأغاني، أو يرقص في بيته، والإمام بجواره يقرأ القرآن، بل وقد تكون الأسواق عامرة بالناس بيعاً وشراءً، ولاسيما وقت صلاة التراويح، وما يتبع ذلك من لغط وكذب وغش وخداع ومنكرات، والقرآن يتلى على رؤوسهم!! وهذا كما لا يخفى خلاف ما أمر الله به، وبناء عليه فليس من تنزيه كتاب الله تعالى وتوقيره أن يرفع الإمام صوته بالقرآن من خلال أجهزة المكبرات الخارجية، فهذا من الجهر المكروه إن لم يكن من الجهر المحرم، وهو من المضارة بالقرآن الكريم.
مسألة: هل يوجد في الشرع ما يدل على استحباب استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) هذه المكبرات في الصلاة، والجهر بالقرآن الكريم بها ؟
أقول – وبالله التوفيق – أن في القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ما يدل على المنع من استخدام المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
فمن أدلة القرآن الكريم:
قول الله U : ] ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين [ الأعراف (55) وقوله تعالى عن عبده الصالح زكريا ، وكيف كان يدعوه، وصفة صلاته ] ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداءً خفياً [ مريم (2، 3) وقوله: ] واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين [ الأعراف (205).
ففي هذه الآيات الكريمات دلالة وإرشاد إلى أنه يجب أن تكون صلاتنا بخشوع وتضرع وخوف وسكينة، وخفية، لا بالضجيج والصياح والصراخ، والجهر الزائد عن قدر الحاجة، فالأصل في الصلاة السرية الإسرار، وفي الجهرية الجهر اليسير الذي يكون بقدر الحاجة من إسماع المأمومين، أو تنشيط على قيام الليل، بحيث لا يخرج عن آداب الضراعة والخوف من الله سبحانه وتعالى، فيكون الدعاء أو الصلاة أبعد عن الرياء والسمعة، وأقرب إلى الإخلاص والقبول، وفي الجهر بالصلاة أو القرآن أو الدعاء وغير ذلك عبر هذه المكبرات مخالفة صريحة لهذه النصوص الكريمة، فنحن ندعو سميعاً قريباً مجيباً لا أصم غائباً.
من أدلة السنة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) النبوية:
ومن أدلة السنة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) النبوية على المنع من استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في وصف قراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام في قيام الليل، قال: "كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلامعلى قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت" أخرجه أبو داود، كتاب التطوع، باب في صلاة الليل، وقال عنه الألباني حسن صحيح.
فإذا كان هذا هو هدية عليه الصلاة والسلام لاسيما في صلاة الليل، وهو الأسوة، يسمعه من كان في الحجرة، ولا يبلغ ذلك، ولا يجهر بقراءته إلى كل من في البيت، فحرى بالمسلمين اليوم أن يهتدوا بهديه ويعملوا بسنته، ولا يؤذون النائمين وغيرهم بواسطة هذه المكبرات.
وعند أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذيين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة " رواه أبو داود، كتاب التطوع، بابٌ في صلاة الليل، والحديث صححه للألباني.
وهذا إذا كان الجهر لا يؤذي أحداً، أو لا يشوش على أحد، وفيه مصلحة وحاجة، وإلاّ فإن الله تعالى يقول: ] إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها أو تؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم، والله بما تعملون خبير [ البقرة (271).
فالإخفاء خير لنا وأبعد عن الرياء المحبط للأعمال، وهو سبحانه عليم خبير بأحوال عباده وأعمالهم، سواء من أسر منهم القول أو جهر به.
فهذه الأحاديث نصوص قاطعة، مؤيدة لما ذكرت من عدم استحباب استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) هذه المكبرات في غير الأذان، وأن الأصل هو عدم رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالذكر والقراءة والدعاء، إلاّ بالقدر الذي ورد للمصلحة أو الحاجة كما أسلفنا.
كما أن هناك أيضاً نصوص أخرى قد يستدل بها على المنع من الصلاة بهذه المكبرات ومنها:
ما رواه البخاري – رحمه الله – عن أنس رضي الله عنه قال: (كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: " أميطي قرامك فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي " كتاب الصلاة، باب: إن صلى في ثوب مصلّب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟ وما ينهى عن ذلك.
فتأمل – رحمك الله – الحديث، حيث أن فيه دليل على أن كل ما يشغل المصلي، أو يشوش عليه يجب أن يزال، ومن ذلك المكبرات الصوتية لغير الأذان.
ومما قد يستدل به على المنع أيضاً ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة t أن رسول الله r انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ معي أحد منكم آنفاً ؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: " إني أقول مالي أنازع القرآن " رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام. والحديث صححه الألباني.
فهذا الحديث نص ظاهره في المنع من كل ما يشوش على المصلي صلاته سواء كان إماماً أو منفرداً، وهذه المكبرات من المشاهد والمحسوس أنها تشوش على المصلين، وعليه فتمنع.
من أقوال أهل العلم:
1- قال شيخ الإسلام رحمه الله (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعاً فليس له أن يجهر جهراً يشغلهم به، فإن النبي r خرج على أصحابه وهم يصلون من السحر فقال: " يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " مجموع الفتاوي 23/61.
وقال رحمه الله في موضع آخر، وفي مسألة شبيهة لما نحن بصدده عندما سئل عن مسجد يقرأ فيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام، ويقع التشويش على القراء، فهل يجوز ذلك أم لا ؟
فأجاب رحمه الله: (الحمد لله، ليس لأحد أن يؤذي أهل المسجد، أو أهل الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء، ونحو ذلك مما بنيت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) له، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريباً منه ما يشوش على هؤلاء، بل قد خرج النبي r على أصحابه وهم يصلون، ويجهرون بالقراءة، فقال: " أيها الناس! كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ".
فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي، فكيف بغيره ؟! ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك، مُنع من ذلك، والله أعلم. أ.هـ مجموع الفتاوي 22/205.
رسالة موجزة حول: استعمال مكبرات الصوت في المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/)
حكم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالمساجد
مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد.
فحباً في نشر العلم، ورجوعاً للحق، ونصحاً لإخواني المسلمين، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام - كما عند مسلم – "الدين النصيحة" جاءت هذه الرسالة الموجزة حول موضوع (استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) في المساجد) والتي أسأل الله أن ينفع بها، وأن يجعلها في ميزان أعمال كاتبها وقارئها وناشرها، إنه سميع قريب.
كما أرجو من الله القدير أن يعين كل صاحب همة ومروءة ونخوة نحو ربه ودينه إلى تطبيق ما جاء فيها. وما قصدت بذلك إلاّ الخير، فإن كان مقبولاً فدعاء من الأعماق بالرشد والصواب، وإن كان غير ذلك فدعاء بالرشد والهداية، وفي كل خير.
مدخل إلى الموضوع:
إن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المباركة بناء (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) وعمارتها حساً ومعنىً، عمارة حسية من خلال بناء وتشييد هذه (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) في المدن والقرى والهجر والأحياء، وعمارة معنوية بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم. كما أن من نعم الله علينا وجود أجهزة المكبرات الصوتية والتي تسمى "بالميكروفونات" وذلك عند استخدامها في محلها الصحيح بالإعلان عن شعيرة من أهم الشعائر وهي الصلاة، وإعلام الناس بدخول وقتها، وهذا الأمر مطلوب شرعاً، وهو من الوسائل المشروعة التي نُص عليها، وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب.
والناس – وبالأخص الأئمة والمؤذنون – حول هذه المسألة طرفان ووسط، فقسم يرى وجوب إسماع الناس قراءة القرآن والوعظ والخطب والدروس والمحاضرات بحجة تعليم من بالبيوت وخاصة النساء وأصحاب الأعذار حتى لو تعدى الأمر إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى مئات الأمتار في كثير من الأحيان ( [1] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn1)) .
وطرف آخر يرى أن تمنع هذه المكبرات حتى ولو في الأذان بحجة الضرر المترتب نتيجة الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة، أو كونهم يرون بدعيتها، وهذا ما كان عليه بعض المشايخ في أول الأمر بحجة أنه لم يفعلها أحد من سلف الأمة ثم اتضح أنها لا تدخل في باب البدعة؛ بل في باب المصالح المرسلة.
والحق في هذه المسألة هو القول الوسط، حيث ينبغي اقتصار هذه المكبرات الخارجية على الأذان فقط ( [2] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn2)) ، أما الصلاة ونحوها كالخطب والمواعظ فيقتصر الأمر على الإذاعة الداخلية فقط – وخصوصاً في (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المجهزة بهذه التقنية – وذلك لإسماع من بالمسجد لمن يحتاج إليها، والحاجة تقدر بقدرها.
ما المحاذير والأضرار الناتجة عن سوء استخدام (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) ؟
أما استخدام هذه الأجهزة (الميكروفونات) في غير الأذان، من إذاعة الصلاة وقراءة الإمام بها، والخطب والمواعظ ففي ذلك عدة محاذير وأضرار، منها:
1- التشويش الحاصل من بعض (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) على بعضها الآخر، حتى تلتبس قراءة الإمام وصلاته على المأمومين خلفه، فيركعون مثلاً قبل إمامهم، أو يسجدون مع ذلك الإمام في المسجد القريب، أو لا يحسن لهم الاستماع لقراءة إمامهم، أو لا يحصل لهم الخشوع الواجب في صلاتهم، أو قد يلتبس على البعض دعاؤه حال الصلاة!!
ولا يشك عاقل أن هذه مفسدة وضرر توجب منع موجبها، ثم إن الناس خارج المسجد لا يحتاجون إلى سماع صلاة الإمام ولا تكبيراته، وإنما المصلون الذين بداخل المسجد هم الذين بحاجة إلى ذلك.
2- ومن هذه المحاذير والأضرار، الإزعاج الحاصل من هذه المكبرات لجيران المسجد من الأطفال ( [3] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn3)) والمرضى والنساء ( [4] (http://www.islamonline.net/discussiona/#_ftn4)) والنيام المعذورين، ومن لديهم أعمال أو استذكار، ومن لا تلزمهم الصلاة مع الجماعة، وبخاصة صلاة النافلة، كالتراويح والقيام في شهر رمضان، أو أنهم قد صلوها من أول الليل، أو أنهم يؤخرونها إلى آخره، أو قد تكون لا تلزمهم تلك الصلاة النافلة، أو قد يكون هناك من لديهم أعمال فيحتاجون إلى النوم مبكراً، أو قد يكون هناك الشيوخ المسنين المضطربين في نومهم، ونحو ذلك.
وعلى هذا فيكون رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالقراءة من خلال الإذاعة الخارجية سبباً في إزعاجهم وإيذائهم بغير حق، واعتداء على حقوقهم، والشريعة سمحة – ولله الحمد والمنة – أتت لإسعاد الناس وليس لشقائهم.
3- ومن المحاذير والأضرار المترتبة على هذه المكبرات الخارجية، أن كثيراً من المصلين عندما يسمعون أن المسجد القريب منهم قد أقام الصلاة، أو أنهم انصرفوا من صلاتهم، وإمامهم لم يشرع بعد في صلاته، فإنهم حينئذ يأخذون بلومه والتذمر منه، فيحاول بالتالي أن يعجل بهم في الصلاة مخافة لومهم، وقد يقصر في خشوع الصلاة وطمأنينتها، وهذا أمر مشاهد معلوم.
4- ومن المحاذير كذلك أن في رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالقراءة في الصلاة من بعض الأئمة وعبر هذه المكبرات قد يجلب عليه الرياء والسمعة، فكم سمعنا عن إمام يتفنن في تبليغ قراءته عبر المكبرات، ويحرص على ذلك ما لا يحرص على إقامة الصلاة وخشوعها، فهذا المُخرج لصوته عبر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) مكبرات (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) لا ينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة، وهو يعلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه، فترى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى يدعونه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت!!! فليعلم هذا وغيره أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: منهم القارئ يقال له قرأت ليقال قارئ فقد قيل، فيكون من أول من تسعر به النار يوم القيامة.
5- أن رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالمكبرات الخارجية ليس من توقير كتاب الله وتعظيمه، فيخرج هذا الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لا ينصتون بل هم مشغولون عنه، بل المشاهد أن الإمام يقرأ القرآن بواسطة هذه المكبرات، وبعض الناس في بيوتهم يسمعون القرآن ولا ينصتون، بل إنك لربما تجد بعضهم يستمع إلى الموسيقى والأغاني، أو يرقص في بيته، والإمام بجواره يقرأ القرآن، بل وقد تكون الأسواق عامرة بالناس بيعاً وشراءً، ولاسيما وقت صلاة التراويح، وما يتبع ذلك من لغط وكذب وغش وخداع ومنكرات، والقرآن يتلى على رؤوسهم!! وهذا كما لا يخفى خلاف ما أمر الله به، وبناء عليه فليس من تنزيه كتاب الله تعالى وتوقيره أن يرفع الإمام صوته بالقرآن من خلال أجهزة المكبرات الخارجية، فهذا من الجهر المكروه إن لم يكن من الجهر المحرم، وهو من المضارة بالقرآن الكريم.
مسألة: هل يوجد في الشرع ما يدل على استحباب استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) هذه المكبرات في الصلاة، والجهر بالقرآن الكريم بها ؟
أقول – وبالله التوفيق – أن في القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ما يدل على المنع من استخدام المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
فمن أدلة القرآن الكريم:
قول الله U : ] ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين [ الأعراف (55) وقوله تعالى عن عبده الصالح زكريا ، وكيف كان يدعوه، وصفة صلاته ] ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداءً خفياً [ مريم (2، 3) وقوله: ] واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين [ الأعراف (205).
ففي هذه الآيات الكريمات دلالة وإرشاد إلى أنه يجب أن تكون صلاتنا بخشوع وتضرع وخوف وسكينة، وخفية، لا بالضجيج والصياح والصراخ، والجهر الزائد عن قدر الحاجة، فالأصل في الصلاة السرية الإسرار، وفي الجهرية الجهر اليسير الذي يكون بقدر الحاجة من إسماع المأمومين، أو تنشيط على قيام الليل، بحيث لا يخرج عن آداب الضراعة والخوف من الله سبحانه وتعالى، فيكون الدعاء أو الصلاة أبعد عن الرياء والسمعة، وأقرب إلى الإخلاص والقبول، وفي الجهر بالصلاة أو القرآن أو الدعاء وغير ذلك عبر هذه المكبرات مخالفة صريحة لهذه النصوص الكريمة، فنحن ندعو سميعاً قريباً مجيباً لا أصم غائباً.
من أدلة السنة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) النبوية:
ومن أدلة السنة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) النبوية على المنع من استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في وصف قراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام في قيام الليل، قال: "كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلامعلى قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت" أخرجه أبو داود، كتاب التطوع، باب في صلاة الليل، وقال عنه الألباني حسن صحيح.
فإذا كان هذا هو هدية عليه الصلاة والسلام لاسيما في صلاة الليل، وهو الأسوة، يسمعه من كان في الحجرة، ولا يبلغ ذلك، ولا يجهر بقراءته إلى كل من في البيت، فحرى بالمسلمين اليوم أن يهتدوا بهديه ويعملوا بسنته، ولا يؤذون النائمين وغيرهم بواسطة هذه المكبرات.
وعند أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذيين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة " رواه أبو داود، كتاب التطوع، بابٌ في صلاة الليل، والحديث صححه للألباني.
وهذا إذا كان الجهر لا يؤذي أحداً، أو لا يشوش على أحد، وفيه مصلحة وحاجة، وإلاّ فإن الله تعالى يقول: ] إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها أو تؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم، والله بما تعملون خبير [ البقرة (271).
فالإخفاء خير لنا وأبعد عن الرياء المحبط للأعمال، وهو سبحانه عليم خبير بأحوال عباده وأعمالهم، سواء من أسر منهم القول أو جهر به.
فهذه الأحاديث نصوص قاطعة، مؤيدة لما ذكرت من عدم استحباب استعمال (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) هذه المكبرات في غير الأذان، وأن الأصل هو عدم رفع الصوت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) بالذكر والقراءة والدعاء، إلاّ بالقدر الذي ورد للمصلحة أو الحاجة كما أسلفنا.
كما أن هناك أيضاً نصوص أخرى قد يستدل بها على المنع من الصلاة بهذه المكبرات ومنها:
ما رواه البخاري – رحمه الله – عن أنس رضي الله عنه قال: (كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: " أميطي قرامك فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي " كتاب الصلاة، باب: إن صلى في ثوب مصلّب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟ وما ينهى عن ذلك.
فتأمل – رحمك الله – الحديث، حيث أن فيه دليل على أن كل ما يشغل المصلي، أو يشوش عليه يجب أن يزال، ومن ذلك المكبرات الصوتية لغير الأذان.
ومما قد يستدل به على المنع أيضاً ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة t أن رسول الله r انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ معي أحد منكم آنفاً ؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: " إني أقول مالي أنازع القرآن " رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام. والحديث صححه الألباني.
فهذا الحديث نص ظاهره في المنع من كل ما يشوش على المصلي صلاته سواء كان إماماً أو منفرداً، وهذه المكبرات من المشاهد والمحسوس أنها تشوش على المصلين، وعليه فتمنع.
من أقوال أهل العلم:
1- قال شيخ الإسلام رحمه الله (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعاً فليس له أن يجهر جهراً يشغلهم به، فإن النبي r خرج على أصحابه وهم يصلون من السحر فقال: " يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " مجموع الفتاوي 23/61.
وقال رحمه الله في موضع آخر، وفي مسألة شبيهة لما نحن بصدده عندما سئل عن مسجد يقرأ فيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام، ويقع التشويش على القراء، فهل يجوز ذلك أم لا ؟
فأجاب رحمه الله: (الحمد لله، ليس لأحد أن يؤذي أهل المسجد، أو أهل الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء، ونحو ذلك مما بنيت (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) المساجد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t11079/) له، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريباً منه ما يشوش على هؤلاء، بل قد خرج النبي r على أصحابه وهم يصلون، ويجهرون بالقراءة، فقال: " أيها الناس! كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ".
فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي، فكيف بغيره ؟! ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك، مُنع من ذلك، والله أعلم. أ.هـ مجموع الفتاوي 22/205.