المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلَى أُمِّي فِي ذِكرَاكِ السَابِعَةِ ( صَرْخَةُ نَعْيٍ )



حواليكم
16-02-2015, 12:21 AM
إلَى أُمِّي فِي ذِكرَاكِ السَابِعَةِ ( صَرْخَةُ نَعْيٍ )

صَرْخَةُ نَعْيٍ وَأَنْفَاسُ ذِكْرَيَاتٍ عَطِرَةٍ تَتَوَغَّلُ بَيْنَ جَوَانِحِي وَتُفْعِمُ بِهِ جَسَدِى فَتَجْمَعُ مَا بَيْنَ ذَرِيفِ العَيْنِ وَنَزِيفِ الْقَلَمِ .
فَكُلَّمَا هَبَّتْ رِيَاحُ ذِكْرَاكِ يَعْزِفُ الْقَلْبُ عَلَى أَوْتَارِ أَحْزَانِهِ وَأَشْجَانِهِ وَيَبْعَثُ مَا كَانَ فِي الأيَّامِ الخَوَالِي كَأَنْسَامِ الفَجْرِ الْعَلِيلِ الذي يَتَلاشَى أَمَامَهُ مَا رَانَ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ كَدْرٍ ومَا اعتَلا النَّفْسَ مِنْ ضِيقٍ .
سَبْعُ سَنَوَاتٍ مَرَّتْ عَلى فِرَاقِكِ أُمَّاهُ وَأنَا آمَلُ أَنْ تَكُونِى بِكُلِ سَنَةٍ ارْتَقَتْ رُوحُكِ فِيهَا وَسَمَا عَمَلُكِ إلى سَمَاءٍ مِنْ السَمَاوَاتِ السَبْعِ إلى أَنْ وَصَلَتْ إلى عِلِّيّينَ ، فِي وَقْتٍ كَانَتْ رُوْحِى تَهْوِى فِي كُلِ سَنَةٍ مَرَّتْ عَلى وَفَاتِكِ إلى أَرْضٍ مِنْ الأرَضِينِ السَبْعِ .
وَلِمَ لَا وَفِرَاقُكِ صَدْعٌ لَا يُجْبَرُ وَجَرْحٌ لَا يَنْدَمِلُ وَثَلْمٌ لَا يُقَوَّمُ وَكَسْرٌ لَا يَنْصَلِحُ وَدَنَفٌ لا يَبْرَأُ كَانَتْ حَيَاتُكِ رُوحِي المُتَجَدِدَةَ يَومَاً بَعْدَ يَومٍ أتَنَفَّسُ منها نِسَامَ الحَيَاةِ بِرُؤيَتِكِ أمَّا الآنَ فأَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ وَأتَنَهَّدُ تَنْهِيدَةَ المُتَوَجِّعِ المَفْجُوعِ .
وَهَلْ نَمَاءُ الْجَسَدِ يَكُونُ إلا حَيثُ يَنْمُو حُبُ الأُمُومَةِ فِيهِ ، غَيرَ أَنَّ نَمَاءَهُ لا يَزِيدُ مِنْ هَذَا الْحُبِ شَيئاً ؛ لأنَّهُ بَلَغَ مُنْتَهَاهُ مُنْذُ الْوَهْلَةِ الأولَى وَإدْرَاكُ أَقَاحِيِّ هَذَا الحُبِ الأُمُومِي الرَؤومِ وَبَشَائِرِهِ المُفْعِمَةِ فِى وِجْدَانِهَا ، وَالَّذِى هُوَ طَبِيعَةٌ وَلَيْسَ تَطَبُعَاً وَلا انْطِبَاعَاً بَلْ هِيَ الفِطْرَةُ السَّويةُ الَّتِى سُجِيَتْ عَلَيهَا فَهُوَ حُبٌ ضَرُورِىٌ لا اضْطِرَارِى ، وَلُزُومِي لا إلزَامِي ، وَامْتِثَالِي مِثَالِي لا تَمْثِيلِي ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الحُبِ المَجْبُولِ والحُبِ المَجْلُوبِ حُبِ المُتَجَشِّمِ عَلَى مَضَضٍ وَحُبِ المُتَهَلِلِ الرَاضِي .
واللهِ إنَّ لِلعَيْنِ لَعَبَرَاتٍ وَإنَّ لِلصَدْرِ لَزَفَرَاتٍ وَإنَّ بِالقَلْبِ لآهَاتٍ ، وَالنَّفْسُ يَغْلِبُهَا نَشِيجُهَا وَالحَلْقُ يَبْلُغُهُ شَجْوُهَا وَالأَمْرُ مَوكُولٌ لرَبِهَا فَهُوَ حَسْبُهَا وَإِلَيْهِ مَآبُهَا .
وَلَكِنَّكِ لَسْتِ بِمَوتِكِ انْقَطَعْتِ عَنْ الوُجُودِ وَإِنْ فَارَقْتِ الحَيَاةَ فَإِنَّ صُورَتَكِ تَرْتَسِمُ دَوْمَاً أَمَامَ عَينَييَّ فَتُنْعِشُ لِيَ الحَيَاةَ وَتَبُثُّ فِيهَا رُوْحَ الأَمَلِ وَالعَمَلِ لِيَوْمِ اللِّقَاءِ وِإِنْ حَزَّ عَلَى النَّفْسِ الفِرَاقُ وَيَغْلُبَنِي الجَزَعُ وَالفَزَعُ فِي دُنْيَا جَدْبَاءَ كُنْتِ خِصْبَ حَيَاتِهَا .
أُمَّاهُ كُنَّا نَسْكُنُ قَلْبَكِ إِلَى أَنْ سَكَنَتْ رُوحُكِ فَأَصْبَحْتِ تَسْكُنِينَ قُلُوبَنَا وَلا أَمْتَلِكُ إِلَا الصَّبْرَ وَإِنْ كَانَ هَذَا الصَّبْرُ قَدْ يُغْلَبُ فَأَحْتَاُج إِلَى مَدَدٍ آخَرَ مِنْهُ وَإِنْ دَفَعَتْ النَّفْسُ الجَزَعَ بالصَّبْرِ فَإِنَّ العَبَرَاتِ غَلَبَتْ العَيْنَ بالسَّكْبِ وَفَيضَهَا غَلَبَ مَنْ يُكَفْكِفُهَا بِثَجِّهِ المُنْهَمِرُ، فاللهُمَّ ألْهِمْنِى صَّبْرَاً عَلَى صَّبْرِي وارزُقْ أُمِّي رَحَمَاتٍ غَامِرَةً وَجَنَّاتٍ عَامِرَةً وَأَمْطِرْ عَلَيهَا شَآبِيبَ مَغْفِرَتِكَ وَرِضْوَانِكَ وارزُقْهَا بَرْدَ العَيشِ وَاجْعَلْهَا فَرَطُنَا عَلَى حَوضِ نَبِيكَ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ .

وكتبه / أحمد مصطفى كامل



*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=617271&goto=newpost)