تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لغز العشق



الخاتون
23-02-2015, 02:42 PM
بعد أن رأى " قيس " " ليلى " هام بحبها إلى درجة أنه كان ينسى أن يأكل ويشرب لأنه يفكر بتلك المرأة التي امتلكت روحه وسيطرت على مشاعره وعلى تفكيره ، ثم جن " قيس " بـ " ليلى " بسبب اضطراره لمفارقتها وعدم تمكنه من العيش معها كما يحلم ويتمنى ، ولأنها كانت تحيا في عالمه ويسمع عنها لكنه عاجز عن القرب منها .

وتحول " قيس " إلى نموذج للعشق ، بحيث بات معنى العشق الحقيقي يرتبط بـ " الجنون " فإن لم يصب المحب بالجنون فهذا يعني أنه لم يعشق حقا .

لقد أمضى " قيس " حياته يتخيل ويرسم صور ليلاه في قصائد رائعة ، تداولها الناس وهم مقتنعون تماما بأن الحب الذي أوقع " قيس " في " ليلى " من دون كل النساء والجنون الذي أصابه جراء البعد عنها ، كان سببه أولا وأخيرا جمالها وسحرها كما وصفها ، وما جعله يفني عمره حالما بها ناظما أشعاره التي تتغنى في حسناء لم ير قبلها ولم يفكر بأنه سيأتي بعدها أحد .

وأصبح الجمال بعد ذلك ثيمة العشق وصار حسن النساء يقود الرجال إلى جنون مثل جنون " قيس " إلى أن تداولت الكتب قصة الخليفة العباسي المعروف هارون الرشيد الذي سمع يوما عن " قيس " وقيل له بأن شاعرا بدويا قد هام في حب فتاة تدعى ليلى بل وأطلق عليه الناس " المجنون " ليصبح لقبا يحمله كل عاشق فيما بعد .

صار الخليفة مثل غيره ، متلهفا للتعرف إلى المرأة التي أوصلت " قيس " إلى هذه الدرجة من التعاسة والبؤس ، بل ولم يعد يريد إلا أن يرى وجه الحسناء التي جعلت ذلك الشاب يمتنع عن الحياة ويرفضها ويفضل العزلة والموت على الاستمرار من دون حياته معها .

وقال " الرشيد " يومها في نفسه : لابد أن ليلى هذه مخلوقة خاصة جدا وامرأة تفوق النساء الأخريات جميعهن بحسنها ودلالها ، وربما كانت ساحرة لا توازيها امرأة بحسنها ومضى يتخيلها كما يعتقد بل ويخشى أن يغبن جمالها حقه بتخيلاته .

وأقدم الخليفة الرشيد على كل الحيل والسبل المذكورة في الكتب ليرى ليلى بعينيه ويكشف سر المرأة التي لا يظن بأنه قد مرت عليه واحدة مثلها فتصيبه ما أصاب " قيس " من لوثة .

وذات يوم أحضروا ليلى إلى قصر الخليفة هارون الرشيد ، الذي كان ينتظرها على أحر من الجمر ، وعندما نزعت الحجاب ورأى وجهها ، بهت وشعر بخيبة شديدة لأن ليلى التي لم تكن عجوزا أو عاجزة أو حتى قبيحة ، لم تكن في الوقت نفسه على تلك الدرجة المتوقعة من الجاذبية والفتنة ، بل كانت مجرد امرأة عادية ، لها عيوبها وهيئتها لا ترتقي إلى جمال مبهر لم ير مثله من قبل ، بل مجرد امرأة بسيطة مثل ملايين النساء .

لم يخف الخليفة احباطه ، فسألها : هل أنت " ليلى " المرأة التي هام بها المجنون ؟ إني أتساءل ما الذي جعله يهيم فيك في حين أنك امرأة عادية ؟

فافترت شفتا ليلى عن ابتسامة و قالت : " أنا ليلى ، لكنك لست المجنون ، يجب أن تراني بعيني المجنون ، لكي تحل لغز العشق " .