الخاتون
23-04-2012, 01:13 PM
التلفزيون حقنة تحت الجلد :
يرى فريق آخر من الباحثين أن هذه النظرة السطحية للإعلام عموما وللتلفزيون خصوصا يعوزها العمق والتمحيص , وهم يتهكمون على هذه النظرة بقولهم :
إن مضمون الإعلام ليس له تأثير الحقنة التي يحقن بها المريض تحت الجلد فتحدث تأثيرها المباشر عليه بكل بساطة , ولا يمكن النظر إلى الإنسان على أنه مجرد ريشة في مهب الريح الإعلامي تحركه كما تشاء , وكأنه شخص لا حول له ولا قوة ينفذ إليه من تعليمات وهو صاغر كالدمية التي يحرك خيوطها من يشاء وكيف يشاء.
تلك هي نظرة سطحية بسيطة للتلفزيون وتأثيره ولكنها نظرة واضحة السذاجة ولم يعد يؤمن بها اليوم أو يصدقها , فالحقيقة أن الإعلام عملية معقدة تتحكم فيها مجموعة متشابكة من العوامل النفسية والاجتماعية والحضارية , ولا يمكن للإعلام أن يحدث تأثيره إلا من خلال هذه العوامل المتشابكة , وهذه هي النظرية الوظيفية التي تقول بأن المضمون الإعلامي يحدث تأثيره من خلال مجموعة من المؤثرات والعوامل الوسيطة .
فتأثير التلفزيون – إذن – هو ثمرة التفاعل الواقعي الحيوي بين خصائص التلفزيون وخصائص مشاهديه ... والطفل ليس مخلوقا سلبيا يعمل التلفزيون فيه عمل السحر , أو كما يعمل الريح في الريشة . وليس من الإنصاف ولا من الموضوعية العلمية – أن ينظر إلى التلفزيون على أنه السبب الوحيد في الانحراف – لأن الانحراف سلوك معقد للغاية , ينجم عن مؤثرات متشابكة لها جذورها في الأسرة والأقران والمدرسة والمجتمع وغيرها من العوامل التي تتشابك لتحدث الانحراف في نهاية الأمر .
التلفزيون المفترى عليه :
هل نستطيع القول بأن التلفزيون عامل مؤثر يؤدي إلى انحراف الشباب ؟
هل المسلسلات أو الأفلام التي تحتوي على العنف والجريمة كافية وحدها لحل السلوك المنحرف ؟
لقد سبق القول أن أثر وسائل الإعلام مباشرا كما يتوهم البعض , وإنما هو في الحقيقة مجرد عامل واحد ضمن شبكة معقدة من العوامل الكثيرة النفسية والاجتماعية والاقتصادية .
خذ مثلا العبارة المشهورة التي تعم هذا الجيل بانه جيل التلفزيون , متضمنة أنه جيل غير سوي , وهو قول ينطبق على النظرة السطحية إلى التلفزيون على أنه كالحقنة التي يحقن بها المريض تحت الجلد فتحدث أثرها فورا .
ويغيب عن أصحاب هذه النظرة أن هذا الجيل قد نشأ في ظروف صعبة , ظروف الحروب والصراعات العالمية , وقراصنة الجو , وخطف السفن والطائرات , والاعتداء على القيم والحرمات , والانفجار السكاني , وتضخم المدن , وتكدس السكان , وازدحام المدارس , وزيادة العطاء , وغلاء الاسعار , وتضخم الأموال , وضعف القوة الشرائية , وانخفاض مستويات المعيشة , والنزعات المادية , وانحطاط المستويات الثقافية ....
فالجيل الذي نتحدث عنه هو الذي يتعرض لهذه المؤثرات جميعا , ونحن لا نستطيع أن نحصر عوامل التأثير الحقيقية التي تشكل شخصية هذا الجيل , وليس التأثير التلفزيوني سوى عامل واحد فقط من هذه المؤثرات الكثيرة المتشابكة .
ويذهب بعض علماء النفس إلى أن التلفزيون في حد ذاته لا يخلق مشكلات العدوان والانحراف , وانما يخلقها سوء التربية من قبل الأهل والأقارب والاصدقاء .
وقد ثبت أن الاطفال العدوانيين يختارون برامج عدوانية , ومعنى ذلك أن الطفل يختار ما يدعم ميوله وإتجاهاته السابقة , والطفل المضطرب عاطفيا هو الذي يحتمل أن يتأثر بالعنف في التلفزيون .
فالعنصر الأساسي في الانحراف ليس هو التليفزيون في حد ذاته , وإنما هو الطفل نفسه وما شاهده في حياته المنزلية , وعلاقاته الاسرية , وحياة الجيران , إذ أن جذور الانحراف إنما نبتت بين الاهل حيث تتكون الشخصية المريضة , وأقصى ما يمكن أن يفعله التلفزيون هو تغذية تلك الميول المريضة التي تكون موجودة أصلا.
نخلص من ذلك كله إلى أن التكوين العاطفي للطفل وتأثير الظروف المحيطة هي التي تحدد السلوك لكي يعاون الطفل على التعبير عن اتجاهاته المنحرفة . فعرض الجرائم .. ووسائل العنف , وأساليب الإنحراف , تنمي نوايا الطفل واتجاهاته النفسية المتكونة سابقا .
يتبع
يرى فريق آخر من الباحثين أن هذه النظرة السطحية للإعلام عموما وللتلفزيون خصوصا يعوزها العمق والتمحيص , وهم يتهكمون على هذه النظرة بقولهم :
إن مضمون الإعلام ليس له تأثير الحقنة التي يحقن بها المريض تحت الجلد فتحدث تأثيرها المباشر عليه بكل بساطة , ولا يمكن النظر إلى الإنسان على أنه مجرد ريشة في مهب الريح الإعلامي تحركه كما تشاء , وكأنه شخص لا حول له ولا قوة ينفذ إليه من تعليمات وهو صاغر كالدمية التي يحرك خيوطها من يشاء وكيف يشاء.
تلك هي نظرة سطحية بسيطة للتلفزيون وتأثيره ولكنها نظرة واضحة السذاجة ولم يعد يؤمن بها اليوم أو يصدقها , فالحقيقة أن الإعلام عملية معقدة تتحكم فيها مجموعة متشابكة من العوامل النفسية والاجتماعية والحضارية , ولا يمكن للإعلام أن يحدث تأثيره إلا من خلال هذه العوامل المتشابكة , وهذه هي النظرية الوظيفية التي تقول بأن المضمون الإعلامي يحدث تأثيره من خلال مجموعة من المؤثرات والعوامل الوسيطة .
فتأثير التلفزيون – إذن – هو ثمرة التفاعل الواقعي الحيوي بين خصائص التلفزيون وخصائص مشاهديه ... والطفل ليس مخلوقا سلبيا يعمل التلفزيون فيه عمل السحر , أو كما يعمل الريح في الريشة . وليس من الإنصاف ولا من الموضوعية العلمية – أن ينظر إلى التلفزيون على أنه السبب الوحيد في الانحراف – لأن الانحراف سلوك معقد للغاية , ينجم عن مؤثرات متشابكة لها جذورها في الأسرة والأقران والمدرسة والمجتمع وغيرها من العوامل التي تتشابك لتحدث الانحراف في نهاية الأمر .
التلفزيون المفترى عليه :
هل نستطيع القول بأن التلفزيون عامل مؤثر يؤدي إلى انحراف الشباب ؟
هل المسلسلات أو الأفلام التي تحتوي على العنف والجريمة كافية وحدها لحل السلوك المنحرف ؟
لقد سبق القول أن أثر وسائل الإعلام مباشرا كما يتوهم البعض , وإنما هو في الحقيقة مجرد عامل واحد ضمن شبكة معقدة من العوامل الكثيرة النفسية والاجتماعية والاقتصادية .
خذ مثلا العبارة المشهورة التي تعم هذا الجيل بانه جيل التلفزيون , متضمنة أنه جيل غير سوي , وهو قول ينطبق على النظرة السطحية إلى التلفزيون على أنه كالحقنة التي يحقن بها المريض تحت الجلد فتحدث أثرها فورا .
ويغيب عن أصحاب هذه النظرة أن هذا الجيل قد نشأ في ظروف صعبة , ظروف الحروب والصراعات العالمية , وقراصنة الجو , وخطف السفن والطائرات , والاعتداء على القيم والحرمات , والانفجار السكاني , وتضخم المدن , وتكدس السكان , وازدحام المدارس , وزيادة العطاء , وغلاء الاسعار , وتضخم الأموال , وضعف القوة الشرائية , وانخفاض مستويات المعيشة , والنزعات المادية , وانحطاط المستويات الثقافية ....
فالجيل الذي نتحدث عنه هو الذي يتعرض لهذه المؤثرات جميعا , ونحن لا نستطيع أن نحصر عوامل التأثير الحقيقية التي تشكل شخصية هذا الجيل , وليس التأثير التلفزيوني سوى عامل واحد فقط من هذه المؤثرات الكثيرة المتشابكة .
ويذهب بعض علماء النفس إلى أن التلفزيون في حد ذاته لا يخلق مشكلات العدوان والانحراف , وانما يخلقها سوء التربية من قبل الأهل والأقارب والاصدقاء .
وقد ثبت أن الاطفال العدوانيين يختارون برامج عدوانية , ومعنى ذلك أن الطفل يختار ما يدعم ميوله وإتجاهاته السابقة , والطفل المضطرب عاطفيا هو الذي يحتمل أن يتأثر بالعنف في التلفزيون .
فالعنصر الأساسي في الانحراف ليس هو التليفزيون في حد ذاته , وإنما هو الطفل نفسه وما شاهده في حياته المنزلية , وعلاقاته الاسرية , وحياة الجيران , إذ أن جذور الانحراف إنما نبتت بين الاهل حيث تتكون الشخصية المريضة , وأقصى ما يمكن أن يفعله التلفزيون هو تغذية تلك الميول المريضة التي تكون موجودة أصلا.
نخلص من ذلك كله إلى أن التكوين العاطفي للطفل وتأثير الظروف المحيطة هي التي تحدد السلوك لكي يعاون الطفل على التعبير عن اتجاهاته المنحرفة . فعرض الجرائم .. ووسائل العنف , وأساليب الإنحراف , تنمي نوايا الطفل واتجاهاته النفسية المتكونة سابقا .
يتبع