المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حان للقلب



الخاتون
04-03-2015, 03:13 PM
لا تناسبنا كراسي الخشب المسندة التي نجلس عليها متصلبين وبلا حياة أو تعابير والتي قبلناها طائعين على أنها الشكل الأكثر تطورا للحياة .

فلدينا لا تزال أرواح حرة بقي نبضها موجودا ومحسوسا تحت كل القشور والأقنعة التي فرض علينا التغطي بها وارتداؤها .
نحن مشدودون بقوة التقاليد الجديدة والطقوس التي فرضناها على ذواتنا إلى هذه الكراسي .

نحن مشدودون إليها بقوة عقلية المظاهر والشكليات والقبض على صورة اكتساب الرفاهية والثروة .
ولأننا أصلا لسنا مهيئين لهذا الوضع " باعتبارنا نتاج ثقافة التخفف المادي " ولأنه دخيل على تكويناتنا ذات الحساسية والروحية العالية فإنه يثقلنا ويشقينا .

نحن نتحرك بشعور دفين أن هناك قوالب مصبوبة تنتصب واقفة في داخلنا ، إننا نعيش بشعور تقولبنا ضمن مطلوبات معينة وانصبابنا في هذه القوالب .

لا نشعر بوطأة " الربط " إلى كراسي التخشب وملل وفراغ العيش من وراء الزجاج المظلل الغامق الذي يفصلنا عن العالم الحقيقي إلا حين ملامسة هذا العالم الواقعي بأصابعنا وجلودنا التي نشفت وتجمدت من هواء التجليد .

لو كنا حقيقة العالم المصنع المنمق الذي تمكن من جعلنا جزيئات فيه ، لو كنا نتعلق به ، لو كنا نقر الأمم الأخرى على حسدها لنا عليه ، لما كانت لحظة الخروج منه هي لحظة الحرية الثمينة التي نتشوق إليها .

لنا في اللحظة الثمينة بعد الخروج أن نعود بشرا طبيعيين كما هي خلقتنا الأساسية .
لنا أن ندب في الحياة حيث لأعضائنا الحق في أن " تطقطق " من أثر تجربة التخشب الطويلة حان لأعيننا أن نتخلص من حصار الجدران وزحف الأبنية على مدى النظر .


وبغياب كثافة الأطر والقيود ، فقد حان للقلب والروح أن يطلا ويحضرا ، حان لهما من البعيد أن يغنينا أغنية حزن عنوانها ، مكان عزيز ازدحم فجأة بما يثقل ويشقي .