تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكتب أم قلوب الناس ؟



الخاتون
20-04-2015, 02:46 PM
قديما قيل : الذي يقال ينسى ، أما الذي يكتب فيبقى .
منذ أن ولجنا عصر الكتابة باتت كل الأشياء تكتب ، حتى القول السابق للكتابة أعدنا كتابته لكي لا يضيع ، لكن كم من الجهد بذله الناس ليبقى هذا القول غير المكتوب حيا ؟

الشاعر الداغستاني العظيم رسول حمزاتوف يشكر بفرح أولئك الرجال الذين نقلوا إلينا كتبنا غير المكتوبة .

كم من الجهد بذله هؤلاء لكي تبقى الحكمة الإنسانية حية ، كأن القصص والأساطير والأغاني تقول للكتب المكتوبة باليد على الورق أو المطبوعة : " نحن الكتب التي لم تكتب بقينا مئات السنين نشق طريقنا عبر المحن وها قد وصلنا .

أيتها الكتب المطبوعة بشكل جميل هل يمكن أن تصلي إلى الجيل التالي على أقل تقدير .
سنرى أيهما أمانة : الكتب أم قلوب الناس " ؟

يقال إن رجلا عمد إلى حرق صندوق يحوي ما كتبه ابنه الشاعر من أشعار ، كان الأب يعتقد أن في الشعرغواية وضلال ، لكن الابن استمر ف غوايته : يكتب الشعر ، دون أن يبدد اعتقاد الناس بأن أجمل أشعاره كانت تلك التي في الصندوق الذي حرقه أبوه الحانق .

كان ثمة مغن شعبي رخيم الصوت لا يغني إلا في أعراس البلدة ، يقال إنه في كل عرس يرتجل أغنية جديدة لم يغنها قبل ذلك ، لذلك لم يكن بوسع أحد أن يحفظ أيا من هذه الأغاني ، لذلك ظلت الناس تعتقد أن أجمل الأغاني كانت تلك الأغاني التي لم تحفظ .
كم من الأشعار والأغاني والفنون التي هلكت وانقرضت لأنها لم تسجل .

وكم من قصائد عظيمة لم يبق منها سوى بيت واحد ، لكنه يبقى للأبد .
ألم تكن الخسارة تصبح أكثر فداحة لو لم يصل هذا البيت ؟

ما الذي جعل هذا البيت بالذات دون سواه يصلنا وتضيع بقية الأبيات ، ألأنه أجمل من سواه ؟ ألأنه يكثف ويختزل حكمة لم تقوى بقية الأبيات أن تكثفها وتختزلها ؟ أم أن المصادفة وحدها من أنقذ هذا البيت من الضياع فأبقته حيا ؟ بيتا محظوظا ، قيل ليبقى لا ليموت .

هل ما ضاع من شعر المتنبي مثلا أهم من شعره الذي وصلنا ، أم أنه ضاع ومات لأنه لم يكن جديرا بالبقاء ، وما يقال عن المتنبي يمكن أن يقال عن ابداعات وأشعار وحكايات أخرى ، حين نحار في تحديد ما لمعيار الذي جعل بعضها يموت وبعضها يعيش .


لكن شيئا من الحيرة قد يتبدد حين تقع أيدي الباحثين والدارسين على روائع من التراث الإنساني لم يسمع بها أحد من قبل ، وقد أهملت أو اختفت في ظروف قاهرة ، حين تعين على واضعيها أن يخفوها عن الأعين اتقاء لبطش محتمل أو محقق ، أو إن أحدا لم يقدّر في حينه أهمية هذه الروائع لأنها سبقت زمنها ، فطواها النسيان .

روؤيا
21-04-2015, 05:57 AM
الموضوع جميل ويثير بعض التساؤولات ,لكل بلد تراث وثقافة , لابد من وجودها , ومنطقتنا زاخره بالتراث الشعبي المغنى ,من خلال جلساتي مع النساء الكبيرات في السن , الاحظ معهم كم وفير من الأبيات الشعريه القديمة التي تقال في السفر وووقت العمل , ووقت لعب الأطفال ,ووقت تسريح الماعز ,,ووقت تنويم الأطفال,, وستندرث لامحاله ,إن لم يقم أحد أبناء المنطقه بتبنيها كثرات شعبي ,ضمن تراث الأغاني الشعبيه , لا أتطرق لما يخطر ببالكم من أغاني الأعراس ونحوه لأ.
بل مايقال في أوقات العمل والتربيه ,المشاركات الإجتماعيه غيرالأعراس , فهي كثيرة , لكنها مهملة ,

الخاتون
21-04-2015, 02:50 PM
عزيزتي :

ما سطرته هو فعلا الذي حصل نسيان الأبناء لهذه الأشعار التي تتحدثين عنها والتي كنت أسمعها من جدتي - رحمها الله - والتي تعتبر من روائع التراث الشعري .

فمنذ برهة وجيزة سمعت والدتي تتغنى بها وكنت دائما أسمعها ترددها وهي تعمل ، رغم وجود نساء عجائز كن تستمعن لها دون ترديدها ومدى استمتاعهن بسماعها .

بينما الآن لا يتم سوى ترديد الأغاني الغريبة علينا !

ولكن أتمنى وجود روائيين في المنطقة لتسجيل ليس الشعر فقط بل التاريخ أيضا حتى لا ننسى ما فعله أجدادنا لنا في يوم من الأيام !!

دمتي عزيزتي بكل محبة وتقدير ،،