الخاتون
21-04-2015, 02:53 PM
يتحدث ميلان كونديرا في روايته " الهوية " عن عاشقين مقبلين على الحياة ، قيض لهما أن يراقبا زوجين ذهبا للعشاء في مطعم ، ولكنهما قضيا المساء صامتين ، لم يحادثا بعضيهما تقريبا ، وإن حدث فبكلمات قليلة اقتضتها الضرورة .
في وصف هذا المشهد قال العاشق لمعشوقته ما معناه : إن صمت هذين الزوجين لا يعني أنهما يتبادلان الكراهية ، أو أن اللامبالاة حلت محل الحب ، لا نستطيع قياس المحبة المتبادلة بين كائنين بشريين بكمية الكلمات التي يتبادلانها : " الأمر ، بكل بساطة ، هو أن رأسيهما فارغان ، وربما كانا يرفضان ، عن لباقة أن يتحادثا لأنه ليس لديهما ما يقال " .
ويعقد الرجل مقارنة بين الزوجين الصامتين وبين عمته التي تقيم في مدينة أخرى مجاورة : " عندما التقي بها تتكلم دون أدنى وقفة . حاولت أن أفهم طريقة ذلاقة لسانها . إنها تضاعف بالكلمات كل ما تراه وكل ما تفعله : كيف إنها استيقظت صباحا ، ثم أنها لم تشرب سوى قهوة سوداء على الفطور ، ثم كيف أن زوجها خرج ليتنزه : تصور ! حين عاد شاهد التلفزيون ! تصور ! قلب بين القنوات ، ثم تصفح كتبا بعد أن تعب من التلفزيون " .
وتواصل العمة حكايتها : " هكذا ينقضي الوقت لديه " أي لدى زوجها .
إن العمة تروي كل شيء ، تحكي كل صغيرة وكبيرة . ليس هناك ما هو مهم بالنسبة لها وما هو غير مهم .
كل الأشياء جديرة بأن تحكي ، بأن تقال ، بما فيها تفاصيل حياتها اليومية منذ أن تصحو حتى تنام ، دون أن تنسى وصف سلوك زوجها .
يقول الكاتب إنه يحب كثيرا الجمل البسيطة التي تقولها العمة ، لأنها بمثابة تعريف لغز .
إن عبارة العمة عن زوجها : " هكذا ينقضي الوقت لديه " عبارة محورية .
" مسألتهما ، العمة وزوجها ، هي الوقت . جعل الوقت ينقضي من ذاته ، وحده ، دون جهد منهما ، دون أن يرغما على أن يجتازاه بذاتهما ، وهذا هو السبب الذي تتكلم من أجله ، لأن الكلمات التي تفضي بها تجعل الوقت يتحرك بصمت ، في حين أن الوقت يتجمد حين يبقى فمها مغلقا " .
وكعادته المخاتلة يمسك كونديرا بأيدينا ليأخذنا إلى الفكرة التي تؤرقه .
يقول الرجل للمرأة التي ذهب معها إلى المطعم للعشاء : كل شيء تغير منذ عرفتك .
ليس الأمر أن أعمالي الصغيرة أصبحت أكثر تشويقا ، بل لأني أحول كل ما يجري حولي إلى مادة لمحادثاتنا ...
كائنان في حالة حرب ، وحدهما ، منعزلان عن العالم ، شيء جميل جدا ، ولكن بماذا يغذيان جلساتهما المنفردة ؟
مهما كان العالم جديرا بالازدراء ، فإنهما يحتاجان إليه ليستطيعا الكلام فيما بينهما .
وحين يدور السؤال عما إذا كان بوسعهما أن يسكتا مثل الزوجين على الطاولة المجاورة ، يقول الرجل : " أوه .. كلا .. ما من حب يصمد للصمت " .
في وصف هذا المشهد قال العاشق لمعشوقته ما معناه : إن صمت هذين الزوجين لا يعني أنهما يتبادلان الكراهية ، أو أن اللامبالاة حلت محل الحب ، لا نستطيع قياس المحبة المتبادلة بين كائنين بشريين بكمية الكلمات التي يتبادلانها : " الأمر ، بكل بساطة ، هو أن رأسيهما فارغان ، وربما كانا يرفضان ، عن لباقة أن يتحادثا لأنه ليس لديهما ما يقال " .
ويعقد الرجل مقارنة بين الزوجين الصامتين وبين عمته التي تقيم في مدينة أخرى مجاورة : " عندما التقي بها تتكلم دون أدنى وقفة . حاولت أن أفهم طريقة ذلاقة لسانها . إنها تضاعف بالكلمات كل ما تراه وكل ما تفعله : كيف إنها استيقظت صباحا ، ثم أنها لم تشرب سوى قهوة سوداء على الفطور ، ثم كيف أن زوجها خرج ليتنزه : تصور ! حين عاد شاهد التلفزيون ! تصور ! قلب بين القنوات ، ثم تصفح كتبا بعد أن تعب من التلفزيون " .
وتواصل العمة حكايتها : " هكذا ينقضي الوقت لديه " أي لدى زوجها .
إن العمة تروي كل شيء ، تحكي كل صغيرة وكبيرة . ليس هناك ما هو مهم بالنسبة لها وما هو غير مهم .
كل الأشياء جديرة بأن تحكي ، بأن تقال ، بما فيها تفاصيل حياتها اليومية منذ أن تصحو حتى تنام ، دون أن تنسى وصف سلوك زوجها .
يقول الكاتب إنه يحب كثيرا الجمل البسيطة التي تقولها العمة ، لأنها بمثابة تعريف لغز .
إن عبارة العمة عن زوجها : " هكذا ينقضي الوقت لديه " عبارة محورية .
" مسألتهما ، العمة وزوجها ، هي الوقت . جعل الوقت ينقضي من ذاته ، وحده ، دون جهد منهما ، دون أن يرغما على أن يجتازاه بذاتهما ، وهذا هو السبب الذي تتكلم من أجله ، لأن الكلمات التي تفضي بها تجعل الوقت يتحرك بصمت ، في حين أن الوقت يتجمد حين يبقى فمها مغلقا " .
وكعادته المخاتلة يمسك كونديرا بأيدينا ليأخذنا إلى الفكرة التي تؤرقه .
يقول الرجل للمرأة التي ذهب معها إلى المطعم للعشاء : كل شيء تغير منذ عرفتك .
ليس الأمر أن أعمالي الصغيرة أصبحت أكثر تشويقا ، بل لأني أحول كل ما يجري حولي إلى مادة لمحادثاتنا ...
كائنان في حالة حرب ، وحدهما ، منعزلان عن العالم ، شيء جميل جدا ، ولكن بماذا يغذيان جلساتهما المنفردة ؟
مهما كان العالم جديرا بالازدراء ، فإنهما يحتاجان إليه ليستطيعا الكلام فيما بينهما .
وحين يدور السؤال عما إذا كان بوسعهما أن يسكتا مثل الزوجين على الطاولة المجاورة ، يقول الرجل : " أوه .. كلا .. ما من حب يصمد للصمت " .