تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ذات ضجيج



حواليكم
26-05-2015, 01:00 AM
صدح المنبه بالضجيج .. لم يتوقف كعادته .. شعرت بحدة صوته تخترق أذناي بشدة .. تمتمت لنفسي : يوم جديد .. اجعله خيرا يا الله
بعد ساعة زمن وصلت لمقر عملي " المدرسة " وماكادت قدماي تستقران على أرضية مدخل المدرسة اللامعة إلا وتناهى الى مسامعي أصوات تقول : ها .. لقد جاءت لبنى
تنهدت باستسلام ، ها قد بدأنا
دخلت لمكتبي المتواضع ، امعنت النظر داخله ، ولي أمر طالب يجلس على الكرسي شاخصاً بنظره إلى الأعلى ، معلمات هنا وهناك ، بعضُ من الطلاب ، وأفراد من الطاقم الاداري.
ازدحام ، أصواتٌ متداخلة ، تبادل أوراق ، أكوام من الملفات المهترئة ، صوت عاملة النظافة تشتكي من أمور عدة ، تمتمت لها بكلمات مواسية بصوت مبهم غير مفهوم .
وضعت حقيبتي على طاولة مكتبي ، هممت بالجلوس قبل ان يستوقفني ولي الأمر بسؤاله :
من فضلك .. أنتِ أخصائية بيانات المدرسة ؟
رددت بهدوء : نعم .. تفضل
أنتظرت هنا لمدة طويلة وانا للعلم رجلُ مشغولُ وليس لدي وقت لاضيعه فوقتي ثمين للغاية
اسرعت بالاجابة : انا هنا الآن .. يمكنني المساعدة
قال: أريد ملف ولدي الذي يبدو انه ضائع لديكم
قلت : حسنا .. أرجو منك أن تمر بعد 3 ساعات لتستلم الملف .
قال بنبرة تشوبها بعض السخرية : حسنا ، سنرى

خرج من المكتب وبدأت بفتح حقيبة جهازي المحمول ، لم اتم مابدأته فقد جاءت مجموعة من المعلمات الذي يبدو عليهن الانشغال الشديد ووقفن تماما اماما مكتبي قائلات : " لبنى" أخيرا جئتي !
ابتسمت وقلت :تفضلن
ردت احداهن بالمشكلة الأزلية : ماعندنا وقت .. نحن مشغولات عزيزتي .. نريد ادخال الدرجات للنظام .. اليوم هو الموعد النهائي .. نريد استعادة كلمة المرور ..
قلت لها باستغراب : ولكن ... ألم اقم باستعادتها لك يوم امس؟
ردت :بلى ولكن" كلام الليل بيمحيه النهار " اليوم لم تعمل
رددت باستسلام :حسنا , ونظرت الى الأخرى : وما مشكلتك أنت؟
ردّت بنفاذ صبر :أريد إدخال عذر غيابي يوم أمس، لا يوجد وقت ، سيخصمون راتبي ، يا بنتي الله يخليك ، ساعديني
التزمت الصمت لوهلة وطمأنتها بشكل جديّ أنه لن يتم الخصم من راتبها .
مطت شفتيها بعدم تصديق قائلة : على مسؤوليتك؟
رددت بابتسامة مطمئنة: على ضمانتي ولا يهمك ان شاء الله ستحل هذه المشكلة في أقرب ...
قاطعتني احداهن ، وأنا يا لبنى نسيتني ؟ ما سألتيني عن مشكلتي ؟
قلت : وماهي مشكلتك؟
وفي نفس اللحظة التي فتحت المعلمة فمها لتبدأ شرح معضلتها دخلت مديرة المدرسة قائلة : معلمات من فضلكن .. نحتاج لبنى في أمر هام ، يمكنكن المرور في وقت آخر من هذا اليوم ،
همهمت المعلمات بصوت خافت اعتراضا وهن في طريقهن للخروج من باب المكتب
أقتربت مني المديرة قائلة : لبنى .. اليوم علينا حل المشاكل العالقة ، وعليك الاشراف على تقارير الطلبة فكما تعلمين هذه امانة كبيرة وعليك الاتصال بالمشرف ليشرح لنا آلية القيام ببعض القرارت الخاصة بالطلبة الوافدين الينا من مناطق بعيدة .. سيكون يوما مليئا بالضغوطات قلت في نفسي :
وما هو اليوم الذي ليس كذلك؟
ادارت ظهرها لتخرج ثم عادت من فورها لتقول : أوه لا تنسي .. عليك تدريب بعض المعلمات بكيفية أدخال الخطط العلاجية .. يمكنك القيام بذلك في وقت الفرصة لا تضغطي على نفسك عزيزتي
شعرت بيد عملاقة تحيط بي وتقترب مني رويدا رويدا ..
هززت رأسي لأعيد التركيز فيما علي أن اقوم به الآن ؟ سألت نفسي بصوت خافت ، لم تمر ثوان ألا وورد إلي اتصال .. قلت لنفسي : هذا ماينقصني الآن .. رقم مجهول .. أجبت على الأتصال وقلت بحذر : نعم؟ فوجئت بصوت ضاحك وهو يقول ماعرفتيني ؟ أنا أمل معلمة العلوم ، قلت بحرج : اعتذر .. رقمك غير مسجل ، ردت علي ببساطة : لا عليك .. اتصلت لأخبرك أن تفتحي درج مكتبك .. وضعت لك هدية بسيطة وضحكت بمرح
ابتسمت وفتحت الدرج ببطء ، وأصابتني خيبة أمل ، فلم تكن الهدية سوى رزمة كبيرة من أعذار لغيابات الطلبة لا تحتمل التأخير
شعرت بحنق وقتها ، وقلت لنفسي : لا عليك ستنتهين منها
اغلقت الدرج واليد العملاقة تقترب
*قررت قرارا حازما أن انتهي من أشغالي المتراكمة ، مهما كلف الأمر ، سأبدأ الآن ، ضغطت على لوحة المفاتيح ، وبدأت أقوم بعملي بحماسٍ يغمرني
" المعلمات المناوبات ، المعلمات المناوبات " اجتاح الصوت ساحة المدرسة وبدأت حاملة مكبر الصوت في تعداد أسماء المعلمات القائمات بأعمال المناوبة لهذا اليوم ،
رباه ، اسمي ، لقد نسيت ، نظرت بلمحة خاطفة للورقة المعلقة على الجدار البارد ذات العنوان بالخط الأسود العريض " أسماء المعلمات المناوبات " وهي تحمل اسمي ضمن المكلفات بالمناوبة لهذا اليوم
رميت برأسي على الطاولة : ساعدني يارب .. اليد العملاقة صارت قاب قوسين أو أدنى
تركت مافي يدي وذهبت لأقوم بالمناوبة التي لم تكن فالحسبان ، والتي استغرقت وقتا ليس بالقليل ، فهناك صف بدون معلمة ، وهناك مجموعة طلاب في حلقة شجار كبيرة، وهذا طالب نسي طعامه في المنزل ، وهناك من يبكي لانه يشعر بألم شديد في بطنه ، رباه ، شعرت بطاقتي تتبعثر وتنذوي ، لم يبق شئ منها ولم يذر ، سأعود للمكتب حالاً
دخلت للمكتب لأجد ولي الأمر في انتظاري واقفا قرب الباب
أسررت في نفسي : ستكون هذه القاضية
باغتني بالسؤال : هل وجدت الملف؟
صمت لوهلة وأجبت : في الحقيقة ، لم أبحث عن الملف إلى اللحظة لأن .. لم يعطني الفرصة لأقول أسبابي فأنفجر غاضبا واسترسل بوابل من الانتقادات المتتالية ، والاتهامات المتعددة، بالأهمال واللا مبالاة وانعدام الضمير ، وعدم احترام الوقت وغيرها الكثير ، وذهب لمكتب الادارة ليقوم بالشكوى
أما أنا .. فقد مشيت بهدوء الى مكتبي .. جلست على مقعدي ببطء ، ودفنت رأسي بين ذراعيي على الطاولة .. نعم .. الآن .. اطبقت علي اليد العملاقة بلا رحمة


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/showthread.php?t=640955&goto=newpost)