المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آلة الزمن



الخاتون
29-07-2015, 01:01 PM
في رواية آلة الزمن للانجليزي هربرت جورج ويلز ، تخيل بطله عالما يعيش في القرن التاسع عشر يقوم بصناعة تنقله إلى المستقبل البعيد وهو زمن يقدر بنحو 802,701 بعد الميلاد ، لأنه يريد رؤية مستقبل البشرية .

ويكون انطباع العلم الأول عن هذا المستقبل أنه هادئ بلا حروب ولا جرائم ، لكنه يفاجأ بأن سبب ذلك الهدوء يكمن وراء انفصال البشر إلى جنسين أو نوعين ، الجنس الأول هم أحفاد الأغنياء المتحولين إلى جماعات هادئة جدا ، ضعيفة ومستسلمة وصغيرة الحجم ويسمون ( الأيلو ) ويتصرفون مثل الأطفال ويتغذون على الفواكه الشهية ، ويحلل لنا الكاتب سبب ضعف هذا الجنس على الرغم من قوته المادية في الماضي ،

بأنهم لم يواجهوا مصاعب في حياتهم ولم يعرفوا الخوف ، أو العمل أو الجهد ابداً وذلك بسبب عدم حاجتهم إلى القوة أو حتى إلى استخدام عقولهم والذكاء بدءاً من أجدادهم وآبائهم، وذلك بسبب وصولهم إلى أعلى درجات الراحة والرفاهية مما دعاهم للتوقف عن التفكير في التطور

، وهو ما جعلهم من دون حاجة لاستخدام المخيلة أو الإبداع أو العمل فأصبحوا ضعفاء جسديا ، لايعانون من أمراض نظرا لتقدم الطب لكنهم لا يتعاونون ولا يتنافسون ولا يملكون رغبة في القيادة أو الإبداع ، وتختفي الفنون والحضارات التي قادها الطموح ومع مرور الزمن وبسبب

حملات إيقاف زيادة السكان قل عدد الناس وتقلصت الأيدي العاملة ، فازدادت أعداد المباني المهجورة لأن الإنسان قضى عصورا في محاولاته للوصول بنفسه إلى الراحة المطلقة فقاد نفسه للهلاك .

أما الجنس الثاني وهم أحفاد الفقراء فقد تحولوا بسبب الفقر والنقص في كثير من متطلبات الحياة ومشاعر الضغينة الكامنة فيهم وبسبب حياتهم المستمرة في الظلام إلى مخلوقات شنيعة وقبيحة تشبه العناكب الكبيرة ويسمون ( المورلوك ) ، ويعيشون تحت الأرض ويعملون ويكدون

ويكرهون الضوء ، كما يكره الأيلو الظلام ، المصيبة أن هؤلاء المخلوقات قد تكيفوا مع هذا الوضع المزري واستكانوا لحياتهم ، لكنهم في المقابل يستغلون ضعف الجنس الآخر ( الآيلو ) ويتركونهم يعيشون حياتهم المرفهة ، يأكلون ويشربون وينعمون بما لذ وطاب إلى أن يخطف المورلوك أحدهم ويأكلوه ثأراً لفقرهم وتعويضا عن كرامتهم المهدورة عبر الزمن .

وتختفي آلة العالم وبعد صراع وبحث طويل يعثر العالم عليها ويشغلها أثناء هجوم المورلوك عليه ليلتهموه كعادتهم ، ويفر إلى زمن آخر ، يتعدى القرن التاسع عشر بثلاثين مليون سنة ، ليرى انقراض البشر وموت آخر ما بقي على الأرض من مخلوقات حية ، فتتحول لندن وقتها

إلى صحراء يشتد فيها ضوء الشمس ولا يعيش فيها أحد ، ثم يتقدم العالم في الزمن أكثر إلى أن يرى لندن أرضا مظلمة صامتة يجتاحها برد قارص لا يمكن أن يحيا فيه إنسان ، لذا لا يوجد فيها أي أثر للحياة فيشعر العالم بالإشمئزاز ويعود إلى القرن التاسع عشر فقط بعد ثلاث ساعات من رحيله .


لم تفزعني الرواية لأنها محض خيال لكنني مازلت أفكر في معنى أن يقضي الإنسان حياته في ابتكار ما يزيده راحة ورفاهية ، فقاد نفسه للهلاك بعد أن وصل إلى حياة بلا عمل ولا طموح أو أمل !