الرسمي
05-05-2016, 11:51 PM
-
لستَ مجرد غبار
*جريدة الخليج
نور المحمود:
هل تتأقلم مع محيطك أم تمشي عكس السير مهما كان الثمن؟
كثيرة هي التناقضات التي تشعر بأنها تحيط بك في هذا الزمن، وعاتية الأمواج التي ترفعك عالياً ثم تهبط بك إلى القاع دفعة واحدة.
لست ابن أمك وأبيك فقط، فأنت ابن الحياة الذي تركت الأيام على محياه خطوطاً، وفي بدنه ندوباً، وفي قلبه جراحاً. أنت إنسان تربى على مبادئ، مشى على دروب علمته دروساً، شطب من قاموسه معلومات وخطّ بقلمه قصصاً وبنوداً.
كل بني آدم يبحث عن ذاته في الدنيا، مكتوب عليه أن يكبر ويتعلم، ومكتوب عليه أن يجدد مفاهيمه ويتأقلم. لكن الزمن تغير، وعكس السير صار خطاً مستقيماً، والمستقيم يراه الناس مقلوباً أو معوجاً. فهل تتأقلم مع محيطك أم تكمل السير في الاتجاه المعاكس وفق قناعاتك؟
مبادئك لم تعد صالحة للاستعمال. زمن الاستهلاك السريع يشعرك بأنك عجوز قارب المئة عام، بينما عقلك وفكرك يؤكدان أنك شاب يركض خلف أحلامه. الكل من حولك يدعي المعرفة والوعي، وتبدو الجاهل أو المتجاهَل المتمسك بقشور كثيرة. كيف أصبحت هذه الأساسيات والقيم المهمة قشوراً؟ كيف صار الالتزام موضة بالية، والفوضى والإهمال مواصفات مثالية؟
أنت مجرد استثناء، إنسان عالق بين زمنين، يحمل في ذاته زمناً مضى، ويعيش ببدنه في زمن حاضر، وعليه أن يمشي نحو المستقبل. فهل تتأقلم أم تعاند وتمشي عكس السير؟ هل تكون أنت بكل «الأفكار البالية» التي تحملها وتجتهد في تطبيقها وممارستها في يومياتك رغم كل شيء؟ أم عليك أن تدرّب نفسك لتكون كما يشاء لك محيطك أن تكون؟
لا، لستَ استثناء، ولستَ مجرد غبار عالق من زمن عبر، ينتظر أن يحين موعد رحيله ليختفي معه كل أثر. أنت من القلة المتمسكة بالجذور، ومن المجموعة العنيدة التي تعاند الأمواج، تدرك جيداً أنها عاتية، وتدرك أيضاً أنها مهما ارتفعت لا بد لها من الهبوط. مؤمن بمبادئك الصحيحة، وبأن الفوضى تؤدي إلى خراب، وبأن الحكماء ينتظرون، فلا بد أن يسمع العقلاء الصوت ويعيد كل منهم إلى الصواب.
أنت تعاند ولا تكابر. تعرف جيداً أن عليك تغيير نفسك كي تتطور، ولكن التطور لا يعني أبداً أن تمس بالمقدسات والقيم الثابتة. أن تتطور لا يعني أن تعرّي ذاتك. تتأقلم، تختار من الحاضر ما يناسبك، تنمي عقلك، وتتفرج أحياناً على «سيرك» يدور حولك دون أن تضطر للمشاركة فيه. ولك أن تختار: إما أن تكون مميزاً، وإما أن تفقد لونك و«كلّك».
*** منقول ***
لستَ مجرد غبار
*جريدة الخليج
نور المحمود:
هل تتأقلم مع محيطك أم تمشي عكس السير مهما كان الثمن؟
كثيرة هي التناقضات التي تشعر بأنها تحيط بك في هذا الزمن، وعاتية الأمواج التي ترفعك عالياً ثم تهبط بك إلى القاع دفعة واحدة.
لست ابن أمك وأبيك فقط، فأنت ابن الحياة الذي تركت الأيام على محياه خطوطاً، وفي بدنه ندوباً، وفي قلبه جراحاً. أنت إنسان تربى على مبادئ، مشى على دروب علمته دروساً، شطب من قاموسه معلومات وخطّ بقلمه قصصاً وبنوداً.
كل بني آدم يبحث عن ذاته في الدنيا، مكتوب عليه أن يكبر ويتعلم، ومكتوب عليه أن يجدد مفاهيمه ويتأقلم. لكن الزمن تغير، وعكس السير صار خطاً مستقيماً، والمستقيم يراه الناس مقلوباً أو معوجاً. فهل تتأقلم مع محيطك أم تكمل السير في الاتجاه المعاكس وفق قناعاتك؟
مبادئك لم تعد صالحة للاستعمال. زمن الاستهلاك السريع يشعرك بأنك عجوز قارب المئة عام، بينما عقلك وفكرك يؤكدان أنك شاب يركض خلف أحلامه. الكل من حولك يدعي المعرفة والوعي، وتبدو الجاهل أو المتجاهَل المتمسك بقشور كثيرة. كيف أصبحت هذه الأساسيات والقيم المهمة قشوراً؟ كيف صار الالتزام موضة بالية، والفوضى والإهمال مواصفات مثالية؟
أنت مجرد استثناء، إنسان عالق بين زمنين، يحمل في ذاته زمناً مضى، ويعيش ببدنه في زمن حاضر، وعليه أن يمشي نحو المستقبل. فهل تتأقلم أم تعاند وتمشي عكس السير؟ هل تكون أنت بكل «الأفكار البالية» التي تحملها وتجتهد في تطبيقها وممارستها في يومياتك رغم كل شيء؟ أم عليك أن تدرّب نفسك لتكون كما يشاء لك محيطك أن تكون؟
لا، لستَ استثناء، ولستَ مجرد غبار عالق من زمن عبر، ينتظر أن يحين موعد رحيله ليختفي معه كل أثر. أنت من القلة المتمسكة بالجذور، ومن المجموعة العنيدة التي تعاند الأمواج، تدرك جيداً أنها عاتية، وتدرك أيضاً أنها مهما ارتفعت لا بد لها من الهبوط. مؤمن بمبادئك الصحيحة، وبأن الفوضى تؤدي إلى خراب، وبأن الحكماء ينتظرون، فلا بد أن يسمع العقلاء الصوت ويعيد كل منهم إلى الصواب.
أنت تعاند ولا تكابر. تعرف جيداً أن عليك تغيير نفسك كي تتطور، ولكن التطور لا يعني أبداً أن تمس بالمقدسات والقيم الثابتة. أن تتطور لا يعني أن تعرّي ذاتك. تتأقلم، تختار من الحاضر ما يناسبك، تنمي عقلك، وتتفرج أحياناً على «سيرك» يدور حولك دون أن تضطر للمشاركة فيه. ولك أن تختار: إما أن تكون مميزاً، وإما أن تفقد لونك و«كلّك».
*** منقول ***