تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة المعاجم في عام القراءة



الرسمي
26-05-2016, 12:23 AM
-



ثقافة المعاجم في عام القراءة

*جريدة الخليج


يوسف أبولوز:

من المهم، في عام القراءة، بل، في عشرية القراءة أو عقدها (العشر سنوات المقبلة) أن ننتبه جيداً إلى ثقافة مهمة جداً، كما لو أنها تبدو غائبة عن اهتمام الكثيرين من المشتغلين في الشأن الثقافي أفراداً ومؤسسات ليس على المستوى المحلي، بل، وعلى المستوى الثقافي العربي، وهي «ثقافة المعاجم».

أكثر من مرة، ومن باب الغواية بالشيء، ذكرت أن بعض الكتب هي كتب «المنضدة» القريبة من سرير النوم، وربما كانت المعاجم هي من أهم تلك الكتب، ومع أن المعجم أكبر من الكتاب وله صناعة خاصة، وكما أن المعجميين يختلفون عن كتاب الأدب والفلسفة والتاريخ والعلوم والفنون، إلا أن المعجم إن صح القول هو «الأب الروحي» للكتابة.في عام القراءة، وفي أي زمن، نشير إلى نقطة مهمة وهي «عادة» استعمال المعجم، أي أن المعجم ليس بالضرورة أن يخضع إلى أسلوب القراءة التقليدية، فأنت تقرأ الرواية أو تقرأ مجموعة شعرية بمزاج ونفسية وتهيؤ يختلف كلياً عن تعاطيك مع المعجم، فمن وقت إلى آخر تجد نفسك مدفوعاً إلى تصفح معجم سواء أردت معرفة معنى كلمة أو جذرها أو اشتقاقاتها، أو بلا مناسبة (لغوية)، ومن أجمل قراءات المعاجم تلك التي تأتي بلا مناسبة، أي قراءة المعجم من أجل قراءة المعجم، وهذا ما نقصده ب «عادة قراءة المعجم».

للأسف ليس لدينا مثل هذه العادات، أو ليس لدينا مثل هذه الثقافة، ونادراً، ما نرى معجماً أو عدداً من المعاجم على مكتب كاتب أو مثقف، أنه يستخدمه عند الحاجة فقط، وفي أغلب الأحيان عند (الحاجة اللغوية فقط).

المعجم موسوعة وبحر معارف، إنه «مملكة» معارف في اللغات والأعلام والثقافات والحضارات، وكأن من يصنع معجماً يصنع «مملكة»، يكثف فيها عصارة اللغة والفكر، ولذلك عاشت المعاجم مع الإنسان وإلى جانب الكتب.

لأمر ما، وربما لأمر محدد ومعروف، لا يثق البعض بالمعجم الإلكتروني، وفي الثقافة التقليدية التي تخص قراءة المعاجم يثق القارئ أو الكاتب أو الباحث بالورق، وبالكيان الورقي المرجعي أمامه.

بالطبع، للمعجم الإلكتروني فوائده، ومنها السرعة والإتاحة المباشرة، فإذ لا يكون على مكتبك معجم ورقي، فالمتاح لك وبسرعة هو المعجم الإلكتروني، ولكن هذه السرعة وهذه الإتاحة السريعة بالذات هي مبعث التحفظ على اعتمادك على معجم إلكتروني.

نعود مرة ثانية إلى النقطة الجوهرية في هذه المادة، وهي ثقافة المعاجم وتحويلها إلى عادة كما تحويلها إلى ثقافة قراءة معجمية منتظمة، ومباشرة، فإنه من الضروري ومن المهم جداً في البيئة العامة للقراءة اليوم في الإمارات، وهي بيئة حضارية فكرية معرفية، أن يتوجه المثقفون، وأن تتوجه المؤسسات الثقافية إلى طلاب المدارس أولاً ثم أولاً، ثم أولاً لتمكين الطالب منذ الصفوف الإعدادية والثانوية، وحتى طلبة الجامعات من ثقافة المعجم، وتحويل هذه الثقافة بالتدريج إلى عادة.

في هذا السياق أقترح فكرة المعاجم الورقية الميسرة، أولاً، وهي إن أمكن القول «معاجم الجيب»، وتنظيم زيارات يومية للطلبة إلى مكتبات المدارس، وإيجاد أجنحة للمعاجم في هذه المكتبات، ثم والأهم، تنشيط هذه المكتبات، واقتراح حصص خاصة تحت مسمى «حصة المكتبة» يتم التركيز فيها على ثقافة المعجم: كيفية استعماله.. لماذا استعماله.. وضرورة العودة إليه، وبالتالي، وبالتدريج نؤسس ثقافة تصبح مع الوقت عادة، بل تصبح سلوكاً يومياً يتعلق باللغة العربية التي هي حجر الأساس في كل إبداع أدبي عظيم.

* * *

من قال ذلك؟! أنا أستخدم المعاجم في أي وقت :sm100:، أقوم بالتأليف والكتابة (لنفسي بالطبع :sm120:)، وأجد بعض الكلمات تثير فضولي :sm103:، فأبحث عن أصلها، أو حتى في حال كنت متشككاً في إعرابها :sm88:



*** منقول ***