الرسمي
29-05-2016, 12:41 AM
-
http://www.alrams.net/up2/uploads/images/alrams.net-a2afd7d0cc.gif
يقي من أمراض كثيرة
النوم.. حامي العقل
http://www.alrams.net/up4/uploads/alrams1464465027531.jpg
إعداد/ إبراهيم باهو:
من قال إن النوم مضر بالصحة ولساعات طويلة للمسنين مثلاً، وأنه أفضل تضييع للوقت، خاصة أن الإنسان يقضي نحو ثلث حياته نائماً، فبالتأكيد هو على عدم دراية بالأبحاث العلمية الحديثة التي تؤكد أهميته بوصفه سلطان العقل، فهذه النعمة التي أكرمنا الله بها، فيها خلاصنا من الأمراض والسموم والفضلات، التي تتراكم في أدمغتنا خلال النهار، وهو ما تؤكده الكثير من الدراسات المتعلقة بهذا الشأن.
يعتقد العلماء أن عملية تنظيف الدماغ التي تحدث أثناء النوم، تحتاج إلى الكثير من الوقت، ويقدرونها بنحو ثماني ساعات يومياً، فأثناء النوم تزداد المسافة الفاصلة بين الخلايا العصبية، كما أن خلايا الدماغ تصغر حجمها، ما يساعد على تدفق السائل النخاعي بسلاسة، وبالتالي يتم التخلص من السموم، وفي حالات النوم القليلة جداً لا يمكن أن تتم عملية التنظيف هذه بشكل تام، وهو ما يحذر الباحثون منه، فالسموم والمواد الضارة التي تنشأ في الدماغ تضر به، وإذا لم يتم التخلص منها، وتتسبب في نشوء بعض من الأمراض في المستقبل، كالزهايمر أو الشلل الرعاش والباركينسون.
وبحسب العلماء، فإن عقل الإنسان يزن نحو 1360 غراماً، أو نحو 2% من كتلة جسم الشخص البالغ، وتصوروا أنه خلال النهار، تصرف خلايا أدمغتنا نحو 20 إلى 25% من طاقة الجسم الكلية، ويفرز الجسم كميات كبيرة من الفضلات والسموم في دماغ الإنسان، إذ يتخلص الدماغ من نحو 1.5 كغم منها سنوياً، من خلال آلية تنظيف الدماغ، المعروفة باسم «النظام الغليمفاوي»، الذي يقوم بتخليص الجسم من الفضلات الضارة المتراكمة خلال الاستيقاظ، وينشط هذا النظام بشكل قوي أثناء النوم، ما يعني أن فهم هذا النظام بشكل أكبر يعني إيجاد طرق جديدة لعلاج مثل تلك الأمراض العصبية، التي تنتج نتيجة تراكم البروتينات السامة في الدماغ، والتي باتت تنتشر بشكل كبير في عالمنا.
ففي دراسة نشرتها مجلة «ساينتفيك أمريكان»، قام بها كل من الباحثة والبروفيسورة الدنماركية مايكن نيدرغارد من جامعة روتشستر الأمريكية، وبروفيسور الأعصاب ستيفن غولدمان أيضاً من نفس الجامعة، ويعمل في جامعة كوبنهاغن الدنماركية على أدمغة الفئران في المختبرات على مدى عدة أعوام، أكدوا فيها أن هذا النظام يساعد على انكماش خلايا المخ أثناء النوم، مما يؤدي إلى فتح ثغرات بينها، تسمح للسوائل «بغسل المخ».
وكانت نيدرغارد، التي تعد أول من اكتشفت النظام الغليمفاوي في الدماغ، خلال عملها في الجامعة الأمريكية عام 2013، قد نشرت دراسة سابقة بينت فيها أن النوم، دواء مجاني للبشر، إذ له وظيفة تعويضية وإصلاحية في الوقت نفسه.
وخلال التجارب السريرية التي أجرتها نيدرغارد وغولدمان، على أدمغة الفئران، تبين أنه خلال النوم يعمل «النظام الغليمفاوي» بقوة ونشاط أكبر بمرتين، منه خلال الاستيقاظ، وأن هذا النظام ينظف المخ من بروتين يسمى «أميلويد بيتا»، وهو بروتين ينشأ خلال عملية الأيض، إذ يدمر الخلايا العصبية في المخ بشكل تدريجي في حال عدم تحلله بشكل طبيعي، وبالتالي تنتقل العدوى من أحماض أميلويد بيتا المصابة إلى السليمة.
وفي سياق متصل يؤكد العلماء أن تراكم هذا البروتين وعدم تحلله، ربما يعد أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالزهايمر، وأنه توجد على الأقل سلالتان مختلفتان لبروتين «أميلويد بيتا» يؤديان للإصابة بالمرض، ويقول ستانلي بروسينر من جامعة كاليفورنيا بمدينة سان فرانسيسكو، هذه النتائج يمكن أن تساعد في شرح كيفية نشأة مرضالزهايمر، على مستوى الجزيئات وتطوير عقاقير مضادة لـ«أميلويد بيتا».
وفي دراسة أخرى مرتبطة بهذا الشأن أجريت على الفئران، وجد باحثون من جامعة كايس وسترن ريزرف بولاية أوهايو الأمريكي، أن دواء يسمى «بيكساروتين» يستخدم عادة لعلاج السرطان قادر على إزالة أعراض الزهايمر من الدماغ بسرعة ويبطل مشكلات الذاكرة، فهذا الدواء قادر على إزالة بروتين «أميلويد بيتا» من الدماغ، الذي يعد عاملاً أساسياً لتطوّر مرض الزهايمر، ووجد العلماء أن البيكساروتين يزيد من معدلات بروتين أبوليبوبروتين إي (ApeE) الذي يلعب دوراً مهماً في القضاء على «أميلويد بيتا» في الدماغ، وخلال التجارب التي أجراها العلماء، ظهر أنه خلال 6 ساعات من تلقي الدواء، انخفضت معدلات «الأميلويد بيتا» الذائبة عند الفئران بنسبة 25%، وارتبط هذا الانخفاض في البروتين، بتحسّن سريع بعدد من تصرفات الفئران المصابة بالزهايمر.
من جانب آخر يؤكد العلماء أن وظيفة النوم ليست فقط تنظيف الدماغ من الفضلات والنفايات، وإنما ترتبط بكل وظائف الإنسان، بما في ذلك التمثيل والفسيولوجيا والهضم، ويؤكد العلماء أن ما يحدث في دماغ فأر بسيط في المختبر، ربما يختلف اختلافًا كبيرًا عما يحدث في دماغ الإنسان لأنه بكل بساطة أكثر تعقيداً.
http://www.alrams.net/up2/uploads/images/alrams.net-bb0b3620df.gif
دراسة أعمق
تأمل الباحثة مايكن نيدرغارد مكتشفة «النظام الغليمفاوي» في الدماغ خلال عملها في الجامعة الأمريكية عام 2013، دراسة هذا النظام في أدمغة البشر بشكل أكبر وأعمق، لأن ذلك من شأنه، أن يمهد الطريق لإنتاج عقاقير طبية تؤخر الإصابة بالأمراض العصبية من جراء تراكم الفضلات في الدماغ، ومساعدة الذين لا يأخذون كفايتهم من النوم.
والنوم ليس فقداناً للوعي أو غيبوبة، وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، تتم خلالها أنشطة كثيرة وعديدة، فعندما يكون الإنسان مستيقظاً، يحدث لدى المخ نشاط كهربائي معين، ومع حلول النوم، يبدأ هذا النشاط بالتغير، فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل، تبدأ بشكل خفيف، يدخل إلى مرحلة أعمق، وهاتان المرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، فنقص النوم ينتج التعب والإجهاد خلال النهار، لذلك تهدف أدمغتنا إلى غسل نفسها من خلال الخضوع لعملية تنظيف حقيقية يومياً، إذ يعمل جسمنا في الواقع مثل مصنع معقد جداً.
* * *
*المصدر: جريدة الخليج، ملحق "علوم وبيئة"، نشر بتاريخ 25 مايو 2016م.
*** منقول ***
http://www.alrams.net/up2/uploads/images/alrams.net-a2afd7d0cc.gif
يقي من أمراض كثيرة
النوم.. حامي العقل
http://www.alrams.net/up4/uploads/alrams1464465027531.jpg
إعداد/ إبراهيم باهو:
من قال إن النوم مضر بالصحة ولساعات طويلة للمسنين مثلاً، وأنه أفضل تضييع للوقت، خاصة أن الإنسان يقضي نحو ثلث حياته نائماً، فبالتأكيد هو على عدم دراية بالأبحاث العلمية الحديثة التي تؤكد أهميته بوصفه سلطان العقل، فهذه النعمة التي أكرمنا الله بها، فيها خلاصنا من الأمراض والسموم والفضلات، التي تتراكم في أدمغتنا خلال النهار، وهو ما تؤكده الكثير من الدراسات المتعلقة بهذا الشأن.
يعتقد العلماء أن عملية تنظيف الدماغ التي تحدث أثناء النوم، تحتاج إلى الكثير من الوقت، ويقدرونها بنحو ثماني ساعات يومياً، فأثناء النوم تزداد المسافة الفاصلة بين الخلايا العصبية، كما أن خلايا الدماغ تصغر حجمها، ما يساعد على تدفق السائل النخاعي بسلاسة، وبالتالي يتم التخلص من السموم، وفي حالات النوم القليلة جداً لا يمكن أن تتم عملية التنظيف هذه بشكل تام، وهو ما يحذر الباحثون منه، فالسموم والمواد الضارة التي تنشأ في الدماغ تضر به، وإذا لم يتم التخلص منها، وتتسبب في نشوء بعض من الأمراض في المستقبل، كالزهايمر أو الشلل الرعاش والباركينسون.
وبحسب العلماء، فإن عقل الإنسان يزن نحو 1360 غراماً، أو نحو 2% من كتلة جسم الشخص البالغ، وتصوروا أنه خلال النهار، تصرف خلايا أدمغتنا نحو 20 إلى 25% من طاقة الجسم الكلية، ويفرز الجسم كميات كبيرة من الفضلات والسموم في دماغ الإنسان، إذ يتخلص الدماغ من نحو 1.5 كغم منها سنوياً، من خلال آلية تنظيف الدماغ، المعروفة باسم «النظام الغليمفاوي»، الذي يقوم بتخليص الجسم من الفضلات الضارة المتراكمة خلال الاستيقاظ، وينشط هذا النظام بشكل قوي أثناء النوم، ما يعني أن فهم هذا النظام بشكل أكبر يعني إيجاد طرق جديدة لعلاج مثل تلك الأمراض العصبية، التي تنتج نتيجة تراكم البروتينات السامة في الدماغ، والتي باتت تنتشر بشكل كبير في عالمنا.
ففي دراسة نشرتها مجلة «ساينتفيك أمريكان»، قام بها كل من الباحثة والبروفيسورة الدنماركية مايكن نيدرغارد من جامعة روتشستر الأمريكية، وبروفيسور الأعصاب ستيفن غولدمان أيضاً من نفس الجامعة، ويعمل في جامعة كوبنهاغن الدنماركية على أدمغة الفئران في المختبرات على مدى عدة أعوام، أكدوا فيها أن هذا النظام يساعد على انكماش خلايا المخ أثناء النوم، مما يؤدي إلى فتح ثغرات بينها، تسمح للسوائل «بغسل المخ».
وكانت نيدرغارد، التي تعد أول من اكتشفت النظام الغليمفاوي في الدماغ، خلال عملها في الجامعة الأمريكية عام 2013، قد نشرت دراسة سابقة بينت فيها أن النوم، دواء مجاني للبشر، إذ له وظيفة تعويضية وإصلاحية في الوقت نفسه.
وخلال التجارب السريرية التي أجرتها نيدرغارد وغولدمان، على أدمغة الفئران، تبين أنه خلال النوم يعمل «النظام الغليمفاوي» بقوة ونشاط أكبر بمرتين، منه خلال الاستيقاظ، وأن هذا النظام ينظف المخ من بروتين يسمى «أميلويد بيتا»، وهو بروتين ينشأ خلال عملية الأيض، إذ يدمر الخلايا العصبية في المخ بشكل تدريجي في حال عدم تحلله بشكل طبيعي، وبالتالي تنتقل العدوى من أحماض أميلويد بيتا المصابة إلى السليمة.
وفي سياق متصل يؤكد العلماء أن تراكم هذا البروتين وعدم تحلله، ربما يعد أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالزهايمر، وأنه توجد على الأقل سلالتان مختلفتان لبروتين «أميلويد بيتا» يؤديان للإصابة بالمرض، ويقول ستانلي بروسينر من جامعة كاليفورنيا بمدينة سان فرانسيسكو، هذه النتائج يمكن أن تساعد في شرح كيفية نشأة مرضالزهايمر، على مستوى الجزيئات وتطوير عقاقير مضادة لـ«أميلويد بيتا».
وفي دراسة أخرى مرتبطة بهذا الشأن أجريت على الفئران، وجد باحثون من جامعة كايس وسترن ريزرف بولاية أوهايو الأمريكي، أن دواء يسمى «بيكساروتين» يستخدم عادة لعلاج السرطان قادر على إزالة أعراض الزهايمر من الدماغ بسرعة ويبطل مشكلات الذاكرة، فهذا الدواء قادر على إزالة بروتين «أميلويد بيتا» من الدماغ، الذي يعد عاملاً أساسياً لتطوّر مرض الزهايمر، ووجد العلماء أن البيكساروتين يزيد من معدلات بروتين أبوليبوبروتين إي (ApeE) الذي يلعب دوراً مهماً في القضاء على «أميلويد بيتا» في الدماغ، وخلال التجارب التي أجراها العلماء، ظهر أنه خلال 6 ساعات من تلقي الدواء، انخفضت معدلات «الأميلويد بيتا» الذائبة عند الفئران بنسبة 25%، وارتبط هذا الانخفاض في البروتين، بتحسّن سريع بعدد من تصرفات الفئران المصابة بالزهايمر.
من جانب آخر يؤكد العلماء أن وظيفة النوم ليست فقط تنظيف الدماغ من الفضلات والنفايات، وإنما ترتبط بكل وظائف الإنسان، بما في ذلك التمثيل والفسيولوجيا والهضم، ويؤكد العلماء أن ما يحدث في دماغ فأر بسيط في المختبر، ربما يختلف اختلافًا كبيرًا عما يحدث في دماغ الإنسان لأنه بكل بساطة أكثر تعقيداً.
http://www.alrams.net/up2/uploads/images/alrams.net-bb0b3620df.gif
دراسة أعمق
تأمل الباحثة مايكن نيدرغارد مكتشفة «النظام الغليمفاوي» في الدماغ خلال عملها في الجامعة الأمريكية عام 2013، دراسة هذا النظام في أدمغة البشر بشكل أكبر وأعمق، لأن ذلك من شأنه، أن يمهد الطريق لإنتاج عقاقير طبية تؤخر الإصابة بالأمراض العصبية من جراء تراكم الفضلات في الدماغ، ومساعدة الذين لا يأخذون كفايتهم من النوم.
والنوم ليس فقداناً للوعي أو غيبوبة، وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، تتم خلالها أنشطة كثيرة وعديدة، فعندما يكون الإنسان مستيقظاً، يحدث لدى المخ نشاط كهربائي معين، ومع حلول النوم، يبدأ هذا النشاط بالتغير، فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل، تبدأ بشكل خفيف، يدخل إلى مرحلة أعمق، وهاتان المرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، فنقص النوم ينتج التعب والإجهاد خلال النهار، لذلك تهدف أدمغتنا إلى غسل نفسها من خلال الخضوع لعملية تنظيف حقيقية يومياً، إذ يعمل جسمنا في الواقع مثل مصنع معقد جداً.
* * *
*المصدر: جريدة الخليج، ملحق "علوم وبيئة"، نشر بتاريخ 25 مايو 2016م.
*** منقول ***