الضيف الكريم

[ولد الشحي]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
زارنا ضيف كريم، رحب الصدر، لطيف المواجه، جميل الخصال ، عفيف النظر فابتدرناه بأبصارنا، وأصغت إليه آذاننا، وما إن مكث فينا أياما يسيرة حتى ارتحل، ووعد بالعودة واللقاء إن بقيت بقية في العمر.
كنت حينها صبيا عندما زارنا لأول مرة، ولم أكن أفطن لكثير من معاني الأخوة والصداقة، ومع ذلك فقد أثر فيّ بحسن مظهره وجميل مخبره، وسبحات وجهه الوضاء النير لم تزل تتلألأ أما ناظري وكأنها أنوار قوس قزح.
كبرت وتقدمت في العمر واستمرت علاقتي معه كضيف عزيز يقدم علي ولا يثقل، يؤنسني أياما وليالي معدودات، والذي كان يدهشني ويعجبني في آن واحد أنه كان لذلك المبارك رائحة عبقة كانت تملأ دارنا لأيام قبل قدومه وأثناء إقامته وبعد رحيله ، لم أحسب يوما إلا إنه كان منحة ربانية.
ومما أعجبني أيضا في المبارك أن أهل الحي كانوا إن نزل أقبلوا عليه بكليتهم وجمعيتهم، وكأنه لا ضيف إلا هو، فيستقبلونه بالأنوار الوهاجة، والمصابيح المتلألأة، فكنت أحسب أن اجتماعهم إحدى بركاته.
هكذا رسمتك يا شهر الخير (رمضان) في مخيلتي وخاطري، وأرجو أن ما جاد به القلم قد وفى شيئا ولو يسيرا من حقك العظيم، أسأل الله العظيم أن يتقبل من المسلمين كلهم الصيام والقيام، وأن يعيده علينا أعواما وسنين عديدة بمنه وكرمه.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




*** منقول ***