تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صفحة من مذكراتي (من كتاباتي) منشورة سنة 2009م



حواليكم
02-05-2013, 02:00 AM
صفحة من مذكراتي
تم نشر هذه القصة 18 من أبريل عام 2009 م حتى تتم ملاحظة الأحداث كما يجب


لأنها الوحيدة في سيارة صغيرة جديدة لم تمض عليها ساعات حتى أدارتها في الطريق الإسفلتي المنساب وسط سلسلة جبلية طويلة , عندها شعرت بتنوع المنظر مما ضاعف شعورها بالحماس والتملك وإحساسها بالخوف من سعادة عارمة جارفة لجمال كل شيء . ولا جديد في سبيل تقطعه ذهابا وإيابا مرتين كل أسبوع , لكن هذه المرة تنظر إليه دون أن تسمع أي تعليق ممن كن معها في الحافلة .. وحدها هي من تعلق على سيارة النقل الضخمة التي بدت لها كقاطرة أو هي كذلك . ثم تراءى لها راكب دراجة بدراجته يخترق الطريق ويتجاوز سيارتها كأنه يسابق .أو أنه هارب من مشاغل الدنيا إلى ملذاتها . تساءلت في نفسها : يا ترى من أين جاء؟ , وإلى أين يقصد؟؟ هزت رأسها إيجابا ثم قالت .. إلى البيت . ثم نظرت إليه نظرة إشفاق .. ثم اختفى بعيدا عن ناظريها . ها هي طريق طويلة تقف على جانبيها سلسلة جبلية طويلة بطول الطريق ..


الآن لا يسليها المنظر فهو مخيف للغريب , لكن فرحتها طغت عليها و حماستها أعطتها شيئا من الطاقة . سارت الآتية من بلاد شمالية ترمي هموم العمل وراءها , فلا هم الدفاتر أو التحضير.. بقدر السعادة التي تعتريها , فاشتياقها لأهلها وبيتها تملك تفكيرها . هكذا واصلت القيادة حتى قطع حبل أفكارها ذلك الشيء الذي عندما رأته جعلها تقف على جانب الطريق الذي تقطعه مياه صافية من مياه الوادي الباقية المنحدرة من على أحد الجبال المجاورة . منظر تعودت أن تراه , ولكن كان مختلفا على الطريق الشبه الملتوية ولم يكن جميلا كما كانت تراه قبل اليوم . بل موحشا ..صامتا صمت القبور ..هنا أوقفت السيارة وترددت حتى قررت فتح الباب .. رغم مخاوفها إلا أن فضولها انتصر عليها . هكذا نزلت من السيارة . وقفت على قدميها اللتين بالكاد تحملها من هول المشهد . نظرت إلى الأرض الإسفلتية حيث ذلك الشيء الذي يكاد أن يشبه الجسد البشري راقد دون حراك . تمزقت ثيابه من أثر التدحرج على الطريق حتى استقر .. ها هنا .. تغطيه الدماء على جهة من رأسه . لم يبدو لها حي .. ولم تجرؤ على الاقتراب .. نظرت إلى الساعة في هاتفها النقال .. يا ربي .. لقد قاربت الرابعة عصرا متى ستصل إلى البيت ؟.. فكرت .. هنا في طريق لا يكاد يمر فيه بشر وخاصة في هذه الساعة إلا بالصدفة . ماذا تفعل ؟؟ فالاتصال يكاد يكون معدوما .. أو تنتظر حتى يجن جنون أحدهم على طريق مثل هذه يمر عليها آتي أو ذاهب ؟؟ لا طبعا فالتوقيت غير مناسب للخروج في رحلة كهذه .. آه ولماذا تسأل إذا كانت هي من يجيب على تساؤلها .. الآن ما الحل ؟؟ صار الأمر محيرا .. لمعت في ذهنها فكرة إكمال الطريق حتى تستطيع التقاط إشارة وهكذا تتصل بالشرطة أو الإسعاف .. عندها تنتهي المسألة المحيرة .


دخلت السيارة وسارت بها مسترسلة في القيادة وفي حذر شديد .. سارت متأملة في الطريق بأن تحصل معجزة ما .. لكن لا شيء على الإطلاق , حتى تصاعدت إلى مسامعها نغمة موسيقية من هاتفها النقال .. .. يا الله إنها رسالة .. قالتها بصوت مسموع ..خففت من سرعتها والتقطت الهاتف الذي كان بجانبها لترى من أرسل لها لعله لمنقذ.. يا الله .. قالتها وكادت تنفجر غيظا عندما رأت الرسالة إنها من الهيئة حيث تبلغ العملاء بالاتصال بالرقم المجاني للاستمتاع بخدمات لا تكلف العميل الكثير مقابل المتعة التي ينالها .. الآن أوقفت السيارة ثم دون تردد ضربت على الأرقام الثمانية ثم اتصال .. ها هو يرن .. لكن لا أحد يرد .. إعادة الاتصال .. لكن لا جدوى من ذلك , وقد قاربت الساعة السادسة مساءا .. ما العمل ؟؟ قالت في خيالها .. ربما الرقم خطأ أو أن الشرطة لا ترد .. فمن يمكنه أن يرد على اتصالها ؟! .. هنا عصف في ذهنها فكرة في غاية من السخف.. ثم قالت: ولم لا ؟.. ها هي تتصل بالرقم المجاني للهيئة .. انتظرت حتى مرت بسلسلة من الاختيارات إلى أن سمعت صوتا يقول : سيتم تسجيل المكالمة حفاظا على لجودة .. عندها تمتم المتكلم بصوت آت من بعيد بلهجة باردة .. لم تهتم لما يقول .. قاطعته .. عذرا قالتها متوسلة , وقع حادث وهناك شخص مصاب على الطريق . قاطعها معتذرا كاتما ما يشبه الضحكة .. عليك بالاتصال بالشرطة وليس بهيئة الهاتف .. سكتت تكتم انفعالها .. حاولت وأرجو المساعدة ..قالتها في حزن . الآن جاءها الصوت معتذرا بشدة ..لا بأس ..ثم قال : أين وقع الحادث؟ . .. حقا كان صوته جادا فيه شيء من الاعتذار .. تكلمت واصفة المشهد المفجع شيئا فشيئا اختنق صوتها ..واصلت رغم ذلك حتى ختمت حديثها بما يشبه التمـتمة راجية العون .. طمأنها الصوت بأنه اتصل بدورية ذاهبة إلى الموقع الذي وصفته .. عند هذه الكلمات انطفأ هاتفها النقال .. يا الله .. نفذ شحن البطارية . لكنها وضعت الجهاز جانبا , أدارت محرك السيارة دونما تفكير وواصلت مشوارها بسلام ..ترقرقت الدموع في عينها ثم هزت رأسها إيجابا كأنها تجيب على تساؤلاتها في صمت .. لم تفكر إلا في شيء واحد , متى تصل إلى البيت ؟؟.. لم يكن لتلك المباني العالية أي معنى .. ولم تلتفت إلى تلك الشجيرات المصفوفة على جانبي الطريق . كل ذلك كان خيالات حقيقية حتى وصلت إلى أجمل بقعة على الأرض .. تنفست الصعداء .. مسحت يدها على وجهها .. نزلت من السيارة .. فتحت بابا هو باب المنزل .. يالروعة الحياة . قالتها في فرح مكبوت .. في هذه اللحظة أفاقت من كل حلم .. تبسمت وهي تسلم باشتياق على ذويها , متعبة ؟.. قالت لها أختها.. ردت عليها بعطف : يوم حافل وقصة طويلة .. جلست متناسية كل منغصات الحياة .. وهي تحكي أحداث يوم آخر ليس له علاقة بأحداث اليوم الذي خافت فيه .. لا لم يكن خوفا بل رعبا . حيث قررت أن تحاول نسيان هذا اليوم ولا تجعل من أحداث يوم واحد تقلق حياتها .



مرت الأيام كنسائم الربيع .. هادئة حلوة .. ولكن نحن بني البشر نعكر صفو حياتنا بأيدينا , حيث جلست بجانب نافذة مفتوحة التقطت الجريدة المتروكة على يد الكرسي .. قلبت الصفحات الطويلة .. وقعت عيناها على صورة مألوفة , لكنها للأسف لم تكن صورة عندما رأتها بل كانت واقعا حقيقيا .. كانت صورة الحادثة ., التي أثارت ذكريات لا تنسى ..ولكن المفاجأة أن الرجل المصاب كان هو نفسه سائق الدراجة.. يا الله .. قالتها متفآجئة .. النهاية .

للمعلمة المجال الأول رباب محمد حسن العجمي


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/~moeoman/vb/showthread.php?t=506369&goto=newpost)