حواليكم
16-06-2013, 01:11 PM
لن يقولوا كان زمناً رديئاً ..
بل سيقولون : لقد صمت الشعراء "
- برتولد بريشت
سأعمل على أن أروي بموضوعية واختصار ما أمكن، كيف تم تطبيق نظام تعريف الحضور بالبصمة على المشرفين التربويين في محافظتنا محافظة شمال الشرقية، محاولة قدر الامكان الابتعاد عن شخصنة الموضوع، مع الاحتفاظ بالتقدير الكامل لجميع من ترد مسمياتهم الوظيفية، أثناء عرض الموضوع الذي كان محور تدور حوله أحداث هذا العام.
هدفي من طرح الموضوع خاصة الآن بعد تطبيقه لمدة ستة أشهر، إجراء مراجعة لمنطلقات القرار، والاجراءات الادارية التي استخدمت في تطبيقه، ما هي حجج الاثبات التي اتبعتها الادارة في فرض القرار، وما هي حجج المعترضين، والاساليب التي اتبعتها الادارة في مواجهة هذه الحجج, وإلى أين وصلنا بعد هذا القرار؟.إلى أي حد رفع من الانتظام في العمل، وأدى إلى تحسين التربية أو التعليم؟
وسأقصر حديثي على المشرفين التربويين باعتباري منهم، يمكنني الحديث عن واقعهم بدقة، كما استطيع فهم اعتراضاتهم ومخاوفهم وما أنتجه تطبيق القرار عليهم فيما بعد..
في البداية لن نناقش الظلم في تطبيق قانون الخدمة المدنية على التعليم والوظائف المرتبطة به، فهي مبحث طويل، ولكن طالمنا تمتعنا نحن المشرفون بنوع من المرونة المكللة بالثقة باعتبارنا عين المديرية وشاهدها على مجريات العمل في الميدان، والمراقبين لجودة التعليم وحسن سيره، بما يعنيه ذلك من قطع آلاف الكيلومترات شهريا في سبيل الوصل لمدارس المحافظة الممتدة على طول جغرافيتها، ومع ما قد يجد من ظروف قد تكون مهيئة داخل بعض المدرسة، وقد لا تكون مهيئة نتحملها بصبر وتجمل، نعذر ونعذر.
ثقة رافقها تكليف المشرف التربوي بأغلب الاعمال الصعبة، (الاعمال التي تتطلب جهدا معرفيا، وذهنيا عاليا) في المديرية، فهو المدرب، وواضع أوراق العمل في أغلب البرامج التدريبية، وهو واضع الاختبارات الفصلية، وعضو في جميع لجان المديرية، والمتابع لبرامج الوزارة ومسابقاتها، ومشاريعها، هو من يكلف بمتابعة تحمل مشاكل النقص في أعداد المعلمين وانتداب معلمين بين المدارس، وتوزيع الجدول المدرسي في بعض الاحيان، وقد يقوم مقام المعلم ويشرح الدروس في حال وجود نقص في المدارس.
كل هذا ونحن مع المعلمين في إجازاتهم السنوية المحددة، التي لا تتغير، ولا فرق بيننا وبين المعلمين الاوائل الذين هم مقيمون في مدارسهم في العلاوة الفنية سوى بمبلغ 10 ريالات..
بدأ هذا العام الدراسي ٢٠١٢ / ٢٠١٣م بتداول خبر تطبيق "نظام البصمة"، أو "توثيق الحضور عن طريق البصمة" على جميع موظفي التربية سواء في المديريات والمدارس، وترافق مع تأكيد المسئولين في دائرتنا على أن هذا النظام سيطبق على المشرفين التربويين أثناء العمل المكتبي وفي المدارس، وسط رفض بالغ من قبل هؤلاء المشرفين، واستياءهم، رفض يبرره رفض المساواة بين الموظف الاداراي الذي ينحصر عمله في مكتب، وبين المشرف التربوي الذي يجوب مدارس المحافظة، فتطبيق نظام البصمة بما يمثله من توثيق يومي دقيق مع مقارنته بمن لهم مقار عمل ثابتة أمر غير منصف للمشرف التربوي، وسيكون مدانا سلفا بالتقصير والتأخر عن عمله، إنه أشبه بمقولة "ستكون السمكة فاشلة إذا قيمتها في قدرتها على الطيران"
كان القرار الذي أصدره المدير العام (القرار الذي نسمع به، ولم نراه مكتوبا قط) يقضي باستثناء نفسه، وبعض المقربين من اثبات الحضور والانصراف عن طريق البصمة، كما استثنى مديروا الدوائر ونوابهم..!
وفي هذا الاستثناء حتف القرار، وإعلان عن موت العدالة فيه، فما المبرر للاستثناء طالما الهدف الضبط، وتوثيق سير العمل، وهكذا أصبح هناك من هو فوق القانون وهناك من هم تحت القانون، كان هناك شريف لا يقام عليه الحد، ووضيع تقطع يده.. كما أشار الحديث النبوي الشريف..!
استفسارنا عن تطبيق هذا النظام في محافظات السلطنة الأخرى فوجدنا أغلب المحافظات تستثني المشرف التربوي من البصمة
فقمنا بتوجيه رسالة لمديرنا العام وقع عليها أغلب المشرفين لطلب الاستثناء، على اعتبار أننا في نظام مركزي يخضع فيه الجميع لنفس الأنظمة، لكن الرد الشفوي كان أننا في المديرية ليس لنا علاقة بما هو مطبق في المحافظات الاخرى، وأن هذا مشروع المديرية الذي تراهن عليه...!
وإذا كان هذا مشروع المديرية فإين الرؤية للمشروع؟ أين مبرراته؟ ما هي منطلقاته؟ وإلى ما يهدف؟ وكيف سيخدم عملنا نحن كمشرفين؟ وكيف سيخدم التعليم والتربية؟
كل هذه التسؤلات بقيت ولا زالت دون إجابة حتى اليوم، فالادارة تفترض أننا نعرف الاجابة، والحقيقة نحن نتساءل هل الادارة تعرف الاجابة؟!
كان الغموض من تطبيق البصمة كبير، فقد كانت لدينا مخاوف صحية، وبالذات لدينا نحن الموظفات، إضافة للمخاوف المتعلقة بجوانب العمل، في شقها الاداري، والمالي، فبحسب ما يتداول فالبرنامج يحتسب الدقائق التي ما أن تصل إلى ٧ ساعات حتى يحتسب على الموظف يوم غياب، وهذا مبعث تساؤلات عدة؛ ماذا عن زيارات المدارس البعيدة؟ وماذا عن تعطل الجهاز وبالتالي عدم تعرفه لبصمة الموظف؟ وماذا عن الأيام التي يقوم فيها المشرف بالتدريب أو حضور الاجتماعات أو الحفلات ...الخ؟
ماذا عندما نزور مدرسة ولا نجد معلم المادة فنضطر لتعديل الخطة وزيارة مدرسة أخرى أو الذهاب للمكتب؟
جميع هذه الاسئلة كانت تتردد دون إجابات واضحة.
ماذا عن كون عملنا لا يقتصر على الحضور والانصراف فقط؟!
وكان لهذه المخاوف أن تحل باجتماع عام لجميع مشرفي الدائرة بالمدير العام حتى يتم الاجابة عن تلك الاستفسارات، وتتم تهدئة المخاوف ومثيرات القلق.
في المقابل كان الرد على ممانعة المشرفين لتعريف بصمتهم هو اتهام الادارة لهم بعدم الانضباط وعدم التقيد بمواعيد العمل الرسمية!!
وبالفعل حدث الاجتماع ولكنه اجتماع ضيق حضره المشرفون الاوائل، اجاب فيه المدير العام عن مخاوف المشرفين أن البرنامج لضبط الحضور وتوثيقه، أما الاستئذان وغيره من الاعذار فيتم البت فيها كما كان في السابق بمعنى يرجع فيها لرئيس القسم، وهو من يقدرها..
في المقابل طرح المشرفون الاوائل عدة مطالب هي قانونا من حق المشرف التربوي ولكن تم التنازل عنها طوعيا وفقا لمبدأ المرونة السابق ذكره، وتسهيلا لانسياب العمل، ومن هذه الحقوق؛ عدم الانتقال من مقر العمل لأي مكان قريب أو بعيد سوى بسيارة تابعة للعمل، وعدم استخدام الهواتف الشخصية لأغراض العمل، وعدم القيام بأية أعمال خارج أوقات الدوام الرسمي، فرد عليهم المدير العام بأن أحدا لم يطلب منهم القيام بعمل خارج أوقات الدوام.
المشكلة أن هذه الأعمال لايمكن للمشرف التربوي أن يتجنها، فكيف لا أرد على استفسار مدرسة من المدارس؟ وكيف لا استجيب لطلب معلمة من معلماتي، سواء في وقت الدوام أو خارجه؟
هل حقا تستطيع المديرية توفير نقل لتحرك الموظفين من المديرية من إلى جميع المدارس؟ ومن المديرية للتدريب؟!
ماذا عن أيام التصحيح في اختبارات النقل، وما يظهر من تعديلات في نماذج الاجابة؟
بعد هذا الاجتماع وبعد التطمينات الشفوية من المدير العام، قام عدد كبير من المشرفين بتعريف بصمتهم، وبقي عدد كبير آخر رافضا لتعريف البصمة.
منطق الفريق الأول أن هذا ما يريده المدير العام وهو مصر عليه، فلم العناد والمكابرة؟
أما منطق الفريق الثاني فهو أن الغموض لا يزال وأن من الظلم مساواة المشرف التربوي بغيره، وأن الأساس القانوني للقرار غير واضح..
فقمنا برفع رسالة لمعالي وزيرة التربية والتعليم، وأيضا تم التوقيع عليها من قبل أغلبية المشرفين، لطلب مقابلة معاليها، والاستفسار حول مدى صلاحية المدير العام لسن مثل هذا النظام، وطلب مساواتنا بزملائنا من بقية المحافظات التعليمية، وبعد فترة انتظار جاء الرد بأن للمدير العام الحق في اتخاذ النظام الذي يريده باعتباره رئيسا للوحدة.
أما طلب المقابلة فلم تتم الاستجابة له حتى الآن,,
ولم نكن نعرف أن الوزارة أعطت صلاحيات واسعة لمديري العموم يستحدثون ما يشاءون من أنظمة، فهل توجد أنظمة للرقابة والمتابعة في المقابل، لتقييم جدارة مثل هذه القرارات، وفعاليتها، وما يترتب عليها من آثار؟!
في تلك الفترة تم اصدار قرار بإلغاء أي نظام لتوثيق الحضور والانصراف سوى عن طريق البصمة، وبالتالي يعتبر من لا يوثق حضوره عن طريق نظام البصمة متغيبا عن العمل...!!
في المقابل طالبنا نحن الذين لا نزال نرفض تعريف بصمتنا بتوضيحات مكتوبة للاجراءات المتبعة لتطبيق النظام، والعقوبات القانونية والمالية المتربة عليه، وللاسف لم نحصل على شيء من ذلك...
كل هذا وسط ضعوط نفيسية قوية، وأخذ ورد واتهامات من هنا وهناك بالتقصير، وعدم الانضباط!
ومع انخراطنا في العمل، بكثافته المعتادة، وتزايد حجم الضغوطات،...جعلت غالبية من بقي ولم يعرف بصمته بعد لديهم الرغبة في التخلص من هذه الضغوط وتعريف بصمتهم على اعتبار أن جميع الفنيين في دوائر المديرية الاخرى قاموا بتعريف بصمتهم..وأن الأمر لا يستدعي أية معارضة!
اجتمع بنا نائب مدير الدائرة، وأبلغناه موافقتنا، على أن نقوم بتعريف بصمتنا في وقت لاحق.
في ذلك الوقت الذي كان الكل شبه مجمع على تعريف البصمة، تقدم البعض، وتأخر البعض الآخر لظروف العمل ومتابعة المدارس، بدأ توزيع فوائض الميزانة، وهذه الفوائض التي توزع وفقا لضوابط تتغير سنويا، يعطى منها من يراد له ويحرم منها من لا يراد له، وضع لها هذه السنة بالذات ضابط واحد وهو عدد سنوات الخبرة، لتحدد اسماء المستحقين، ورصدت القوائم بأسماء من يستحقون الحصول على هذه المكافأة المالية، وتم ابلاغهم بذلك، غير أن المدير العام أصدر أمره باستبعاد الموظفين الذين لم يعرفوا بصمتهم بعد..!!
لقد تحول الامر من ضغط نفسي وإداري إلى ابتزاز مالي، تحول لصفعة لمن أعطي ولمن استبعد، وكأنها ليست مكافأة بل عقاب، أو ثمن لقبول نظام ليس فيه ما يسكت الضمير أو يقنع العقل سوى ثمن هذه المكافأة....
وبعد،،
لسنا قانونيين لنعرف الصواب في مثل هذه القرارات أو خطئها إداريا..
ولكننا تربويين ونعلم أن قهر الانسان وإرغامه لن يجعل عمله أفضل..
نعم
استطاعت الادارة تحقيق هدفها بفرض النظام، ولكن هل تساءلنا عن الثمن الذي دفعته الدولة ودفعناه نحن في سبيل انجاح هذا القرار؟
فمن الواضح أن:
1- النظام لم يغير شيئا في نظام الحضور والانصراف، فهو لا يزال تحت تصرف الرئيس في العمل سواء المباشر أو غير المباشر... وهو لا يزال بلا لوائح واضحة، ولا ممارسات شفافة، يمكن لم يراد له التغيب التغيب، ويمكن أن يبقى سيفا مسلطا على من هم غير مرضي عنهم.
2- الادارة لا تستطيع تثمين عمل المعرفة الذي يؤديه المشرف التربوي، فلا ترى فيه المشخص كالطبيب، ولا مصدر الأحكام والمقيم كالقاضي، ولا الباحث الذي يكتب أوراق العمل الموثقة، ولا صانع أداة التقييم (الاختبارات)، هي لا تثمن كل هذا ولا تعتبره، وإنما تعتبر قوائم الحضور، والانصراف، وتعيرنا بشبح مجهول لمشرفين لم ينضبطوا في أعمالهم، فهل وجود المقصر يبرر معاقبة المنضبطين، أو معاملتهم كما لو كانوا مذنبين مطالبين بإثبات براءتهم؟!
هل هو ذنب المشرف التربوي في كون دوائر تنمية الموارد البشرية لم تجد نظام مرض لها في قياس فعالية المشرف التربوي، والتمييز بين المجيد وغير المجيد منهم؟!
3- على حين تعلي الادارة الحديثة من شأن الإنسان واستنهاض قدرته على الإبداع والمبادرة يكون مشروع الادارة معنا هو نظام لتوثيق الحضور والانصراف، فإذا كان الاداري والموظف ينحصر عمله في وجوده في مكان معين، خلال زمن معين لانجاز أعمال الناس، وتيسير انسياب العمل، فإن عمل الفني (المعلم، المشرف التربوي) لا يتوقف على حضوره وانصرافه، فقد نجد المشرف التربوي بسجل حضور كامل ولكنه لم يقدم شيئا للتربية أو التعليم.
أين المشاريع التي تنمي الابداع، وتشجع المبادرات؟ وتحيي في المبدع إبداعه، واعتزازه بما يفعل؟
4- إن أخطر ما حدث خلال هذا العام هو الاسلوب المهين، والقاتل للثقة الذي استخدم في تطبيق هذا النظام، أوامر، وتهديد مبطن، وغموض، دون تقديم توضيحات، ودون تفهم المعترضين واستيعاب منطقهم، تلك الثقة التي بنتها سنوات طويلة من عمل مشرفين تربويين، عملوا بجد وإخلاص في سبيل التعليم، والنهوض به،
لقد قتلت مثل هذه القرارات روح القيادية في المشرف التربوي، في كونه حرا مسئولا يستطيع اتخاذ قرارات واضحة وذات نفع عام عن قناعة، ورضا دون إجبار أو تهديد.
القيادية التي تقرها للمشرف التربوي كل الادبيات التربوية والممارسات المتبعة طوال سنوات، وتنفيها عنه الإدارة الآن.
5- لقد صرف على تطبيق البرنامج وشراء الاجهزة الكثير، ووصل بحسب ما هو متداول إلى أكثر من 50 ألف ريال عماني، أجهزة أصبح جزءا كبيرا منها لا يعمل، فهل عاد هذا المبلغ بشيء لخدمة التعليم؟! هل رفع المستوى التحصيلي للطلبة؟ هل زاد من فعالية العمل؟ هل حد من غياب الموظفين؟
أم زادت الصراعات والضغوط النفسية بين الموظفين؟ زاد التذمر وحالات عدم الرضا عن العمل؟
لقد طبق النظام، ومارس كل منا عمله كما اعتاد أن يفعل، ولكن البرنامج لم يعزز دافعية المشرف التربوي للعمل، ولا زاد فخره بجدارة ما يفعل، ولا اعتزازه بهويته كمشرف تربوي.
وبعد،،
إننا نحتاج لسرد هذه الأحداث والوقائع لأنها جعلت من هذا العام صعبا ومراً.
لأن ما حدث لم يكن عادلا، ولا يليق هذا التعامل مع الإنسان فكيف بمهني له ما له من تاريخ في عمله ومهنته.
مع تتعدد مداخل الادارة، بحسب الأدبيات التربوية، بين الادارة التقليدية، والإنسانية والإدارة بالمعرفة ...الخ، ولكن يجمعها جميعا الحرص على الانسان، وعلى الإنتاج، الحرص على الموارد ولكن ما هو واضح أن الإدارة لم تدير الانسان، بل سعت إلى قهره، لطعن انتماءه لمهنته.
بل وطوعت ما أتيح لها من موارد في سبيل هذه الغاية.
فيا وزارة التربية والتعليم إلى أين تسيرين؟
حينما تغيبين الانسان؟
ويتم التلاعب بالقوانين؟
وتستخدم الموارد لقهر الانسان؟
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/~moeoman/vb/showthread.php?t=512325&goto=newpost)
بل سيقولون : لقد صمت الشعراء "
- برتولد بريشت
سأعمل على أن أروي بموضوعية واختصار ما أمكن، كيف تم تطبيق نظام تعريف الحضور بالبصمة على المشرفين التربويين في محافظتنا محافظة شمال الشرقية، محاولة قدر الامكان الابتعاد عن شخصنة الموضوع، مع الاحتفاظ بالتقدير الكامل لجميع من ترد مسمياتهم الوظيفية، أثناء عرض الموضوع الذي كان محور تدور حوله أحداث هذا العام.
هدفي من طرح الموضوع خاصة الآن بعد تطبيقه لمدة ستة أشهر، إجراء مراجعة لمنطلقات القرار، والاجراءات الادارية التي استخدمت في تطبيقه، ما هي حجج الاثبات التي اتبعتها الادارة في فرض القرار، وما هي حجج المعترضين، والاساليب التي اتبعتها الادارة في مواجهة هذه الحجج, وإلى أين وصلنا بعد هذا القرار؟.إلى أي حد رفع من الانتظام في العمل، وأدى إلى تحسين التربية أو التعليم؟
وسأقصر حديثي على المشرفين التربويين باعتباري منهم، يمكنني الحديث عن واقعهم بدقة، كما استطيع فهم اعتراضاتهم ومخاوفهم وما أنتجه تطبيق القرار عليهم فيما بعد..
في البداية لن نناقش الظلم في تطبيق قانون الخدمة المدنية على التعليم والوظائف المرتبطة به، فهي مبحث طويل، ولكن طالمنا تمتعنا نحن المشرفون بنوع من المرونة المكللة بالثقة باعتبارنا عين المديرية وشاهدها على مجريات العمل في الميدان، والمراقبين لجودة التعليم وحسن سيره، بما يعنيه ذلك من قطع آلاف الكيلومترات شهريا في سبيل الوصل لمدارس المحافظة الممتدة على طول جغرافيتها، ومع ما قد يجد من ظروف قد تكون مهيئة داخل بعض المدرسة، وقد لا تكون مهيئة نتحملها بصبر وتجمل، نعذر ونعذر.
ثقة رافقها تكليف المشرف التربوي بأغلب الاعمال الصعبة، (الاعمال التي تتطلب جهدا معرفيا، وذهنيا عاليا) في المديرية، فهو المدرب، وواضع أوراق العمل في أغلب البرامج التدريبية، وهو واضع الاختبارات الفصلية، وعضو في جميع لجان المديرية، والمتابع لبرامج الوزارة ومسابقاتها، ومشاريعها، هو من يكلف بمتابعة تحمل مشاكل النقص في أعداد المعلمين وانتداب معلمين بين المدارس، وتوزيع الجدول المدرسي في بعض الاحيان، وقد يقوم مقام المعلم ويشرح الدروس في حال وجود نقص في المدارس.
كل هذا ونحن مع المعلمين في إجازاتهم السنوية المحددة، التي لا تتغير، ولا فرق بيننا وبين المعلمين الاوائل الذين هم مقيمون في مدارسهم في العلاوة الفنية سوى بمبلغ 10 ريالات..
بدأ هذا العام الدراسي ٢٠١٢ / ٢٠١٣م بتداول خبر تطبيق "نظام البصمة"، أو "توثيق الحضور عن طريق البصمة" على جميع موظفي التربية سواء في المديريات والمدارس، وترافق مع تأكيد المسئولين في دائرتنا على أن هذا النظام سيطبق على المشرفين التربويين أثناء العمل المكتبي وفي المدارس، وسط رفض بالغ من قبل هؤلاء المشرفين، واستياءهم، رفض يبرره رفض المساواة بين الموظف الاداراي الذي ينحصر عمله في مكتب، وبين المشرف التربوي الذي يجوب مدارس المحافظة، فتطبيق نظام البصمة بما يمثله من توثيق يومي دقيق مع مقارنته بمن لهم مقار عمل ثابتة أمر غير منصف للمشرف التربوي، وسيكون مدانا سلفا بالتقصير والتأخر عن عمله، إنه أشبه بمقولة "ستكون السمكة فاشلة إذا قيمتها في قدرتها على الطيران"
كان القرار الذي أصدره المدير العام (القرار الذي نسمع به، ولم نراه مكتوبا قط) يقضي باستثناء نفسه، وبعض المقربين من اثبات الحضور والانصراف عن طريق البصمة، كما استثنى مديروا الدوائر ونوابهم..!
وفي هذا الاستثناء حتف القرار، وإعلان عن موت العدالة فيه، فما المبرر للاستثناء طالما الهدف الضبط، وتوثيق سير العمل، وهكذا أصبح هناك من هو فوق القانون وهناك من هم تحت القانون، كان هناك شريف لا يقام عليه الحد، ووضيع تقطع يده.. كما أشار الحديث النبوي الشريف..!
استفسارنا عن تطبيق هذا النظام في محافظات السلطنة الأخرى فوجدنا أغلب المحافظات تستثني المشرف التربوي من البصمة
فقمنا بتوجيه رسالة لمديرنا العام وقع عليها أغلب المشرفين لطلب الاستثناء، على اعتبار أننا في نظام مركزي يخضع فيه الجميع لنفس الأنظمة، لكن الرد الشفوي كان أننا في المديرية ليس لنا علاقة بما هو مطبق في المحافظات الاخرى، وأن هذا مشروع المديرية الذي تراهن عليه...!
وإذا كان هذا مشروع المديرية فإين الرؤية للمشروع؟ أين مبرراته؟ ما هي منطلقاته؟ وإلى ما يهدف؟ وكيف سيخدم عملنا نحن كمشرفين؟ وكيف سيخدم التعليم والتربية؟
كل هذه التسؤلات بقيت ولا زالت دون إجابة حتى اليوم، فالادارة تفترض أننا نعرف الاجابة، والحقيقة نحن نتساءل هل الادارة تعرف الاجابة؟!
كان الغموض من تطبيق البصمة كبير، فقد كانت لدينا مخاوف صحية، وبالذات لدينا نحن الموظفات، إضافة للمخاوف المتعلقة بجوانب العمل، في شقها الاداري، والمالي، فبحسب ما يتداول فالبرنامج يحتسب الدقائق التي ما أن تصل إلى ٧ ساعات حتى يحتسب على الموظف يوم غياب، وهذا مبعث تساؤلات عدة؛ ماذا عن زيارات المدارس البعيدة؟ وماذا عن تعطل الجهاز وبالتالي عدم تعرفه لبصمة الموظف؟ وماذا عن الأيام التي يقوم فيها المشرف بالتدريب أو حضور الاجتماعات أو الحفلات ...الخ؟
ماذا عندما نزور مدرسة ولا نجد معلم المادة فنضطر لتعديل الخطة وزيارة مدرسة أخرى أو الذهاب للمكتب؟
جميع هذه الاسئلة كانت تتردد دون إجابات واضحة.
ماذا عن كون عملنا لا يقتصر على الحضور والانصراف فقط؟!
وكان لهذه المخاوف أن تحل باجتماع عام لجميع مشرفي الدائرة بالمدير العام حتى يتم الاجابة عن تلك الاستفسارات، وتتم تهدئة المخاوف ومثيرات القلق.
في المقابل كان الرد على ممانعة المشرفين لتعريف بصمتهم هو اتهام الادارة لهم بعدم الانضباط وعدم التقيد بمواعيد العمل الرسمية!!
وبالفعل حدث الاجتماع ولكنه اجتماع ضيق حضره المشرفون الاوائل، اجاب فيه المدير العام عن مخاوف المشرفين أن البرنامج لضبط الحضور وتوثيقه، أما الاستئذان وغيره من الاعذار فيتم البت فيها كما كان في السابق بمعنى يرجع فيها لرئيس القسم، وهو من يقدرها..
في المقابل طرح المشرفون الاوائل عدة مطالب هي قانونا من حق المشرف التربوي ولكن تم التنازل عنها طوعيا وفقا لمبدأ المرونة السابق ذكره، وتسهيلا لانسياب العمل، ومن هذه الحقوق؛ عدم الانتقال من مقر العمل لأي مكان قريب أو بعيد سوى بسيارة تابعة للعمل، وعدم استخدام الهواتف الشخصية لأغراض العمل، وعدم القيام بأية أعمال خارج أوقات الدوام الرسمي، فرد عليهم المدير العام بأن أحدا لم يطلب منهم القيام بعمل خارج أوقات الدوام.
المشكلة أن هذه الأعمال لايمكن للمشرف التربوي أن يتجنها، فكيف لا أرد على استفسار مدرسة من المدارس؟ وكيف لا استجيب لطلب معلمة من معلماتي، سواء في وقت الدوام أو خارجه؟
هل حقا تستطيع المديرية توفير نقل لتحرك الموظفين من المديرية من إلى جميع المدارس؟ ومن المديرية للتدريب؟!
ماذا عن أيام التصحيح في اختبارات النقل، وما يظهر من تعديلات في نماذج الاجابة؟
بعد هذا الاجتماع وبعد التطمينات الشفوية من المدير العام، قام عدد كبير من المشرفين بتعريف بصمتهم، وبقي عدد كبير آخر رافضا لتعريف البصمة.
منطق الفريق الأول أن هذا ما يريده المدير العام وهو مصر عليه، فلم العناد والمكابرة؟
أما منطق الفريق الثاني فهو أن الغموض لا يزال وأن من الظلم مساواة المشرف التربوي بغيره، وأن الأساس القانوني للقرار غير واضح..
فقمنا برفع رسالة لمعالي وزيرة التربية والتعليم، وأيضا تم التوقيع عليها من قبل أغلبية المشرفين، لطلب مقابلة معاليها، والاستفسار حول مدى صلاحية المدير العام لسن مثل هذا النظام، وطلب مساواتنا بزملائنا من بقية المحافظات التعليمية، وبعد فترة انتظار جاء الرد بأن للمدير العام الحق في اتخاذ النظام الذي يريده باعتباره رئيسا للوحدة.
أما طلب المقابلة فلم تتم الاستجابة له حتى الآن,,
ولم نكن نعرف أن الوزارة أعطت صلاحيات واسعة لمديري العموم يستحدثون ما يشاءون من أنظمة، فهل توجد أنظمة للرقابة والمتابعة في المقابل، لتقييم جدارة مثل هذه القرارات، وفعاليتها، وما يترتب عليها من آثار؟!
في تلك الفترة تم اصدار قرار بإلغاء أي نظام لتوثيق الحضور والانصراف سوى عن طريق البصمة، وبالتالي يعتبر من لا يوثق حضوره عن طريق نظام البصمة متغيبا عن العمل...!!
في المقابل طالبنا نحن الذين لا نزال نرفض تعريف بصمتنا بتوضيحات مكتوبة للاجراءات المتبعة لتطبيق النظام، والعقوبات القانونية والمالية المتربة عليه، وللاسف لم نحصل على شيء من ذلك...
كل هذا وسط ضعوط نفيسية قوية، وأخذ ورد واتهامات من هنا وهناك بالتقصير، وعدم الانضباط!
ومع انخراطنا في العمل، بكثافته المعتادة، وتزايد حجم الضغوطات،...جعلت غالبية من بقي ولم يعرف بصمته بعد لديهم الرغبة في التخلص من هذه الضغوط وتعريف بصمتهم على اعتبار أن جميع الفنيين في دوائر المديرية الاخرى قاموا بتعريف بصمتهم..وأن الأمر لا يستدعي أية معارضة!
اجتمع بنا نائب مدير الدائرة، وأبلغناه موافقتنا، على أن نقوم بتعريف بصمتنا في وقت لاحق.
في ذلك الوقت الذي كان الكل شبه مجمع على تعريف البصمة، تقدم البعض، وتأخر البعض الآخر لظروف العمل ومتابعة المدارس، بدأ توزيع فوائض الميزانة، وهذه الفوائض التي توزع وفقا لضوابط تتغير سنويا، يعطى منها من يراد له ويحرم منها من لا يراد له، وضع لها هذه السنة بالذات ضابط واحد وهو عدد سنوات الخبرة، لتحدد اسماء المستحقين، ورصدت القوائم بأسماء من يستحقون الحصول على هذه المكافأة المالية، وتم ابلاغهم بذلك، غير أن المدير العام أصدر أمره باستبعاد الموظفين الذين لم يعرفوا بصمتهم بعد..!!
لقد تحول الامر من ضغط نفسي وإداري إلى ابتزاز مالي، تحول لصفعة لمن أعطي ولمن استبعد، وكأنها ليست مكافأة بل عقاب، أو ثمن لقبول نظام ليس فيه ما يسكت الضمير أو يقنع العقل سوى ثمن هذه المكافأة....
وبعد،،
لسنا قانونيين لنعرف الصواب في مثل هذه القرارات أو خطئها إداريا..
ولكننا تربويين ونعلم أن قهر الانسان وإرغامه لن يجعل عمله أفضل..
نعم
استطاعت الادارة تحقيق هدفها بفرض النظام، ولكن هل تساءلنا عن الثمن الذي دفعته الدولة ودفعناه نحن في سبيل انجاح هذا القرار؟
فمن الواضح أن:
1- النظام لم يغير شيئا في نظام الحضور والانصراف، فهو لا يزال تحت تصرف الرئيس في العمل سواء المباشر أو غير المباشر... وهو لا يزال بلا لوائح واضحة، ولا ممارسات شفافة، يمكن لم يراد له التغيب التغيب، ويمكن أن يبقى سيفا مسلطا على من هم غير مرضي عنهم.
2- الادارة لا تستطيع تثمين عمل المعرفة الذي يؤديه المشرف التربوي، فلا ترى فيه المشخص كالطبيب، ولا مصدر الأحكام والمقيم كالقاضي، ولا الباحث الذي يكتب أوراق العمل الموثقة، ولا صانع أداة التقييم (الاختبارات)، هي لا تثمن كل هذا ولا تعتبره، وإنما تعتبر قوائم الحضور، والانصراف، وتعيرنا بشبح مجهول لمشرفين لم ينضبطوا في أعمالهم، فهل وجود المقصر يبرر معاقبة المنضبطين، أو معاملتهم كما لو كانوا مذنبين مطالبين بإثبات براءتهم؟!
هل هو ذنب المشرف التربوي في كون دوائر تنمية الموارد البشرية لم تجد نظام مرض لها في قياس فعالية المشرف التربوي، والتمييز بين المجيد وغير المجيد منهم؟!
3- على حين تعلي الادارة الحديثة من شأن الإنسان واستنهاض قدرته على الإبداع والمبادرة يكون مشروع الادارة معنا هو نظام لتوثيق الحضور والانصراف، فإذا كان الاداري والموظف ينحصر عمله في وجوده في مكان معين، خلال زمن معين لانجاز أعمال الناس، وتيسير انسياب العمل، فإن عمل الفني (المعلم، المشرف التربوي) لا يتوقف على حضوره وانصرافه، فقد نجد المشرف التربوي بسجل حضور كامل ولكنه لم يقدم شيئا للتربية أو التعليم.
أين المشاريع التي تنمي الابداع، وتشجع المبادرات؟ وتحيي في المبدع إبداعه، واعتزازه بما يفعل؟
4- إن أخطر ما حدث خلال هذا العام هو الاسلوب المهين، والقاتل للثقة الذي استخدم في تطبيق هذا النظام، أوامر، وتهديد مبطن، وغموض، دون تقديم توضيحات، ودون تفهم المعترضين واستيعاب منطقهم، تلك الثقة التي بنتها سنوات طويلة من عمل مشرفين تربويين، عملوا بجد وإخلاص في سبيل التعليم، والنهوض به،
لقد قتلت مثل هذه القرارات روح القيادية في المشرف التربوي، في كونه حرا مسئولا يستطيع اتخاذ قرارات واضحة وذات نفع عام عن قناعة، ورضا دون إجبار أو تهديد.
القيادية التي تقرها للمشرف التربوي كل الادبيات التربوية والممارسات المتبعة طوال سنوات، وتنفيها عنه الإدارة الآن.
5- لقد صرف على تطبيق البرنامج وشراء الاجهزة الكثير، ووصل بحسب ما هو متداول إلى أكثر من 50 ألف ريال عماني، أجهزة أصبح جزءا كبيرا منها لا يعمل، فهل عاد هذا المبلغ بشيء لخدمة التعليم؟! هل رفع المستوى التحصيلي للطلبة؟ هل زاد من فعالية العمل؟ هل حد من غياب الموظفين؟
أم زادت الصراعات والضغوط النفسية بين الموظفين؟ زاد التذمر وحالات عدم الرضا عن العمل؟
لقد طبق النظام، ومارس كل منا عمله كما اعتاد أن يفعل، ولكن البرنامج لم يعزز دافعية المشرف التربوي للعمل، ولا زاد فخره بجدارة ما يفعل، ولا اعتزازه بهويته كمشرف تربوي.
وبعد،،
إننا نحتاج لسرد هذه الأحداث والوقائع لأنها جعلت من هذا العام صعبا ومراً.
لأن ما حدث لم يكن عادلا، ولا يليق هذا التعامل مع الإنسان فكيف بمهني له ما له من تاريخ في عمله ومهنته.
مع تتعدد مداخل الادارة، بحسب الأدبيات التربوية، بين الادارة التقليدية، والإنسانية والإدارة بالمعرفة ...الخ، ولكن يجمعها جميعا الحرص على الانسان، وعلى الإنتاج، الحرص على الموارد ولكن ما هو واضح أن الإدارة لم تدير الانسان، بل سعت إلى قهره، لطعن انتماءه لمهنته.
بل وطوعت ما أتيح لها من موارد في سبيل هذه الغاية.
فيا وزارة التربية والتعليم إلى أين تسيرين؟
حينما تغيبين الانسان؟
ويتم التلاعب بالقوانين؟
وتستخدم الموارد لقهر الانسان؟
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (http://forum.moe.gov.om/~moeoman/vb/showthread.php?t=512325&goto=newpost)