تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (الخليج) أحمد العسم . . الشاعر الذي عدّ النجوم



الرسمي
26-08-2013, 10:53 AM
أحمد العسم . . الشاعر الذي عدّ النجوم




http://im41.gulfup.com/xzyOT.jpg (http://www.gulfup.com/?9TpYdD)




قريباً من البحر وبعينين شاخصتين إلى السماء كان أحد الأطفال بسنواته القليلة من عمره يقضي الليل بطوله، أغراه الضوء في سطوع النجوم، فصار يحاول عدّها، وفي كل مرة كانت تمر غيمة عابرة تعيد إليه رشده وتربك ما وصل إليه من أرقام ليبدأ من جديد، إلا أن ذلك لم يكن يثنيه عن هاجسه، وكأنما تلك العادة التي ما انفك يمضي الليالي فيها تؤشر إلى ضوء يشع في قلبه، سيصير بعد حين قصيدة تفيض صوراً وكنايات .

كما لو أن القصيدة تمضي به إلى قدره، كان يبدو متفرداً، فلم يكن مهجوساً بالنجوم وعدها وحسب، بل كان يهوى تسلق أسطح المنازل ومراقبة الفضاء من حوله، وفي الوقت الذي كان أقرانه يتحاشون مجالسة من هم اكبر منهم، ويمضون النهار في زقاق الحي وفي اللهو على رمال البحر، كان الفتى يكوّر نفسه في زاوية مجالس كبار السن، وينصت إلى الحكايات التي يرونها ويستمع إلى القصائد والمرويات الشعبية .

هكذا تروي الفصول الأولى من سيرة الشاعر أحمد العسم، فمنذ طفولته بدا جليس الحكايات، والفتى الشقي الذي نسج مع البحر والسماء علاقة صداقة حميمة، حتى باتا الرفيق الذي يفضي لهما بكل أسراره، ويستمع منهما إلى حكايات، صارت بعد سنوات قصائد ترسم هويته كشاعر صاحب تجربة متفردة .

ولد العسم في فريج محارة في رأس الخيمة عام ،1964 وهناك عاش طفولة خصبة بالحكايات، ومشغولة بالإبداع، إذ حالفه الحظ حين جاء من فريج معظم أبناءه من المبدعين في المجالات الأدبية، منهم الشاعر ومنهم القاص والآخر الروائي، فأسهم المناخ الذي نشأ فيه والأفراد الذين احتك بهم في صياغة تجربته الشعرية .

أكمل العسم دراسته الابتدائية في مدرسة القاسمية التي كانت في تلك السنوات - خلال حقبة السبعينات من القرن الماضي - وانتقل بعد ذلك إلى مدرسة الصدّيق ليكمل المرحلة الثانوية، وهناك شعر أن أحداً دفع بقارب العمر فراح يمضي في بحر الحياة، ويبتعد عن شاطئ الطفولة واللهو، أبحر حتى غاب عنه صوت الرمل، فصارت الطفولة في ذهنه ذكريات لا يكف عن استعادتها .

وما أن أنهى المرحلة الثانوية حتى التحق بالجامعة بين عامي 1984-،1985 لكن سنوات منتصف الثمانينات هذه كانت غنية بالفرص، والوظائف الشاغرة التي تنتظر أبناء الدولة، فقرر بين ليلة وضحاها أن يترك الجامعة ويلتحق بالحياة المهنية، ليبدأ حينها حياة المسؤول والمعيل .

لم يغفل العسم عن الطاقة التي تدفع به إلى حيز الورق، وتتركه يهيم في اللاوعي ليخرج بنصوص تجعله يعيش الحياة في أكثر من زمن وأماكن عديدة، فمنذ النص الأول الذي لا يغيب عن باله أبداً، بدأ مشواراً من المطالعة والتعلم الذاتي، حتى بات اليوم واحداً من التجارب الشعرية الحداثية المجددة في الحراك الشعري في الإمارات .

بدأت حكاية الكتابة لدى العسم منذ منتصف السبعينات، حين كتب خاطرة لم تغب عن باله إلى اليوم، وتواصلت من بعدها النصوص خلال سنوات الدراسة، إلى أن نشر أول قصيدة له عام ،1984 في صحيفة “الخليج”، وكانت عمودية موزونة حملت عنوان “دعيني وارحلي” كان مطلعها: غداً قد يأتي العيد حاملاً ذكراكي/ فاذكريني أنت يا من كان العيد يوم لقاكي .

تركت القصيدة أثراً، وتنبه له العديد من أسماء الشعر حينها، ودفع به ذلك إلى مساحة أكثر جدية، يعمل فيها على صياغة وتطوير مشروعه الشعري، فانفتح على الإذاعة لتشكل له بوابة الدخول إلى المشهد الثقافي، وتعرف حينها إلى الشاعر عبدالله السبب، الذي سيصبح بعد ذلك رفيقه في جماعة “الشحاتين” الشعرية، حيث التقيا في برنامج “نادي المستمعين” الذي كانت تقدمه الإعلامية السودانية أميمة الحسن .

من تلك اللقاءات انبثقت جماعة الشحاتين؛ الحركة الشعرية المتمردة التي أسسها العسم مع عبدالله السبب، وماهر عبود، وإبراهيم يونس، حيث اجتمعوا ووجدوا أنهم يسيرون على خطى فكرية وشعرية تجعلهم في درب واحد أطلقوا عليه اسم “الشحاتين” .

واجهت الحركة رفضاً من الجمهور ولم يتقبلوا توجههم والكتابات التي يقدمونها، إلا أن ذلك لم يثنهم عن مشروعهم، بل زاد من تمسكهم بمنطلقاتهم الرافضة للتقليد والإبداع الجامد، فرسخوا أهدافهم للتطوير والتناغم مع متطلبات الحداثة في الشعر، فكتبوا نصاً مشتركاً بعنوان “قصيدة الشحاتين” .

أصدر العسم طوال تجربته الشعرية العديد من الدواوين منها ما هو باللغة الفصحى ومنها ما هو بالعامية، فكان ديوانه الأول “مشهد في رئتي” 1998 يحمل النمطين، في حين جاء “يحدث هذا فقط” ،2002 و”الفائض من الرف” 2008 بالفصحى، وجاء “ورد عمري “ ،2003 و”صوت الرمان” 2010 بالعامية .

ترأس العسم الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات - فرع رأس الخيمة منذ عام ،2000 وهو عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وعضو مؤسس جماعة الشحاتين، وعضو مؤسس في مركز رأس الخيمة للتوحد، وعضو مؤسس في مجلة الملتقى الأدبي .



*** منقول ***