تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع هام



حواليكم
26-09-2013, 07:14 PM
هل المعلم العماني متذمر وبلا ضمير حقا ؟

مقال الكاتبة هدى حمد في جريدة عمان
نوافذ .. الصبي مفقود !

هدى حمـد - جريدة عمان

دفع الباب لأكثر من مرّة فلم يستجب لضرباته الهزيلة. رفع صوته فارتطم بالصدى ثم عاد خائبا. تكوم على جسده الصغير وبكى. ترك حقيبته المدرسية بجوار الحافلة، عندما فاجأته رغبته بالذهاب إلى دورة المياه. علِق الباب، ولم يتمكن الصبي وجسده الصغير من فتحه.

شاهدت المعلمة الحقيبة فقالت في نفسها: “ربما ركب الصبي الحافلة ونسي الحقيبة كعادة طلبة الصف الأول الابتدائي”. قالت البنت لسائق الحافلة: “أخوي ما ركب الحافلة”.

قال السائق بضيق: “هذي ما مسؤوليتي”. عندما وصلت الأختُ إلى البيت تلقفها أبوها وأمها بالسؤال: “وين أخوك؟”. قالت: “ما أعرف. خبرت راعي الحافلة وقال ما مسؤوليتي”.

انطلق الأب برفقة الأم إلى المدرسة، بعد أن مرّت ساعة كاملة على اختفاء الصبي. تعالت نبرة الغضب.
المعلمة قالت: “إنه دور إضافي فوق دوري في مهمة التدريس. فهل ينبغي أن أدرس الطلبة وأصحح كتبهم ودفاترهم واحضر لامتحاناتهم، وأراقب دخول هذه الأعداد الكبيرة إلى الحافلات؟”.

قذف الوالدان الكرة في ملعب السائق، فقال السائق: “أنا سائق ولديّ وقت محدد للانطلاق، وأمام هذا الكم الهائل من الرؤوس بين الواقف والجالس، كيف لي أن أتذكر من ركب ومن لم يركب!”

كبرت القصة. مرت الساعة الثانية في البحث في الصفوف وحوش المدرسة، فيما كان رعب الطفل الوحيد يزداد. بعد بحث مرير عثروا عليه، منكمشا على نفسه. يرتجف خوفا. احتضن أمه وبكى دونما انقطاع.

السؤال: هل يمكن لمعلمة أو لاثنتين أو لثلاث معلمات بعد يوم طويل من العناء والتدريس أن يقفن تحت لسعات الشمس لتوزيع ما يقرب من 800 طالب وطالبة داخل الباصات من دون أن يقع خطأ كهذا؟

يتكرر هذا السيناريو كل عام. تتغير بعض التفاصيل، فبدلا من أن يُنسى في دورة المياه، يمكن أن ينسى في الحافلة ويموت مختنقا، أو ينسى في حجرة الصف، أو يذهب دهسا تحت عجلات الحافلة أو عجلات سيارات أخرى. وجراء قصص من هذا النوع، بتنا نرى الكثير من الأهالي يستغنون عن فكرة الحافلة المدرسية، ويتكبدون عناء توصيل أبنائهم إلى المدارس بأنفسهم، وبالتالي يخلقون زحاما إضافيا.

وإن كانت وزارة التربية والتعليم قد دشنت مشروعا انتظرناه طويلا، وهو مشروع الحافلات المدرسية الجديدة بالتعاقد مع شركة النقل الوطني العماني، كما تمّ توفير سائقين متخصصين ومدربين على الأمن والسلامة،

فنتمنى أن توفر المدارس الحكومية في الخطوة المقبلة مشرفات على الحافلات. تُحصي عدد الطلبة وتتأكد من دخولهم وخروجهم من الحافلة، فهذا من شأنه أن يزيح العبء عن كاهل المعلم الذي يكفيه ما لديه من التزامات ويزيح العبء عن السائق الذي ينبغي أن لا يُعنى سوى بالقيادة الآمنة. كما يُوفر فرص عمل حقيقية لأشخاص يجلسون في البيت.

يمكن أيضا أن يُساهم ولي الأمر ولو بمبلغ رمزي شهريا لقاء هذه الخدمة، بدلا من أن يتجشم عناء إيصال أبنائه إلى المدرسة ويتأخر عن عمله.


هذا يأخذنا إلى موضوع أكثر عمقا، يتمثل في فِرارنا من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة التي تُكبدنا “دم قلبنا”. ليس ترفا أو مباهاة،

ولكن هروبا من معلم متذمر، نفسه قصير. عطاؤه قليل. يدخل بحماس هائل ثم ما يلبث أن ينطفئ. تُطفئ شمعته رياح المناوبات وحصص الاحتياط وقصص المسابقات. يذهب بعض أولياء الأمور إلى المعلم بفكرة مسبقة أنّه موظف بلا ضمير، فيسكبون غضبهم كيفما تسنى لهم.

هذه الفكرة تشكلت عبر سنوات من اليأس، من أن يقف التعليم الحكومي على قدميه بثبات.

لكن قبل أن نتهم المعلم بأنه متذمر وبلا ضمير، علينا أن نرى النصف الآخر من الكأس،

فهو يعمل في بيئة بلا حوافز كافية ولا امتيازات، بالرغم من أنه في أهم مؤسسة في الدولة. نحن اليوم لا نخسر المعلم وحسب، بل نخسر أجيالا تنشأ في خضم فوضى مُربكة.
لماذا لا يُنظر بجدية لفكرة التدرج. ليبدأ الخريج في وظيفة مساعد معلم، ومن ثم يرتقي إلى معلم، بحسب عطائه وتقرير المشرف عنه، وهذا التدرج ينبغي أن يتبع في منح الحوافز والامتيازات التي تُدخل بارقة أمل لحياة المعلم، للاستمرار في العطاء.


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (/~moeoman/vb/showthread.php?t=527518&goto=newpost)