بسام الكمزاري
14-07-2011, 04:29 AM
مرحبـــــــــا
شحالكم كل من في مسندم نت..
اليوم يايبلّكم سالفة وقصة تعلّمنا سلوم العرب وشيمهم الاصيله !!
انا ميمّعنّها من كم من مكان يعني منقوله يا غير هب من مكان واحد .. والحق ينقال ان ثلات ارباع السالفه لاقنها في مكان واحد ..~
يقولكم :
هذه الحكاية بفصولها و- تفاصيلها من أروع الحكايات التي حصلت بتاريخ البادية كلها و- لا شك أن الغالبية قد سمعت عن المهادي والسبيعي , لأن القصة بالغة التأثير على السامع والراوي بنفس الوقت . . .
يقول الراوي :
محمد المهادي من عبيدة من قحطان , كان معروفاً في قبيلته وذا رياسة فيها ، شاعر وفارس نشأ ميسور الحال رفيع الجاه . . .
خرج المهادي للغزو في الصحراء و- معه مجموعة من بني قومه و- في خط سير هذه الرحلة مر على قبيلة ( سبيع ) القبيلة العربية الأصيلة . . .
صادف المهادي في مرابع قبيلة سبيع التي نزل بها مرور فتاة بالغة الجمال لدرجة أن المهادي تأثر بها من أول نظرة و- لم يستطع أن يفارق مضارب قبيلتها ,,
أخفى المهادي ما أصابه عن رفاقه , واعتلّ بالمرض ليتخلص به من مرافقتهم , وأقنعهم
بمواصلة المسير بدونه وبقائه هو في مضارب تلك القبيلة وحيداً متعللاً بمرضه . . .
ب- هذا العذر تخلص من رفاقه حيث رحلوا وتركوه . . .
بقى المهادي وحيداً في سبيع فبحث عن أكبر بيت من بيوت القبيلة حيث أن البيوت الكبيرة عادة ما تكون لرؤساء العشائر أو فرسانها أو شخصياتها المعروفة و- نزل ضيفاً على صاحب هذا البيت فأكرمه الإكرام الذي يليق بهذا الضيف . . .
بقي عنده فترة يفكر بالطريقة التي توصله لمعرفة تلك الفتاة التي أسرته من النظرة الأولى وملكت فؤاده . . .
لا زال المهادي يصارع الأفكار وهو ضيف عند هذا الرجل الكريم . . . فلا يستطيع التكلم مع أحد . . . ولا هو بصائر حتى يعرفها , فقد رمته بسهم وابتعدت ,,
كان لا بد وأن يستعين بأحد من نفس هذه القبيلة , فأهل مكة أدرى بشعابها ( كما يقول المثل ) ولكن كيف يهتدي إلى الشخص الثقة الذي إن أفضى إليه ب- سره حفظه وأعانه ؟؟، خصوصاً وهو غريب عن هذه القبيلة ولا يعرف رجالها ,
والسجايا الحميدة في الرجال لا يستطيع أن يكتشفها الإنسان بالنظر , فالرجال مخابر وليست مناظر . . .
فكر المهادي طويلاً واهتدى إلى رأي هو بالأصح حيلة جهنمية يستكشف بها الرجال حتى يهتدي إلى أوثقهم فيحكي له . . .
قرر أن يجرب صبرهم فالصبور بلا شك يملك صفات أخرى غير الصبر ,,
ادعى أنه مصاب بمرض التشنج أو الصرع حيث يأتيه الصرع ويرتمي على من يجلس قربه . . .
لأنهم لا يعرفونه صدقوا روايته وأخذ المهادي بالتنقل من واحد إلى واحد ويرتمي عليه وكأنه مصروع , ويتكئ عليه بكوعيه حتى يؤلمه ليختبر صبره . . .
كان بعضهم يبتعد عنه و- عن الجلوس بجواره والبعض الآخر يصبر قليلاً ثم يغير مجلسه وهكذا ,,
حتى جلس ذات مره بجوار شاب توسم به الخير و- تحرى معالم الرجولة ب- وجهه فاصطنع الصرع وارتمى عليه واتكأ بكوعيه بشدة و- هذا الشاب صابر وساكن لا تصدر منه شكاة وكلما حاول البعض إزاحته عنه نهرهم قائلاً :
هذا ضيف والضيف مدلل فاتركوه . . .
أما المهادي فقد عرف أنه وجد ضالته . . .
حينما أفاق المهادي من صرعه المصطنع و- هذأ القوم و- قام الشاب متجهاً إلى بيته تبعه المهادي واستوقفه بمكان خالي من الناس واستحلفه بالله وأخبره بحيلته التي احتال بها ثم أفضى إليه ب- سره و- شكا له ما جرى بالتفصيل و- عرّفه بنفسه و- وصف له الفتاة الوصف الدقيق الذي جعل الشاب يعرفها ولما انتهى من حديثه قال له الشاب :
أتعرف تلك الفتاة لو رأيتها مرة ثانية ؟؟
فأكد له المهادي معرفته لها و- حفظه لتقاسيم وجهها . . .
قال له الشاب : هانت ! أي سهلت . . .
اصطحبه معه إلى بيته ووقفا بوسط البيت و- صاح الشاب :
فلانة احضري بالحال !!!
دخلت وإذا بها هي نفسها ضالة المهادي ,,
وقع من طوله لشدة تأثره ، أما الفتاة فقد عادت لخدرها مسرعة بعد أن رأت أن هناك رجلاً غريباً كما هي عادة بنات البدو ، أما صاحب المهادي فهدأ من روعه وأسقاه ماء و- سأله :
أهي ضالتك ؟؟
قال المهادي : نعم . . .
قال الشاب : هي أختي وقد زوجتك إياها . . .
كاد المهادي أن يجن لوقع الخبر عليه لأنه لم يتوقع أن يحصل عليها بتلك السهولة . . .
ترك الشاب المهادي في بيته وذهب لوالده وأخبره بالقصة كاملة وكان من الرجال المعروفين بحكمتهم وإبائهم ورجولتهم ، عندما فرغ الابن من سرد الحكاية قال الأب لولده :
أسرع واعقد له عليها لا يفتك به الهيام . . .
بالفعل عقد له عليها وبالليلة التالية كان زواجهما . . .
المهادي يكاد لا يصدق أن تتم العملية بهذه السهولة واليسر والسرعة وقد كانت شبه مستحيلة قبل أيام
خلا البيت إلا من العروسين ، أخذ المهادي يتقرب منها ويخبرها من هو و- يُعلِمها ب- مكانته في قبيلته و- أنه زعيمها و- يعرّفها ب- نفسه و- يحاول أن يُهدئ من روعها ليستميل قلبها و- أفضى لها ب- سره أنه رآها و- أسرته . . .
كل هذا والعروس تسمع و- لا تجيب !!!! والمهادي يتكلم و- يتقرب و- تزداد هي نفوراً منه . . .
كان المهادي فطناً شديد الذكاء , لمس أن زوجته تضع حاجزاً بينها و- بينه و- تأكد من صدق حدسه حينما لمح دموعها تنهمر من عينيها و- هي لا تتكلم . . .
عرف أن ورائها قصة ، فتقرب منها واستحلفها بالله ألّا تخفي عنه شيئاً و- وعدها لّا يمسوها ب- سوء و- أقنعها ب- أن تحكي له . . .
قالت : أنا فتاة يتيمة كفلني عمي و- ربيت مع ابن عمي وابن عمي معي . . .
كنا صغيرين نلهو مع بعضنا و- كبرنا و- كبرت محبتنا معنا و- قبل حضورك كنت مخطوبة لابن عمي الذي لا أستطيع البعد عنه لحظة وكذلك هو لا يستطيع البعد عني و- حينما حضرت أنت وطلبت الزواج منّي انتهى كل شيء و- زوّجني إياك . . .
طار صواب المهادي فقال لها :
أين ابن عمك ؟؟؟
قالت له هو ((مفرج السبيعي)) الذي عقد لي عليك وأفهمك أنني أخته و- آثرك على نفسه لأنك التجأت به وكان قد أعطاك كلمة ب- أن يقضي لك حاجتك قبل أن يعلم بها ، آثرك على نفسه وأوفى لك ب- وعده على حساب قلبه . . .
كاد المهادي أن يفقد عقله لحسن صنيع ذلك الشاب الذي اتكأ عليه و- سكت لفترة طويلة و- هو يستعرض ما حصل و- لا يكاد يصدق أن تبلغ المروءة في شاب كما هي في مفرج . . .
بعد فترة صمت قال لها :
أنتِ من هذه اللحظة حرام علي كحرمة أمي عليّ و- لكن أرجوك أن تخفي الأمر حتى أخبرك فيما بعد ، فصنيعهم لي لا يُنسى لذا لا أريدكِ الآن أن تقولي شيئا . . .
هدأ روع الفتاة و- نامت و- نام هو في مكان آخر . . .
بقي زوجاً لها أمام الناس لعدة أيام و- بعدها استسمح أصهاره بالرحيل إلى قبيلته لتدبير شؤونه ومن ثم يعود ليأخذ زوجته و- رحل . . .
عندما وصل قبيلته أرسل رسولاً إلى قبيلة سبيع يخبر مفرج بطلاق زوجة المهادي و- أنه لمّا عرف قصتهما آثر طلاقها وأن مروءته قد غسلت تأثير الغرام و- أنه سيبقى أسيراً للمعروف طالما هو حي . . .
تم زواج مفرج من ابنة عمه وعاشا برغد فترة طويلة من الزمن لكن الزمان لا يترك أحداً فقد شح الدهر على مفرج و- أصاب أراضي قبيلته القحط و- الجفاف فهلك الحلال و- تبدلت الأحوال و- مسه الجوع فلم يجد سبيلاً من اللجوء إلى صديقه المهادي خصوصاً وأنه ميسور الحال . . .
بالفعل ذهب هو وزوجته ( ابنة عمه ) وأولاده الثلاثة ونزل عليه ليلاً . . .
كان المهادي يتمنى هذه اللحظة و- ينتظرها ب- فارغ الصبر لكي يرد الجميل . . .
وصل مفرج إلى ديار المهادي و- لما نظر المهادي حالته عرف فقره . . .
كان للمهادي زوجتان فأمر صاحبة البيت الكبير من زوجاته أن تخرج من البيت و- تترك كل ما فيه لمفرج و- زوجته و- أولاده و- لا تأخذ من البيت شيئاً أبداً . . .
بالفعل خرجت من البيت فقط بما عليها من ملابس وتركت كل شيء لزوجة مفرج ، قبل خروجها أفهمت زوجة مفرج أن لها ولداً يلعب مع رفاقه و- إذا غلبه النوم جاء قرب والدته و- نام .. و- رجتها أن تنتظره حتى يحضر و- تخبره ب- خروجهم من البيت ليذهب لهم . . .
فعلت زوجة مفرج ما قالته لها زوجة المهادي وانتظرت ولد المهادي لكن انتظارها طال بعض الشيء خصوصاً أنها متعبة مجهدة من طول السفر و- عناء الجوع و- قد وجدت المكان المريح فغفت بالنوم بعد أن طال انتظارها !!!!!
عاد ولد المهادي كالعادة و- رفع غطاء أمه و- نام معها و- تلحف معها بلحافها كعادته ظناً منه أنها والدته . . .
في هذه الأثناء كان مفرج يتسامر مع صديقه القديم المهادي و- لمّا غلب عليه النعاس استأذنه لينام فسمح له و- سار معه حتى دله على بيته الذي أصبح ملكاً له . . .
دخل مفرج بيته و- إذا به يرى شخصين على الفراش !!!!!!!
رفع الغطاء فإذا بزوجته نائمة و- بجانبها شاب يافع !!!!!
لم يتمالك نفسه فضرب الفتى الضربة التي شهق بعدها وفارق الحياة . . .
نهضت الزوجة مذعورة فإذا بها ترى الشاب مصروع !!!! فقالت لزوجها :
قتلت ولد المهادي !!!!!!!!!!!
قال مستنكراً :
وما الذي جاء به إليك ؟؟؟
فأعلمته بالقصة ثم رجع إلى رشده وأُسقط في يديه !!!!!
ماذا يفعل ! ؟
كان لا بد أن يخبر المهادي ، هرول مسرعاً إلى حيث المهادي جالس و- أخبره بالحكاية و- هو يكاد يموت حزناً . . .
كل هذا والمهادي يسمع و- هو هادئ ، لما انتهى مفرج من كلامه قال له المهادي :
هو قضاء الله و- قدره و- لا مفر من ذلك ، كل ما أرجوه منك أن لا تخبر أحداً و- توصي زوجتك ب- كتم الخبر حتى عن أم الولد . . .
حمل المهادي ولده و- رماه في مكان اللعب حيث كان يلعب مع أقرانه . . .
انتشر في الصباح خبر مصرع ابن الأمير ، فقد كان المهادي أمير قومه والكل لا يجرؤ أن يخبر الأمير خوفاً من اتهامه له بالقتل . . .
لمّا أوصلوا الخبر للأمير : اصطنع الغضب و- شاط و- توعد و- طالب القبيلة كلها بالبحث عن القاتل دون جدوى ,,
جمع القوم حوله في المساء و- قال :
عليكم أن تدفعوا كلكم دية ولدي ، من كل واحد بعير , بالفعل جمع الدية حوالي سبعماءة بعير . . .
أدخلها المهادي ضمن حلاله و- أعطى أم الولد منها مائة بعير و- قال لمفرج :
البقية هي لك ولكن اتركها مع حلالي حتى ينسى الناس القصة . . .
بالفعل بعد مرور مدة عزل الإبل و- وهبها لمفرج فنقلته النقلة الكبيرة في حياته من فقير لا يملك قوت يومه إلى أكبر أغنياء القبيلة . . .
مضت السنون والصديقان مع بعضهما لا يفترقان فإذا دخلت مجلس المهادي حسبت أن مفرج هو صاحب المجلس والمهادي ضيفه والعكس صحيح . . .
مرت 4 سنين على هذه الحال ، الكل منهم يؤثر صديقه على نفسه لكن لا بد أن يحصل ما يغير صفاء الحال , كما يقال دوام الحال من المحال . . .
كان للمهادي بنت بارعة الجمال أولع بها ولد مفرج و- كان هناك سبب يحول بينهما فأخذ يحاولها و- يتعرض لها بالغدو والرواح و- يحرضها على مواقعته بالحرام . . .
الفتاة نقية , فأخبرت والدتها التي أخبرت بدورها المهادي فأمر المهادي بالسكوت إكراماً لوالد مفرج و- أمرها أن تجتنبه قدر استطاعتها فنفذت وصية والدها . . .
لا زال يطاردها أربع سنوات أخرى متتالية ، في السنة الرابعة عيّا صبرها فقالت لوالدها :
إن لم تجد لي حلّاً ؟؟ فقد يفترسني في أحد الأيام . . .
المهادي لا يستطيع أن يعمل شيئاً إكراماً لصديقه مفرج ، والشاب يزداد رعونة . . .
أخذ بالتفكير العميق في هذا الموضوع وانتهى إلى أن لا بد له من فراق جاره وصديقه لكي يحمي ابنته من ابن مفرج لكن كيف يصارحه ؟؟
كما عرفنا فيما سبق أن المهادي كان داهية ، اقترح على مفرج أن يلعبا لعبة بالحصى ، ما يسمى الآن ((الدامة)) ، وكان كلّما نقل حجراً قال لمفرج :
شدّو وإلا شدّينا . . .
حتى انتبه مفرج لمقولة جاره فأسرّها و- لمّا عاد لزوجته أخبرها ب- كلمة المهادي ، شدّوا وإلا شدّينا ، فقالت له :
هناك أمراً خطيراً حصل ، لا بد لنا من الرحيل فاذهب واستأذنه . . .
ذهب مفرج إلى المهادي واستأذنه بالرحيل و- لم يمانع المهادي ، مع العلم أنه كان في كل عام يطلب الرحيل و- يرفض المهادي إلا هذه المرة قبل بسرعة وكان كأنه ينتظرها و- يريدها . . .
رحل مفرج و- هو يبحث عن السر الخطير الذي من أجله قال المهادي كلمته !!!!
ابتعد عن منازل قبيلة المهادي ، نزل ليرتاح و- يفكر بالسبب و- لكنه لم يهتدي لشيء
سرق نفسه ليلاً وامتطى فرسه و- قصد المهادي ، لمّا دخل مضارب القبيلة : ربط فرسه و- تلثم واندس في مكان قريب من مجلس المهادي لعله يعرف سبباً لرغبته برحيلهم . . .
أخذ له محلّاً قريب من المجلس ليراقب المهادي و- لمّا انفض المجلس من حوله ، جلس المهادي وحيداً . . .
كل هذا و- مفرج يراه و- هو لا يرى مفرج و- مفرج ينتظره حتى يدخل عند زوجته ليسترق السمع لعله يسمع شيئاً يخص أمر رغبته في رحيلهم من حديثه معها ,,
إلا أن المهادي بقي في مجلسه وحيداً ، تناول ربابته وأخذ يغني ويقول :
"
يقـول المـهادي والمـهادي محمد
بي علتـن كل العـرب ما درى بـها
أنـا اوجعـي مـن علةـٍ بـاطنيـة
بأقصى الضمايـر ما دري وين بابـها
تقـد الحشـا قـدٍ ولا تنثـر الدمــا
ولا يـدري الهلبـاج عمّـا لجـا بـها
وإن أبديتـها بانـت لرماقـة العــدا
وإن أخفيتها ضـاق الحشـا بالتهابـها
أربـع سنيـن وجارنـا مجـرمٍ بنـا !!
وهو مثل واطي جمرةٍ ما درى بـها !!
وطاهـا بفـرش الرجـل لــي ما تمكّنـت !!!
بقى حـرها ما يبـرّـد المـا التهابـها !!!
ترى جارنا الماضـي على كل طلبـه
لو كان ما يلقـى شهـودن غدابـها !!!
ويا مـا حضينـا جارنـا من كرامـه
بليلٍ ولو نبغـي الغبـا ما ذرى بـها !!
ويا مـا عطينـا جارنـا مـن سبيـة !!
لا قادهـا قـوادهـم مـا انثنـى بـها !!
ونرفى خمال الجـار ولـو داس زلـة
كما ترفـي البيـض العـذارى ثيابـها
ترى عندنا شـاة القصيّـر بـها أربـع
يحلـف بهـا عقّارهـا مـا درى بـها !!
توـالن يالمهـادي ثمانـن كـوامــل
تراقـي وتشـدي بالعـلا من أصابـها
لا قـال منـا خيّـرٍ فـرد كلمــة ؟؟
بحضـرات خوفـٍ للرزايـا وفى بـها
الأجـواد وإن قـاربتـها مـا تملــها
والأنـذال وإن قاربتـها عفـت ما بـها
الأجـواد وإن قالـوا حديثـن وفوا بـه
والأنـذال منطـوق الحكايـا كـذابـها
الأجـواد مثل العـد من ورده ارتـوى
والأنـذال لا تسقـي ولا ينسـقا بــها
الأجـواد تجعـل نيلـها دون عرضـها
والأنـذال تجعـل نيلـها فـي رقابـها
الأجـواد مثل الزمل للشيـل يرتكـي
والأنـذال مثل الحشو كثير الرغابـها
الأجـواد لو ضعفـوا وراهم عراشـه
والأنـذال لو سمنـو معـايا صلابـها
الأجواد يطرد همها طـول عزمهـا
والأنـذال يصبـح همهـا في رقابـها
الأجـواد تشبـه قـارتـٍ مطلحبــة
لا دارهـا البـردان يلقـى الـذرابـها
الأجـواد تشبـه للجبـال الـذي بـها
شـربٍ وظـلٍّ والـذي ينهقـا بــها
الأجـواد صندوقيـن : مسـكٍ وعنبـر
لا فتّحـت أبـوابـها جـاك مـابــها
الأجـواد مثل البدر في ليلـة الدجـى
والأنـذال ظلمـا تايهـٍ من سرابـها
الأجـواد مثل الـحر في شامـخ الـذرا
والأنذال مثل الشـري مـرن شرابـها
الأجـواد وأن حايلتهـم مـا تحـايلـو
ولانـذال أدنـى حيلتــن ثـم جـابـها
الأنـذال لـو غسلـوا يديهـم تنجّسـت
نجـاسـة قلوبـٍ مـا يسـر الدوابـها
يـا رب لا تجعـل للأجـواد نكبـــة
من حيث لا ضعف الضعيـف التجابـها
أنا أحب نفسٍ يرخـص الـزاد عندهـا
يقطعـك يـا نفـس جـزاها هبـابـها
يا عـل نفسـن مـا للأجـواد عنـدها
وقـارٍ .. عسـى ما تهتنـي في شبابـها
عليـك بعيـن السيـح لا جـيـت وارد
خـل الخبـاري فـإن ماهـا هبـابـها
تـرى ظبـي رمّـانٍ برمّـان راغـب
والأرزاق بالدنيـا وهـو ما درى بـها
سقـا الحيـا ما بيـن تيـما وغرّبـت
يمينٍ عميـق الجـزع ملفـا هضابـها
سقـا الولـي مـن مزنةـٍ عقـربية
تنشـر أدقـاق وبلـها من سحـابـها
اليا أمطرت هذي ورعد ذي سـاق ذي
سنـا ذي وذي بالوبـل غـرق ربابـها
نسف الغثا سيـبان ماها ليا أصبحـت
يحيل الحول والما ناقعـٍ في شعابـها
دارٍ لنـا مـا هـي بـدارٍ لغيـرنـا
والأجنـاب لـو حنـا بعيـدٍ تهابـها
يذلّـون مـن دهـما دهـومٍ نجـرهـا
نفجّـي بـها غـزّات من لا درى بـها
ترى الدار كالعـذرى إلى عاد ما بـها
حزن غيـورن كـل من جـاء زنابـها
فيا ما وطت سمحات لايدي من الوطـا
نصـد عنـها ما غـدا مـن هضابـها
تهـاميـة الرجليـن نجـديـة الحشـا
عذابـي مـن الخـلان وانـا عذابـها
أريتـك إلى ما مسنا الجـوع والضمـا
واحتـرمـن الجـوزا علينـا التهابـها
وحمى علينا الرمل و استاقـد الحصـا
وحمى على روس المبـادي هضابـها
وطلّن عـذارى من ورانـا و شارفـن
عماليـق مطـويّ العبـايـا ثيـابـها
سقـانـي بكـاس الحـب دومنهـنه
عن-دل من البيض العـذارى أطنابـها
وإلى سـرت منا يا سعـود بن راشـد
على حرتن نسـل الجديعـي ضرابـها
سرهـا وتلفـي مـن سبيـعٍ قبيلــة
كرام اللحـا في طوع لـايـدي لبابـها
فـلا بـد مـا نرمـي سبيـعٍ بغـارة
على جرد ال-ايـدي دروعـها زهابـها
وأنـا زبـون الجـاذيـات محمد
إلى عزّ بـو ذود المصاليـح جابـها
عليـها مـن أولاد المـهادي غلمـه
ليـا طعّنـوا ما ثمنـوا في أعقابـها
محا الله عجوزٍ من سبيع بن عامـر
مـا علمـت قرانـها فـي شبابـها
لها اولـدٍ ما حـاش يومـٍ غنيمـة
سوى كلمتينٍ عجفـة تمـزّا وجابـها
يعنونها عسم الأيـدي عن العضـا
محـا الله دنيا ما خـذينا القضـا بـها
عيـون العـدا كـم نوّخـن من قبيلـة
لا قـام بـذّاخ إلا جـاعـر يهـابـها
وأنـا أظـن دارٍ شـد عنـها مفـرج
حقيـقه يـا دار الخنـا فـي خرابـها
وأنا أظـن دار نـزل فيـها مفـرج
لا بـد ينبـت زعفـرانٍ تـرابـها
فتـى مـا يظـم المـال إلا وداعـة
و لو يملك الدنيـا جميعـٍ صخابـها
رحـل جارنـا ما جـاه منـا رزيـة
وان جتنـا منـه ما جـاه منا عتابـها
وصلوا علـى سيـد البرايـا محمـد
ما لعلـع القمـري بعالـي هضابـها
"
كان المهادي يغني على ربابته هذه القصيدة و- مفرج يسترق السمع حتى فهم بالضبط ما الذي جعله يقول لجاره : شدّوا وإلا شدّينا . . .
لمّا أتم المهادي قصيدته توجه إلى أهله و- عاد مفرج و- ركب فرسه باتجاه أهله خارج حدود القبيلة . . .
تأكد مفرج أن السبب يكمن في أولاده ولكنهم ثلاثة فأي الثلاثة صاحب الخطيئة ؟؟ وإلى أين وصلت ؟؟. . .
لجأ إلى الحيلة وبدأ يحادث واحداً تلو الآخر على انفراد بعيد عن أهله ، يقول لهم :
كانت لجارنا المهادي ابنه جميلة ولم تتعرضوا لها !!!! لو كنت مكانك وفي شبابك لما تركتها خصوصاً وهي بهذا الجمال وأنت بهذا الشباب . . . وأخذ يستدرجهم . . .
بدأ بالأكبر ف ردّ عليه بقوله :
ما الذي تقولوه يا أبي !! إنها ابنت جارنا الذي احتوانا وهذا الكلام عيب عليك قوله وأنت لم تُنشئنا نشءة فاسدة لنفعل هذا الفعل و- ما أنت بالذي يفعل هذا . . .
كذلك الثاني كان رده مشابهاً لرد الأول خصوصاً لعلمهما بما فعله المهادي مع أبيهم من جميل . . .
أما الصغير منهم فأجابه :
والله يا أبي لو لم نرحل في ذلك اليوم لأتيتك بخبرها . . .
عرف أنه هو ، فقال مفرج :
وهل كان ذلك برضاها ؟؟؟!!!
فقال ولده :
لا بل غصباً عنها . . .
فقال له :
وكيف كنت سوف تغصبها ؟؟؟!!!
قال : كنت أنتظرها حتى تخرج وحيدة وأتربص لها , ثم أهجم عليها , يد فيها خنجري ويد فيها حبل ، أربطها بالحبل وأهددها بالخنجر و- لن تتكلم حتى أنتهي منها . . .
ما إن انتهى الشاب من قصته حتى قام مفرج مسرعاً واستدار من خلفه وجرد سيفه وقطع رأس ولده و- فصله عن جسده الذي تركه في مكانه . . .
عاد لأهله بالرأس ففتعجّبوا منه !!!
قال : لا تعجبوا ............ ( و- أخبرهم ب- ما فعل ابنه بابنت المهادي ) ثم وضع رأسه بخرج وأمر أحد أبنائه بحمله إلى المهادي . . .
قال لابنه الذي حمل الرأس :
اذهب إلى مجلس المهادي ولا تقل شيءاً !! فقط سلّم وارم الرأس بحجره و- عود دون كلام . . .
بالفعل دخل الولد مجلس المهادي فسلّم ثم رمى الرأس في حجره و- عاد دون كلام و- لحق ب- أهله . . .
تعجب المهادي أيضاً لحسن صنيع مفرج فهذه المرة الثانية التي يغلبه فيها . . .
لحق المهادي ب- مفرج وأقسم عليه أن يعود ثم أعاده إلى مكانه السابق و- بقيا متجاورين متحابين إلى أن أخذ الله أمانته ...
و في رواية أن مفرج لم يعد مع المهادي لكنه بقي على علاقته الطيبة جداً معه و- كانا لا يقطعان تزاورهما بين فترة و- فترة ...
( هكذا جيرة وأخوّة تُعَد أغلى من الذهب و- من كنوز الدنيا جميع )
و اسمحولي اذا طوّلت عليكم ..~
شحالكم كل من في مسندم نت..
اليوم يايبلّكم سالفة وقصة تعلّمنا سلوم العرب وشيمهم الاصيله !!
انا ميمّعنّها من كم من مكان يعني منقوله يا غير هب من مكان واحد .. والحق ينقال ان ثلات ارباع السالفه لاقنها في مكان واحد ..~
يقولكم :
هذه الحكاية بفصولها و- تفاصيلها من أروع الحكايات التي حصلت بتاريخ البادية كلها و- لا شك أن الغالبية قد سمعت عن المهادي والسبيعي , لأن القصة بالغة التأثير على السامع والراوي بنفس الوقت . . .
يقول الراوي :
محمد المهادي من عبيدة من قحطان , كان معروفاً في قبيلته وذا رياسة فيها ، شاعر وفارس نشأ ميسور الحال رفيع الجاه . . .
خرج المهادي للغزو في الصحراء و- معه مجموعة من بني قومه و- في خط سير هذه الرحلة مر على قبيلة ( سبيع ) القبيلة العربية الأصيلة . . .
صادف المهادي في مرابع قبيلة سبيع التي نزل بها مرور فتاة بالغة الجمال لدرجة أن المهادي تأثر بها من أول نظرة و- لم يستطع أن يفارق مضارب قبيلتها ,,
أخفى المهادي ما أصابه عن رفاقه , واعتلّ بالمرض ليتخلص به من مرافقتهم , وأقنعهم
بمواصلة المسير بدونه وبقائه هو في مضارب تلك القبيلة وحيداً متعللاً بمرضه . . .
ب- هذا العذر تخلص من رفاقه حيث رحلوا وتركوه . . .
بقى المهادي وحيداً في سبيع فبحث عن أكبر بيت من بيوت القبيلة حيث أن البيوت الكبيرة عادة ما تكون لرؤساء العشائر أو فرسانها أو شخصياتها المعروفة و- نزل ضيفاً على صاحب هذا البيت فأكرمه الإكرام الذي يليق بهذا الضيف . . .
بقي عنده فترة يفكر بالطريقة التي توصله لمعرفة تلك الفتاة التي أسرته من النظرة الأولى وملكت فؤاده . . .
لا زال المهادي يصارع الأفكار وهو ضيف عند هذا الرجل الكريم . . . فلا يستطيع التكلم مع أحد . . . ولا هو بصائر حتى يعرفها , فقد رمته بسهم وابتعدت ,,
كان لا بد وأن يستعين بأحد من نفس هذه القبيلة , فأهل مكة أدرى بشعابها ( كما يقول المثل ) ولكن كيف يهتدي إلى الشخص الثقة الذي إن أفضى إليه ب- سره حفظه وأعانه ؟؟، خصوصاً وهو غريب عن هذه القبيلة ولا يعرف رجالها ,
والسجايا الحميدة في الرجال لا يستطيع أن يكتشفها الإنسان بالنظر , فالرجال مخابر وليست مناظر . . .
فكر المهادي طويلاً واهتدى إلى رأي هو بالأصح حيلة جهنمية يستكشف بها الرجال حتى يهتدي إلى أوثقهم فيحكي له . . .
قرر أن يجرب صبرهم فالصبور بلا شك يملك صفات أخرى غير الصبر ,,
ادعى أنه مصاب بمرض التشنج أو الصرع حيث يأتيه الصرع ويرتمي على من يجلس قربه . . .
لأنهم لا يعرفونه صدقوا روايته وأخذ المهادي بالتنقل من واحد إلى واحد ويرتمي عليه وكأنه مصروع , ويتكئ عليه بكوعيه حتى يؤلمه ليختبر صبره . . .
كان بعضهم يبتعد عنه و- عن الجلوس بجواره والبعض الآخر يصبر قليلاً ثم يغير مجلسه وهكذا ,,
حتى جلس ذات مره بجوار شاب توسم به الخير و- تحرى معالم الرجولة ب- وجهه فاصطنع الصرع وارتمى عليه واتكأ بكوعيه بشدة و- هذا الشاب صابر وساكن لا تصدر منه شكاة وكلما حاول البعض إزاحته عنه نهرهم قائلاً :
هذا ضيف والضيف مدلل فاتركوه . . .
أما المهادي فقد عرف أنه وجد ضالته . . .
حينما أفاق المهادي من صرعه المصطنع و- هذأ القوم و- قام الشاب متجهاً إلى بيته تبعه المهادي واستوقفه بمكان خالي من الناس واستحلفه بالله وأخبره بحيلته التي احتال بها ثم أفضى إليه ب- سره و- شكا له ما جرى بالتفصيل و- عرّفه بنفسه و- وصف له الفتاة الوصف الدقيق الذي جعل الشاب يعرفها ولما انتهى من حديثه قال له الشاب :
أتعرف تلك الفتاة لو رأيتها مرة ثانية ؟؟
فأكد له المهادي معرفته لها و- حفظه لتقاسيم وجهها . . .
قال له الشاب : هانت ! أي سهلت . . .
اصطحبه معه إلى بيته ووقفا بوسط البيت و- صاح الشاب :
فلانة احضري بالحال !!!
دخلت وإذا بها هي نفسها ضالة المهادي ,,
وقع من طوله لشدة تأثره ، أما الفتاة فقد عادت لخدرها مسرعة بعد أن رأت أن هناك رجلاً غريباً كما هي عادة بنات البدو ، أما صاحب المهادي فهدأ من روعه وأسقاه ماء و- سأله :
أهي ضالتك ؟؟
قال المهادي : نعم . . .
قال الشاب : هي أختي وقد زوجتك إياها . . .
كاد المهادي أن يجن لوقع الخبر عليه لأنه لم يتوقع أن يحصل عليها بتلك السهولة . . .
ترك الشاب المهادي في بيته وذهب لوالده وأخبره بالقصة كاملة وكان من الرجال المعروفين بحكمتهم وإبائهم ورجولتهم ، عندما فرغ الابن من سرد الحكاية قال الأب لولده :
أسرع واعقد له عليها لا يفتك به الهيام . . .
بالفعل عقد له عليها وبالليلة التالية كان زواجهما . . .
المهادي يكاد لا يصدق أن تتم العملية بهذه السهولة واليسر والسرعة وقد كانت شبه مستحيلة قبل أيام
خلا البيت إلا من العروسين ، أخذ المهادي يتقرب منها ويخبرها من هو و- يُعلِمها ب- مكانته في قبيلته و- أنه زعيمها و- يعرّفها ب- نفسه و- يحاول أن يُهدئ من روعها ليستميل قلبها و- أفضى لها ب- سره أنه رآها و- أسرته . . .
كل هذا والعروس تسمع و- لا تجيب !!!! والمهادي يتكلم و- يتقرب و- تزداد هي نفوراً منه . . .
كان المهادي فطناً شديد الذكاء , لمس أن زوجته تضع حاجزاً بينها و- بينه و- تأكد من صدق حدسه حينما لمح دموعها تنهمر من عينيها و- هي لا تتكلم . . .
عرف أن ورائها قصة ، فتقرب منها واستحلفها بالله ألّا تخفي عنه شيئاً و- وعدها لّا يمسوها ب- سوء و- أقنعها ب- أن تحكي له . . .
قالت : أنا فتاة يتيمة كفلني عمي و- ربيت مع ابن عمي وابن عمي معي . . .
كنا صغيرين نلهو مع بعضنا و- كبرنا و- كبرت محبتنا معنا و- قبل حضورك كنت مخطوبة لابن عمي الذي لا أستطيع البعد عنه لحظة وكذلك هو لا يستطيع البعد عني و- حينما حضرت أنت وطلبت الزواج منّي انتهى كل شيء و- زوّجني إياك . . .
طار صواب المهادي فقال لها :
أين ابن عمك ؟؟؟
قالت له هو ((مفرج السبيعي)) الذي عقد لي عليك وأفهمك أنني أخته و- آثرك على نفسه لأنك التجأت به وكان قد أعطاك كلمة ب- أن يقضي لك حاجتك قبل أن يعلم بها ، آثرك على نفسه وأوفى لك ب- وعده على حساب قلبه . . .
كاد المهادي أن يفقد عقله لحسن صنيع ذلك الشاب الذي اتكأ عليه و- سكت لفترة طويلة و- هو يستعرض ما حصل و- لا يكاد يصدق أن تبلغ المروءة في شاب كما هي في مفرج . . .
بعد فترة صمت قال لها :
أنتِ من هذه اللحظة حرام علي كحرمة أمي عليّ و- لكن أرجوك أن تخفي الأمر حتى أخبرك فيما بعد ، فصنيعهم لي لا يُنسى لذا لا أريدكِ الآن أن تقولي شيئا . . .
هدأ روع الفتاة و- نامت و- نام هو في مكان آخر . . .
بقي زوجاً لها أمام الناس لعدة أيام و- بعدها استسمح أصهاره بالرحيل إلى قبيلته لتدبير شؤونه ومن ثم يعود ليأخذ زوجته و- رحل . . .
عندما وصل قبيلته أرسل رسولاً إلى قبيلة سبيع يخبر مفرج بطلاق زوجة المهادي و- أنه لمّا عرف قصتهما آثر طلاقها وأن مروءته قد غسلت تأثير الغرام و- أنه سيبقى أسيراً للمعروف طالما هو حي . . .
تم زواج مفرج من ابنة عمه وعاشا برغد فترة طويلة من الزمن لكن الزمان لا يترك أحداً فقد شح الدهر على مفرج و- أصاب أراضي قبيلته القحط و- الجفاف فهلك الحلال و- تبدلت الأحوال و- مسه الجوع فلم يجد سبيلاً من اللجوء إلى صديقه المهادي خصوصاً وأنه ميسور الحال . . .
بالفعل ذهب هو وزوجته ( ابنة عمه ) وأولاده الثلاثة ونزل عليه ليلاً . . .
كان المهادي يتمنى هذه اللحظة و- ينتظرها ب- فارغ الصبر لكي يرد الجميل . . .
وصل مفرج إلى ديار المهادي و- لما نظر المهادي حالته عرف فقره . . .
كان للمهادي زوجتان فأمر صاحبة البيت الكبير من زوجاته أن تخرج من البيت و- تترك كل ما فيه لمفرج و- زوجته و- أولاده و- لا تأخذ من البيت شيئاً أبداً . . .
بالفعل خرجت من البيت فقط بما عليها من ملابس وتركت كل شيء لزوجة مفرج ، قبل خروجها أفهمت زوجة مفرج أن لها ولداً يلعب مع رفاقه و- إذا غلبه النوم جاء قرب والدته و- نام .. و- رجتها أن تنتظره حتى يحضر و- تخبره ب- خروجهم من البيت ليذهب لهم . . .
فعلت زوجة مفرج ما قالته لها زوجة المهادي وانتظرت ولد المهادي لكن انتظارها طال بعض الشيء خصوصاً أنها متعبة مجهدة من طول السفر و- عناء الجوع و- قد وجدت المكان المريح فغفت بالنوم بعد أن طال انتظارها !!!!!
عاد ولد المهادي كالعادة و- رفع غطاء أمه و- نام معها و- تلحف معها بلحافها كعادته ظناً منه أنها والدته . . .
في هذه الأثناء كان مفرج يتسامر مع صديقه القديم المهادي و- لمّا غلب عليه النعاس استأذنه لينام فسمح له و- سار معه حتى دله على بيته الذي أصبح ملكاً له . . .
دخل مفرج بيته و- إذا به يرى شخصين على الفراش !!!!!!!
رفع الغطاء فإذا بزوجته نائمة و- بجانبها شاب يافع !!!!!
لم يتمالك نفسه فضرب الفتى الضربة التي شهق بعدها وفارق الحياة . . .
نهضت الزوجة مذعورة فإذا بها ترى الشاب مصروع !!!! فقالت لزوجها :
قتلت ولد المهادي !!!!!!!!!!!
قال مستنكراً :
وما الذي جاء به إليك ؟؟؟
فأعلمته بالقصة ثم رجع إلى رشده وأُسقط في يديه !!!!!
ماذا يفعل ! ؟
كان لا بد أن يخبر المهادي ، هرول مسرعاً إلى حيث المهادي جالس و- أخبره بالحكاية و- هو يكاد يموت حزناً . . .
كل هذا والمهادي يسمع و- هو هادئ ، لما انتهى مفرج من كلامه قال له المهادي :
هو قضاء الله و- قدره و- لا مفر من ذلك ، كل ما أرجوه منك أن لا تخبر أحداً و- توصي زوجتك ب- كتم الخبر حتى عن أم الولد . . .
حمل المهادي ولده و- رماه في مكان اللعب حيث كان يلعب مع أقرانه . . .
انتشر في الصباح خبر مصرع ابن الأمير ، فقد كان المهادي أمير قومه والكل لا يجرؤ أن يخبر الأمير خوفاً من اتهامه له بالقتل . . .
لمّا أوصلوا الخبر للأمير : اصطنع الغضب و- شاط و- توعد و- طالب القبيلة كلها بالبحث عن القاتل دون جدوى ,,
جمع القوم حوله في المساء و- قال :
عليكم أن تدفعوا كلكم دية ولدي ، من كل واحد بعير , بالفعل جمع الدية حوالي سبعماءة بعير . . .
أدخلها المهادي ضمن حلاله و- أعطى أم الولد منها مائة بعير و- قال لمفرج :
البقية هي لك ولكن اتركها مع حلالي حتى ينسى الناس القصة . . .
بالفعل بعد مرور مدة عزل الإبل و- وهبها لمفرج فنقلته النقلة الكبيرة في حياته من فقير لا يملك قوت يومه إلى أكبر أغنياء القبيلة . . .
مضت السنون والصديقان مع بعضهما لا يفترقان فإذا دخلت مجلس المهادي حسبت أن مفرج هو صاحب المجلس والمهادي ضيفه والعكس صحيح . . .
مرت 4 سنين على هذه الحال ، الكل منهم يؤثر صديقه على نفسه لكن لا بد أن يحصل ما يغير صفاء الحال , كما يقال دوام الحال من المحال . . .
كان للمهادي بنت بارعة الجمال أولع بها ولد مفرج و- كان هناك سبب يحول بينهما فأخذ يحاولها و- يتعرض لها بالغدو والرواح و- يحرضها على مواقعته بالحرام . . .
الفتاة نقية , فأخبرت والدتها التي أخبرت بدورها المهادي فأمر المهادي بالسكوت إكراماً لوالد مفرج و- أمرها أن تجتنبه قدر استطاعتها فنفذت وصية والدها . . .
لا زال يطاردها أربع سنوات أخرى متتالية ، في السنة الرابعة عيّا صبرها فقالت لوالدها :
إن لم تجد لي حلّاً ؟؟ فقد يفترسني في أحد الأيام . . .
المهادي لا يستطيع أن يعمل شيئاً إكراماً لصديقه مفرج ، والشاب يزداد رعونة . . .
أخذ بالتفكير العميق في هذا الموضوع وانتهى إلى أن لا بد له من فراق جاره وصديقه لكي يحمي ابنته من ابن مفرج لكن كيف يصارحه ؟؟
كما عرفنا فيما سبق أن المهادي كان داهية ، اقترح على مفرج أن يلعبا لعبة بالحصى ، ما يسمى الآن ((الدامة)) ، وكان كلّما نقل حجراً قال لمفرج :
شدّو وإلا شدّينا . . .
حتى انتبه مفرج لمقولة جاره فأسرّها و- لمّا عاد لزوجته أخبرها ب- كلمة المهادي ، شدّوا وإلا شدّينا ، فقالت له :
هناك أمراً خطيراً حصل ، لا بد لنا من الرحيل فاذهب واستأذنه . . .
ذهب مفرج إلى المهادي واستأذنه بالرحيل و- لم يمانع المهادي ، مع العلم أنه كان في كل عام يطلب الرحيل و- يرفض المهادي إلا هذه المرة قبل بسرعة وكان كأنه ينتظرها و- يريدها . . .
رحل مفرج و- هو يبحث عن السر الخطير الذي من أجله قال المهادي كلمته !!!!
ابتعد عن منازل قبيلة المهادي ، نزل ليرتاح و- يفكر بالسبب و- لكنه لم يهتدي لشيء
سرق نفسه ليلاً وامتطى فرسه و- قصد المهادي ، لمّا دخل مضارب القبيلة : ربط فرسه و- تلثم واندس في مكان قريب من مجلس المهادي لعله يعرف سبباً لرغبته برحيلهم . . .
أخذ له محلّاً قريب من المجلس ليراقب المهادي و- لمّا انفض المجلس من حوله ، جلس المهادي وحيداً . . .
كل هذا و- مفرج يراه و- هو لا يرى مفرج و- مفرج ينتظره حتى يدخل عند زوجته ليسترق السمع لعله يسمع شيئاً يخص أمر رغبته في رحيلهم من حديثه معها ,,
إلا أن المهادي بقي في مجلسه وحيداً ، تناول ربابته وأخذ يغني ويقول :
"
يقـول المـهادي والمـهادي محمد
بي علتـن كل العـرب ما درى بـها
أنـا اوجعـي مـن علةـٍ بـاطنيـة
بأقصى الضمايـر ما دري وين بابـها
تقـد الحشـا قـدٍ ولا تنثـر الدمــا
ولا يـدري الهلبـاج عمّـا لجـا بـها
وإن أبديتـها بانـت لرماقـة العــدا
وإن أخفيتها ضـاق الحشـا بالتهابـها
أربـع سنيـن وجارنـا مجـرمٍ بنـا !!
وهو مثل واطي جمرةٍ ما درى بـها !!
وطاهـا بفـرش الرجـل لــي ما تمكّنـت !!!
بقى حـرها ما يبـرّـد المـا التهابـها !!!
ترى جارنا الماضـي على كل طلبـه
لو كان ما يلقـى شهـودن غدابـها !!!
ويا مـا حضينـا جارنـا من كرامـه
بليلٍ ولو نبغـي الغبـا ما ذرى بـها !!
ويا مـا عطينـا جارنـا مـن سبيـة !!
لا قادهـا قـوادهـم مـا انثنـى بـها !!
ونرفى خمال الجـار ولـو داس زلـة
كما ترفـي البيـض العـذارى ثيابـها
ترى عندنا شـاة القصيّـر بـها أربـع
يحلـف بهـا عقّارهـا مـا درى بـها !!
توـالن يالمهـادي ثمانـن كـوامــل
تراقـي وتشـدي بالعـلا من أصابـها
لا قـال منـا خيّـرٍ فـرد كلمــة ؟؟
بحضـرات خوفـٍ للرزايـا وفى بـها
الأجـواد وإن قـاربتـها مـا تملــها
والأنـذال وإن قاربتـها عفـت ما بـها
الأجـواد وإن قالـوا حديثـن وفوا بـه
والأنـذال منطـوق الحكايـا كـذابـها
الأجـواد مثل العـد من ورده ارتـوى
والأنـذال لا تسقـي ولا ينسـقا بــها
الأجـواد تجعـل نيلـها دون عرضـها
والأنـذال تجعـل نيلـها فـي رقابـها
الأجـواد مثل الزمل للشيـل يرتكـي
والأنـذال مثل الحشو كثير الرغابـها
الأجـواد لو ضعفـوا وراهم عراشـه
والأنـذال لو سمنـو معـايا صلابـها
الأجواد يطرد همها طـول عزمهـا
والأنـذال يصبـح همهـا في رقابـها
الأجـواد تشبـه قـارتـٍ مطلحبــة
لا دارهـا البـردان يلقـى الـذرابـها
الأجـواد تشبـه للجبـال الـذي بـها
شـربٍ وظـلٍّ والـذي ينهقـا بــها
الأجـواد صندوقيـن : مسـكٍ وعنبـر
لا فتّحـت أبـوابـها جـاك مـابــها
الأجـواد مثل البدر في ليلـة الدجـى
والأنـذال ظلمـا تايهـٍ من سرابـها
الأجـواد مثل الـحر في شامـخ الـذرا
والأنذال مثل الشـري مـرن شرابـها
الأجـواد وأن حايلتهـم مـا تحـايلـو
ولانـذال أدنـى حيلتــن ثـم جـابـها
الأنـذال لـو غسلـوا يديهـم تنجّسـت
نجـاسـة قلوبـٍ مـا يسـر الدوابـها
يـا رب لا تجعـل للأجـواد نكبـــة
من حيث لا ضعف الضعيـف التجابـها
أنا أحب نفسٍ يرخـص الـزاد عندهـا
يقطعـك يـا نفـس جـزاها هبـابـها
يا عـل نفسـن مـا للأجـواد عنـدها
وقـارٍ .. عسـى ما تهتنـي في شبابـها
عليـك بعيـن السيـح لا جـيـت وارد
خـل الخبـاري فـإن ماهـا هبـابـها
تـرى ظبـي رمّـانٍ برمّـان راغـب
والأرزاق بالدنيـا وهـو ما درى بـها
سقـا الحيـا ما بيـن تيـما وغرّبـت
يمينٍ عميـق الجـزع ملفـا هضابـها
سقـا الولـي مـن مزنةـٍ عقـربية
تنشـر أدقـاق وبلـها من سحـابـها
اليا أمطرت هذي ورعد ذي سـاق ذي
سنـا ذي وذي بالوبـل غـرق ربابـها
نسف الغثا سيـبان ماها ليا أصبحـت
يحيل الحول والما ناقعـٍ في شعابـها
دارٍ لنـا مـا هـي بـدارٍ لغيـرنـا
والأجنـاب لـو حنـا بعيـدٍ تهابـها
يذلّـون مـن دهـما دهـومٍ نجـرهـا
نفجّـي بـها غـزّات من لا درى بـها
ترى الدار كالعـذرى إلى عاد ما بـها
حزن غيـورن كـل من جـاء زنابـها
فيا ما وطت سمحات لايدي من الوطـا
نصـد عنـها ما غـدا مـن هضابـها
تهـاميـة الرجليـن نجـديـة الحشـا
عذابـي مـن الخـلان وانـا عذابـها
أريتـك إلى ما مسنا الجـوع والضمـا
واحتـرمـن الجـوزا علينـا التهابـها
وحمى علينا الرمل و استاقـد الحصـا
وحمى على روس المبـادي هضابـها
وطلّن عـذارى من ورانـا و شارفـن
عماليـق مطـويّ العبـايـا ثيـابـها
سقـانـي بكـاس الحـب دومنهـنه
عن-دل من البيض العـذارى أطنابـها
وإلى سـرت منا يا سعـود بن راشـد
على حرتن نسـل الجديعـي ضرابـها
سرهـا وتلفـي مـن سبيـعٍ قبيلــة
كرام اللحـا في طوع لـايـدي لبابـها
فـلا بـد مـا نرمـي سبيـعٍ بغـارة
على جرد ال-ايـدي دروعـها زهابـها
وأنـا زبـون الجـاذيـات محمد
إلى عزّ بـو ذود المصاليـح جابـها
عليـها مـن أولاد المـهادي غلمـه
ليـا طعّنـوا ما ثمنـوا في أعقابـها
محا الله عجوزٍ من سبيع بن عامـر
مـا علمـت قرانـها فـي شبابـها
لها اولـدٍ ما حـاش يومـٍ غنيمـة
سوى كلمتينٍ عجفـة تمـزّا وجابـها
يعنونها عسم الأيـدي عن العضـا
محـا الله دنيا ما خـذينا القضـا بـها
عيـون العـدا كـم نوّخـن من قبيلـة
لا قـام بـذّاخ إلا جـاعـر يهـابـها
وأنـا أظـن دارٍ شـد عنـها مفـرج
حقيـقه يـا دار الخنـا فـي خرابـها
وأنا أظـن دار نـزل فيـها مفـرج
لا بـد ينبـت زعفـرانٍ تـرابـها
فتـى مـا يظـم المـال إلا وداعـة
و لو يملك الدنيـا جميعـٍ صخابـها
رحـل جارنـا ما جـاه منـا رزيـة
وان جتنـا منـه ما جـاه منا عتابـها
وصلوا علـى سيـد البرايـا محمـد
ما لعلـع القمـري بعالـي هضابـها
"
كان المهادي يغني على ربابته هذه القصيدة و- مفرج يسترق السمع حتى فهم بالضبط ما الذي جعله يقول لجاره : شدّوا وإلا شدّينا . . .
لمّا أتم المهادي قصيدته توجه إلى أهله و- عاد مفرج و- ركب فرسه باتجاه أهله خارج حدود القبيلة . . .
تأكد مفرج أن السبب يكمن في أولاده ولكنهم ثلاثة فأي الثلاثة صاحب الخطيئة ؟؟ وإلى أين وصلت ؟؟. . .
لجأ إلى الحيلة وبدأ يحادث واحداً تلو الآخر على انفراد بعيد عن أهله ، يقول لهم :
كانت لجارنا المهادي ابنه جميلة ولم تتعرضوا لها !!!! لو كنت مكانك وفي شبابك لما تركتها خصوصاً وهي بهذا الجمال وأنت بهذا الشباب . . . وأخذ يستدرجهم . . .
بدأ بالأكبر ف ردّ عليه بقوله :
ما الذي تقولوه يا أبي !! إنها ابنت جارنا الذي احتوانا وهذا الكلام عيب عليك قوله وأنت لم تُنشئنا نشءة فاسدة لنفعل هذا الفعل و- ما أنت بالذي يفعل هذا . . .
كذلك الثاني كان رده مشابهاً لرد الأول خصوصاً لعلمهما بما فعله المهادي مع أبيهم من جميل . . .
أما الصغير منهم فأجابه :
والله يا أبي لو لم نرحل في ذلك اليوم لأتيتك بخبرها . . .
عرف أنه هو ، فقال مفرج :
وهل كان ذلك برضاها ؟؟؟!!!
فقال ولده :
لا بل غصباً عنها . . .
فقال له :
وكيف كنت سوف تغصبها ؟؟؟!!!
قال : كنت أنتظرها حتى تخرج وحيدة وأتربص لها , ثم أهجم عليها , يد فيها خنجري ويد فيها حبل ، أربطها بالحبل وأهددها بالخنجر و- لن تتكلم حتى أنتهي منها . . .
ما إن انتهى الشاب من قصته حتى قام مفرج مسرعاً واستدار من خلفه وجرد سيفه وقطع رأس ولده و- فصله عن جسده الذي تركه في مكانه . . .
عاد لأهله بالرأس ففتعجّبوا منه !!!
قال : لا تعجبوا ............ ( و- أخبرهم ب- ما فعل ابنه بابنت المهادي ) ثم وضع رأسه بخرج وأمر أحد أبنائه بحمله إلى المهادي . . .
قال لابنه الذي حمل الرأس :
اذهب إلى مجلس المهادي ولا تقل شيءاً !! فقط سلّم وارم الرأس بحجره و- عود دون كلام . . .
بالفعل دخل الولد مجلس المهادي فسلّم ثم رمى الرأس في حجره و- عاد دون كلام و- لحق ب- أهله . . .
تعجب المهادي أيضاً لحسن صنيع مفرج فهذه المرة الثانية التي يغلبه فيها . . .
لحق المهادي ب- مفرج وأقسم عليه أن يعود ثم أعاده إلى مكانه السابق و- بقيا متجاورين متحابين إلى أن أخذ الله أمانته ...
و في رواية أن مفرج لم يعد مع المهادي لكنه بقي على علاقته الطيبة جداً معه و- كانا لا يقطعان تزاورهما بين فترة و- فترة ...
( هكذا جيرة وأخوّة تُعَد أغلى من الذهب و- من كنوز الدنيا جميع )
و اسمحولي اذا طوّلت عليكم ..~