المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من تجربة شخصية،،/!



حواليكم
25-10-2013, 07:50 PM
قصة من تجربة شخصية



اشياء لا تموت في داخلي ، اشياء تبقى خالدة الى مالانهاية لانها انحفرت في داخلي حتى استنتجت منها اشياء لاتنسى، عندما كان عمري سبعة اعوام نقل أبي الى باكستان ليعمل فيها لمدة خمس سنوات،فأخرجوني من المدرسة وذهبت الى باكستان واذكر كل التفاصيل فيها نعم تلك الليلة لن انساها وبكل تفاصيلها استذكرها لانني عندما رأيت المنزل والرفاهية التي فيه وتلك الفخامة، شعرت بسعادة غامرة لن انساها ماحييت رأيت قصرا بثلاثة احواض مانية وبباحة خلفية كأنها بستان من الجنة وذلك القصر الذي يضم اكثر من عشرة غرف وتلك الغرفة الوردية ذات اللوح البلازمي والحمام الساخن عشت في ذلك القصر وكأنني احدى الأميرات الصغيرات، في اول شهر من سفرنا شعرت وكأنني امسك بالنجوم في يدي اشعلها متى ما اردت واطفئها متى شئت، ففي اسفل غرفتي هناك صالة بلياردو وانواع من الألعاب، كنت اعيش في جميع مظاهر الرفاهية والفخامة.
وبعد مرور الشهران بدأت لا أرى اخوتي الا على مائدة الطعام، ولا أرى أبي الا في الاسبوع مرة أو مرتان، تنشغل أمي بإتصالاتها لأهلنا في عمان وبقراءة الكتب بإستمرار وأنا هناك في غرفتي أترنح بين تلك الجدران والصمت يملئ المكان أقرأ تلك القصص الصغيرة وأرى ذلك التلفاز وكل محاولاتي لإسعاد نفسي قد بائت بالفشل.
كان منزلنا يطوقه العديد من الحراس لأنه في باكستان كانت تنشب حروب بينها وبين نفسها او من الخارج كنت لا اقوى الخروج الى الشارع او للبقالة فقط كنت بداخل ذلك القصر المملوء بكل أنواع الفخامة والرفاهية، فوجدت ان النافذة هي الحل الوحيد الذي يمنحني رؤية العالم الخارجي، ففي كل صباح انا انظر من النافذة وفي كل عصر انا جالسة عند ذلك الشباك أنظر الى تلك الفتيات التي يتنقلن بين الأشجار والأطفال الذي يلعبون (الكريكت) وأنا هنا مقيدة الفكر والحرية لا أستطيع الخروج ولا حتى التفكير بأمر جنوني لانني اعتدت على الصمت،على السكون، على الوحدة ،وفي يوم من الأيام لمحت بائع الآيسكريم حيث كان يبيعه في عربة تصدر اصواتاً غناء ،كنت كلما سمعت الصوت ركضت لأرى من النافذة الاطفال حين يشتريون منه الحلويات والبوضة، كنت اصمت وفي لحظة صمتي أبكي، اريد أن اكون مثلهم لما نحن مقيدون في قلب هذا القصر؟ لقد مللت المسبح ومللت الغرفة ومللت صالة الالعاب، لأن نهاية الألعاب كانت تتكرر في كل مرة.
وأذكر انني في يوم من الأيام قلت لأبي: ابتاه انني مملت أريد الرجوع الى ولايتي.سئمت الانتظار هنا يا ابي. قال لي: بعد سنتان يا حبيبتي سنرجع لأنني مضغوط كثيرا. حينها قبلته وقلت له: ماتراه مناسباً.
أصبح عمري تسع سنوات وأنا هنا أستنجد بكل حروف الأبجدية لتحررني من هذا السجن، مرت السنتان وقلت لأبي :أبي حان وقت رجوعنا الى عمان، قال: سنة أخرى حبيبتي تضاف الى رصيدي!
حينها تجرعت من الألم ما يكفي لإسعاد جيش روسي، تألمت بقدر المستطاع، شعرت وكأنني مكبلة بكل سلاسل السجون التي يملئها الصدأ، ذرفت من الدموع مايكفي لملئ دلو ماء يسقى به، اذكر حينها صرخت في غرفتي واعتزلت الغداء وذهبت لأبي قائلة: سأرجع الى عمان سواء كنتم معي او لا. وافق أبي وحين وافق طيور السعادة رفرفت على رأس تلك الأميرة السجينة.
رافقني ابي الى عمان ولكنه رجع في نفس الإسبوع لان أخوتي وأمي بمفردهم هناك، عندما اوصلنا السائق الى ولايتي كنت في قمة النشاط والسعادة رغم انني كنت متعبة لانني طوال اليوم كنت افكر كيف سيكون حالي في عمان، وصلنا واستلقينا قليلا حتى اتى الفجر وعندما تنفس الصبح فتحت عيناي ورأيت الأهل والجيران في منزلنا والإبتسامة لا تفارقني وكأنه العيد، وكانه المطر، وكأنه الفرح، عشت هناك في ولايتي مع جدتي فكنت لا ارجع الى المنزل الا عند الظهيرة لأنني كنت اتجول بين المزارع والوديان والأفلاج كنت لا أشعر بالملل حتى وان كنت اذهب الى نفس المكان مع صديقاتي، وفي المساء كنا نلعب الى ان نتعب.
لقد تعلمت الكثيروالكثير فتعلمت من الغربة أن أشعر ان أكتب أن أستلذ طعم الحرية، تعلمت من الفخامة أن المال ليس كل شي، تعلمت من الرفاهية أنها زائلة وانها مملة، أيقنت ان الأغنياء ليسوا سعداء كما كنا نظن، تعلمت ان تعيش في قصر ليس معناه أنك تملك كل شي، ادركت ان الحرية تنبع من قلوبنا من تصرفاتنا من تفكيرنا لا نستجديها بأموالنا، عشقت البساطة كما لو ان شيئ لم يعشق، أن تنظر الى من هو أفضل منك هو غباء بحد ذاته،لأنك لو نظرت الى النواحي الإيجابية التي تمتلكها انت لأيقنت أن هناك من هو أشقى منك.

سانيوريتا


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (/~moeoman/vb/showthread.php?t=531944&goto=newpost)