تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة علماء محافظة الداخلية (2) الشيخ ابن بركة السليمي البهلوي



حواليكم
04-11-2013, 09:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا اليوم أحد علماء القرن الرابع الهجري والذي تميزت فترته بعدد كثير من العلماء وذلك لما عاشته عمان خلال تلك الفترة من أمن وأمان إلا أن الصراع الذي دار من أجل السلطة بعد اعتزال الامام الصلت بن مالك الخروصي نشأت بما يسمى المدرسة النزوانية والمدرسة الرستاقية في الولاية والبراءة من معارض ومؤدي اعتزال الامام الصلت أمر الامامة،مما أثر على تلامذة هذان الشيخان على كتاباتهم الفقهية والادبية في الولاية والبراءة ولفترة طويلة..
ولا ننسى ما قام به الشيخ ابن بركة من دور كبير في النهضة العلمية والادبية واثراء المكتبة العلمية بالعديد من المؤلفات الفقهية القيمة والتي تباع وتطبع حتى يومنا هذا.
الشيخ أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة السليمي

· نسبه:
هو الشيخ العلامة الأصولي أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة السليمي البهلوي ، مسكنه الضرح من ولاية بُهلا في منطقة السفالة وله هناك مدرسة ولا تزال آثارها باقية إلى يومنا هذا، كذلك له عدة مساجد وأرض أوقفها لطلاب العلم.
·شيوخه:
والشيخ أبي محمد من علماء القرن الرابع الهجري وقد تتلمذ على الإمام سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب والعلامة أبو مالك غسان بن الخضر الصلاني وهو أكثرهم ملازمة له ، والعلامة أبو مروان سليمان بن محمد بن حبيب.
· تلامذته:
من أشهر تلامذته الشيخ أبو الحسن البسيوي ، الذي نهج نهج شيخه أبو محمد بن بركة في البراءة من موسى بن موسى وراشد بن النظر في مسألة عزل الصلت بن مالك الخروصي.


تعليمه:
لقد غادر الشيخ ابن بركة موطنه الأصلي بُهلا إلى صحار لتلقي العلم على يد أستاذه الشيخ أبو مالك الصلاني الذي يقول عنه الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: أنه أيضا من بُهلا وانتقل إلى صلان بصحار، ثم نسب بالصلاني نسبة إلى وادي صلان حيث كان يسكن جده الخضر.
وأني أعارض مقولة الشيخ أحمد بن سعود السيابي في بحثه القيم عن سيرة الشيخ ابن بركة حيث قال بأن الشيخ ابن بركة لم يكن أصله من بُهلا، وإنما هو جر إلى بُهلا، واستقر فيها نتيجة للأوضاع السياسية غير المريحة في عمان في تلك الفترة، واستشهد ذلك بأنه لو كان الشيخ ابن بركة من بُهلا لما هاجر إلى صحار وتتلمذ على يد الشيخ أبو مالك الصلاني في صحار وهناك نزوى وبُهلا تعج بالعلماء في تلك الفترة، فلماذا يذهب الشيخ ابن بركة إلى نزوى وهي أقرب لبُهلا من صحار ويقطع المسافات الطوال لتلقي العلم هناك، إلى ما جاء في البحث الذي يؤكد فيه بأن ابن بركة ليس من بُهلا.
وهنا أقول كما قلت سالفا بأن العالم لا يشترط أن يذهب إلى أقرب مكان لتلقي العلم، فهناك الكثير من علماءنا ولله الحمد يقطعون المسافات الطويلة لأخذ العلم ولا غرابة في ذلك فالشيخ ابن بركة الذي كان غنيا ذو مال وفير لم يمنعه من الذهاب إلى طلب العلم وهذا ما يدل على الأرض التي أوقفها لطلبة العلم بعد رجوعه من صحار وذهب جميع الطلبة إليه وحرص أصحابنا المغاربة كانوا يذهبون إليه ويسكنهم عنده ويكفل معيشتهم وفي ذلك الوقت كان هناك العلامة أبو سعيد الكدمي الذي لم يكن له إلا نخلة وكرمة فانظر أخي المسلم إلى هذه المقارنة.


أعماله:
1) بعد أن رجع الشيخ ابن بركة من صحار وتلقيه العلم الغزير على يد شيخه أبو مالك الصلاني وغيره من العلماء؛ قام ببناء مدرسة خاصة للتدريس فيها، فبنى مدرسة ابن بركة بمنطقة الضرح من سفالة بُهلا، فنشر طلاب العلم الرحال من كل صوب وحدب، ويقال أنه تخرج منها ثمانون عالما من أصحابنا المغاربة ، خلاف الطلاب العمانيون، وكان الشيخ أبو سعيد الكدمي في ذلك الوقت لم يذهب إليه طلاب العلم بدرجة كبيرة، وذلك لعدم توفر المال لخدمة طلبة العلم، فقد كان الشيخ ابن بركة له أموال وبساتين كثيرة كلها وقف لطلبة العلم، وكان لهؤلاء الطلبة مسكن داخلي خاص بهم يشمل التغذية والنوم ومما شابه ذلك من نظام الراحة المتوفرة في ذلك الوقت، ومن أشهر تلامذته الذين تخرجوا على يديه هو العلامة الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي البسياني.
2) كذلك قام الشيخ ابن بركة ببناء حوالي خمسة مساجد كما ورد ذكرها في مقدمة ترجمة المؤلف في كتابه (الجامع) وهي:
1-مسجد ابن بركة بمحلة الضرح.
2-مسجد الخير.
3-مسجد الشريعة.
4-مسجد الفحال.
5-مسجد الوحيد.
3) أوقف الشيخ ابن بركة لطلاب العلم أرض واسعة تحتوي على الكثير من الأشجار والنخيل وتسمى أرض المدانة بسفالة بُهلا، أوقفها الشيخ على المتعلمين عنده، أما اليوم فهي وقف لبيت مال المسلمين، وأرى أن تعود همة طلاب العلم لإرجاع هذا الوقف لأبواب الإنفاق على العلم وطلبه كما أراد صاحبه- رحمة الله-.
· مؤلفاته:
ترك الشيخ ابن بركة للمكتبة الإسلامية كتبا عديدة في الفقه والمعاملات والأحكام وغيرها، وهي:
1) كتاب الجامع.
2) كتاب التقييد.
3) كتاب التعارف.
4) شرح كتاب الجامع لابن جعفر.
5) كتاب الموازنة، ألف في موازنة أقوال من خالفه بأقوال من ضل من الأمم .
6) كتاب المفسدات.
7) كتاب منثورة أبي محمد.
8) كتاب الأقلية.
9) كتاب المبتدأ.
ويعتبر كتاب الجامع لابن بركة هو أول كتاب قد ألف في أصول الفقه في عمان، فلم يسبقه أحد من العلماء الذين جاءوا من قبله أن ألفوا مثل هذا العلم، وقد صار هذا الكتاب من أهم كتب المذهب، فنرى الكثير من العلماء الذين جاءوا من بعده يرجعون إلى هذا الكتاب في مؤلفاتهم حتى أصبحت كلمة (الجامع) علما على هذا الكتاب لا سيما المشارقة.
ولقد انقسمت عمان في القرن الرابع الهجري إلى ثلاث فرق وذلك اختلاطا في أمر موسى بن موسى وراشد بن النظر، فهناك فريق وقف إلى جانب الصلت بن مالك واعتبروا موسى وراشد بغاة ويجب البراءة منهما، وكان زعيمهم في ذلك الوقت الشيخ ابن بركة، الذي جاء بعد زعامة الشيخ أبو المؤثر الصلت بن خميس لها وهي ما تسمى بالفرقة الرستاقية.
وهناك فريق قام بالرد على هذه الفرقة وذلك بزعامة الشيخ أبو سعيد الكدمي والشيخ أبو عبدالله محمد بن روح وسميت هذه الفرقة بالفرقة النـزوانية، وقد ألف الشيخ أبو سعيد الكدمي كتاب الاستقامة في ثلاثة أجزاء، وذلك في الرد على الفرقة الرستاقية، وكانت المدرسة النـزوانية تقف موقف المحايد من موسى بن موسى وراشد بن النظر.
كذلك هناك فريق ثالث كان يقف موقف المؤيد لموسى وراشد إلا أن هذا الفريق لم يلبث أن اختفى بعد فترة قصيرة، وذلك بعد تفوق الفرقتين النـزوانية والرستاقية.
وهكذا نجد أن هاتين الفرقتين النـزوانية والرستاقية قد مثلتا تطورا فكريا في عمان ، فكل مدرسة تحاول أن تؤلف في علاقة الحاكم بالمحكوم ونظام الحكم في الإسلام.. الخ ما يتعلق بأمور الحكام واختيار الحاكم في الإسلام، وسيرته اتجاه شعبه.
ومما يروى عن الشيخ ابن بركة أنه قال: "إن القائمين بعمان تركوا ثلاثة أشياء لا ينبغي لهم تركها:
الأول الوزارة: ينبغي أن يكون للإمام وزارة مأمونون تقاة يشيرون عليه بالأمر، فقد تركوا ذلك.
والثاني المنبر: لا ينبغي أن يرفع عليه إلا رجلا ثقة مأمونا، يؤمنون على دعاءه، فقد ترك ولعلهم يرفعون عليه غير ثقة ولا مأمون فيتكلم على الناس.
والثالث التعديل: فقد صار وارثة لا ينظرون له أهل الفضل والورع والصالحين، فهذه الأشياء مما تركت بعمان..اه‍.
وقد رد الشيخ البطاشي على الأمر الثالث وهو التعديل وقال : إن التعديل قد اختفى منذ زمن بعيد فضلا من أن يجعل وارثة، وأن المعدل هو رجل عدل منصوب لا يكون إلا من قبل إمام عدل أو قاض فهو الذي يسأل عن تعديل شهور بلده والعدل عند أصحابنا كل مشهور لا يعرف بسوء ولا ريبة، وفيه أقوال غير هذا..اه‍.
أما القولين الأول والثاني فقد يكون أن هذا القول للشيخ ابن بركة قد قاله قبل أن يتولى الإمام سعيد بن عبدالله الإمامة، فقد عاش الشيخ ابن بركة قبل في هوان من الجبابرة لمدة أربعين سنة، بعد مقتل الإمام عزان بن تميم الخروصي على يد محمد بن بور سنة 280ه‍ وبويع الإمام سعيد بن عبدالله سنة 320ه‍، فلو كان كلام الشيخ ابن بركة في فترة الهوان فمن أين سيكون العدل وبالتالي يقوم الإمام بإصلاح أمور الدولة وتعيين الوزراء والقضاة وغيرهم، أما لو كان كلام الشيخ في فترة الإمام سعيد بن عبدالله فإن هذا الكلام قد ينافي العقل، وذلك من أن الإمام سعيد بن عبدالله يعده بعض العلماء من أنه أفضل إمام بعمان بعد الجلندى بن مسعود، وسوف نذكر أمثلة على ذلك:
- قال أبو محمد عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر– رحمه الله-: (لا نعلم في أئمة المسلمين كلهم بعمان أفضل من سعيد بن عبدالله إلا أن يكون الجلندى بن مسعود)- قال أبو إبراهيم محمد بن سعيد بن أبي بكر: (أن الإمام سعيد بن عبدالله أفضل من الإمام الجلندى بن مسعود)،قال أبو سعيد: (وما أحقه بذلك فإن كان إماما عادلا صحيح الإمامة) ويروى أن من عدل وضبط الإمام سعيد بن عبدالله للرعية أنه ركض بقومه على حجرة بنـزوى فاستفتحها –وذلك في محاربته السلطان يوسف بن وجيه- وفقد أهلها بعد خروج القوم رزة باب وشكوا إليه، فطلبها حتى أتي بعينها وردها إليهم وحبس الذي قلع الرزة من معسكر أصحاب يوسف بن وجيه فتأمل في سيرة الإمام سعيد بن عبدالله لرعيته وضبطه لهم، فهل من المعقول أن يترك الإمام سعيد بن عبدالله في الدولة وزراء غير مأمونين وغير ثقاة؟ بالطبع لا.
· مدرسة ابن بركة:
وكان العلامة ابن بركة غنيا موسرا، قيل إذا أراد أن يتفقد أمواله في البلد وهي البساتين من النخيل والشجر يركب على فرس، لذلك كانت مدرسته تضم كثيرا من طلاب العلم من عمان ومن خارجها وهم بعض أصحابنا المغاربة الذين جاءوا لأخذ العلم عنه، قيل ولشدة طلبهم للعلم ولئلا يشغلهم شاغل عنه أنه كانت تأتيهم الرسائل من أقاربهم وذويهم فلا يفتح أحدهم رسالته خشية أن يجد فيها ما يشغل باله ويكدر قلبه، ولما حان وقت رحيلهم فتحوا رسائلهم ووجدوا فيها من أخبار سارة، وغير سارة..اه‍ .
· بين ابن بركة وأبي سعيد:
لقد قلنا سالفا من أن لكل من الشيخين ابن بركة وأبي سعيد مدرسة فكرية مستقلة به، وكان الخلاف مشتدا بينهما في مسألة الولاية والبراءة من موسى وراشد.
ومما يروى عن الشيخ ابن بركة أنه كان كثير التحامل على الشيخ أبي سعيد، وذلك كما يروي الشيخ أبي عبدالله الأصم أنه قال: "إني وجدت في آثار المسلمين كلاما أنكره قلبي، ذكروا أنه كلام الشيخ أبي محمد عبدالله بن محمد بن بركة في أبي سعيد محمد بن سعيد الكدمي أنه لما قال أبو سعيد أن العلم الذي يعلمه العباد إنما هو إلهام من الله عز وجل واحتج بقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام )وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين، فلما جن عليه الليل رأى كوكبا...(الآية. فوجدت أن الشيخ أبا محمد قال في الشيخ أبي سعيد عند ذلك: كنا ننكر على الكدمي كثرة بلادته وتظاهر جهالته، فأما الآن فما ننكر عليه إلا تواتر حماقته وذلك أن الجهل يداوى بالتعليم والحمق مركب في الطباع لا يزول إلا مع زوال صاحبه مع كلام له غير هذا".
فالشيخ أبي عبدالله الأصم هنا ينقل لنا بقوله وجدها في آثار المسلمين وليس هو من عنده لأنه قال في بداية المقولة "إني وجدت في آثار المسلمين كلاما أنكره قلبي.." ولو كان الشيخ أبي عبدالله يميل لهذا القول لما قال "أنكره قلبي" وهو اجتهاد من الشيخ أبي عبدالله فهو لا يستطيع أن يقدح في عالم من العلماء الأفذاذ نتيجة اختلاف في الفكر ليس إلا، ويقول الشيخ الأصم: "فما كنت أرى للشيخ محمد مع تكامل عقله وحسن درايته أن ينطق في الشيخ أبي سعيد بلا حق وعلم، لأن من أضل دين الله أن لا يتكلم المكلف بلا حق ولا علم ولا ينظر إلا بحق وعلم.. الخ.
وقد ذكر الشيخ السالمي في جوهر النظام باب العلم مسألة الاختلاف في إلهام العلم فقال:
العلم الهام من الحميـــــد في مذهب الشيخ أبي سعيد
وعنده التعليم كالنــــــــبات للنخل للتلقيح والثبـــــــــــــــــات
وخالف الشيخ أبا محمد فقال بالجـــــــــــد ينال فاجــــــــــــهد
· وفاته:
لقد عاش الشيخين ابن بركة وأبي سعيد في وقت واحد، وكان كل واحد منهما له مدرسة فكرية مستقلة، أثر على الأحداث السياسية في عمان ردحا من الزمن نتيجة لوجود أفكار المدرستين الرستاقية التي تتبرأ من موسى وراشد، والنـزوانية التي تقف موقف المحايد، إلا أن وفاة الشيخ أبو سعيد الكدمي كانت قبل وفاة الشيخ ابن بركة والدليل على ذلك:
أولا: ما رواه البطاشي في إتحافه "...وظل الحال بينهما –أي بين الشيخ أبي سعيد والشيخ ابن بركة- هكذا إلى أن توفي أبو سعيد قبل ابن بركة، قيل وكان لا يقرأ –أي الشيخ ابن بركة- في كتب أبي سعيد، ولما اطلع عليها بعد موت أبي سعيد وعرف ما فيها بكى والله أعلم..اه‍.
ثانيا: أنه لما مات الشيخ أبو سعيد الكدمي ذهب الشيخ ابن بركة للتعزية ووجد في المجلس مسودة كتبها الشيخ أبي سعيد بيده، فلما قرأها الشيخ ابن بركة قال: "ما رويح الكدمي" أي ليس بالرجل الهين.
ومن هذين الدليلين نتسنتج من أن الشيخ أبي سعيد الكدمي كانت وفاته قبل الشيخ ابن بركة، ولم أجد تاريخا لوفاة الشيخ أبي محمد بن بركة، إلا أن الشيخ أحمد بن سعود يذكر كانت وفاته لعلها بعد منتصف القرن الرابع الهجري، بدليل الشيخ أبو سعيد كان على قيد الحياة سنة 353ه‍ ، وكانت حياة الشيخ ابن بركة حافلة بالعلم والعمل أمكنه الله فسيح جناته.


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (/~moeoman/vb/showthread.php?t=533850&goto=newpost)