المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يستطيع الفضول المعرفي والنظام التعليمي الوصول بنا للمريخ يوما ما.



حواليكم
30-11-2013, 03:40 PM
حكاية من مذكرتي المدهشة المدهوشة بالدهشة.



ربما، أن الجميع سمع عن التوقيت 05:31 (توقيت غرينتش) فجر يوم 06/08/2012 م.

"هنا صنعت أمريكا التاريخ" كما قال الرئيس الأمريكي أوباما.

اليوم تمر أزيد بقليل عن السنة عن هذا الحدث العلمي الهائل.

في ذلك التوقيت هبط المسبار الأمريكي كوريوستي Curiosity (الفضول) على المريخ في حفرة جيل معلنا (حاسوبه طبعا) وهو في موقعه الجديد على المريخ "أنا في موقعي".

شخصيا، هزني هذا الحدث من الأعماق، جعل عقلي في حاله من الذهول الشفاف، ذهولا لا يستطيع أن يرسل أو يستقبل للحظات، ولربما لساعات، بعدها أول شيء فعلته بعد هذا الانكماش الذاتي، القيام ببحث مضن على الشبكة المعلوماتية عن كل شاردة وواردة عن هذا الحدث العلمي المتفاعل، بحثت بداية في المواقع العربية، فأصابتني بإحباط شديد لقلة التفاعل، ثم دخلت موقع "ناسا" متلمسا طريقا مكهرب بالفضول الإنساني. وأثناء هذه الرحلة الفضولية على قياس الرحلة نفسها وجدت الكثير من الصور والفيديوهات التي تسرد هذه الرحلة العميقة في الفضاء الكوني.

الشيء المثير حقا في كل هذا، لماذا فعلت كل ذلك على مدى خمسة أيام من هبوط المسبار الأمريكي؛ وكأنني انقلبت ناسكا في محراب. قد يكون فضولا معرفيا، انبهارا تكنولوجيا، لكن، قد يكون الفضول وحده عاجزا عن تحريكي بتلك الطاقة، الألم من يقدر على ذلك؛ نعم لقد تألمت كثيرا جدا.

بقدر ما رغبت إنسانيتي بمشاركة الأمريكان هذا الإنجاز العلمي المذهل، الذي يهدف للبحث عن حياة ماضية وحاضرة على المريخ من خلال دراسة مناخه وصخوره، وحسم الفكرة القائلة، بأن هناك حياة ولو كانت بدائية على سطحه، نعم بقدر ما رغبت في بيان الجانب الايجابي من إنسانيتي من كون هذه الرحلة ستزيد من معرفتنا العميقة بالمريخ استعدادا لإرسال إنسان للمريخ في ثلاثينيات هذا القرن، إلا أنني كنت أتألم، وفي رأسي ألف سؤال وسؤال، هل نستطيع يوما ما أن نصل إلى ما وصلوا إليه.

هل التعليم (بتاعنا) قادر على تخريج علماء ومهندسين يفعلون الشيء ذاته، وهنا أزمة، وهنا أزمة، وأي أزمة هي؛ فالتعليم عندنا لديه مشاكل جمّة حتى في تخريج موظفين، تصوروا، ما بالكم بعلماء، أو عالم الياقات البيضاء. ما هذا التعليم الذي سيصنع هذه المعجزة العلمية والتكنولوجية وهذا التفاني الخلاق في صنع الإنسان المنتج والخلاق.

آه، وأقولها من الأعماق، لقد تقوقعت حول نفسي طوال الخمسة الأيام الماضية التي تلت الهبوط يلجمني الاندهاش المدهش المتفجر بالدهشة حول ما وصلنا إليه، وما وصلوا إليه. خاصة أني عرفت معلومات مذهلة عن الرحلة، ثقيلة جدا، فالمسبار قطع 567 مليون كلم إلى المريخ، وأن المسبار أجريت له عمليات صيانة وتنظيف لمعداته عن طريق رسائل مشفرة أرسلت إلى حاسوبه وهو ترجمها واقعا على نفسه، ما هذا يا كوريوستي، تبا لك، ماذا تريد أن تفعل بنا، ونحن الكثير من أجهزتنا معطلة وهي أمام أعيننا. وأنه يحمل أجهزة تقوم مقام 200 عالم على الأرض، صدقوني لا أمزح معكم بتاتا، 200 وليس20 ، يبدو أن الرقم الأخير متواضع عليه، إنك يا كوريوستي تحكم على عقدة اندهاشي لتخنقني بها. وقبل ذلك خفض من سرعة هبوطه بنفسه طبعا بعدما دخل الغلاف الجوي للمريخ من 20 ألف كلم إلى 1 متر قبل الهبوط بلحظات قليلة، تبا لك يا كوريوستي مرة أخرى، إنك تذهلني بحركاتك النادرة هذه، سيرك علمي، ولكنه مدوخ، يخرج الواحد منه مصدع رأسه من الدوخان، كيف أمكنني تحمل كل هذا؟ سأصدقكم القول ما زلت حتى اللحظة مدوخا بالرغم من مضي أكثر من سنه على الحدث.

كما قلت لكم عشت في قوقعة الذهول طوال تلك الأيام متأبطا هاتفي وجوجلي، ملتقطا أي شيء يخفف من ذلك الألم المبرح الذي يعصرني، حاولت بعدها مع كل شيء ألتقية أن أخبره بهذا الحدث العلمي المذهل، والواتساب أعطاني فرصة أخرى لنشر الصور والمعلومات عن هذه الرحلة، لقد مارست دور الدعاية بإتقان للأمريكان، وكنت سأكون شاكرا لهم لو أنهم كانوا أعطوني شيئا بالمقابل، على وظيفة في ناسا (بتاعتهم) مثلا ! لقد خفف كل هذا بعض الألم النفسي الذي كنت أصارعه، وقلت في نفسي إني أصنع الاندهاش على الأقل إن لم أصنع التاريخ.

بهكذا ميزانية، وهكذا سياسات وتوجهات، وبهكذا أفكار وعقول، والله إننا نصنع الغباء والعبث في مدارسنا.

يلزمنا الكثير من العمل في نشر الثقافة العلمية وتأصيلها في مجتمعنا، وإنشاء "المجتمع العلمي" بدلا من الأغنية القديمة التي نتغنى بها أبدا ولم تحقق شيئا ملموسا حتى الآن"المجتمع الرقمي". يلزمنا أن تصبح مدارسنا معامل إنتاج للأفكار والعقول بدلا من هذا العبث الذي نمارسه ليل نهار.



*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) .. (/~moeoman/vb/showthread.php?t=540092&goto=newpost)