الشورى وطرق انتخاب اعضائها سلبا وإيجابا
بسم الله الرحمن الرحيم
الشورى وطرق انتخاب اعضائها سلبا وإيجابا
للكاتب : ابو حمزة الشاري
بلا شك أن للشورى في الإسلام مكانة عالية وهي من ضروريات بناء الأمة المسلمة , وقد ذكرت في القرآن الكريم في عدة مواضع , ووصفت هذه الأمة بأن أمرها شورى بين أفرادها . ولكن اذا كانت الشورى في جوهرها رحمة لهذه الأمة فإن الخطا في طرق ممارستها قد تكون لعنة عليها , فما نراه ونسمع عنه من تنافس على هذا المنصب يتنافى مع روح الأخوة الإسلامية من الإيثار والتضحية , فالمسلم يحب لأخيه ما يحبه لنفسه , بل أن الإيمان لا يتحقق إذا لم يحب المسلم لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه . وبسبب انتخابات مجلس الشورى عمت البلوى بين الناس من حسد وبغضاء وغيبة ونميمة . فبينما كان المجتمع العماني مجتمعا متلاحما متآلفا متعاونا أمسى مجتمعا متفرقا ومتحاسدا فعمته العصبية الجهلاء بسبب التحاسد بين الناس على العضوية لمجلس الشورى , فباسم هذه الإنتخابات غابت القيم النبيلة والصفات الحميدة من الأخلاق الفاضلة . وكأن الحال يقول : (( فرق تسد )) .
ليست هذه هي الشورى التي تبني الأمة المسلمة . فما تسببه هذه الإنتخابات في المجتمع من شروخ وتعصب وتفرق يزيد على ما قد يبدوا للناس من فائدة للأمة . فسلبياتها أكثر من إيجابياتها . والقاعدة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ، ولا اعني بكلامي هذا أن نترك الشورى وأن نتخلى عنها , لا , ولكن أن توضع أسس وشروط لمن يتقدم لهذا المنصب الخطير , وعندما اقول خطير فإني اعني ما اقوله . فالذي يتحدث باسم المجتمع المسلم لا بد ان تتوفر فيه شروط من العلم والأمانة والكفاءة وان يكون الإختيار وفق اختبارات لا بد من اجتيازها . لا أن تأتي عجوز لا تعرف من تختار ولماذا تختار . فيرجح صوتها كفة المفضول على الفاضل . الشورى التي تقوم على هذا الأساس لا تسمن ولا تغني من جوع . وتكون شقاء وعذابا للأمة بدل أن تكون رحمة وسعادة .
على ان كثيرا من سياسة الدولة غير خاضع لرغبة الشعب . وما يقوم به مجلس الشورى ليس إلا شغلا للناس وإلهاءا لهم . فلا بد من إعادة صياغة فكر الناس وثقافتهم منذ نعومة أظفارهم حتى يكونوا بحق اهلا للشورى .الشورى حق الأمة وليس منة من أحد . ومجلس الشورى فوق الكل فهو الحاكم الفاصل في الرأي . والدليل على ذلك عمل الرسول صلى الله عليه وسلم . فعندما اشار على المسلمين بالبقاء في المدينة المنورة قبل معركة احد اعترض اغلبية الشباب ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى رأيهم . ولم يتعنت في القيادة والسياسة . مجلس الشورى هو صمام الامان لأي مجتمع ولأي أمة . فبالشورى تجتمع الاراء ويتحمل الجميع نتيجة اي قرار يتخذ . وصدق الشاعر حين قال : رأي الجماعة لا تشقى البلاد به .... رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها .
والحكمة تقول : الرأي قبل شجاعة الشجعان .
وكم من راي حصيف من عقل حكيم جنب الأمة شرا مستطيرا .
الأسباب التي دفعتني للكتابة بهذه الصورة هي تلك التي سمعتها تتردد على افواه بعض الناس من ان كثيرا ممن نزلوا الى قائمة المرشحين أنهم موقنون بعدم الفوز ولكن لعل ضربة حظ تصادف , وأن ذكر الإسم في وسائل الإعلام والاعلانات طريق للشهرة للفت إنتباه ألاقران في البلده , هذا اقل مكسب سيحصل عليه بوجوده في قائمة المترشحين . ونسي ان ذلك الأمر يعتبر خيانة للوطن . فليس الأمر لعبا لتترك الصدف والحظوظ لتلعب دورها في تقرير مسيرة الأمم والشعوب , وهل أقلت الغبراء اصدق لهجة من ابي ذر الغفاري رضي الله عنه , ومع ذلك فعندما طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوليه بعض الولايات والمهام رد عليه صلى الله عليه وسلم أنها حسرة وندامة وأنك لا تقدر عليها يا ابا ذر . فهل يعلم من طلب الترشح في المجلس لتمثيل الأمة قدر الأمانة التي طلب حملها , وأنه مسئول عنها يوم القيامة .مجلس الشورى أجل وارفع من هذه المستويات .
نعرف عن بعض الأعضاء أنهم لم يسمع لهم صوت ابدا في أي اجتماع رسمي على مستوى المجلس او حتى على مستوى المنطقة أو الولاية أو القرية .
التغيير والإصلاح لا يأتي من قبل افراد ارادوا الشهرة فقط , ولا من قبل أفراد معهم الشهرة ولكن ارادوا الجاه , ولا من قبل أفراد طلبوا المال هربا من الفقر .
التغيير للأفضل يأتي من افراد هم في الحقيقة قياديين ويمثلون أمة وإن لم يكونوا اعضاء في مجلس معين . وقد يسال سائل وأين هم ولماذا لا يتقدمون لخدمة الوطن , والجواب : أن العاقل اللبيب لا يزكي نفسه ولا يجاهد لمنصب خطره عظيم وشأنه جسيم . لأنهم يعرفون قدر الشورى ومكانتها ولوازمها وثمنها عاجلا وآجلا , فالزمان ليس زمانهم ,فهم وإن طلب منهم سيعتذرون , فكيف ينتظر منهم أن يطلبوا الأمر , وبل ليس طلبا مجردا , ولكن معه من المحاذير الشرعية الأمر الخطير , واللبيب بالإشارة يفهم . ولكن الواجب على ولي الامر الجد في البحث عن من هو كفؤ للشورى .
وكما يقول الشاعر : -
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ,,,,, فلم يبق إلا صورة اللحم والدم .
من الشروط التي يجب أن تتوفر في العضو أن يكون متجردا لله تعالى وان تكون قضيته الاساسية هي خدمة المجتمع والنهوض بالوطن وأن يبذل من ماله ووقته وجهده قدر استطاعته .
هذا هو القول ولا خير فينا إن لم نصدح به ولا خير فيهم إن لم يسمع .
فالسكوت خيانة .