-
نفذ الأمر ....ثم ناقش .
في عام (2011) زرت ( عباس العقاد ) في مدينة ( أسوان ) في صعيد مصر , ولكن مع الأسف لم أجده ولم أتمكن من رؤيته أو حتى مقابلته , ويبدو أنه إنتقل إلى مكان آخر أكثر إستقرارا أو إضطرابا , وفي حقيقة الأمر لا يوجد هناك من يستطيع الحكم على مدى إستقراره أو إضطرابه حتى من أقرب الناس إليه وحتى من معجبيه أو مريديه , وحتى لو كانت حياته في واقعها متذبذبة بين الإضطراب أو الإستقرارلا يمكن القياس عليها , فأصبحت زيارتي مجرد الوقوف على الأطلال والذكريات , ذكريات إ نفرد بها (عباس العقاد ) عن أبناء جيله من الأدباء والمفكرين , ذكريات فيها الصرامة والإلتزام , ذكريات لاتخلو من المبادئ والنظام , ذكريات فيها الجرأة والقوة . لكن , هل يستطيع (عباس العقاد ) لو كان موجودا هنا أن يوضح الفرق بين مبدأ (نفذ الأمر ثم ناقش ) وبين ( ناقش الأمر ثم نفذ ) ؟ هل يستطيع أن يذكر الآثار المترتبة على المؤسسة التربوية من جراء ( نفذ الأمر ثم ناقش ) ؟ هل يجرو (عباس العقاد ) أن يقول : مبدأ (نفذ الأمر ثم ناقش ) مبدأ عسكري و لايمكن تطبيقه في المؤسسة التربوية في أي حال من الأحوال ؟ هل يستطيع (عباس العقاد ) أن يقول : في ظل المتغيرات الفكرية والكونية لا يجب على المؤسسة التربوية أن تخضع لمبدأ (نفذ الأمر ثم ناقش ) وهي التي تدعو للحوار والنقاش في كل أهدافها وفلسفتها ؟ . أنا في حقيقة الأمر لم أجد (عباس العقاد ) لكن , هل هناك من يستطيع أن يبلغه الرسالة و يوضح الأمر لأصحاب الرؤية والقرارأيضا ؟ هل يمكن مناقشة الأمر لتنفصل المؤسسة التربوية في قراراتها عن الأوامر العسكرية لتصبح قابلة للنقاش أولا ثم التنفيذ ثانيا حتى لايكون هناك أي إحتقان بين التربويين أنفسهم ؟ . ركبت (قطار النوم ) في اتجاهي لمدينة (أسوان ) وقد كان القطار مريحا وتوجد به كل الخدمات , مقاعده واسعة ومريحة ولا توجد أي حواجز بينك وبين الآخر , ويبدو أن الذين صمموا المقاعد لم يتأثروا بنظام المصارف المالية كما تأثرنا نحن بها هنا في بعض مكاتب الهيئات الإشرافية و التدريسية في المؤسسات التربوية , والتي تعيق الإتصال المباشر بين الجميع ليصبح الموظف في ( قفص ) بحجة الخصوصية بعيدا عن الحوار والمناقشة مع الزملاء أو الآخرين , ليقل الحوارأو يمتنع , ويبدو لي أن ذلك بعض بوادر التطوير . لم أسلك طريق العبارة النيلية (الأقصر _ أسوان ) في تلك الرحلة , على الرغم من وجود كل الخدمات السياحية فيها لأنها كانت تبحر ضد التيار كما يبحر الكثير منا هنا ضد التيار غير مدركين مخاطر ذلك الإبحار خاصة في عدم وجود الربان الحريص والمتابع . كان الجو هناك كالجو هنا في حرارته أو اعتداله , لذلك لم أجد أي معاناه في تجوالي هناك مستمتعا بكل المعالم , معالم لايمكن إجمالها هنا , لكن أجملها كان من خلال نظرتي الأخيرة لمدينة ( أ سوان ) من نافذة (قطار النوم ) , فرأيت ( عباس العقاد ) كالسد العالي هناك , ورأيت فكره هناك كطاقته هناك , طاقة لن تنضب أو تنتهي إلا بانهيار السد وموت (عباس العقاد ) فهنيئا لأسوان ....هنيئا لأسوان .
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..