قدم خدمة لصديق والده فاتهم بشهادة الزور

عاش حياته مسالماً لا تمتد يده إلا بالخير لمن حوله
قدم خدمة لصديق والده فاتهم بشهادة الزور

أبوظبي - "الخليج":

رغم أنه استغرب الاتصال الذي طلب منه المثول أمام أحد وكلاء نيابة أبوظبي، إلا أنه لم يتردد في الذهاب، ولماذا لا يفعل، وهو الذي عاش حياته مسالماً لا تمتد يده إلا بالخير لمن حوله، بل إن فضوله دعاه إلى أن يستعجل فاستأذن من عمله، وذهب مباشرة إلى دائرة القضاء لمقابلة وكيل النيابة المعني، وهناك قابل صديق والده الأقرب، الذي صافحه وهو يقول بصوت أقرب للتمتمة ومن دون أن يرفع عينيه نحوه "سامحني يا ولدي" .
في البداية لم يستطع تجميع خيوط القضية في ذهنه، فلماذا هو موجود في النيابة، وعلى ماذا يطلب منه صديق والده أن يسامحه، فهو لم يره منذ أن انتقل والده إلى رحمة ربه إلا مرة واحدة، عندما جاء إليه ليطلب منه خدمة، وقد أداها كما يتوجب عليه . لم يستغرق الأمر كثيراً، قبل أن تتضح الحقائق، فقد نظر إليه وكيل النيابة بعد أن تأكد من اسمه وصفته، ثم أشار إلى سيدة كانت موجودة وسأله إن كان يعرفها، فأجاب بالنفي، فأخبره أنها ابنة الرجل الذي حيّاه بحرارة للتو، وأضاف الرجل العجوز أنها ابنته، الذي طلب منه قبل أشهر الشهادة أمام كاتب العدل على أنها لم تتزوج بعد طلاقها .
أما السؤال الثاني فكان عن طلاقها الأول، ولفت السؤال نظره، ورد مستغرباً إن كان هناك طلاق ثانٍ، فابتسم وكيل النيابة، وهو يخبره أن سؤاله عن طلاق أول، يعني بالتأكيد وجود طلاق ثانٍ، واسترسل وكيل النيابة بقوله: أتعرف معنى هذا؟ إنه يعني أنك شهدت زوراً عندما وقفت أمام كاتب العدل وأثبت بشهادتك أنها لم تتزوج بعد طلاقها الأول في عام 2004 .
وكان يمكن لها أن تحصل بفضل شهادتك ومن دون حق على معونة اجتماعية، هناك من هو أحق بها، لولا يقظة موظف التوثيقات الذي اكتشف وجود طلاق آخر في عام ،2010 وإبلاغه عن الواقعة، ولهذا أنت هنا بصفتك متهماً بالشهادة الزور، وستتم إحالتك إلى المحكمة بهذه التهمة، وفي حال وجدتك المحكمة مداناً، فإن عقوبتك وفق القانون لن تقل عن الحبس لمدة ثلاثة أشهر .
انتفض الرجل من مكانه، وقد رأى حياته تتهدم حوله، فمستقبله الوظيفي وحياته الاجتماعية، كل ذلك سيضيع في حال حكم عليه بالحبس، ولماذا؟ لأنه فقط صدق رجلاً عجوزاً طلب منه خدمة متوسلاً بصداقته لوالده الراحل، وهل هناك من يرد طلباً كهذا؟ ألسنا أبناء ثقافة نرى من خلالها كل صديق للأب بمثابة الأب، وكل جارةٍ لأمنا بمثابة الأم؟ فكيف ينقلب الخير الذي قام به إكراماً لروح والده، إلى شر ينتظر أن يعاقب عليه؟
أخذ يصيح وهو يطلب من صديق والده أن يقول لوكيل النيابة: إن كان يعرف أنها تزوجت أو حتى رآها من قبل، والعجوز يهز رأسه، مؤكداً صدق ما يقوله الرجل بأنه فعلاً لم يكن يعلم الحقيقة، وقدم شهادته بناء على ثقته به كصديق لوالده، ولكن وكيل النيابة قال له: إن ما أقر به أمام كاتب العدل أنه يعرفها ويعرف أنها لم تتزوج، وقد كذب عندما أقرّ بمعرفته بحالتها، وشهادته على ذلك سيحاسب عليها أمام القضاء، وأضاف وكيل النيابة إن حالته للأسف ليست حالة نادرة، فهناك العديد من الأفراد الذين تمت إحالتهم للمحاكمة لشهادتهم على أمر لا يعلمونه يقيناً، ثم أمر وكيل النيابة بإحالة السيدة ووالدها إلى المحكمة بتهمة التزوير، وأحيل هو بتهمة الشهادة الزور .

المصدر : جريدة الخليج


*** منقول ***