الإكتفاء هو الفرق والفارق بين الغباء والفلسفة وهو السر العلني الذي قليلا ما يلتفت إليه الناس مع أنهم يعرفونه جيدا لكنهم لا يعرفونه أيضا يتعاملون معه كطريق مهجور لا يدخله أحد مع أن نهايته أجمل من كل الطرق..
إنه الإكتفاء بسيط كالابتسامة وعميق كالمعرفة هوالوحيد الذي يهزم الإحتياج ويكبح الرغبة ويعلمني معاني الصحوة..
أكتفي من البستان بنظرة تشربها عيناي في لحظة أتذكر فيها تذكرا موجعا فأعود للحياة مبتسما ابتسامة جد في وجه حفيده الذي لم يعرف من الحياة ما يكفي..
أكتفي من الخبز برغيف ومن الفنجان برشفة ومن الحب بلقاء ومن البحر بخطوة على الشاطئ وخربشات على الرمل ولا يهمني تزاحم الرمل ولا ارتباك الماء من سقوط حجر ..
الإكتفاء يعلمني كيف أكون غنيا في عالم يلهث من جوع إلى جوع ومن لهفة إلى غيرها ويعلمني كيف يضحك الوقت وكيف يرى الأطفال ألعابهم ويطرد الحزن عن عيني ..
الإكتفاء عنوان كبير لا يقرؤه العابرون وموسيقى كونية لا يسمعهما غيرالمبتلين بماء المعرفة وسكوت الحب العميق..
الأرض مكتفية بمكانها في هذا الفضاء العظيم لاتتذمر ولا تشكو تحمل متاعها من أشجار وبحار وبشر وجبال وتدور والقمر قابع هناك في زاوية ضئيلة من زاويا المجرة يتفرج على عدم اكتفاء العاشقين من النظر إليه فيكتفي بالتفرج وهو بعيد لذلك يظل جميلا ومضيئا في ليال معينه لا يغيرها ولا يطلب المزيد ..
أما نحن فلا نكتفي من شيء لذلك نصغر أما الأشياء نتضاءل نبدو كأقزام لا نقوى على الوصول نريد كل الدنيا وكل الغابات وكل النساء وكل الحب وكل المال وكل الطرق وكل الصداقة لا نكتفي إلا إذا اكتفت منا الحياة ..
جميلة نظرتكم ناحيتي إذا لمحتم في وجهي اكتفائي ، يكفيني وجودكم معي بعض الوقت ونحن نبحث عن وجه الحياة ، يكفيني هذا الغصن من الغابة كي يضللني وسأترك الأغصان الباقية لغرباء مثلي يبحثون عن ظل ، يكفيني مكان صغير على الشاطئ أنظر منه إلى أفق البحر البعيد ، كل ما أملكه يدان لا تتسع الواحدة منهما إلا لتفاحة واحدة فلماذا أريد امتلاك كل حدائق التفاح ، لماذا تغضب حين أكتفي منك ولماذا أغضب حين تكتفي مني فأنا جزء صغير من الحياة وأنت جزء ومنذ متى كانت الأجزاء لا تكتفي بالأجزاء ..
الإكتفاء هو اللغز المفضوح فيه الغموض وفيه الوضوح هو السبب في أن هذا يبقى وذاك يذهب وهو المسؤول عن حزن هذا لأنه لم يفهم وسعادة ذاك الفيلسوف الذي فهم فاكتفى من الحياة بشجرة يجلس تحتها ولقمة يأكل منها بل ويعلم الآخرين فن العيش معا ..
لا تحزن صديقي إذا كان في يدك القليل من السنابل ففي كل سنبلة يغفو حقلا من القمح أنثر ما في يدك على الأرض وانطلق سينمو القمح وتكبر السنابل كي يأكل الفقراء الخبز أود أن أكتب وأكتب لكنني أخاف أن يهجم عليّ قانون الإكتفاء فأسكت مكتفيا بما قلت بين عتبات "اللغز المفضوح"
للعلم الحقوق محفوظة للكاتب
جائزة الإمتياز الدولية .
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
