اتركوني لوحدي !
يحب كل إنسان مهما كانت سنه الانفراد مع نفسه في أحيان كثيرة ، فكما يحب البشر الثرثرة والتواصل عبر اللقاءات المباشرة أو غير المباشرة ، بالهاتف أو عبر الإنترنت ، هم يرغبون بين وقت وآخر بالصمت والانفلات من عالم الاجتماع إلى عالم الوحدة والعزلة .
الأمر حتى الآن يبدو عاديا وطبيعيا ، فلكل إنسان خصوصيته التي لا يحب أن يشاركه فيها أحد .
لكن الإنعزال في الغرفة لأجل أن يحرق المرء نفسه لا يعود علينا سوى بالدمار الكلي للشخصية والسلوك .
هكذا يفعل الشباب اليوم ، هم لا يسعون وراء البقاء بمفردهم في غرفهم المغلقة من أجل سكينة مفقودة أو هدوء منشود ، إنما يقبعون في الغرفة كي يحرقوا أنفسهم ، كما تفعل السيجارة بنفسها عندما يتركها المدخن في منفضة السجائر !
لا أحب مقارنة الشباب بالسيجارة ، ولكن عملية الحرق التي أتحدث عنها ، أحضرت هذه الصورة في ذهني .
يحرق الشاب نفسه في غرفته عندما يستخدم كل طاقاته في التواصل عبر الإنترنت ، فتراه قاعدا قبالة الحاسوب أو ممسكا بهاتفه الجوال وعيناه شاخصتان ، تحترقان لأجل قراءة المكتوب على الشاشات ....
يبتسم كالمجنون ( لأنه مع نفسه ) يحرك أنامله بسرعة فائقة ، يمتنع عن مصاحبة أي فرد في العائلة ، يحمل طبق الطعام إلى غرفته ..
يفقد لذة الخيال ومتعة السؤال ، يحزن ، يفرح ، يشد أعصابه ، ثم إذا دخل عليه أحد يصرخ بأعلى صوته : " اتركوني لوحدي !! " .