" ودع هريرة إن الركب مرتحل : وهل تطيق وداعا أيها الرجل"
هذا البيت هو مطلع معلقة " الأعشى" يخاطب فيها نفسه يحاورها ويحثها على التحمل والمواجهة, مواجهة الموقف الذي كلنا نخافه ونخشاه , موقف الوداع ما أصعبه وما أصعب لوعته, هل شكلت" هريرة " أي فراغ برحيلها ؟ لا شك , فراغ المكان , هل شكل " الأعشى " أي فراغ برحيله ؟ لاشك , هل شكلوا أي فراغ برحيلهم جميعا ؟ لا شك , فالفراغ كان بوجودهم وبرحيلهم , وكأن الفراغ صفة مشتركة بينهم جميعا , فكان الرحيل أفضل لهم , الرحيل للواقع وللوجود وكأنهم لم يكونوا في الواقع ولم يكونوا في الوجود , لذلك لم يذكر النقاد أي تأثير على المحيطين برحيلهم , هل العدم أقرب لهم من الوجود ؟ ربما , فكان لابد لهم من الرحيل , الرحيل لحياة جديدة أفضل وأجمل , أرحب وأوسع تستنهض قدراتهم وامكاناتهم ومهاراتهم التي لم تنهض بعد .هل الفشل هنا يعني النجاح هناك ؟ وهل النجاح هنا يعني الفشل هناك ؟ الفشل هنا لايعني النجاح هناك , والنجاح هنا قد لا يعني الفشل هناك , مهما كان النجاح أو الفشل فالركب مرتحل , مرتحل للراحة أو للمرعى . لم يتمكن الشاعر من توديع " هريرة" وأنا كذلك , فكان لابد من سرد المواقف والذكريات والصفات والمواصفات ,ذكرياته مع " هريرة " , ذكرياتلم أهتم بتفاصيلها كثيرا هنا ولم احتفظ بها كذلك كما احتفظ بها " الأعشى" وهذاحال النصوص الشعرية التي يتحدث فيها الشعراء" كالأعشى " وغيره أحيانا عن البطولات والمغامرات والكرم والشجاعة , وهي صفات يراد لها الآن أن تحذف من مناهجنا التربوية بحجة إثارة الحماس واقصاء الآخر ,وأصبح الآن للنصوص مواصفات واشتراطات مفروضة من جهات أخرى , لكن مهما حذفت ستظل البطولات في أذهاننا , ومها رحلت " هريرة" ستظل في قلوبنا , ومهما رحل الركب سنقف على اطلاله نردد
" ودع هريرة إن الركب مرتحل : وهل تطيقوداعا أيها الرجل "
.................................................. ...................
" نحن الفوارس يوم الحنو ضاحية : جنبي" فطينة " لا ميل ولا عزل"
" قالوا الركوب فقلنا تلك عادتنا : أوتنزلون فإنا معشر نزل"
فوداعا يا " هريرة " وداعا وداعا وداعا .
