سفينة نوح.. وحكمة قابوس..
إما أن تركب سفينة نوح وتنال حصتها من الغزل الإيراني/ الغربي، أو تتصرف كطفل "حمسان" في عيد ميلاد فتخسر نصيبها من الكعكة !
فحبر الإتفاق لم يجف بعد والمشاريع تنساب على إيران، وتزاحمت الشركات العملاقة وتهيأت للطيران لبلاد الزعفران لضمان حصتها من السوق الذي سينفتح بعد عقود من العقوبات وسيكون -لا شك- عطشانا لكل شيء، والشركات تدرك أن ايران بنت امبراطورية صناعية أنتجت الأبرة كما الصاروخ لكنهم يعرفون - أيضاً - أن مطربة الحي لا تطرب وسيتدافع الناس على المنتجات المستوردة وسيحققون أرباحا ضخمة كما جرى في روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي تماماً عندما انفتحت شهيتهم الاستهلاكية بعد طول "صيام" !
ما علينا ،
" وعليهم بالعافية " أيضاً ولكن .. ما هو موقع دول الخليج من هذا " المولد" وهل ستخرج منه " بلا حمص" بسبب عدائها مع إيران ؟!
الحقيقة التي يجب تأطيرها هنا هي أن دولنا تعيش المراهقة السياسية بأكثر صورها طيشا ، وهم لا يدركون أولى أبجديات السياسية وهي حقيقة أنها - السياسة- لا تعترف بالأصدقاء ولا بالأعداء، هناك مصالح تفرض خريطة طريق تتغير تباعا؛ وهذا ما في ذاك.
******
حقيقة أخرى تفصيلية يجب ذكرها هنا، وهي أن العداء الإيراني / الخليجي مفتعل وموروث - لا من الآباء والأجداد بل من أمريكا، فدول الخليج لم تنصب العداء لإيران بعد الثورة الاسلامية ، واحتلال الجزر الثلاث " الذي يبرر البعض فيه العداء" يعود لعهد الشاه الذي كانت تربطه بدول الخليج أطيب العلاقات، العداء بدأ عشية إحتلال سفارة أمريكا بطهران عام 1979 وما تلاه من أزمة رهائن ، وما نصبت دول الخليج العداء لإيران إلا لمعادة أمريكا لها ، وكعادة العرب الذين أحتربوا 40 عاما "لعيون ناقة" نسوا تدريجيا المشكلة الأم وإنساقوا لعداءهم الذي لم يبرره على الأرض سوى أضغاث أوهام وهلوسات جعلت ترسانة التسليح الخليجية تلتهم 70 بالمئة من ميزانياتنا على حساب التعليم والتنمية بل والخدمات الأولية من تطبيب وإسكان !
كلفة العداء كانت كبيرة على مستويات إضافية : فنحن دول بحاجة لكل شيء:
للأيدي العاملة،المزروعات والصناعات واللحوم ، وإيران اقليم مترامي الأطراف كنا لنستفيد منه لو عزلنا أنفسنا عن "لعب الكبار".. نعم لعب الكبار : فأمريكا وروسيا وبريطانيا دول تتصارع على توازع النفوذ الدولي، أما دويلاتنا لا تملك آليات الزعامة وكان حريا بها أن تردد " وش لك يا صعلوك بين الملوك" !
مـا علينا..
اليوم على دولنا أن تتعلم الدرس الذي رفضت استنباطه من اليابان والتوقف عن المضاربة " بهالجم فلس" وشراء الأسلحة والخصوم وترميم مجتمعاتها الصدئة، ونستثني في حديثنا عن الخليج عمان، التي أشبهها بالسلحفاة التي غلبت في سباق الأرانب..
فقد رفضت لغة العضلات والقنابل ونأت بنفسها عن استعراض القوة وحملت على أكتافها وزر حماية المنطقة من الحرب التي كانت تقف على اتونها، فالسلطان قابوس هو "وسيط صفقة القرن" ، احتضن المباحثات الأمريكية/الإيرانية السرية منذ آذار الماضي وهو "رجل الحكمة والسلام" كما يراه العالم اليوم، نعم نثني على السلطان قابوس وشهادة أهل البحرين فيه مجروحه. ونأى ببلاده عن التدخل في شؤون داخلية .
بمحبة ندعو دولنا للتعقل واقتناص فرصة الاتفاق لبناء واقع جديد والتوقف عن مسايرة " تجار الحرب" حفاظا على مجتمعاتنا التي تتآكل من الداخل من فرط الأزمات.
-
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
