من دون مقدمات ، عقد جلسة مع نفسه ، واتخذ قرارا بأن يصبح مثقفا .
لقد أعجبه ما يقال عن المثقفين في وسائل الإعلام ، وفي المجالس العامة ، والخاصة أيضا .
وكان ينظر إليهم بحسرة وهم يتحدثون عبر الشاشات الفضائية ، فلا يستعصي عليهم شيء ، وكيف لا وهم يفهمون ويفقهون في كل شيء ؟!
ولهذه الأسباب ، وغيرها ، قرر أن يكون واحدا منهم . انكب الرجل على القراءة ، فهي – كما يرى – السبيل الوحيد للحصول على تاج الثقافة .
بدأ أولا بكتب التاريخ ، العربي ، والغربي ، والهندي ، والصيني . ولم ينسى أن يقرأ تاريخ الإغريق ، واليونان ، والأمم الغابرة ، حتى وصل إلى عصرنا الحالي .
وانصرف بعد ذلك إلى دراسة الجغرافيا ، والتضاريس ، والسكان والأنهار والجبال ، وكل ما يتعلق بالأرض ، وما يستقر تحتها ، وما يتحرك فوقها .
ثم جاء دور القراءة الفلسفية ، وكان قد اختار كل تراجم الفلاسفة وأقوالهم ، وتحليلاتهم وتنظيراتهم ، وعندما انتهى بدأ في قراءة أخبار الطب ومكتشفاته ، وعرج بعدها على قراءة كل ما يتعلق بالاختراعات والأبحاث العلمية وما إلى ذلك .
ولم ينسى طبعا أن يقرأ في الأدب ، والحكمة ، والصناعة ، وعلوم الفضاء ، والرياضة ، والزراعة ، والأنساب .
وبعدما فرغ من كل ذلك ، تنفس الصعداء ، وارتسمت على وجهه ابتسامة النصر ، فقد أصبح مثقفا .
كان أول ما فعله ، تنظيم ملتقى ثقافي كبير ، يكون هو – بالتأكيد – النجم الأول ، وحين بدأ الحديث ، لم يجد شيئا يقوله .
حاول استعادة شيء مما قرأه ، أي شيء ، لكنه لم يجد ، فقرر الإنسحاب من الثقافة و أهلها إلى الأبد .
