رأيت في ما يرى النائم..

رأيت في الأحلام ..
أن كل مدن العرب لا تنام..
تعيش الكابوس في اليقظة..
وتذوق الحياة.. في الأحلام ..
كانت مدننا مصنوعة من ملح..
وكان الغضب ماءاً.. بلون السخام ..

(2)

رأيت في الأحلام..
أن الكذاب أصبح ذا مقام..
وأن الصادقين صاروا مهانين بين الأنام..
رأيت النبلاء في هماً.. و أرقاً..
وأراذل القوم.. في دعّة وأمان !!

(3)

في ذلك المنام..
صارت الشتيمة لغتنا الأم ..
وتكسرت قواعد الإعراب.. على يد الأعراب ..
وصار القذف خبز الصباح..
وصار لحم البشر.. مباح..
في ذلك المنام لم يكن أحد منا.. مرتاح..
كل الحناجر كانت مهيئةً..
كل المخالب كانت مسنونهً..
للنهش والنباح..

(4)

في ذلك الحلم المرعب..
لمحت من بعيد..
قبةٌ ذهبيةً مصنوعة من دمع ورمل وحديد..
كان المسجد الأقصى هناك..
وكانت له عينان..
وتجاعيد..
ونبض متقطعٌ .. مريب..
كان الأقصى حزينا..
يقاوم الرغبة في البكاء..
يقاوم الرغبة في الصراخ والإستجداء..
كان .. وكأنه يلومنا بعينية ويقول:
أين كانت جنودكم.. جيوشكم.. دباباتكم.. عني يا مسلمين؟؟
عندما كانت أحذية اليهود تدوسني..
عندما كان الجند -من أصوات المصليين – يحرمونني..!!
كنت أصبر نفسي وأٌقول..
هؤلاء أضعف من أن ينقذون قبلتهم الأولى..
هم مستضعفون.. وليس لمثلهم حيله ..
ولكني أراكم اليوم تخوضون أشرس الحروب ضد أنفسكم..
ألم أكن أنا – الأقصى – أولى بفزعتكم !!

(5)

في ذلك المنام..
كان كل شيء يشبهنا.. إلا نحن.. !!
نفس الشوارع..
والمقاهي..
والأبواب والأزقة والأحياء..
لكن الناس كانوا وحوشا برداء إنسان !!
ينهبون، ويخدعون ، ويشربون الدم، ويهينون حرمة الأنام !
يسترون عوراتهم بقماش..
ويتركون حيوانيتهم.. واضحةً للعيان..!!

(6)

في ذلك المنام الكئيب..
كان العقلاء صامتون..
وكان الحكماء.. يتفرجون..
وحدهم المتطرفون والأغبياء من كانوا ينظّرون !!
وحدهم الجهلة والمتعصبون من كانوا يسمعون..
مأساةٌ أن يعتزل الأخيار العالم..
مأساة أن تكون المنابر.. للحمقى والمغالون !!

(7)

ورأيت في ما يرى النائم..
أن اقتصاد العرب نائم..
وصناعتهم طفلةٌ مهملةٌ..
والعلم لديهم معتوه هائم..
كل شيء كان مغيبا إلا لغة التسليح والسلاح والذخيرة..
أي وطن كهذا.. لا ترتجي منه خيرا..

(8)

عندها أستيقظت..
حمدت الله أنه كان حلما ..
عاتبت نفسي على العشاء الدسم..
وقرأت آية الكرسي لكني..
لكني..
أكتشفت أني لم أنم لأصحو !!
وتذكرت وقتها..
أني أعيش في مدن الملح التي لا تنام..
حيث تعيشُ الكابوس في اليقظة..
وتذوق الحياة.. في الأحلام ..


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..