إرث الطبيعة الجيولوجي والتاريخي عوامل جـذب للاستثــــمار السياحي بمحافظة مسندم
طبيعة غناء ومنجزات تنموية تعانق الحاضر –
رحلتنا السياحية هذه المرة سنعبر من خلالها بوابة الخليج العربي تلك البوابة التي تتعانق فيها قمم الجبال والطبيعة البكر بتاريخها الأصيل الضارب بجذوره عمق التاريخ، لتتناغم مع إنجازات النهضة المباركة التي ننعم بها في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس – حفظه الله ورعاه.
فبوابتنا محافظة مسندم والتي شهدت عبور تجارة الشرق إلى الغرب قادمة من الهند وشرق آسيا محملة بمختلف البضائع و تعبرها اليوم ناقلات الذهب الأسود ناهيك عن السفن التجارية والسياحية، أما الأرض ذاتها فهي مثال رائع للتنوع الجغرافي الطبيعي بين جبال مرتفعة وأودية عميقة وأخوار بحرية و شواطئ رملية غاية في الروعة والنظافة، مما أكسبها بعدا اقتصاديا جعل من هذه التنوعات الجغرافية مـقومات ســياحية بل موارد استثمار حقيقية جذبت الحركة و الانتعاش الاقتصادي مما أدى إلى تدفق رؤوس الأموال للاستثمار في هذه المنطقة التي باتت تشهد حركة سياحية مع ثقة المستثمر في هذا المجال بنجاح المشروع الذي استثمر فيه وهذا ما تثبته الأيام يوما بعد يوم.
متحف تاريخي
محافظة مسندم تعد جزءا أصيلا من تاريخ السلطنة الضارب بجذوره أعماق التاريخ الإنساني الخالد فكل جزء من رباها يتحدث عن تاريخها العظيم الذي يؤكد مكانة هذه المحافظة المتجددة حيث تشتهر المحافظة بعدد من الشواهد التاريخية كالقلاع و الحصون والأبراج إضافة إلى المساجد القديمة و آثار المستوطنات البشرية البائدة التي رحل سكانها وظلت بأحجارها والنقوش التي خلفوها شاهدا على تواجد الإنسان العماني و عزيمته التي تحدت عزلة المكان ووعورته و من هذه الآثار قلعة خصب القديمة التي بنيت زمن البرتغاليين وهي عبارة عن بناء رائع بداخله برج يعتقد بأنه بني قبل بناء القلعة وطورت اليوم لتصبح متحفا حديثا، أما ولاية بخاء فيوجد بها قلعة البلاد التي يرجع بناؤها إلى القرن السابع عشر و تعد هذه القلعة من أقدم المواقع التاريخية في الولاية.
وإذا ما تجولنا في ولاية دباء فسنجد حصن دباء وعند زيارة السائح لولاية مدحاء يجذبه إليها متحف مدحاء الذي يعد أحد المتاحف الخاصة و الذي أسسه المواطن محمد بن سالم المدحاني حيث يضم العديد من التحف و الرسومات القديمة المنحوتة على الصخر و به عدة أقسام منها قسم الآثار و قسم المخطوطات و قسم المصكوكات و الأحجار الكريمة، و يعتبر هذا المتحف كنزا ثمينا من التراث الحضاري الخالد لهذا البلد، إن روعة الطبيعة وتناغم معطياتها في محافظة مسندم تشكل سيمفونية تعزفها أمواج البحر المحيطة بها لتبقى هذه الطبيعة الخلابة من أهم الموارد الاقتصادية التي تنتظر المزيد من الاستثمارات لتعود بالفائدة على الجميع.
مقومات متنوعة
ولمسندم خصوصيتها الطبيعية التي حبا الله تعالى بها هذه الأرض المعطاء حيث الأخوار البحرية المنقطعة النظير بين بــحــار و خلجان الوطن العربي لتكون أول عناصر الجذب السياحي في المنطقة، و قد أتاحت هذه الأخوار إضافة إلى جمالها الطبيعي الخلاب إضافة إلى تلك الحوائط الجبلية الشامخة التي تقف محيطة بالأخوار حارسة وحامية لها كأنها الحارس الأمين عليها أتاحت للسياح نوعا آخر من السياحة تتمثل في التخييم والغوص ورحلات الصيد البحرية التي غالبا ما ترافق زوارقها دلافين تصحب السياح في رحلاتهم وكأنها تمثل استقبالا من نوع آخر مما يفرض سحرا طبيعيا على سحر و روعة المكان.
ومن الأخوار الشهيرة في المحافظة خور شم و خور الحبلين اللذين يعدان من عجائب الطبيعة إذ لا نظير لهما في الشرق الأوسط مما دفع العديد من السياح العرب والأجانب بالتدفق على هاتين المنطقتين إذ يمكن الوصول إلى هذه الأخوار بحرا بالقوارب كما توجد العديد من الأخوار الأصغر مساحة كخور غب علي و خور كمزار و خور نجد و المتفرع من خور الحبلين الآنف الذكر.
سياحة من نوع آخر
وفي ظل التنوع الجغرافي والتنوع في أشكال السطح برزت في المحافظة السياحة البيئية في المحافظة بشكل لافت حيث تحمل الطبيعة عشاق البيئة إلى زيارة الأماكن الطبيعية والمــحميات و التعرف عليها و الاستمتاع بجمالها وازدهار هذا النوع أدى إلى استقطاب أعداد من السياح أفرادا و مجموعات من خلال الاهتمام بالبيئة والمحافظة على مكوناتها وخلق الوعي لدى سكان تلك المناطق بالحفاظ على نظافة هذه البيئات و أدى الاهتمام من قبل الحكومة و الوعي من قبل المواطنين إلى إيجاد قناعات راسخة لدى السكان بأهمية هذا المورد الاقتصادي واستغلالها بما يعود عليهم بالفائدة مما زاد في حركة المجموعات السياحية لجزيرة التلغراف التي تذكر بعض الروايات بأنها كانت مربوطة بكيبل بحري بين الهند وبغداد مارا بهذه الجزيرة و جزيرة مقلب إذ تعد هذه الجزر مزارات لهواة الغوص والتصوير تحت الماء لكثرة الشعب المرجانية على جانبها ومن الجزر كذلك جزيرة الطير التي تستقبل في فصل الشتاء أعدادا هائلة من طيور الخرشنة و النورس التي تهاجر من برودة الطقس إلى دفء الأجواء في هذه الجزيرة و من السياح من يفضل تسلق الجبال الشاهقة و فيها يقف شاهدا على المستوطنات البشرية القديمة التي أقامها سكان المنطقة على المصاطب الصخرية و التي تمثل تناغم الإنسان مع بيئته الجبلية و تكيفه مع معطياتها حيث تتناثر أشجار المزج التي صنع منها أبناء المنطقة الجرز الذي يشتهرون به و من أشهر الجبال جبل حارم الذي يعد من أعلى قمم جبال مسندم ويبلغ ارتفاعه 2087 مترا تقريبا.
مورد مهم
يعد القطاع السياحي أكثر قطاعات العالم اليوم ثباتا في النمو الاقتصادي وهذا ما تثبته مختلف الدراسات الاقتصادية وعليه فإن الاستثمار في هذا الجانب يدعم التنوع في مصادر الدخل وتتنوع الموارد الاقتصادية السياحية في محافظة مسندم في هذا الجانب والمتمثلة في تنوع الموارد السياحية من جبال و هضاب و أودية وأخوار إضافة إلى الشواطئ الرملية وكذلك المقومات البشرية و الحضارية المتمثلة في الدعم اللامتناهي لهذا القطاع و الجهود المبذولة في تسويق قطاع السياحة و التعريف به و تطوير الخدمات الأساسيـة الــتي من شــأنــها أن تيسر العمل في الــقــطــاع كـالـمــواصلات و الاتصالات و الفنادق و المنتجعات السياحية و الشركات السياحية، ومن منطلق تنويع مصادر الدخل وتوزيع الاستثمارات في هذا الجانب على مختلف مناطق السلطنة بدأ القطاع الخاص يدرس صناعة السياحة بفعالية و بصورة قابلة للتنفيذ وذلك من خلال تنفيذ العديد من المشاريع التي تمت في هذا المجال ومنها إنشاء منتجع أتانا خصب ومنتجع الحواس الست بمنطقة زغي بولاية دبا إضافة إلى منتجع جولدن توليب دبا كما تم تطوير حصن خصب ليصبح متحفا متطورا بالصوت والصورة يحكي تراث حياة المنطقة وورثها المادي من أدوات ومستلزمات للحياة الاجتماعية والاقتصادية قديما.
دعم الأنشطة المختلفة
وإذا ما تجولت في مختلف المناطق تجد العديد من المشاريع الداعمة إيمانا من الحكومة بأهمية تسهيل النشاط السياحي والاستثمارات القائمة عليه فقد تم الاهتمام بمشاريع البنية الأساسية القائمة وتطويرها وإضافة العديد من المشاريع الأخرى التي تضمن تيسير العمل في هذا المجال ومن هذه المشاريع مشروع توسعة ميناء خصب الذي يعد شريانا اقتصاديا وسياحيا مهما للمنطقة حيث تسعى الحكومة إلى جعله أحد الموانئ الرئيسية خاصة مع موقعة المتميز على الخليج العربي كما تم تطوير المنطقة التي تقع خلفه لتكون ظهيرا اقتصاديا يضمن تشغيل الميناء من خلال الخدمات العديدة التي يوفرها وفتح المجال للمواطنين في إقامة مشاريعهم الاقتصادية في هذه المنطقة والتي عملت على دعم النشاط الاقتصادي، كما تطرق الميناء بين الحين والآخر عدد من السفن السياحية التي تجوب العالم وتتوقف في هذا الميناء إضافة إلى العبارتين شناص وهرمز اللتين تتوقفان بصفة دورية في المنطقة تحمل المتنقلين بين المنطقة ومحافظة مسقط إضافة إلى الأفواج السياحية وكذلك العبارة صوقرة والتي تنقل المواطنين من نيابة ليما إلى ولاية خصب والعكس كل ذلك أهل مسندم لتكون من المحطات المنافسة سياحيا مع تزايد الإقبال السياحي عليها عاما بعد عام فما هو سر الإقبال و ما هو السحر التي تنفرد به عن غيرها من دول المنطقة ستكتشف كل ذلك من خلال زيارتك الأولى للمنطقة.