سواحل مسندم مواقع مثالية لتكاثر أجود أنواع الأسماك
توفير البنية الأساسية وحماية المخزون من الاستنزاف أسهم في تنمية القطاع –
بخاء – أحمد بن خليفة الشحي –
محافظة مسندم هي المحافظة الساحلية السابعة من بين المحافظات المتتالية التي تقع على شواطئ السلطنة بدءًا من محافظة ظفار في أقصى الجنوب مرورا بالمحافظات الأخرى إلى أن نصل إلى محافظة مسندم في أقصى الشمال، وتشرف هذه المحافظة الجميلة على بحر عمان وعلى الخليج العربي الأمر الذي أعطاها ميزة نسبية عن بعض المحافظات وتكتسي شواطئها بسلسلة جبلية متناغمة في التشكيل موجدة بذلك مواقع مثالية لوجود وتكاثر أنواع مختلفة من الأسماك، تاركة بعض الشواطئ الرملية المتناثرة التي استغلها الإنسان للسكن والإقامة، وقد أوجدت هذه البيئة المتناغمة علاقة من نوع خاص بين البحر والإنسان، اعتمد فيها الإنسان اعتماداً كلياً على البحر في توفير غذائه وقوت يومه وفي مصدر رزقه ودخل أسرته، واستطاع بذلك أن يطور أسلوب حياته وأن يواكب التغيرات العصرية وللمحافظة على استمرارية هذا المصدر فقد تم وضع الأنظمة والضوابط التي تعطي الحق للجميع في العمل والتعايش دون الإضرار بالبيئة أو الإخلال بالثروة.
$ (الاقتصادي) حاور حمد بن راشد بن شنين البريكي مدير إدارة الثروة السمكية بمحافظة مسندم الذي أشار في بداية حديثه إلى أن القطاع السمكي من القطاعات الإنتاجية والمهمة التي اعتمد عليها أبناء المحافظة في تشغيل أبنائهم وإيجاد الدخل الذي يضمن لهم المستوى المناسب من المعيشة والرفاهية، كما أن إنتاج المحافظة من الأسماك يتجاوز استهلاك أبنائها والمقيمين فيها حيث يتم نقل كميات منه إلى أسواق المحافظات الأخرى وتصدير جزء كبير منه إلى أسواق بعض الدول المجاورة، وتعتبر أسماك محافظة مسندم من أنظف وأجود أنواع الأسماك وألذها الأمر الذي أدى إلى زيادة الإقبال عليها وطلبها بأسعار مرتفعة.
وحول كيفية الحفاظ على هذا القطاع المهم أشار البريكي إلى أن إدارة الثروة السمكية في مسندم تعمل بالتعاون مع المديريات والدوائر المختلفة في الوزارة ومع الجهات الأخرى في المحافظة على إدارة قطاع الثروة السمكية وتنظيم عملية الاستغلال وحماية المخزون من الاستغلال السيئ والاستنزاف، وذلك من خلال إقامة الندوات واللقاءات والمحاضرات الإرشادية بهدف توعية الصيادين إلى ضرورة الالتزام بالصيد الرشيد باتباع النصائح والإرشادات في استخدام طرق الصيد المصرح بها فقط والمحافظة على البيئة البحرية وعلى التنوع الحيوي وعدم استهداف الأسماك الصغيرة والبعد عن استخدام الشباك في أماكن وجود الشعاب المرجانية، كما تعمل الإدارة على تنظيم حلقات العمل والدورات التدريبية التي تهدف إلى إطلاع الصيادين على الطرق الحديثة المستخدمة في الصيد والمحافظة على الثروة وتدريبهم على صيانة وإصلاح المحركات وعلى كيفية استخدام الخرائط الملاحية للوصول إلى الأماكن المناسبة للصيد وكذلك الطرق الصحيحة لحفظ الأسماك والمحافظة على الجودة.
وأكد البريكي على أنه نظراً لأهمية البنية الأساسية في تنمية قطاع الأسماك فإن محافظة مسندم كغيرها من المناطق والمحافظات حظيت بالاهتمام اللازم في إنشاء البنية الأساسية حيث يوجد في محافظة مسندم خمسة موانئ صيد رئيسية في كل من دبا وخصب وبخاء ونيابة ليما وكمزار بالإضافة إلى المراسي الصغيرة في كل من الجري وغمضاء بولاية بخـاء ومرسى في قرية حناء بولاية خصب.
يتوفر في الموانئ المذكورة عدد من الخدمات الضرورية للصيادين مثل مصنع الثلج ومخزن تبريد ومظلات ومصادر للمياه العذبة كما في خصب ودبا وبخاء وليما. وموانئ تتوفر فيها محلات بيع الأسماك والورشة ومبنى الإدارة ومصلى كما في دبا وليما وبخاء وموانئ فيها صالة سوق الأسماك ومحطة وقود (دبا وبخاء) وميناء متكامل بجميع الخدمات بالإضافة إلى مكاتب سياحية وأنشطة بيع الخضار والفواكه وهو ميناء دبا وقد حرصت الوزارة على توسعة وتطوير تلك الموانئ والمرافئ والمراسي حتى تواكب التطور الاقتصادي والاجتماعي في عمان الخير، وحتى تتماشى مع التزايد في أعداد الصيادين والحاجة إلى منظومة متكاملة من الخدمات والتسهيلات.
إحصائيات سمكية
وفي جانب الإحصائيات السمكية يقول البريكي: هناك مؤشرات جيدة من حيث الإنتاج ومن خلال متابعة البيانات الإحصائية يتضح الصعود المتواصل في الإنتاج الكلي للمحافظة، من (6006 أطنان) في عام 2006م إلى (19338) طنا في عام 2014م بفارق (13332) طنا كما ارتفعت قيمة الإنتاج من (4229) ريالا عمانيا في عام 2006م إلى (23120) ريالا عمانيا في عام 2014م، وذلك على مدى تسع سنوات الأمر الذي يعتبر قفزة كبيرة في صيد الأسماك في محافظة مسندم، حيث ارتفعت مساهمة المحافظة في الناتج الكلي للسلطنة من (4.1%) في عام 2006م إلى (9.2%) في عام 2014م، كما يلاحظ أن الفرق في الزيادة بين عام وآخر في تزايد مستمر، حيث كانت الزيادة من 2006م إلى 2007م (173 طنا) وصعدت تلك الزيادة في 2008م إلى (1042 طنا)، ولكن نلاحظ أن الإنتاج الكلي للمحافظة انخفض في عام 2014م عنه في عام 2013م بمقدار 14 طنا مع استمرار ارتفاع القيمة في عام 2014م عنه في عام 2013م بمقدار (423) ألف ريال عماني.
نمو مستمر
وأضاف حمد بن راشد بن شنين البريكي مدير إدارة الثروة السمكية بمحافظة مسندم: إنه مما لا شك فيه فإن هذا النمو المستمر في إنتاج المحافظة جاء نتيجة ارتفاع مجهود الصيد وزيادة محافظة الصياد على جودة المنتج باستخدام الوسائل المساعدة مثل ثلاجة حفظ الأسماك واستخدام الثلج، وقد عكست تلك النتائج زيادة اهتمام أجهزة الوزارة المختلفة بالقطاع وبالصياد بصفته العامل الرئيسي للنمو المتمثل في زيادة الدورات التدريبية وزيادة الدعم وزيادة التواصل مع الصياد والمبادرة في حل المشاكل وتسهيل العقبات وحل معوقات التسويق وغيرها، حيث ارتفع الإنتاج من (7215) طنا في عام 2008م إلى (20839) طنا في عام 2014م، وارتفعت قيمة الإنتاج من (5621) ريالا عمانيا في عام 2008م إلى (26906) ريالات عمانية في عام 2014م.
ويقول البريكي: نلاحظ من مؤشرات إجمالي كمية وقيمة الإنتاج في 2014 بأن أعلى كمية إنتـاج كانت في شهر مايو حيث بلغت(2713 طنا) وأعلى قيمة كانت في شهر فبراير، وهي (2888) ريالا عمانيا، والسبب في ذلك هو ارتفاع كميات أسماك السهوة صغيرة الحجم في شهر مايو، أما ارتفاع القيمة في شهر فبراير فإن ذلك يعزى إلى أن الصياد أصبح يستخدم وسائل للصيد أكثر انتقائية مثل الخيوط القاعية الطويلة والأقفاص حيث يعتبر هذا الوقت موسما لبعض الأسماك القاعية، وربما يعتبر ذلك مؤشرا على زيادة الطلب على الأسماك وارتفاع الأسعار على جميع الأنواع بدون استثناء، كما أن توفر الثلج باستمرار في مواقع الإنزال شجع الصيادين على استخدام الثلج في رحلة الصيد مما أدى إلى المحافظة على الجودة وتقليل الفاقد وبالتالي ارتفاع القيمة.
ويلاحظ أيضا أن الإنتاج لم يكن مستقرا بل كان متذبذبا بين صعود وانخفاض خلال أشهر السنة من بداية يناير لغاية ديسمبر ويعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها تغيرات حالة الطقس في المحافظة.
ويستطرد البريكي في حديثه قائلا: يعتمد قطاع الصيد الحرفي على وحدات الصيد التقليدية وهي القوارب الصغيرة والمتوسطة من 18 إلى 28 قدما وعـــددها (1594 قاربا) والسفــــن الخشبيـــة التقليــدية وعددها (93 سفينة) متوزعة على جميع ولايات وقرى المحافظة، ولقد كان لتوجه الحكومة بتشغيل الشباب من أبناء المحافظة دور كبير في رفع معنويات الشباب وتحفيزهم على العمل في مجال صيد الأسماك بالمشاركة مع ذويهم ومع أقاربهم وأصدقائهم في رحلات الصيد، حيث ارتفع عدد الصيادين من (2860) في عام 2013 م إلى (2998) في عام 2014م أي بزيادة قدرها (138) صيادا.
التراخيص السمكية
وحول التراخيص السمكية أشار مدير إدارة الثروة السمكية بمحافظة مسندم إلى أن إجمالي عدد رخص مزاولة مهنة الصيد بلغ حتى الآن (3038) رخصة بزيادة 40 رخصة عن عام 2014م حيث كانت (2998) رخصة وبلغت تراخيص القوارب 1619 رخصة بزيادة 25 رخصة عن عام 2014 حيث كانت 1594 رخصة قارب صيد، ورخص سفن الصيد في هذا العام (93 رخصة) بفارق رخصة واحدة عن عام 2014 حيث كانت 94 رخصة. (تم بيع سفينة خارج المحافظة) نلاحظ فيما سبق أن أعداد الرخص زادت عن أعدادها في العام الماضي وذلك لعدة أسباب أولها توجه أبناء المحافظة من الباحثين عن عمل إلى مزاولة صيد الأسماك وثانياً يعود إلى المحفزات النفيسة التي يعيشها الشباب نتيجة توظيفهم في القطاع العام، وجعلتهم يكثفون جهودهم في الصيد خلال أوقات الفراغ وفي الإجازات الرسمية وذلك لما يتوفر من دخل جيد بسبب زيادة الطلب على الأسماك وارتفاع أسعارها.
خدمات محفزة
وحول تحفيز الصيادين لبيع الأسماك بالمحافظة قال مدير إدارة الثروة السمكية بمحافظة مسندم: إن توفر أسواق بيع الأسماك بالجملة في مواقع الإنزال الرئيسية يعتبر من العوامل الداعمة للصياد والمحفزة له للتمسك بمهنته والسعي إلى تطوير مهاراته وأدواته للحصول على المنتج الوفير والجودة العالية لا سيما وأن تلك الأسواق تعمل بتنظيم وبإدارة ماهرة تساعد الصياد والمشتري على التداول بسرعة ويسر، وتتوفر بها الخدمات الضرورية مثل صالات التداول ومخازن التبريد وصناديق النقل والتداول والثلج والأيدي العاملة المساعدة وغيرها من الخدمات التي تجذب التجار والمشترين وبالتالي تشجع الصيادين على التوجه للسوق للاستفادة من التنافس في الأسعار وللانتفاع بالخدمات الأخرى وقد أدى توفر الخدمات المذكورة في مواقع الإنزال المعروفة في موانئ المحافظة إلى توجه الصيادين إليها سواء في حالة وجود مبنى متكامل لسوق الأسماك مثل سوق دبا وبخاء أو في حالة عدم وجود مبنى للسوق كما هو في ولاية خصب حيث يتم البيع والتداول على رصيف الإنزال.
منافذ البيع
أما عن عدد وأداء محلات بيع الأسماك بالمحافظة فأشار البريكي إلى أن هناك العديد من محلات البيع ففي ولاية دبا توجد 5 محلات لبيع الأسماك بالتجزئة حيث يقوم أصحابها بالدخول في المزايدة لشراء الأسماك ثم عرضها في المحلات، ويستمر العمل في هذه المحلات حتى فترة الليل، ويرتادها مستهلكون من داخل الولاية وخارجها. أما في ولاية خصب فيتم توفير الأسماك للمستهلكين عن طريق محلات التجزئة وعددها 4 وتعمل حتى فترات الليل، وتعرض هذه المحلات أسماكا محلية من إنتاج أبناء الولاية بالإضافة إلى أسماك مستوردة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويتم تصدير الفائض من المحصول إلى محافظات السلطنة وإلى أسواق دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي ولاية بخاء يقوم أحد التجار في الولاية بعرض الأسماك في الميناء مباشرة من سيارة نقل وتسويق الأسماك المجهزة بالبراد الآلي، كما تم مؤخراً تأجير موقع لتشغيل نشاط بيع وشوي الأسماك في ميناء بخـاء وبدء عملية بيع الأسماك.
كفاءة الأداء
وحول الأداء العام للأسواق أشار مدير إدارة الثروة السمكية بمحافظة مسندم إلى أن أسواق بيع الأسماك بالجملة تقوم بدور بارز ومهم في التعامل مع الكميات الكبيرة من المنتج، وتعمل بكفاءة نالت على إثرها رضا الصيادين وأبناء المحافظة بشكل عام، وأصبحت جاذبة لتجار الأسماك من المحافظات المختلفة بالسلطنة وتجار آخرين من الدولة المجاورة كما يتم تصدير كميات من بعض الأسماك إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بواسطة تجار عمانيين من ولاية خصب وتعتبر أسعار الأسماك في أسواق المحافظة مرتفعة إلى حد ما ولكن تبقى أسعار بعض الأسماك هي الأدنى على مستوى أسواق السلطنة مثل أسماك التونة والقاشع، لذلك نلاحظ أن التجار العمانيين القادمين من المحافظات الأخرى يستهدفون أسماك السهوة من بين الأسماك الطازجة والقاشع.
