http://www.up9or.com/up/13256593261.png
درس اليوم
رمضان شهر الرحمة بالمسلمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد ..
الرحمة فضل من الله يضعه في قلب من يشاء ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
والله رحمن رحيم يحب الرحماء ويدعو إلى الرحمة ويأمر عباده أن يتواصوا بالصبر والمرحمة، وقد فقد الإنسان الرحمة لأسباب كثيرة منها:
كثرة الذنوب والمعاصي فإنها ترين على القلب حتى يعمى ويصبح اشد قسوة من الحجارة ، قال تعالى عن بني إسرائيل:
﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ البقرة: من الآية74.
وقال سبحانه عنهم لما أعرضوا وتمردوا على شرعه: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ النساء: من الآية155.
ومما يذهب الرحمة الطغيان بالمال والتكبر بالغنى.
قال سبحانه: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴾. ويوم يهذب القلب بالإيمان والعمل الصالح يمتلئ رحمة وحنانا.
ولعل من الأسباب في ضعف الرحمة كثرة الشبع، فانه يورث الأشر والبطر، ولذلك جاء شهر الصيام ليكسر هذا الجموح ويحطم هذا التفلت.
فالصائم من أرحم الناس لأنه ذاق الجوع ووجد الظمأ وعاش المشقة ، فبدأت نفسه تتوق لرحمة المسلمين والحنان إليهم واللطف بهم.
إن الرحمة مطلوبة من كل مسلم لأخيه المسلم ، مطلوبة من المسئول الراعي أن يرحم رعيته ، وأن يشفق عليهم وأن يلين لهم.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ) رواه مسلم.
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( من ولاه الله أمرا من أمر أمتي فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم ، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة ) رواه أبو داود والترمذي.
والرحمة تطلب من العالم والأستاذ بطلابه فيرفق بهم ويتوخى بهم أيسر السبل وأحسن المسالك ليحبوه وينتفعوا بكلامه، فيجعل الله له أعظم الأجر وأجل المثوبة، واسمع لقوله سبحانه مادحا رسوله عليه الصلاة والسلام:
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ آل عمران: من الآية159.
والرحمة تطلب من الأمام بالمأمومين فلا يشق عليهم ولا يدخل الضرر عليهم ، بل يكون رفيقا حكيما ،
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من أم منكم بالناس فليخفف فإن فيهم الكبير والمريض والصغير وذا الحاجة ) متفق عليه.
أو كما قال عليه الصلاة والسلام وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما أطال معاذ بالناس قال له صلى الله عليه وسلم:
( أفتان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ ؟ أفتان أنت يا معاذ ) متفق عليه واللفظ لمسلم.
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعثمان بن أبي العاص الثقفي لما قال : يا رسول الله .اجعلني إمام قومي ، قال:
( أنت غمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجة.
والرحمة مطلوبة من الداعية المسلم بالمدعوين فينصح لهم بلطف ويبين لهم بشفقة فلا يفضح ولا يجرح ولا يشهر بالناس ولا يشنع بالعصاة على رؤوس الأشهاد قال عز وجل موصيا موسى وهارون عليهما السلام في دعوتهما لفروعون الطاغية
﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ طـه: من الآية44.
وقال سبحانه: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ النحل: من الآية125.
يقول الشافعي:
تـعـمدني بـنصحك فـي انـفراد وجنبني النصيحة في الجماعة
فـان الـنصح بـين الـناس نـوع كـم الـتوبيخ لا أرضى سماعه
فـإن خـالفتني وعصيت امري فـلا تـجزع إذا لـم تـعط طاعة
والرحمة مطلوبة من الوالد بأولاده ، وقد سبق هذا في درس " كيف نربي أطفالنا " ورحمة الوالد والأم بالأطفال له أعظم الأثر في إصلاحهم وفلاحهم وطاعتهم. فإن الصلف والغلظة باب شؤم،
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه ) رواه مسلم وأبو داود.
يا صائما جاع بطنه، إن آلاف البطون جوعى تنتظر لقمة فهل من مطعم؟
يا صائما ظمأت كبده إن آلاف الأكباد ظمأى تنتظر جرعة من ماء فهل من ساق؟
يا صائما يرتدي أجمل اللباس إن آلاف الناس في عري ينتظرون قطعة من قماش فهل من كاس؟
اللهم ارحمنا رحمة واسعة تغفر بها الذنب وتمحو بها الخطيئة وتعفو بها عن الزلل.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.up9or.com/up2/13382402871.gif
حديث اليوم
عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
" الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ . وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ- أَوْ تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا " . رواه مسلم
http://www.up9or.com/up2/13382402871.gif
قطوف
" العلم والعمل توأمان،أمّهما علو الهمة ".
http://www.up9or.com/up2/13412099171.gif
ذكرى
قال أبو هريرة:
خرجت ذات ليلة بعد ما صليت العشاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا أنا بامرأة متنقبة قائمة على الطريق ،
فقالت : يا أبا هريرة ، إني قد ارتكبت ذنبا عظيما ، فهل لي من توبة ؟
فقلت : وما ذنبك ؟ قالت : إني زنيت ، وقتلت ولدي من الزنا ،
فقلت لها : هلكت ، وأهلكت ، والله مالك من توبة ،
فشهقت شهقة خرت مغشيا عليها ومضت ، فقلت في نفسي : أفتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ،
فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقلت : يا رسول الله ، إن امرأة استفتتني البارحة بكذا وكذا ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، أنت والله هلكت وأهلكت ، أين كنت عن هذه الآية :
" وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ إلى قوله : فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" سورة الفرقان آية 68 - 70 "
قال : فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أعدو في سكك المدينة ،
وأقول : من يدلني على امرأة استفتتني البارحة كذا وكذا ، والصبيان يقولون : جن أبو هريرة حتى إذا كان الليل لقيتها في ذلك الموطن ،
فأعلمتها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن لها التوبة ، فشهقت شهقة من السرور ، وقالت : إن لي حديقة وهي صدقة للمساكين لذنبي.
http://www.up9or.com/up2/13382402871.gif
خاطرة
قبل الله عذري وغفر لي
لا شيء أعظم من ذنبي سوى أملي في حسن عفوك عن جرمي وعن عملي فإن يكن ذا وذا فالذنب قد عظما فأنت أعظم من ذنبي ومن زللي
قال علي بن يحيى في كتاب لوامع أنوار القلوب:
صحبت شيخا من عسقلان سريع الدمعة، حسن الخدمة، كامل الأدب، متهجدا بالليل متنسكا في النهار، وكنت أسمع أكثر دعائه الاعتذار والاستغفار،
فدخل يوما في بعض كهوف جبل اللكام وغيرانه، فلما أمسى رأيت أهل الجبل وأصحاب الصوامع يهرولون إليه، ويتبركون بدعائه،
فلما أصبح وعزم على الخروج، قام أحدهم، وقال: عظني، قال: عليك بالاعتذار، فإنه إن قَبِل عذرك وفزت بالمغفرة سلك بك إلى درجات المقامات،
فوجدتها أمانيك، ثم بكى وشهق وخرج من الموضع، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات.
قال: فرأيته في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟
فقال: حبيبي أكرم من أن يعتذر إليه مذنب، فيخيب ظنه ولم يقبل عذره. قبل الله عذري وغفر ذنبي، وشفّعني في أصحاب اللكام.
ويروى عن يوسف بن عاصم أنه ذكر له عن حاتم الأصم أنه كان يتكلم على الناس في الزهد، والإخلاص،
فقال يوسف لأصحابه: اذهبوا بنا إليه نسأله عن صلاته إن كان يكملها، وإن لم يكن يكملها، نهيناه عن ذلك.
قال: فأتوه وقال له يوسف: يا حاتم، جئنا نسألك عن صلاتك،
فقال له حاتم: عن أي شيء تسألني عافاك الله؟ عن معرفتها أو عن تأديتها؟
فالتفت يوسف إلى أصحابه، وقال لهم: زادنا حاتم ما لم نحسن أن نسأله عنه. ثم قال لحاتم: نبدأ بتأديتها.
فقال لهم: تقوم بالأمر، وتقف بالاحتساب، وتدخل بالسنة، وتكبّر بالتعظيم، وتقرأ بالترتيل، وتركع بالخشوع، وتسجد بالخضوع، وترفع بالسكينة، وتتشهد بالإخلاص، وتسلم بالرحمة.
قال يوسف: هذا الأداء فما المعرفة؟.
قال: إذا قمت إليها فاعلم أن الله مقبل عليك، فأقبل على من هو مقبل عليك، واعلم أن جهة التصديق لقلبك، أنه قريب منك، قادر عليك،
فإذا ركعت: فلا تؤمّل أن تقوم.
ومثّل الجنة عن يمينك، والنار عن يسارك، والصراط تحت قدميك، فإذا فعلت فأنت مصل.
فالتفت يوسف إلى أصحابه، وقال: قوموا نعيد الصلاة التي مضت من أعمارنا.
يا من مات قلبه، أي شيء تنفع حياة البدن إذا لم تفرّق بين القبيح والحسن.
سلبك المشيب من الشباب، فأين البكاء، وأين الحزن؟
إذا كان القلب خرابا من التقوى، فما ينفع البكاء في الدّمن.
يا قتيل الهجران، هذا أوان الصلح بادر عسى يزول الحزن.
منقول