اقتــصـاد عُمـان المتنــامي يثير قلــق (الجارة)
اقتــصـاد عُمـان المتنــامي يثير قلــق (الجارة)
تواصلت خلال الأيام الماضية وتيرة الأنباء التي تم تناقلها عن اكتشاف سلطنة عُمان خلية تجسس تعمل لمصلحة بعض الشخصيات في دولة الإمارات العربية المتحدة ..
سأسرد بعض الحقائق الجديدة المتعلقة بما تم رصده من تسريب معلومات لصاح إمارتي (أبوظبي) و (دبي)..
والبداية في هذه الحلقة ستكون دبي وأهدافها من التجسس وبعض الحقائق التي أضعها أمامكم بالأرقام والمصادر حتى تتضح الصورة في شكلها الأقرب إلى الحقيقة..
شبكة دبي
نما إلى علم الأجهزة الأمنية العُمانية قيام شخصية آسيوية تعمل في رئاسة تحرير صحيفة عمانية مرموقة (ناطقة بالإنجليزية)، ببيع معلومات (اقتصادية) إلى شخصيات في إمارة دبي، ومن خلال التتبع المستمر للشخص تم القبض عليه ، وحقق معه في حضور عدة شخصيات عُمانية، إضافة إلى (سفير بلاد المتهم المعتمد لدى السلطنة) .. واعترف صراحة بما كان يقوم به .. الأمر الذي أدى إلى التنسيق بين عُمان و بلد المتهم بعد أن تمت إقالته من منصبه ..
هذه القضية رأى مقربون منها أن مصدرها القلق الإماراتي المتزايد من خطة التوسع العمانية (الاقتصادية) في إنشاء موانئ على بحر (عُمان) و بحر (العرب) بما يشكلانه من مساحة وأهمية استراتيجيه كبيرة..
قابل تصدير بعض المعلومات التجسسية من سلطنة عُمان خطوة لــ (دبي) حين أعلنت أنها بصدد تطوير ميناء عدن (الإستراتيجي)، وذلك بالتزامن مع إعلان السلطنة عن إنشاء مدينة الدقم، ومن هذا الباب يمكن معرفة حجم تسريب المعلومات الاقتصادية من السلطنة إلى الخارج، الأمر الذي ربما أدى إلى تأخر انجاز بعض المشاريع خلال الأعوام الماضية، وعلى الرغم ذلك تواصل النمو المحلي ..
نبذة سريعة
في ولاية الدقم (على بعد نحو 580 كيلومترا عن مسقط) وعلى ضفاف بحر العرب حيث تستقبلك نسمات هواء باردة في هذا الصيف القائظ ينتشر آلاف العاملين لانجاز أحد أهم المشروعات التنموية في المنطقة الوسطى وهو ميناء الدقم الذي كان طيفا من الأحلام قبل سنوات، وها هو الآن يتحقق على مساحة شاسعة بين البحر والبر في انتظار قيام مدينة تجارية وصناعية وسياحية جديدة.
يتألف ميناء الدقم من مشروعين رئيسيين أحدهما الأعمال البحرية وهو مشروع يقوم به اتحاد مكون من ثلاث شركات هي: اتحاد المقاولين العمانية وشركة ستيفا التركية وجان دي نول، والجزء الثاني هو الحوض الجاف وتقوم بتنفيذه شركة دايو لبناء السفن والهندسة البحرية بالتعاون مع شركة جلفار للهندسة والمقاولات (....) .. وبحلول نوفمبر القادم سنتمكن من انجاز 700 متر بالكامل من الرصيف التجاري وتعميق قناة الدخول إلى 17 مترا، وهو ما يهيئ المجال لافتتاح جزئي للميناء، وإجمالا فإننا أنجزنا 54 بالمائة من الأعمال البحرية مقابل 49 بالمائة حسب الخطة أي بمعدل 5 بالمائة أسرع من البرنامج الزمني للعمل.
(نقلا عن جريدة عُمان)
ميناء عدن بين خطة دبي واستياء اليمن
بدأت دبي مباشرة في تطوير ميناء عدن ، وسار الحال على ما هو عليه، لكن رياح الأزمة المالية المفاجئة عصفت ببعض تلك الطموحات..
وفي الوقت الذي أكدت فيه سلطنة عُمان مباشرة أعمالها في منطقة الدقم دون توقف، حدثت بعض المناوشات في جمهورية اليمن، حين قررت شركة (موانئ دبي) رفع التعرفة الجمركية في ميناء عدن إلى 30% انطلاقة من العام المقبل (2011)، الأمر الذي أدى إلى (استياء) شديد من تجار اليمن وذلك حسب ما أوردته وسائل إعلام يمنية التي أكدت أيضا أن لقاء عقد تضمن ((العواقب المترتبة عن هذه الزيادة على نشاط في الميناء من حيث القدرة التنافسية للتجار المنظمين للمحتطين والاضرار ذلك على تكلفة البضائع على المستهلكين اضافة الى بعض التجاوزات التي تقوم بها الشركة منذ تسلمها تشغيل الميناء منذ عامين)).. ((وكانت صحيفة ""yemen post" قد نشرت في عددها الأخير معلومات تفيد بأن البرلمان اليمني وافق على تشكيل لجنة للبحث وتقصي حول خطط موانئ دبي العالمية في ميناء عدن .. متهمة بأن شركة موانئ دبي تهدف إلى ضرب ميناء عدن واستبعاده من تقديم خدماته للسفن التجارية وقيامه بتحويل مسار الملاحة الدولية إلى جيبوتي))..
الجاسوس الآسيوي
كل ذلك تم على محيط بحر العرب ، ومدخل البحر الأحمر .. لكن الرجل (الآسيوي الجاسوس) الذي كان يقطن مسقط، ويذهب في زيارات إلى دبي لم يكن بــ (الصيد الصعب) على جهاز الأمن العُماني .. وتوارد المعلومات إلى أكثر من جهة وشخص وضع الأمور في مسار (المراقبة الدقيقة) ، وتم التعامل معه (قانونيا) بعد (كشفه) عبر مسار واضح وأمام (سفير بلاده)..
منبع .. و .. خطط
قلق دبي نبع من اتجاه سلطنة عٌمان إلى مد سياسة تنويع الدخل إلى آفاق أرحب، وتعرف الجارة (حتما) أن عُمان تمتلك مقومات استراتيجيه ضخمة للتوسع ، الأمر الذي إلى ظهور خلية تجسس أكدت صحيفة إماراتية أنه الأمر (لا بد منه).. وهو حقيقة هكذا لكنه ما كان ليتم بتلك الصورة لو عرفت (دبي) حجم التقدير الكامل لــ (عٌمان)، التي فتحت خلال السنوات الماضية أبواب الاستثمار الأجنبي عبر تسهيلات أصدرها السلطان قابوس ونظمتها القوانين، فكان ان مدت شركات (دبي) مشاريعها إلى السلطنة، ومن بينها مشروع (سلام يتي) الذي بدأت فيه شركة (سما دبي) العمل وما لبث أن توقف بعد الانهيار الجزئي لــ (دبي) جراء الأزمة المالية العالمية، ولكن تدخل بعض الأطراف العُمانية والخليجية في المشروع مهد لمساحة إكماله وهو ما أكدته صحيفة (أريبيان بزنس) التي أكدت على لسان وائل اللواتي، الرئيس التنفيذي لشركة (عمران) التابعة لوزارة السياحة العمانية، إلى أن إنّ العمل سيتواصل خلال الشهور القادمة في مشروع سلام يتي الذي تبلغ قيمته 1.7 مليار دولار.
في مقابل ذلك كله، لا زالت بعض المشاريع الغير منجزة بشكل كامل، و(من بينها ميناء صحار)، تشكل مصدر قلق كبير لحكومة دبي، فهذا الميناء (الذي تدور حوله مناوشات محلية تختص بالتلوث) يشهد إقامة مصانع عملاقة في البتروكيماويات وصناعة العطور والصلب وغيرها..
أهلا .. وألف أهلا بميناء صحار
نقلت مؤخرا صحيفة (الرؤية) العُمانية على لسان يان ماير الرئيس التنفيذي لمشروع ميناء صحار قوله ( أنه بعد الانتهاء من هذا المشروع وتوسعته بحيث يستقبل الحاويات الكبرى لن تكون السفن المتوجهة اليه مرغمة للذهاب لجبل علي لتفريغ حمولتها على السفن الصغيرة التى تصل إلى السلطنة. مؤكدا أن ميناء صحار بالذات يتمتع بموقع ممتاز بحيث أنه سيجذب العديد من هذه السفن بسهولة، وقال أن موقعه أفضل حتى من موقع جبل علي)..
هذا الأمر يشكل ضربة قوية لميناء (جبل علي) الواقع في إمارة دبي والذي يعد من أهم موانئ الشرق الأوسط، والميناء يقوم عليه جزء كبير من اقتصاد دبي ، حتى لسلطنة عُمان التي تعتمد على الاستيراد منه وكثيرا ما تسمع في عٌمان عن بضائع جلبت من (ميناء جبل علي) ..
ومن المتوقع تماما أن يغير العمانيين مصطلح (ميناء جبل علي) إلى (ميناء صحار) خلال الفترة القادمة، وهي سياسة عُمانية عملت بصمت وصبر إلى أن تمكنت فعليا من تحقيق ما تريد من تكمن وفق إمكانيات متاحة من الموارد خصوصا (النفطية) لا تقارن بــ (دبي) التي أعلن حاكمها محمد بن راشد مطلع العام الحالي عن أول اكتشاف نفطي بعد توقف دام 25 سنة، وذلك في المقابل الذي تسير فيه سلطنة عُمان (غير العضوة في أوبك) نحو زيادة إنتاجها، وتعد الدولة الخليجية الوحيدة التي تقوم بذلك خلال الفترة الحالية..
حقول نفطية فارغة (مع سبق الاصرار)
المعلومات الواردة في قضية التجسس (الغير معلنة رسميا) هو قيام الحكومة العُمانية مؤخرا بخطوة (رد اعتبار) (إن أمكن تسميتها) وذلك بإصدار أمر يختص بتنازل شركة أوروبية عن كافة حقوقها والتزاماتها في بعض الحقول النفطية، وتلك إشارة تتبعت أساسها وتم ترجيح أن تكون الشركة فشلت (أو خطط لفشلها) في اكتشاف حقول نفط جديدة، وهو أمر أثار شكوك السلطنة حول (جدوى عمل) بعض الشركات النفطية.. ومن المتوقع وحسب مؤشرات حصلت عليها أن تُعلن السلطنة مستقبلا عن اكتشافات ضخمة في حقول نفطية كانت شركات (مدسوسة) أكدت خلوها من النفط..
وهو أمر جيد خصوصا وأن سياسة تنويع مصادر الدخل تسير وفق المرسوم والفائض يسجل علامات أكثر من ممتازة تمكنت معها السلطنة من سد العجز بسهولة تامة في توازنة 2010..
25 سنة .. بصيرة المقارنة
ما أوردته أعلاه نماذج مبسطة أفرزت قيام إمارة (دبي) بالتجسس على ما يتجه إليه اقتصاد سلطنة عُمان، وهو الاقتصاد الوحيد في المنطقة العربية الذي ظل يسجل نموا فاق 7% طوال الــ 25 عاما الماضية .. ولكم في هذه الأعوام الــ (25) حكمة وبصيرة ، حيث أن (دبي) لم تسجل اكتشافا نفطيا واحدا، بينما اقتصاد (عُمان) سار على نسق النمو المتواصل، وهو يثبت تواجد مبدأ (عدم التسارع) الذي ينتهجه السلطان قابوس، كون الحفاظ على المكتسبات وتنميتها هدف وضع للأجيال القادمة، بينما ستبقى بعض الدول في نفس الدائرة كونها (مسحت) جميع ما تريد في أعوام مختصرة ستكون عالة على اللاحق من أجيالها..
ختام الحلقة الأولى
((المستقبل المشرق المحقق للتقدم والنماء ، والسعادة والرخاء لا يبنى الا بالهمم العالية ، والعزائم الماضية والصبر ، والاخلاص والمثابرة . ونحن واثقون بأن ابناء وبنات عمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية، يشهد بهذا ماضيهم ، وحاضرهم ، ونحن لا ريب لدينا بأنهم قادرون على بناء مستقبل سعيد بإذن الله))) قابوس بن سعيد
(منقول من السبلة العمانية)
