@@@ شكرا معلمي الجيل الأول @@@

للكاتب /حميد بن فاضل الشبلي

خلال زيارتي لإحدى المدارس التي يدرس فيها أبنائي، شدني الفضول للسؤال عن بعض المعلمين الذين لم أجد لهم حضوراً بالمدرسة، فأجابني أحد الإخوة بأن تلك المجموعة من المعلمين قد حصلت على التقاعد الوظيفي، وذلك لبلوغهم السن القانونية في هذا الخصوص، بعد أن قدمت واجبها الوطني من خلال ما بذلته من جهود مخلصة طوال سنوات كفاح العمل المنصرمة.

في الحقيقة خصصت مقالي لهذا الأسبوع لتقديم التحية والثناء لجميع الإخوة والأخوات المتقاعدين من الحقل التربوي، إلا أنني أود أن أخص بالشكر فئة المعلمين والمعلمات من حملة المعاهد والكليات المتوسطة، تلك الكوكبة من أبناء هذا الوطن العزيز، التي كان لها الشرف أن تؤسس قاعدة المعلمين العمانيين من أبناء جيل النهضة المباركة، الذين شكلوا ملحمة التنوير لهذا البلد الغالي مع بقية المعلمين والمعلمات من الدول الشقيقة والصديقة التي استعانت بهم حكومة السلطنة مع بزوغ فجر النهضة.

معلمو الجيل الأول ضربوا أروع الأمثلة في التفاني والإخلاص مع بداية نهضة التعليم، هذا الجيل هو من حمل الطبشورة قبل أن يكون اليوم قلم السبورة، هذا الجيل قام بالتدريس تحت ظل الشجرة وكذلك في الخيام وفي فصول سعف النخيل، هذا الجيل كان معلما للمادة ومربيا للصف ومشرفا لإحدى جماعات الأنشطة المدرسية، كما أنه كان يمارس مهام معلم الرياضة المدرسية والتربية الموسيقية والفنية، في زمانه لم يكن هناك أخصائي اجتماعي ولا نفسي ولا وجود لممرض الصحة المدرسية، لذلك كان هو المرشد والموجه والمسعف، هذا الجيل مع تلك المهام التي كان يمارسها مع مهنة التعليم، جدوله الأسبوعي من الحصص بلغ بين العشرين إلى الثلاثين.

لقد مارست تلك النخبة الطيبة من المعلمين والمعلمات مهامها الوظيفية في ظروف صعبة خلال الحقبة الماضية، التي كانت البلاد في بداية تطورها وتقدمها، فلم تكن الوظائف الإدارية المساعدة متوفرة في الحقل التربوي، ولم تكن الإمكانات المادية والتقنية والتكنولوجية لها حضور في مدارس تلك المرحلة، إلا انهم عاشوا حياة جميلة مع بعضهم البعض، حيث ساد بينهم الود والمحبة والتعاون، ولذلك فإن هذا الاستقرار النفسي والوظيفي قد ارتسم على ملامح طلبتهم وأولياء أمورهم، فبادلوهم الشعور نفسه حيث كان لهم العون والسند في توفير بيئة دراسية مفعمة بالحيوية والنشاط.

تلك المصابيح التي أضاءت مدارس السلطنة، قد تربت على يديها نخبة من الطلبة والطالبات التي التحقت بالتعليم الجامعي ومن ثم تخرجت تمارس وظيفة التدريس، لتكون شريكة معهم في مهنة الرسل والأنبياء فلا عجب أن نشاهد الطالب الذي على مقاعد الدراسة يصبح فيما بعد زميلا في المهنة مع المعلم الذي قام بتدريسه، ولذلك فإن معلمي الجيل الأول لم يبخلوا عليهم في الخبرات ولا الممارسات، بل عملوا على تعزيزهم وتشجيعهم وتوجيههم نحو تطوير العملية التعليمية.

لقد افتقدت المدارس الى تلك الأنفس والأرواح التي أسست خارطة الطريق للتعليم في سلطنة عمان، افتقدت الى الجيل الذي ساهم في تخريج الكوادر العمانية التي حملت لواء التطوير والتنمية لعمان المجد، افتقدت النخبة التي سطرت أروع الأمثلة في الإخلاص والتفاني رغم الظروف والعوائق التي واجهتها في ظل الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت.

اليوم نبعث رسالة شكر وتقدير لتلك الكوادر التي ودعت الساحة التعليمية، ونقول لهم لقد كنتم الشعلة التي أضاءت للعلم والمعرفة طريق النجاح في هذا الوطن العزيز، نقول لهم لقد أوجدتم كوادر عمانية تقوم بمواصلة المهمة التي كان لكم تأسيس قواعدها، سائلين الله تعالى أن يوفق هذا الخلف ليكون بعون الله خير سلف، فما نشاهده في الوقت الراهن من وجود نخبة متميزة من المعلمين والمعلمات في الحقل التربوي، لهو خير شاهد على أن ثمرة نجاح وتميز معلمي الجيل الأول، يتوارثها معلمي ومعلمات الجيل الذي جاء بعدهم حتى يومنا هذا، وختاما خالص التحايا للجهود التي تبذلها الهيئات الإدارية والتدريسية في الحقل التربوي منذ بزوغ فجر النهضة حتى عصرنا الحالي.


http://www.bnatsoft.com/up/bnatsoft4...6345322951.jpg

*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..