شاهد على تطور قطاع الخدمات الصحية في الدولة
عبدالجليل صالح : دفء المجتمع أبقاني 30 عاماً
المصدر:
من ذكريات الزمان نبحر في أعماق الشخصية، ونتلمس مواقف وتجارب ومناسبات لا تنسى.. في «زيارة» نجلس معاً على حافة الماضي، فنتداخل مع ما تجول به ذاكرةٌ كان لها من التجربة نصيب، ومن الخبرة قدر وفير. في «زيارة» نستعيد مع النفس والروح شريط الذكريات المرتسم طوال سنوات، ونتعرف إلى الشخصية من جوانبها الرسمية والذاتية، ونتطرق إلى أيام وليالٍ عبرت بها حتى يومنا الحالي، ونستظل بحكاياتها الشيقة، ونتشارك في مائدة الزمان الوفيرة بصنوفها المروية والمرئية، بالكلمة والصورة والوصف والتصوير، نلملم خبايا رحلة عمر.. إنها زاوية يومية، نطل منها عليكم طوال أيام الشهر الكريم، عنوانها «زيارة».
شهدت الدولة على مدى أربعين عاماً، العديد من التطورات والتغيرات التي طالت كل مناحي الحياة، خاصة تلك المرتبطة بمعيشة المواطن الإماراتي وحياته الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وقد انطلقت هذه الرؤية من واقع اهتمام القيادة الحكيمة لدولة الإمارات بكافة فئات الشعب من مختلف إمارات الدولة، باعتبار المواطن الهدف والوسيلة للارتقاء بواقع الدولة والوصول بها إلى مصاف الدول المتقدمة.
ولاشك أن الصحة بكل تفاصيلها كان لها نصيب الأسد من هذه التغيرات والتطورات، وليس أدل على نجاح هذا الأمر، من زيادة أعداد المواليد وانخفاض نسبة الوفيات مع ارتفاع المعدل العام لعمر الإنسان في الدولة، إضافة إلى انخفاض نسبة الأمراض بل والقضاء على العديد من الأمراض المزمنة، عبر جهود منظمة مدعمة بخبرات متخصصة في مختلف مجالات الصحة.
الدكتور عبدالجليل محمد صالح مسؤول التطعيمات بمنطقة رأس الخيمة الطبية منذ أكثر من 30 عاماً، خير شاهد على عصر التقدم والتطور الذي عايشه مع شتى فئات مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة وفي مختلف المجالات، خاصة المجال الصحي.. لذلك كان لنا مع عبدالجليل هذا اللقاء.
الترحال والاستقرار
وطأت قدما عبدالجليل صالح، سوداني الجنسية، أرض دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1980م، بعد رحلة تنقل خلالها في العديد من البلاد العربية اكتسب خلالها خبرة مع منظمة الصحة العالمية في التطعيمات ومكافحة الأوبئة في كل من السودان واليمن والصومال وعمان، لتستقر به الحياة في منطقة شعم برأس الخيمة، بعد نصيحة تلقاها من صديقيه عثمان فزع مسؤول الأشعة في مستشفى سيف، وآدم محمد الممرض في الصحة المدرسية، اللذين أكدا له أن دولة الإمارات خير بلد لعمله واستقراره وتربية أبنائه، لما تتمتع به من مستقبل واعد واهتمام على مستوى القيادة للارتقاء بكل العناصر العاملة فيها.
ويؤكد عبدالجليل أنه كان ينوي البقاء في رأس الخيمة والدولة بشكل عام، بضع سنوات فقط، ثم يواصل ترحاله في باقي البلاد أو يعود إلى بلاده، لكن حب الإمارات سار في دمه ودم عائلته التي وجدت المجتمع الإماراتي مجتمعاً متآلفاً ومتحاباً ومرحباً بالضيف، وهو حفزه لتمديد فترة الإقامة لتتواصل وتفوق حتى الآن 32 عاماً دون إحساس بالوحدة أو الغربة أو أي شعور يقود إلى السفر أو النفور من هذا البلد الفريد بكل ما فيه.
تطور التطعيمات
ويبين مسؤول التطعيمات في رأس الخيمة أن عملية التطعيمات بشكل عام، تطورت بصورة كبيرة اليوم عما كانت عليه في السابق في بداية الثمانينيات، فلم يكن هناك سوى مركز واحد للتطعيم في منطقة المعمورة.
ويضيف: ارتأى الدكــتور يحيى الحداد مدير الطب الوقائي آنذاك أن أركز جـــهدي في منطــــقة شعم، وذلك لوجود نســبة من الأمراض والتشــوهات هناك بين الأطفال.
ويوضح عبدالجليل أن أصناف اللقاح في العام 1980 بدأت بستة تطعيمات هي: الشلل والحصبة والدفتيريا والسعال الديكي والسل والتيتانوس، لكنها تطورت في يومنا الحالي لتشمل 25 لقاحاً، وذلك نتيجة حتمية لتطور الواقع الصحي في الدولة والإمارة بوجه خاص، والذي يجسده ما يصل إلى 13 مركزاً طبياً متخصصاً ليس كما كان في السابق في العيادات، مشيراً إلى أن ذلك كان بعد أن اتبعت الدولة مقاييس ومعايير الصحة العالمية، وأن وزارة الصحة في الدولة تمكنت بفضل الله ثم جهود حكام الإمارات من أن تعلن مؤخراً أن الدولة خالية من أي حالة شلل أطفال، وذلك بعد القضاء أيضاً على مرض الحصبة.
تغيرات شاملة
ويرى مسؤول التطعيمات في رأس الخيمة أن التغيرات لم تطل مجال التطعيمات في الحصة فقط، بل إن شمس الصحة أشرقت على دولة الإمارات بكل ثقة وقوة، نتيجة لحرص القيادة على دعم الصحة وتقديم أفضل الخدمات العالمية للمواطن في الدولة، فأنشأت المراكز الصحية والمستشفيات كمستشفى صقر ومستشفى سيف بن غباش ومستشفى رأس الخيمة وغيرها، إضافة إلى المراكز الصحية المتخصصة في كل المجالات، مع الطواقم البشرية المؤهلة والمتخصصة في مجالات الصحة المختلفة، والتي أصبح المواطن جزءاً مهماً وفاعلاً فيها، نتيجة اهتــــمام الإمارات بوضع أبنائها في مختلف مجالات الصحة، لكي يتولوا هذه المهمة السامية، فأصبح المواطن في مجال التمريض والطب العام والمتخصص والأشعة والمختبرات وغيرها الكثير.
عبدالجليل وسنوات الولاء للهريس والثريد
في سياق حديثه عن ذكرياته في الدولة، قال الدكتور عبدالجليل محمد صالح: إن كل هذه الأعوام التي قضاها في ربوع الدولة، مكنته من التفاعل مع المجتمع والتعايش بحب ورحابة صدر مع كل العادات والتقاليد المنتشرة في الدولة رغم اختلافها عن العادات في المجتمع السوداني، مبيناً أنه اكتسب العديد من العادات، خاصة خلال شهر رمضان، الذي لا تكتمل متعته لديه إلا بحضور طبق الهريس والثريد على مائدته السودانية العامرة.
كما أن الحضور في المجالس الرمضانية وتبادل الأحاديث الحميمة مع زملائه من مختلف الجنسيات العربية والخليجية التي ضمتهم هذه البلاد الطيبة، يظل من أجمل اللحظات التي يقضيها خلال شهر رمضان، إضافة إلى ممارسة العبادات المختلفة، وفي مقدمتها تلاوة القرآن الكريم.
جانب من الصور
*** منقول ***
