العائدون من الاولمبياد الخليجي ... رسالة الى المسؤول !!!

الابداع ليست كلمة تقال او شعار يرفع وانما هو خلق النجاح من العدم والوصول به الى اعلى درجات التميز ، وهو ايضا ان ترى ما لا يراه الاخرون بحيث انك ترى المألوف بطريقة غير مألوفة وذلك من خلال تنظيم الأفكار وظهورها في بناء جديد انطلاقا من عناصر موجودة ، اما التميز فهو التفرد عن بقية الاقران بصفات عالية الجودة تؤدي الى نتائج مرجوة .. ويعرف التفوق الدراسي بانه :" بلوغ الطالب مستويات عالية في العلم والمعرفة مقارنة بغيره من اقرانه .. ويحتاج المبدع الى من يرعاه ويتعهده بالعناية حتى يستمرعطاؤه ويحقق المراكز المرموقة .
بعد رحلة علمية جميلة موفقة عاد ابناؤنا وبناتنا المشاركين في الاولمبياد الخليجي للرياضيات والفيزياء والذي عقد في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة وقد توشحت صدورهم بالفضة والبرونز وارتسمت على شفاههم الفرحة بتحقيق هذاالانجاز الغير مسبوق في هذا المحفل العلمي الجميل .. عادوا وقد رسموا في مخيلاتهم صورة جميلة لاستقبال رائع في البلد الام لان ما حققوه من انجاز بقدر احلام الوطن ومسيرته العطرة ، وبقدر حلم المسؤول الذي يسعى اليه دائما ويدعو له في كل زياراته لمؤسساتنا التربوية ... حطت الطائرة رحالها على ارض مطار مسقط الدولي .. اقترب الحلم بان يصافح الابناء المسؤول الكبير الذي ينتظرهم من فترة طويلة وقد علقت عينه بعقارب ساعته لأنه في كل دقيقة بل وفي كل ثانية ينظر الى ساعته في ترقب وشوق لمعانقة هذه اللحظة الجميلة ، كوكبة من المستقبلين جلهم من اولياء الامور يلوحون بأيديهم فرحا وشوقا لاستقبال امل عمان ومستقبلها المشرق ، تعانقت الارواح قبل عناق الاجساد وانهمرت الدموع بطعمها الحلو بحلاوة الانجاز .. الكل حضر الا المسؤول فانه مشغول في هذه اللحظات لان هذا الموعد لم يقيد في اجندته ولم يحسب له حساب ، او لأنه في هذا الموقف لن تصطف الكراسي المحجوز اسمه عليها سلفا ، ولن تكون هناك ورود زاهية الالوان تعطر المكان ، فلماذا الكلفة ايضا فهذا موقف عابر من وجهة نظره !!
الاعلام في سبات عميق فقد نسي او تناسى هذه اللحظة الرائعة في تاريخ عمان المجد والتي سطرها ابناؤها الاوفياء ، لا تواجد للإعلام في هذا الموقف وكان الاجدربه الاحتفاء بهذه المناسبة بشتى الوسائل المتاحة ، لقاءات مع الطلبة والطالبات ...لقاءات مع اولياء الامور ... لقاءات مع المرافقين للبعثة من المسؤولين والذين كانوا خير سفير للسلطنة بتحفيز الابناء على العطاء والبذل لأجل الحصول على مراكز مرموقة ، فكان لهم ذلك بحمد الله .
تبادر إلى ذهني في هذه اللحظة مقطع صوتي جميل لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم حاكم دبي يهنئ فيه شخصيا إحدى الطالبات واسمها - رزان - وهي الحاصلة على المركز الأول في شهادة الدبلوم العام – العلمي - على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة .. وقد كان قلب سموه ينبض فرحا وهو يهنئ الطالبة بهذا المركز وللعلم فان سموه كان خارج الدولة أثناء ظهور هذه النتائج وقد عرفنا ذلك من خلال حديثه معها ونقتطف منه "( رزان : بس بغيت ابشرك انك انتي اخذتي الاولى على المواطنين ... نعم – علمي – بس بغيت ابشرك ، وان شاء الله يوم برجع الى دبي بنشوفكم ) وكما ورد في المقطع بانه قد وعدها ووعد بقية الطلاب بأنه سوف يلتقي بهم بعد عودته إلى البلاد .
هذا المقطع آثار في نفسي العديد من التساؤلات...
الى متى ستظل اقوالنا منافية لأفعالنا ؟!
متى سيشعر المتميز انه موضع اهتمام المسؤول قولا وفعلا ؟!
كيف ستكون هناك دافعية للإبداع والتميز طالما ان فكر المسؤول بهذا الحجم الضئيل ؟!
الا يستحق ابناء عمان الاهتمام والرعاية من قبل المسؤول ولأجل استمرارية الابداع والعطاء وصقل المواهب في جميع المجالات مستقبلا ؟!
ما هي ردة فعل طالب متميز ومبدع وضع في ذهنه ان استقباله في المطار سيكون بمثابة استقبال الابطال لأنه رفع اسم بلده عاليا خفاقا ؟!
يتفاخر مسؤولينا وعلى اعلى المستويات وأمام الملأ بانهم يرعون الإبداع والمبدعين وبانهم في دولة ترعى المتميزين وتمجد المتفوقين ... شعارات نسمعها ونقراها ... لافتات تملأ كل الأماكن تدعو إلى التفوق والتميز .. وزارة التربية والتعليم تنادي أبنائها الطلبة والطالبات إلى المثابرة وان يشمروا عن سواعد الجد بالاشتراك في مثل هذه المسابقات على المستوى المحلي والخليجي والعربي .
ندعوكم أيها الإخوة والأخوات مدراء ومديرات المدارس ... ندعوكم أيها الإخوة والأخوات المعلمين والمعلمات إلى رعاية المبدع والمتميز والمتفوق ... ندعوكم ايها الاخوة والاخوات المشرفين والمشرفات الى الاهتمام بهذه الكوادر الشابة وتحفيزها على العطاء وتشجيعها على المشاركة في المسابقات المحلية والخليجية والعربية .
أين معاليه ؟ أين سعادته ؟ أين الشيخ وأين الدكتور ؟ أين ذهبت هذه الكوكبة من المصطفين الأخيار ؟ ألا يستحق أبناء عمان الذين رفعوا سمعة عمان عاليا استقطاع قليلا من وقتكم الثمين ؟! أم أن اوقاتكم ذهبية محسوبة بالورقة والقلم ولا وقت لمثل هذه المناسبات التي قلما تحدث في العمر !! ... إلا يستحق ابناؤكم وبناتكم الطلبة والطالبات الذين رفعوا رؤوسكم بشموخ وعلو وتفاخر التضحية بقليل من الوقت !! .. إلا يستحق من ارتقوا بسمعة عمان إلى مصاف النجوم الساطعة وسط حشد من الخليجيين - بعد جهد جهيد ومثابرة شاقة وتميز منقطع النظير - أن نستقبلهم بالورود نظير هذا التميز الذي يرفع الرأس عاليا ويدعو إلى الفخر !!
يا للحسرة على ما فات !!
في إحدى الدول الخليجية ممن يقدر مسؤوليها الإبداع والمبدع والتميز والمتميز والتفوق والمتفوق كان في استقبال الأبطال وزير التربية والتعليم العالي ووكيلين للوزارة لهما من المكانة ما جعل الفرح ينتثر ورودا في ساحات مطار بلدهما الشقيق فكانت فرحة الأبناء لا تقاس بمقاييس الزمان والمكان ، وفرحة أولياء الأمور انتثر عبيرها وغطى شذاها أروقة كل شوارع تلك الدولة الجميلة ... اضف الى ذلك تواجد جمع غفير من المسؤولين الكبار لأنه في هذه اللحظة يثور الدم وتشحذ الهمم لأجل الام التي ربت واعتنت واعطت وضحت ووفت ووفرت واخلصت ، لأجل الوطن الحبيب ولأجل عيونه ولأجله تكرم الف عين ، ولأجل شموخه وعلو شانه ، هنا تظهرالمواطنة التي ربينا عليها ابناؤنا وبناتنا داخل اسرنا وفي مدارسنا ، ربيناهم عليها ليس لأجل تحية علم تقال في طابور الصباح مع اشراقة كل يوم دراسي ، لا والف لا !!! ربيناهم على ان الوطن قطعة من الروح نفداه بالغالي والثمين ، ندفع ارواحنا لأجله ولأجل عزته وشموخه ، حب الوطن احساس داخلي كامن يظهر في مثل هذه المواقف التي قلما تحدث وانما يصنعها الابطال من امثال هؤلاء الطلبة الذين كان لهم الفضل ولمعلميهم ولمعلماتهم ولمشرفيهم ولمشرفاتهم ولإدارات مدارسهم ولأسرهم الاصيلة قبل كل شيء الدور الكبير في صقل مواهبهم وابداعاتهم ، وقد راهنوا عليهم فكان الرهان تلك الميداليات الفضية والبرونزية التي انتزعوها من بين طلبة وطالبات يفوقونهم في الاعداد والاستعداد ، بل وفي المراحل العمرية ايضا في مونديال خليجي ومحفل جماهيري للرياضيات والفيزياء ...وما ادراك ما الرياضيات والفيزياء !! وعندما تشارك عمان بستة طلبة في منافسات الرياضيات وجميعهم يتقلد ميدالية فهذا فخر كبير لعمان الحبيبة اولا ولنا جميعا ثانيا ... وعندما يتقلد الاخرون في الفيزياء ثلاث ميداليات – فضية وبرونزيتين - وهم يشاركون لأول مرة في منافسات الفيزياء فهذا شرف كبير للجميع بان هناك عقولا يجب ان تحاط بالرعاية الكاملة والعناية الفائقة... لا سيما ان هذه جهود الطلبة انفسهم وبإخلاص من معلميهم ومشرفيهم دون وجود مدارس ترعى الابداع كما هو حادث في دول مجاورة لنا ... فاذا كنا قد سجلنا الفوز بتسع ميداليات متنوعة – فضة وبرونز - من واقع عشرة مشاركين فحق لنا ان نفخر بهؤلاء الشباب الاوفياء والمخلصين .
لم نطلب منكم انشاء مدارس بعينها لرعاية هؤلاء الطلبة والطالبات المبدعين .. لأننا مهما طلبنا نعرف أن ذلك حلما لن يتحقق وهو بعيد المنال ، طلبنا منكم فقط أن ترسموا بسمة على وجوه وشفاه هؤلاء الطلبة وأولياء أمورهم ... كان حلمنا أن يكون هناك مسؤولا رفيع المستوى - كما تسمونه انتم في قواميس مسمياتكم - في استقبال العائدين بالميداليات الفضية والبرونزية من مونديال الرياضيات والفيزياء الخليجي لنشعر انكم فعلا تشاركوننا الفرحة والابتسامة وتشاركوننا الاهتمام بالمبدع والمبدعين ولكن ظاهر الحال يقول :" تجري الرياح بما لاتشتهي السفن "
هنيئا لأبنائنا الطلبة والطالبات المتميزين والحاصلين على هذا الشرف الكبير في تمثيل عمان الخير وهنيئا لأولياء امورهم واسرهم ومدارسهم ومعلميهم ومعلماتهم ومشرفيهم ومشرفاتهم في هذه المواد ... شكرا للبعثة المرافقة لهؤلاء الابطال في رحلتهم الجميلة بجمال ميدالياتهم التي توشحت بها صدورهم وتوشحت بها قلوبنا فرحا وسرورا ، شكرا للعطاء عندما يأتي من محب لبلده يسعى لرفعتها وسمو شانها .


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..