محمد قرط الجزمي و عشرة مواقف حدثت معه في #معرض مسقط الدولي للكتاب 2020
محمد قرط الجزمي و عشرة مواقف حدثت معه في معرض مسقط الدولي للكتاب 2020
http://www.musandam.net/up//uploads/...c9d67e0c30.jpg
محمد قرط الجزمي و عشرة مواقف حدثت معه في #معرض مسقط الدولي للكتاب 2020
عشرة مواقف وحوارات في #معرض_مسقط_الدولي_للكتاب 2020 حدثت معي.. سأسردها ها هنا لمن أحب أن يقرأ:
(1)
دار من دور النشر مررتُ بهم أشتري رواية "حمى الأحلام" لـ "سامنتا شوابلين"، فأشارت لي البائعة إلى كتاب آخر وقالت: هذا الكتاب يضاهيه، أؤكد لك أنك لن تندم.
هززت رأسي أن لا: جئت أشتري كتاباً محدداً وأرحل.
ابتعدت قليلاً ثم عدت من جديد: بما أنك اقترحت عليَّ هذا الكتاب، هلاَّ حدثتيني عنه قليلاً؟ قد أنجذب للفكرة.
تلعثمت، التفتت إلى زميلتها: ذكريني ما الذي يتحدث عنه الكتاب؟
زميلتها هزت كتفيها أنها لا تعلم.. التفتت إلي وقال: قرأته منذ زمن طويل، أؤكد لك أنه كتاب رائع.. مشكلتي أنني نسيت محتواه.
أعدت الكتاب إلى الطاولة وقلت لها: لا بأس، كلنا ننسى.. لكن الكتاب الرائع لا يُنسى.
(2)
لاحظت رجلاً شابت لحيته بفعل الزمن يمر على دور النشر والمكتبات، يتوقف ليس أمام الكتب، ولكن أمام الكاتبات اللواتي جلسن يوقِّعن على إصداراتهن.. وكان يغضب إذا حادثه رجل.
اشترى مجموعة كتب بأقلام بعض الكاتبات ثم اتجه يسأل عن الثمن، فلما أجابه البائع بالمبلغ ثار وصرخ: ألا أجد كتاباً ثمنه ريال واحد؟ كلكم تعبثون بالأسعار هكذا؟
ثم لاحظ فتاة جالسة بعيدًا عنه فاقترب منها: لديك إصدار للتوقيع؟
فتاة خجولة كانت، هزت رأسها في صمت.. لكن لم يعجبه صمتها: حدثيني عن كتابك.
بدأت تتحدث، لكنه قاطع بدايات حديثها: هل تكتبين عن نفسك.
لم يكن يسأل، كان يستجوب.. قالت باختصار: أكتب ولا أكتب.
بدا منزعجاً منها أنها قليلة الكلام، رفع صوته في قلة احترام: ردي بإجابة مقنعه.
هنا قررت أن أتدخل: هي تتحدث عن الإسقاط، تكتب عن نفسها بطريقة غير مباشرة.
نسيت أنه يكره الرجال، فما بالكم برجل جاء يتفلسف: لا أحد يتحدث بدلاً عنها.. أنا رجل متعلم، أنا....، أنا.....، أنا.....
أنا تلقيت مدافع من كلام لم تنقطع.. احترامًا للمكان والكاتبة وسنه، اعتذرت منه وابتعدت.. لو كنت متعلماً يا جدي ما كنت تتذمر تريد كتاباً بريال واحد، تبخس الكتب قيمتها، وما كنت تتصابى أمام الفتيات هكذا.
(3)
سألتني إحداهن: كيف تمكنت من كتابة أنثىٰ بطعم السكر؟
أجبتها: سر المهنة.
قالت: تعمقتَ كثيراً، قلتَ ما لا نستطيع نحن النساء قوله.. هل أخذت دورة في الأنوثة قبل كتابتها؟
(4)
استلمت هدية من إحدى القارئات، ولأنني انشغلت وضعت الهدية لدى بعض الأصدقاء داخل كيستها.
عدت بعد ساعة أريد استرجاع الهدية فلم أجدها في الكيسة، سألت فقيل لي إن فلاناً احتاج إلى الكيسة لأمر ضروري فأخذها، لكن الهدية كما هي لم تُمس.
قال الرجل الذي أخذ الكيسة: مجرد كيسة فقط، أمانتك لم تؤخذ.
قلت له: هي هدية، لو كان الذي أهداني إياها أحمد أو سعد أو خميس لا بأس.. لكن الهدية من اسم ينتهي بتاء مربوطة.. هذا كافٍ كي أكسر جمجمتك على جريمتك هذه.
(5)
سئلت عن أدب الرعب: كُتاب الرعب يهدمون أكثر مما يبنون.
أجبته: علينا أن نواجه الخوف.. لا يمكنك أن تُربي ابنك على الأمن والأمان، يحتاج إلى جرعة خوف من حين لآخر كي يتعلم كيف يواجه الحياة إذا كبر.. الحياة ليست يوتوبيا، بل هي غابة فيها وحوش مفترسة.
قال: ويكبر الطفل مُعقداً؟
قلت: يعتمد على جرعة الخوف وكيفيته.. نحن لا نكتب رعباً وحشيًّا دمويُّا مقزِّزاً كالذي نشاهده في بعض الأفلام الغربية، نحن نكتب رعبًا يصف الواقع بشيء من الخيال.. أليس من أساليب التربية الترغيب والترهيب؟ أليس من سنن الله في عباده أنه يرهبهم ويتوعدهم؟ كيف بنا نقول اليوم إن الرعب يزرع العُقد النفسية؟
(6)
تحدثت مع قارئة عن كتاب أنثىٰ بطعم السكر، وصفت لها أن الكتاب يتحدث عن مراحل الأنثى مذ كانت جنيناً إلى أن تكبر، بل إن آخر قصة تتحدث عن امرأة ميتة.. لو كان الأمر بيدي لاستكملت المراحل وأدخلتها الجنة، لكن صلاحياتي تنتهي بموتها.
أحد الإخوة كان قريباً يستمع، إذا به ينفجر ضاحكًا، لم يتوقف ضحكه فترة طويلة.
(7)
قارئ من متابعي الفيس بوك زارني وجلسنا نتحادث حول الكتابة.. قال: ما مقياس الصدق في الأعمال الأدبية؟
أجبته: دعك من الصدق، نحن ككتاب نبحث عن الكذب.. لا تنتظر من كاتب روايات أو قصص أن يكتب بصدق وواقعية، وإلا فهو ينقل لك الواقع، أنت لم تقتنِ كتابًا إلا كي تخرج من واقعك.. حتى تلك القصص التي تحكي قصصًا واقعية، تفشل إذا لم يبهِّرها الكاتب بالكذب، حتى السير الذاتية مملة لو لم يصبغها الكاتب بشيء من الكذب.. في النهاية الخيال كذب في ظاهره، لكنه في حقيقته صدق من نوع آخر.. لا يمكننا أن نحكي الصدق بطريقة مباشرة، نحن نلجأ إلى الكذب كي نحكي الواقع.
(8)
سألني أحد القائمين على دار نشر: لماذا تكترثون بالأخطاء الإملائية وتعقِّدون الأمور، في حين أن الكتاب يحمل مضمونًا قويًّا تتجاهلونه أمام بعض الأخطاء الإملائية؟
حملت من أحد رفوف مكتبته كتاباً وقلت له: هذا الكتاب، عنوانه فيه خطأ إملائي.. لو كان العنوان خاطئاً، كيف تريد مني أن أثق بالمضمون؟ من يعتني بالمضمون لن يهمل العنوان.
(9)
قرأت رواية وأبديت رأيي لكاتبتها: كوني شريرة في كتاباتك، لا تكتبي كل شخصياتك ملائكة، القارئ يحب الأشرار في الروايات.
قالت: أنا أحب أن أكتب عن نفسي، ولستُ شريرة.
أجبتها: كلنا نكتب عن أنفسنا، ساجي في روايتي الأخيرة يشبهني إلى حدٍّ كبير.. يمكنك أن تخصصي شخصية واحدة في رواياتك تشبهك، لكن لا تكتبي كل الشخصيات أنها أنت.. حتى الشخصية التي تشبهك دعيها تتمرد قليلاً عن هذا التشابه.
(10)
رغم أنني أقف في فترات المعرض عند كتبي أتحدث عنها ككاتب، لكنني كقارئ أكره أن يتحدث كاتب أو دار نشر عن كتاب يبيعه، أحب أن أستكشف بدايات وأحداث ونهايات الكتاب بنفسي.. لا تتحدثوا معي عن كتبكم رجاء.
وقفت أمام بعض قصص الأطفال.. شدَّني عنوان جذاب "الرجل الذي يسكن داخل أنفي".. أخذته وجلست أقلب الكتاب فإذا فكرته رائعة.
توقفت أتصفح الكتب ذات النمط المشابه، أمسكت كتاباً ثانياً يشبه الأول فلم يعجبني وصفه، فتركته ليهب البائع تجاهي ويحدثني عنه.
خطوت خطوة إلى الخلف وهممت بترك الركن بأكمله.. كأنه شعر بالأمر فمد ذراعيه قائلاً: المكتبة مكتبتك.
وابتعد.. شكراً له، لكنني أثق بذوقي في انتقاء الكتب أكثر من تسويق الباعة.
موقف شبيه بهذا حدث لي في دار نشر أخرى.. وقفت أتصفح كتاباً جذبني عنوانه "العدد صفر".. نهض صاحب المكتبة من كرسيه فوضعت الكتاب على الرف، لكن الرجل ابتعد، لم يكن يقصد الاقتراب مني.. عدت فحملت الكتاب لأجد الوصف رائعاً إلى حدٍّ كبير، فاشتريته.
هكذا يمكنكم اكتشاف السبب الذي يجعلني لا أجيد الترويج عن كتبي في معارض الكتاب.. لأنني لا أحب أن أقف هذا الموقف كقارئ.