قصيدة { وَصِيَّةُ جَدِّي }

{ وَصِيَّةُ جَدِّي }


http://im33.gulfup.com/pdL01.jpg


أرَى بَحراً إلى الأفلاكِ ممتدا
وريحاً تَعصِفُ الأمواجَ والأمواجُ ترتجِفُ
وملءَ البَّحرِ أرواحٌ
تنامُ بِحُضنِ فَنانٍ
وليلٌ يحرُسُ الأرواحَ والأرواحُ تعتكفُ
سماءُ الكونِ تُبصرهم
تُسَيِّر رحلة السُفنِ
ووجه البدر وضّاحٌ
يلألؤه سوادُ الليلِ في الأمواج
والأمواجُ من تحنانه تغفو
فلا حزنٌ ولا شظفٌ
وأمي أودعَت شالاً
وتحتَ الشالِ كل البحرِ يلتحِفُ
(2)
لقَدْ كَانت تُراودني
على صِغرَي حِكاياتٌ وأحلامُ
وكنت مُسامراً جدّي
وفي محرابهِ المَعهُودِ كلَّ الليلِ يجتمعُ
وكنت أراهُ مُنشِغلاً
يُصلي الوَترَ ما هدِأتْ تِلاوتُهُ
يخِرُّ وراءه نَجْمٌ ويَخشُع فوقه قمرُ
(3)
وكان يقصُّ لي دوماً
عن الظُلماتِ والنُورِ
وعن ليلٍ غدا صُبحاً
وأمي لم تزَل فيهِ
وجبريلُ الذي أوحى
إلى غَارِ النَّبي اقْرأ
وعن آياتِ إعجازِ
تجلَّت في لِسانِ نبي
وكان يقولُ يا ولدي
ولدتُ ولم أرى أمي
وهذا الليلُ يا ولدي
يرى أمي فيخبِرها
بأني لم أزل أدعو
على محرابها ربّي
(4)
وكان الليلُ يسْرِقُنا
نرى ما بَين كلِ سما
ويحمِلنا على خيلٍ مُسَّومةٍ
نرى فيهن أُم الأنبياءِ
نرى
هُنا الإعجاز مُتكئا
على عرشٍ من الإدهاش
تحتَ العرش ظِلٌٌ صامتٌ جَلِلٌ
به يتهجدُ البُلغاءُ
فيه الحُبُّ مِيقاتٌ بِهِ تتسابق الصلواتُ
من وقتِ إلى وقتِ
وكان يقولُ لي جدي
بنيَّ اذهب وقبِّل أُمك المنسي مَوطِنُها
بنيّ اذهب وقبل مُصحفاً آياته شرفُ
بنيّ اذهب وقل أمي
أنا مَعَكِ
مُطِيعاً كيفما شئتِ
فسيري بي إلى عَرشٍ
أتوق لقاءَ من عَرفوا
مقامُكِ في الدُنا قَبلي
وكنتُ أقولُ في خلدي
سَأدنو منكِ يا وَطني
هُنا الأمُ التي أوصى بها جَدي
هُنا الوطنُ الذي صَاغتهُ أحلامي
(5)
أنا حَيرانُ يا أمي وقلبي يَمتلئ عَجَباً
وفي الأحشاءِ سِرٌ قاله جَدي
عن الدُنيا وعن حالٍ له يُرثى
وعن قومٍ نَسَوكِ ودنَّسوا الشرفا
وحين تبسمَ الفجرُ البهيُ وغَادرَ القَمرُ
دعتني ثم قالت لي /
بُنيّ أنا :
أنا الضَادُ التي نطقَت
بها الأسباط والرُسلِ
أنا وحيُ الإلهِ أنا
سنا الإعجَازِ والمُثُلِ
أنا العربيةُ الفُصحى
أنا المنسيّة الثكلى
وفيكم عودتي - أملي


الخليل بن أحمد البراشدي
20/1/2013

*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..