اهجرني ...أو سكني في المروج .

في عام 1997كنت في (جامعة مؤتة) , إحدى جامعات المملكة الهاشمية , جامعة في جنوب المملكة , مدنية وعسكرية , مهما تحدثت عنها هنا لايمكن أن أجمل الحديث عنها بكل تفاصيلها وأحداثها وذكرياتها , لكن في تلك الفترة كنت في الجناح المدني , جناح يشتمل على تخصصات مختلفة , علوم تطبيقية , وعلوم إنسانية , سياسية واجتماعية ونفسية وتربوية , في تلك الجامعة , كنا دائما نحتفل بمناسباتنا الوطنية , فهويتنا كانت واضحة , ومعالمنا كانت واضحة , ووطنيتنا كانت واضحة , ولم يحدث هناك أي محاولة للإلغاء أي مظهر من مظاهر الهوية أو المواطنة , لا النشيد الوطني ولا السلام السلطاني , لا جزئي ولا كلي , فلا أحد يملك العبث بالثوابت , بالكيان و بالنظام وبالهوية وبالمواطنة , ولا يجوز كذلك في أي حال من الأحوال , وفي أي زمان أو مكان , ولا يجوز السماح لأي فرد مهما كانت مساحة نفوذه , ومهما كانت عمامته أو عباءته , خاصة في مؤسسات التكوين التربوي أن يعبث بتلك الثوابت التي نستميت من أجلها ومن أجل غرسها , فما التربية إلا مواطنة وما المواطنة إلا تربية , فالمراسم الوطنية لابد أن يخضع لها الصغير والكبير , والكبير مع الصغير , ليصبح للوطن قيمة ومعنى وللهوية كذلك .كنت في تلك الفترة أحد طلاب الفترة المسائية , فالمرحلة العمرية لا تؤهلني لأكون في الفترة الصباحية , فتلك الفترة كانت للورود وللزهور وللشباب , شباب النشاط وشباب الحيوية , ولكن كنت أحاول أن أعيش الشباب بالإيحاء وبالخيال وبالشعور , فهما يكون عمرك أو عدد سنك , فأنت في الجامعة شباب , بأسنان أو بدون أسنان , فالأسنان هناك غير مطلوبة , المهم القلب والروح والفكر والثقافة , المرح والدعابة , فالشباب أنت تعيشه في عقلك أو قلبك , في مأكلك ومشربك , في أناقتك وطريقة حلاقتك , لتكون في عقلها وقلبها دائما شابا . كان سكني غير ثابت , فأحيانا في (المزار ) وأحيانا في (المرج – المروج ) , هذا التنقل يخضع لظروف الطقس والمناخ , والخدمات الطلابية والجامعية , أو مدى قدرتي على التكيف مع الشباب , أو حسب المنطقة السكنية , صخبها أو هدوءها , لكن سكن (المروج )كانت له ذكريات جميلة بالنسبة لي وبالنسبة له , فالسكن مريح وجميل ويبعد عن الأنظار , ويمكن أن تجرب فيه كل الأضواء بكل الألوان حتى يأتي الضوء الأخضر ليتناسب مع المروج الخضر , كنت هناك في (المرج -المروج ) وهي كانت هنا في سكن (المروج ) كانت محمولة ومشمولة , محمولة داخل السكن وخارج السكن , لأنها معرفة سابقة , معرفة من زمان , فلا بد من إكرامها , كرم الواجب وكرم الضيافة , ضيافة أصبح لها بند , أو بنود , بند يشملها ولا يشملني , بند قد يكون سبب هلاكه نتيجة أحداثه أو ممارساته , أحداث مكتوبة وممارسات مرصودة , هي كانت بطلتها وهو كان ضحيتها , ولو كنت مكانها , لقت له :طلقني, أو سكني في المروج .


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..