سلسلة معارك وحروب فاصلة في التاريخ العماني ( 11) حروب النباهنة مع امراء هرمز وشيراز
11- حروب النباهنة([1]) مع أمراء هرمز وشيراز :
لما ضعفت شوكة أهل عمان وضعف أمرهم نزع الله السلطة من أيديهم وجعلـها في قوم يسومونهم سوء العذاب حسب قول الإمام السالمي في تحفته ألا وهم النباهنة الذين هم قوم من العتيك([2]).
وفي فترة الحاكم النبهاني أبي المعالي كهلان بن نبهان الذي تولى الحكم حوالي سنة 660هـ([3])، خرج عليه أمير هرمز([4]) ويسمى محمود بن أحمد الكوستي، فلما وصل هذا الأمير إلى عمان وبالتحديد بلدة قلـهات([5])، فإنه طلب من حاكم عمان كهلان بن نبهان إن يأتيه إلى قلـهات، فلما وصل كهلان إلى هناك طلب منه أمير هرمز بأن يأخذ من عمان بعض المنافع بالإضافة إلى خراج أهلـها([6]).
ولكن ماذا كان رد فعل كهلان بن نبهان؟ لقد رفض كهلان مطالب أمير هرمز وقال لـه: (إني لا املك من عمان إلا بلدة واحدة، فقال محمود: خذ من عسكري ما شئت واقصد بهم من خالفك من أهل عمان، فقال أبو المعالي: إن أهل عمان ضعفاء لا يقدرون على تسليم الخراج) ([7]).
وقد كان رد أبو المعالي بهذا الرد لمحمود الكوستي حماية منه لأهل عمان لأنه أدرى بحالـهم، وأن عمان هي بلده وتحت حكمه ولا يريد أن يذل أهل عمان، وكل ذلك لإرجاع محمود الكوستي من حيث أتى([8]).
ولكن ما الذي فعلـه محمود الكوستي بعدما علم بجواب أبو المعالي بالمنع؟ لا شك أن محمود قد غضب غضباً شديداً، وأضمر الحقد والكيد لأهل عمان، فأراد تجميع جيشاً قوياً من أهل عمان أنفسهم ضد أبو المعالى، فذهب إلى أمراء البدو وأغرق عليهم بالملابس وأعطاهم ما يحتاجونه من مستلزمات في حياتهم وأكثر، وكل ذلك من أجل جذبهم نحوه، فوعدوه بالخروج معه ضد أبو المعالي([9]).
وبعد ذلك توجه محمود الكوستي إلى ظفار([10]) عن طريق البحر، وهناك في ظفار قام محمود بتقتيل أهلـها وسلب أموالـها وكثير من أعمال الجور التي يفعلـها الحاكم الجائر ضد الشعب الآمن . وبعد جرائمه في ظفار رجع قافلاً إلى عمان الداخل لتنفيذ باقي خطته([11])، وقد رجع محمود الكوستي إلى عمان الداخل عن طريق البر وحمل معه الأثقال على سفنه حتى تصل إلىقلـهات، وفي وسط الصحراء ضل الطريق وقد نقص عليهم الزاد من طعام وشراب، فأصابهم الجوع الشديد والعطش الشديد فمات من جنده الكثير، قيل أنه مات خمسة آلاف رجل أو اكثر([12]).
وهكذا انتهت حملة محمود الكوستي الذي لو قدر الله تعالى بالوصول من ظفار إلى عمان الداخل لفعل فيها مثل ما فعل بظفار وأكثر، وذلك لأن البدو من عمان قد وعدوه بالمساعدة، ولكن رحمة الله لأهل عمان واسعة، فانتقم الله منه وأراح البلاد والعباد.
أما مصير الحملة البحرية والتي كانت تحمل الأثفال من ظفار إلى قلـهات، فيذكر ابن رزيق أنه عندما وصل أصحاب محمود إلى قلـهات توجهوا إلى طيوي([13]) لينهبوها مثل ما نهبوا ظفار، خرج إليهم رجال من بني جابر ومن تبعهم فقاتلوهم قتالاً شديداً كان النصر حليف بني جابر، ولم يسلم من قوات محمود أحد، ثم توجه رجال بني جابر إلى الجنود الذين كانوا بالسفن بقلـهات فقتلوهم جميعاً بالإضافة إلى إحراق سفنهم بالنار([14]).
([1]) قامت دولة النباهنة على فترتين، الفترة الأولى امتدت من (549ه/906-1145ه/1500م) والتي انتهت بهزيمة سليمان بن سليمان، والفترة الثانية فاستقرت من عام (906ه/1034م-1500ه/1624م) وعرفوا بالنباهنة المتأخرين. عمان في التاريخ، وزارة الإعلام، ص165.
([2]) أنظر: السالمي، مرجع سابق، ص354.
([3]) السيابي، مرجع سابق، ج3، ص99.
([4]) أطلق عليها المؤرخون العمانيون في مؤلفاتهم هرموز بإضافة الواو بعد الميم، والصحيح هي هرمز القديمة التي كانت تابعة لبلاد فارس.
([5]) قرية تابعة لولاية صور، تقع على ساحل خليج عمان.
([6]) ابن رزيق، مرجع سابق، ص217، السالمي، مرجع سابق، ص353.
([7]) أنظر: ابن رزيق، مرجع سابق، ص218. السالمي، مرجع سابق، ص353.
([8]) مؤلف مجهول، مرجع سابق، ص96. ابن رزيق، مرجع سابق، ص218.
([9]) مؤلف مجهول، مرجع سابق، ص96. السيابي، مرجع سابق، ص99.
([10]) ظفار هي محافظة تقع جنوب السلطنة.
([11]) المعولي، مرجع سابق، ص75. السالمي، مرجع سابق، ص353.
([12]) أنظر: ابن رزيق، مرجع سابق، ص208. مؤلف مجهول، مرجع سابق، ص96.
([13]) طيوي إحدى القرى التابعة لولاية صور بالمنطقة الشرقية.
([14]) ابن رزيق، مرجع سابق، ص218.
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
