بعض الشئ ....من كل شئ.

في معرض الكتاب بالجزائر (2009 ) كنت هناك , كان المعرض في العاصمة في ملعب (5 جويلية ) ولم يكن في قصر المعارض كعادته , كنت هناك كزائر وباحث , زائر كغيري من الزوار , وباحث كغيري من الباحثين , اؤلئك الباحثين الذين يمثلون الوطن ويفخر بهم , اؤلئك الباحثين الذين يبحثون عن المعرفة والحقيقة , حقيقة قد لاتجد أحيانا من يشجعك للبحث عنها , خوفا منها أو عليها . كان بحثي عبارة عن محاولة لمعرفة مدى وعي المعلمين بفلسفة التربية ومدى ممارستهم لها , بمعنى إذا كان المعلم يعي الفلسفة التربوية هل يمارسها ؟ وإذا كان يمارسها هل يعيها ؟ هي مجرد محاولة بحثية وجهد متواضع يمكن البناء عليه من قبل الباحثين والمختصين , كانت الدراسة تشمل المعلم والمعلمة في العلوم الإنسانية والتطبيقية , بغض النظر عن المؤسسة التي تأهل فيها , سواء كانت داخل السلطنة أو خارجها , وكنت هناك للإطلاع على بعض الدراسات والبحوث المتعلقة بالفكر التربوي وفلسفته , رغبة مني في البحث والتفاعل مع الباحثين والمهتمين بالفكر الفلسفي التربوي , ولكسب الثقة والاعتزاز بالنفس , وشئ من الفخر بجهودي وقدراتي الذاتية قبل أن يفخر بي الوطن , وأين الوطن ؟ كان المعرض جميلا ومنظما ويعكس مدى الاهتمام بالكتاب وحركة الثقافة , فالوجوه هناك كانت متعددة , والكتب متنوعة , ودور النشر محددة , والعناوين مختلفة وشاملة للكثير من المجالات , وكانت (الجزائر ) مستحوذة على عدد كبير من العناوين , فقد كانت منتجة ومصدرة للكتاب والثقافة , هناك رأيت وجوها كثيرة كنت أ عرف فكرها من خلال إطلاعي على كتاباتها عن بعد , لكن وجودي هناك كان فرصة لمعرفتهم عن قرب . كان هناك (مالك بن نبي ) بكل مؤلفاته وفكره , ذلك الفكر الذي اصطدم بفكر (سيد قطب ) ومنعه من دخول المعرض , فكان الفراق والفراغ . كان هناك (محمد أركون ) بكل ملامحه وإصداراته , وكل الخيوط الرفيعة والدقيقة التي يحاول أن يناقشها في تلك الإصدارات , محاولة منه للتوفيق بين النقل والعقل . كانت هناك (أحلام مستغانمي ) بكل ثقة مع روايتها " ذاكرة الجسد " قبل ظهور الضجة حول هوية الكاتب الحقيقي لتلك الرواية , هل هو سعدي يوسف ؟ أم سهيل إدريس ؟ أم نزار قباني ؟ لكن القارئ للرواية والمتابع (لنزار قباني ) يجده داخل الرواية وخارجها وبين السطور, (فأحلام مستغانمي ) من الواضح أنها كانت تلميذة نجيبة , فقد تتلمذت على لغته وشعره ونثره وفكره , فكان في الرواية عقلها وقلبها وبطلها , فكانت ذكرا بعباءة أنثى , هناك في تلك الفترة لم تكن روايتها " سرير لرائحتك " موجودة , لكن وجدت بعض الروايات التي تتحدث عن السرير والرائحة , وجدت رواية " موسم الهجرة للشمال " للطيب صالح , وعلى قول البعض , كانت الرواية بيضة الديك , ولا أ دري إن كانت العبارة تجريحا أم مديحا . كان هناك " نجيب محفوظ " بكل رواياته , لكن وقع نظري على رواية " أولاد حارتنا " تلك الرواية التي تأثر فيها بفلسفة "نيتشه " فقتل الإله داخل الرواية وخارجها , فنال على ذلك جائزة " نوبل" , هناك كانت الرواية أكثر وضوحا عندما حملت عنوان " موت الإله " لتصل الفكرة وتتضح الرؤية . كان هناك (محمد عابد الجابري ) بكل تياراته الفكرية , تيارات عميقة كالمياه الجارفة التي تجرف اؤلئك الذين يسبحون في المياه الراكدة الموحلة , محاولة منه لنقدهم ونقد عقولهم . كان هناك عميد الأدب العربي (طه حسين ) بكل مؤلفاته , وكان كتابه " انتحال الشعر الجاهلي " أكثر بروزا ووضوحا , بغض النظر عن الزوبعة التي كانت حول الكتاب , وإن كان ذلك سببا في محاكمة فكره , هناك الفضول دفعني للبحث عن كتاب " محاكمة فكر طه حسين " لأنور الجندي , على الرغم من امتلاكي للكتاب , لكن لشئ ما في نفس يعقوب "على قولهم ", فلم أجده , ولم أجد " سيد قطب " أو "حسن البنا" أو "ابن تيميه " أو " محمد الحمد , ولم أجد بعض دور النشر , كدار الشروق , والفكر اللبناني , وابن خزيمه , ودار الأرقم , ودار الإسراء , لكن أثناء البحث وجدت دار "جوليار " ودار "فيبوس " ودار "سندباد " ودار " آكت _سود", فهناك تصبح الثقافة الوطن الأكبر الحاضنة لتك الهويات المختلفة والتي تتناغم جميعا تحت سقف الثقافة والفكر العلمي والأكاديمي , ولكن مع ذلك التناغم والانسجام إلا أن العدالة أحيانا والمساواة غير متواجدة خاصة في التعامل مع دور النشر التي منعت بعضها في المشاركة ربما لاعتبارات معينة , تلك الاعتبارات التي يخضع لها الباحث والدارس هنا على نفقته الخاصة , والذي كان من المفترض أن يندرج تحت مسمى "تنمية الموارد البشرية " إلا أ نه مع الأسف تصرف المبالغ لسفر الموظفين من دولة لأخرى للترفيه عنهم وكسب ودهم بحجة " تنمية الموارد البشرية " وإن كان من الأجدر أن ينال كل باحث أيضا نصيبه من تلك المبالغ , فهذا الباحث يرى نفسه مواطنا وله حقوق كغيره , إلا إذا كان هناك وطنا آخر في عقول المسئولين فنحن بحاجة لمعرفته ,( فيا أعدل الناس إلا في معاملتي ** فيك الخصام وأنت الخصم والحكم **أعيذها نظرات منك صادقة ** أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم ).


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..