رحم الله أصحاب الأمانة

لا أدري هل الزمن يتغير بساعاته ودقائقه أم البشر هم من يتغيرون كنا نبدأ يومنا بشغف وحب نتطلع بأماني وأحلام ننشد أحلى الأناشيد ونحن ذاهبون لمدارسنا كنا نعشق الصف ببدائيته واثاثه القديم واللوح الخشبي وألوان الطباشير والغبار المتطاير كنا نتسابق لمسح السبورة وكان وقتنا مشغولا جدا نترقب دوري الفصول في الفسحة والمسابقات التي ينضمها معلم الرياضة كانت المدرسة هي الصدر والحضن الذي يحتوينا كان المعلمون يشاركونا اللعب وكنا نتلهف لنقل دفاتر زملاءنا لطاولة الأستاذ التي كانت مكتظة ومليئة بدفاتر الطلاب الآخرين من الصفوف لم يكن أستاذنا في ذلك الزمن يملك الوقت للجلوس على طاولته كثيرا فتراه يتنقل من صف لآخر يبحث عن حصة من معلم آخر ليكمل شرح درس أحس أن الطلاب لم يفهموه وكان في أحيان كثيرة يدعونا للمجيء للمدرسة بعد صلاة العصر لدروس التقوية بدفتر خاص رغم بساطة التقنيات كان كل شي يكتبه بيده ويضع الكربون الأزرق لنسخ مجموعة من النسخ تكفي لجميع الطلاب كم كنا سعداء ونحن نرى هذه الشموع الجميلة تنصهر أمامنا لتنير لنا الدرب كان المعلم يعمل بصمت ويبذل كل جهده ووقته لإيضاح مسألة أو توصيل معلومة لم نكن نسمع عن الدروس الخصوصية ولا نعرف ماذا تعني كان عشق المهنة لدى المعلم ينسيه تعب البذل وعناء الجهد وكان ايقانه وادراكه لمنزلته الكبيرة وجزاءه العظيم عند خالقه يجعله منشرح الصدر يحاول جاهدا في كل مكان وجد فيه أن يثبت للآخرين أنه (معلم) يحمل العلم وأمانته متمكن في مادته مجيد في عمله بصمته وأثره يشهد على أداءه ما أروعه من زمان عرف صاحب المسؤولية وظيفته فقدره الطالب واحترمه المجتمع كان التدريس يحظى بأهمية بالغة حيث أقصى ما كان يتمناه الطالب في تلك الأيام الجميلة أن يصبح معلما يفيد وطنه ويبني جيلا من ابناء وطنه لكن ما الذي هو حاصل اليوم هل هو نتيجة تغييب الأسس السليمة لإعداد المعلم حيث مرت فترة من الزمن لجأ فيها الخريجين وبعض أولياء الأمور لإلحاق ابناءهم بالكليات الخاصة في الدول المجاورة وسنة واحدة تأهيل وتخرج معلم دون حضور للتربية العملية التي كانت أساس التدريب في كليات التربية كثرت المطالبات وعلت النداءات للإضراب وعدم الدوام وحث الطلاب على التغيب ليس هناك ما يمنع المطالبات المشروعة والمعقولة التي تخدم تطوير العمل وجودته وارجاع ثقل المعلومة وأهمية المعرفة الصحيحة لسنا ضد من له حق ليصل لحقه هم أولى وهم شموع رائعة لكن أن تحصر المطالب في الماديات فقط حتى حصص الإحتياط يطالب لها بمبلغ يكاد حتى الحركة والتنقل بين الصفوف يطالبون لها بعلاوة لا يا أيها الرفاق والأصدقاء لسنا ضدكم ولسنا أعداء الحقوق أنتم تستحقون الأفضل ولكن أيضا يستحق منكم المجتمع الأداء الأفضل والعطاء الأكمل وازنوا بين الواجب والحق وأحبو العمل وأيقنوا بعظيم الرسالة التي شرفتم بها فأنتم بعد الرسل أنتم المعلمون الموقدون لشعل التقدم فلطفا ارحموا الأمانة وفي الجانب المقابل نتمنى من المجتمع والمسؤولين تقدير عظم رسالتكم وانصافكم فيما تستحقوه من حقوق بارك الله سعي الساعين وتقبل عمل المخلصين دمتم بسعادة وهناء وكل أيامكم وهج وتميز كطيف خلقكم الرفيع


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..