أدبيات ...وليست أبيات...ياروح أكتوبر
أربعون عاما ياروح أكتوبر
هو ذاته المكان ...نفس الزمان...هى نفس الملامح...والعيون
والقوام...
أقول اليوم أنا من جيل محظوظ عاش فى بداية حياته لحظات أزهلت العالم بعد أن عانى فى مهد طفولته من صوت صفارة الإنذار
المعلقة فوق مدرسته...والإسراع إلى الإختباء مع كل غارة إسرائيلية
فقد كنت من سكان مدينة بورسعيد إحدى مدن القنال الثلاث بل سميت مدينتى بالمدينة الباسلة
والتى كثيرا ما عانت الحزن الساكن فى العيون جراء إحتلال سافر ونكسة غادرة
حينها لملمنا انفسنا رغما عنا إستعدادا للرحيل وكنت واحدة ممن يودعون هذه الأرض الطاهرة
ولكن حين ودعتها ولمست بيدى ترابها بل عانقتها ودموعى تقول لثراها سأغادرك على وعد منى وعسى الله لا يخلف وعدى
أن أعود سريعا
أن أعود سريعا إلى أحضانك آخذك على حصانى الابيض أطير بك ألبسك الفستان الابيض لأزفك أجمل عروس تجوب كل المدائن
وها أنا الآن أسطرها بقلمى الذى لا يكذب وقد زدت حظا عن معظم جيلى أن رأت عينى أول إحتفال بالنصر فى عام 1947 على أرض إستاد القاهرة...وسمعت أذناى بطولات جيشنا العظيم
ومن وراء جرح يئن منذ نكسة 1967 جاءت ذكرى لا يمكن نسيانها ألا وهى إنتصار السادس من اكتوبر...العاشر من رمضان
وليسي يوما عاديا فى تاريخ مصر والأمة العربية فمنذ أربعين عاما حقق المصريون أكبر نصر فى تاريخ العرب الحديث يقال عنه!
غنه إنتصار جمع كل المعطيات الروحية والوطنية والتكنولوجية بل والإنسانية...وقتها لم تكن مصر هى الأقوى تسليحا مقارنة بالمتغطرس الصهيونى ...
ولا الأقوى إقتصاديا لكن رغم كل هذا حققنا نصرا أبهر العالم وأجمع الخبراء العسكريون أنه أشبه بمعجزة بكل المقاييس المنطقية...
لقد تسلحنا بالإيمان بالله والإرادة الصلبة والإصرار الملح والوحدة الوطنية العزيزة الأبية فظهر...
***الجندى المصرى***
مع إنطلاقة صفارة الهجوم أسدا جسورا نسرا مغوارا صقرا مقدام غير عابئ بإصابة لحقته أو دم ينزف منه يدفعه قدما إيمان قوى بأن الله معه وأن مايفعله ويبذله واجب وطنى ودينى
تهون أمامه أى تضحية سواء بالروح أو بالنفس...
تحقق النصر حين كان كل المصريون هدفهم واحد ألا وهو الهدف الأسمى لتحرير الأرض كأن يكون دفاعا عن العرض
كانت مصر كلها بيتاً واحداً وقلباً واحداً وحلماً واحداً
فتحقق للمصريين ما أرادو من نصر كبير ترك للأجيال اللاحقة نقطة تقودهم إلى المستقبل الباهر الزاهر
وحانت لحظة العودة إلى مدينتى المغتصبة وأول ما وطأت قدماى ترابها توجهت مباشرة إلى شاطئها أرتمى فى أحضانه ليحمل عنى سنوات من الإغتراب والحنين
فقد كان الشاطئعلى مقربة من سكنى وتعودت مصادقته منذ مهد طفولتى وتذكرت لحظة غادرته فيها رغما عنى وكانت الدموع تملئ عينى والأشواق تبات تؤرقنى...
والأحلام الممزقة تراودنى حتى فى اليقظة وها أنا ذا فى نفس المكان الذى دائما ما جمعنى قبل أربعين عاما أتنفس الصعداء
أفتح ذراعى لآخذه فى أحضانى بقوة...
خيفة أن يفلت من بين ذراعى ...اليوم لن أسمح لدموعى أن تنساب بل زقزقة محبرة قلمى تنساب لتقول
***ياروح أكتوبر***
ياروح أكتوبر التى تقمصت كل فرد من أبناء مصر بعد أن حقق الإنتصار العظيم ومسح الجميع دموع الإنكسار التى إنهمرت منذ نكسة 1967
نحن فى حاجة لإستعادة تلك الروح حتى نعبر الحرب غير الشريفة التى تواجهها مصر وأن نقف جميعا صفاً واحدً فى ظهر جيشنا خير أجناد الأرض
أرى قلمى يلح على ترفرف حروفه يذكرنى حتى لا تغفل أنامله الملتحمة بأناملى...عن سطر تحية عطرة لكل...
***شهداء أكتوبر***
الذين بزلوا أرواحهم الزكية فى سبيل عزة وكبرياء مصر ومن ثم المصريين جميعا...تحية لكل ...
***مصابى أكتوبر***
الذين نتذكر بهم اليوم لحظات فتح بها التاريخ وسجل التاريخ كتاب أروع إنتصارات مصر...
تحية لكل من ...
***شارك القرار***
للحياة لمصر وشعبها بعيدا عن الجحود الذى ذبلت بذوره قبل أن تنبت فى أرض مصر وأرض مدينتى الباسلة
فاليوم تحتفل بذكرى عرسها وإقترانها الحرية والنصر والعزة والكرامة هذا العرس الذى شارك فى تنفيذه كتيبة حب
إن قلمى اليوم يوجه رسالة بحروف تسرع أنفاسها وتتلاحق ضربات قلبه وكأنها دفوف تدق لتسمع كل المصريين قرعها فيعلو صوتها قائلا للعالم أجمع...
ياكل المصريون قلما يجود بكم الزمان ...ياكل المصريون ينحنى التاريخ لكم مفخرة وإن كانت هذه الأيام رغم كل مافيها من فقاقيع هواء ورغاوى صابون تنغص علينا حياتنا
فتعالو نجعل منها بداية لإلتئام الجروح ...نحاول أن نسعد أنفسنا ونحبها فلو أحببناها اكيد سنحب مصر لأن فيها أماننا وحياتنا
تعالو نقدم تحية من القلب المصرى لكل مصرى ولكل الاباء والأمهات والابناء الذين تحملوا فقد ذويهم وعائلهم
فاللشهداء ارحمة والمغفرة ولن الصبر والسلوان
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..