-
أيام تسمو بنفوسنا
هناك أيام تأتي وترحل، بصمت ودون أن تترك أي أثر في نفوسنا، بعضها قد يكون ذا أهمية لنا، وبعضها يمر دون أن نكترث به أو نتمعن في الدقائق التي مرت منها وما حققنا فيها من أفعال وأعمال إيجابية وصالحة، أيام تكون مليئة بفرح وسعادة، وأيام يسودها حزن وتعاسة، فهي إما تحملنا على أمواج أمل وتفاؤل، وإما تلفظنا على شاطئ عثرات وسقطات، تحمل أحيانا أنباء قوامها الخير والمحبة والراحة والمودة، وتارة أخباراً مؤلمة حزينة بشرور ومآسي، أيام نتداولها بيننا حلوة ومرة، باردة وحارة، فتلك طبيعة الأيام التي جبلها الله عز وجل فكل يوم هي في شأن.
ومن حكمته سبحانه وتعالى أن جعل لنا أياماً تسمو بنفوسنا، وتطهر وتهدي قلوبنا، وتنير وتنقي بصيرتنا، ترفعنا إلى آفاق شامخة من الألفة والترابط والتراحم، تعيش في أرواحنا وتقيم فيها فتجعلها كصفحة بيضاء نقية، ذات أخلاق سامية.
أيام يتعاظم فيها الأجر والثواب، يحن إليها الفؤاد، وتشتاق إليها الأنفس، الدقيقة منها قد ترفعنا درجات ومنازل، فقط إن تم استغلالها بالشكل الأمثل، وصفت قلوبنا من الحقد والحسد والكراهية التي تملئ البعض فتزيده هماً وغماً، ودربنا عقولنا على التسامح وغض البصرعن التجاوزات الخاطئة التي يتصرف بها أولئك المتشنجون الغاضبون من غير سبب، وتقديم النصح الناصح لنفوسهم وأخلاقهم بطريقة هادئة وهانئة بدون تكليف وتعقيد وتهديد ووعيد، والحرص على تهذيب النفس بالمداومة على فعل الخير والعمل الصالح، فالهدف من هذه الأيام تنقية النفس البشرية من الأخطاء والآثام, وتجديد النية الطيبة بصفاء في العقل وطهارة في القلب، لا يعكر صفوها جهل بمبادئ وأخلاق إسلامية، جعلها الله سبحانه عنوانا للمسلم الصالح.
وها نحن في هذه الأيام نعيش في لحظات مباركة، وليال عشرأقسم بها الله عز وجل، تنوء بأثقال وأوزان من الأعمال الصالحة، من اغترف منها يعيش في صفاء ونماء ذاتي، تجعل الشخصية الإنسانية في أعلى معيار من السمو والتصالح مع الذات والأنا العليا، وتحمل الكثير من النفحات الطيبة والنسمات الرقراقة مما يجعل الروح تعيش في سكينة ووقار، بعيدة عن كل تشاحن وبغض وشقاق، تسير بنا على هداية نحو بر الأمن والأمان، وجنان الرحمن.
أيام فيها حج مبرور، وسعي مشكور، وإطعام الفقير المحروم، وصيام وقيام، من ذكر فيها الله كثيرا قد فاز فوزا عظيماً، فعسى أن يتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، ويعيد علينا هذه الأيام ننهل من دروسها وجوهرمعانيها، نظفر بحسناتها وأجرها الرفيع.
رابط المقال
http://www.alroeya.com/node/47755
*** منقول ***